• استبد الهوى شوقا

    استبد الهوى عشقا

    للشاعر السوداني / حسن إبراهيم حسن الأفندي

    يا سيد الخلق ها قد جئت أشعاري
    لما استبد الهوى عشــقا بأوتاري
    فـــي كل يوم لــــنا فيها مساءلة
    نفسي وما فتئت أطماع أوزاري
    لكنـــــما طمع بالنفـــــس يقهرني
    وقـــــد يلازم صـدري ســيْء أفكار
    سـكنت قصرا وما زالت تراودني
    أن لو جـــرت تحــــته آلاف أنهار
    كأنني ما سمعــــت الزهد ديدنكم
    ولا علمت عن (الداعون) والغار-1
    ولا علمـــت بتمرات وعــــن حجر
    في يوم جـــوع بلا إفــــــراط بُذّار
    ما زلت أطمع في دنيا وفي ســعة
    ما أتفه الســعي ما يُفضي إلى عار
    لا أنكر الدأب لكـــــني وفي طمعي
    أسعى إلى الله في أحـــلام مهـــذار
    أنسى وتنسى لزهد النفس ألجمها
    حب الحـــــــياة فما عاشت لأشـبار
    ولا أعـــــدت ليــــوم الجد باطنها
    وقـــد تؤازر من بلـــــــوى لفجـار
    أحاسب النفـس أرجوها مقاومــة
    لكـــن شيطانها يُغــــري بغـفـــار
    كم من قيان تمـنت نفس فاجرها
    والمال والعـــز من ظهـر ومزمار
    أما ترى ورســـــــول الله قدوتنا
    كان الأبي كريمــــا غــــــير مقتار
    لو شـــربة من حليب كان يُرزقها
    لجـاد جـاد بها للصـــــــحب والجار
    وكـم علمت عن الأصحاب في ورع
    يقـاومــــون لرغــــبات بإصـــــرار
    ما زاد عــن قوتهم رزق لمعسرنا
    وهــــم ملــــوك وما تاقــــوا لدينار
    أيأكلون لحلـــــوى بعــــدما حملوا
    عـبء العـــــــدالة مــن دار إلى دار
    تلك الرعـــــية أولى من مطامحهم
    ويقــــــبلون علـــــى نصح بإكـبار
    *******
    يا سيدي يا حبيبي نحن في زمن
    من جوْر من حكموا نحيا على نار
    هم أفسـدوا لشعوب بعدما فجروا
    وأودعـــونا لأشــــرار وكـفــــــــار
    تحكّـــم الظلــــم فـــينا كل ناحــية
    وقــــد رأيت لـغــــــــدار ومـــــكار
    وكل أحمــــق لا ترجــــى فضــائله
    وكل ذي صـــلف فــي جهــل جوّار
    من كل من يَدّعي علــــما ومعرفة
    وهم على ما أرى فرعــونهم عاري
    هو المثــــال الذي بالجهـل يشبههم
    وما رأيت لهــــم ودا لأحـــــــــــرار
    ولا رأيت لهم تبجـــــــــيل عالِمـــَنا
    وحولهــــم مـن بطانات لتجـــــــار
    حتى غــــدوت أظن العيش مفسدة
    حينا أجاري ودمعـــي جــــدُّ مدرار
    ألـــوم نفسي وألوي من طبائعها
    خوفا من الله لا من خوف أشــرار
    مستيقنا أن عمـــــر المرء واحده
    ولـــــن تُؤخــــــرَ آجــــــال لخوّار
    علام نحــــيا على آمال من خُدعوا
    رأوا الحــــــياة بلــــذات وأســـفار
    يا ســـيدي يا حبيب الله معـــــذرة
    لمــــا أتيتك تروي الحال أشــعاري
    الحــــــكم ما عاد إلا جلَّ معـــصية
    والناس صلّت صلاة الغائب الجاري
    هـــــوى وميْن وتدلــــيس ومعصية
    إن الصـــلاة لإيمــــــان وأذكــــار
    تظاهروا يفعـلون الخير ما بخلوا
    مدحا لــذات بإعــــلام وأخــــــبار
    ما ساعـــــدوا أبدا محتاج يسألهم
    ويجزلـــــــون عـلى غـــيدٍ وسُمّار
    *******
    ما زلت أطمع فــي عفـــو ومغفرة
    من الكـــربم نهــــار الحشر والنار
    نهار نُسأل عــــن إحصاء ما كتبت
    ملائك العـــرش في حصر بمقـدار
    ما فرطوا في قــــليل مـن مسائلنا
    حاشا ولا ظلمـوا في عُشر معشار
    ينفـــذون بعــــــدل أمــــر خالقهـم
    يستبشرون متى عــدنا إلى البـاري
    يا رب فامح الخطايا من صــحائفنا
    واسـبغ رضاك ولا تفضح لأسراري
    لو لم تسابق لــنا من رحمة سبقت
    عــدلا فـإنــي بأخــماس وأعـــشــار
    صلي إلهي على المختار ما بزغت
    شمس على الكــون أو أنوار أقمــار
    والصحب والآل والأنصار من سبقوا
    ومن يظل لصيق القبر والغار
    أنجو بها وبأهلي يوم يحشرنا
    ذاك القــيام بأهــــوال لمـحـتار
    وارزق لذريتي فـي الخلد متكأ
    واجعل لمن ولدوا رضوان أبرار
    يا رب يسر لنا درب النجاة كما
    وارحم لمن رحلوا عن هذه الدار
    فلا يضيرك من ذنب لهم فعــلوا
    فما عــذاب لهم أجــدى لجبـــار


    ــــــــــــــ
    1- : بيت من جريد النخيل يسكنه
    هذه المقالة نشرت أصلا في موضوع المنتدى : استبد الهوى شوقا كتبت بواسطة حسن الأفندي مشاهدة المشاركة الأصلية
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.