• عظيم بأخلاقه

    عظيم بأخلاقه

    الرجل الكبير ، و العم القدير

    ملك الإنسانية

    المحافظ و المسؤول السابق

    مؤسس الهاتف الآلي بسورية

    أحمد مرسي النفاخ

    كان عظيماً .....
    و ليس العظيم بمن يزول أو يمحى من ذواكر الناس ، فذواكر البشر التي خلقها الله جعل من خواصها أن تحفظ من أثروا في قلوب أصحابها في أماكن خفية يبقون لائطين بها أمداً طويلاً ، بل لا يغيبون عنها أبداً ، أولئك الذين يعرفون من سر الحياة الكثير بقربهم من وضوحها و سطوعها ، و ما الفلسفات بالتي تكشفه ، و إن كانت تفصح عنه و تخرجه من القلوب إلى العقول ، و من أوتار الصدور إلى سطور
    الأوراق .
    وذلك العظيم بأخلاقه و روحه يظهر في حفظ الناس لوده و فعله الحسن على دوران الأيام و انقلاب حالها حيناً ، و في قدرته على أن يغدو مثالاً يحتذى عند أجيال لم تعرف عنه إلا اسمه ، و أشتات قصص ترد أسماعهم من فلان و فلان ، وهذا لا يدل إلا على امرئ استوفى من معاني العظمة أسماها ، بل اختصرتها الإرادة الإلهية و جعلت فيه شيئاً ً منها إن لم يكن كلها .
    و ذلك الرجل الذي مدار الحديث عنه رجل نشأ كغيره بين البساتين و الحارات ، فعشقها و عشقته ، و تعلم و تلقى من وحيها الذي لا يسمعه إلا أمثاله من أحبابها و أبنائها ، و قرَّ في صدره أفق غروبي فرفعه فوق من حوله ، و صنع بينه و بين الناس حبلاً اسمه الإنسانية الصادقة و حب الخير و فعله ، فما امرؤ ناله فضل منه إلا يذكره خير ذكر ، لأن الخير المربوط بما وراء الطبيعة بأمراس غير مرئية يظل يحوِّم فوق رؤوس من كان بهم أو صنع لهم ، فيبقى ذكر من أجري الخير السماوي على يديه بقاء تلك السماء السرمدية ، لأن ما يكون من شيء يبقى ببقاء أصله ما دام به موصولاً .
    مضى في طريق حياته يمخره ، فيصعد كثيراً ، و قلما تدنو به الأيام ، حتى بات شهاباً يضيء سماء الليالي الحالكات ، و ملجأ و منجى لكل طالب إغاثة أو عون ، فهو من جعل همه في الدنيا إصلاح ذات البين و إزالة الشحناء و البغضاء ، و خدمة الناس بكل ما يستطيع . فهكذا كان يرى الحياة ........ أن من أفنى نفسه في الناس وجد ذاته ، و عرف السعادة التي يصنعها البعد عن الأثرة و الأنانية .
    و من الناس من يتصل بالحق الأعظم بانقطاعه عن دنيا الناس ، و منهم من يتصل به باتصاله بهم ، بإسعادهم و التقرب منهم ، و تعزيتهم في أحزانهم و مشاركتهم أفراحهم ، و السعي لحل مشكلاتهم ، و قد اختار لإنسانيته الطاغية أن يكون من أولئك الأخر لا من غيرهم .
    و الرجل الذي له من الصفات مثل هذه بات كنزاً مفتقداً في الأيام التي نعيش ، و الزمن الذي آلت فيه الأخلاق و القيم عملات بالية و أسماء لا مسميات لها ، لكنَّ حفظ الناس لذكرى رجل كان منه مثل هذا بقية خير من خيره ، و اتخاذه قدوة من البعض يوقد شعلة من الخير في القلوب بأن هنالك من نال شيئاً مما ترك ........ و هل ترك إلا المبادئ و القيم .
    ابتعد عن الحياة العامة لظروف ، و غادر بلده مسافراً إلى ما وراء البحار لأسباب ، لكن هناك ........ هناك في البيوت العتيقة ، و الحارات القديمة ، و الأزقة الضيقة المخبأة في بطن الصالحية ، لا يزال شباب و شيب يذكرون مآثره و أفضاله و صنائعه الحسنة ، فتلك القيم تعلمها إذ تعلمها بينهم ، ثم خرج مجسداً لها ، فصار للصالحية جزءاً من روحها ، إن لم يكن روحها نفسها .
    أولئك العظماء الذين يعرفون من سر الحياة الكثير بشفافيتهم و صدقهم ، هذا السر الذي سعى وراءه الفلاسفة و الأدباء و المفكرون ، فوصلوا قليلاً منه أو لم يصلوه ، و وصله أشخاص أخر عملوا له و إن لم يفهموه ، و تعلقوا به و إن لم يدركوه ، فتمثل بهم و صار حقيقة تمشي ، لا ينقصها إلا أن يقرأها القارؤون ، فعساهم يقرؤونها أو يفهمون .
    أيا أبا جلال النفاخ ..... إن ذكراك للابثة فينا و في قلب كل من عرف و لو يسيراً مما كنت عليه ، لأن فعلك وما حملت من رسالة في حياتك لا يمحوها إلا إحساس الناس بكذبها ، و أنت لم نعهد منك نحن و أهلنا إلا الصدق ... ثم الصدق .... ثم الصدق .
    سلمك الله ..... و مد في عمرك ..... و حفظك رمزاً للوفاء و الصدق و الأمانة ، و كل القيم الرفيعة الباقية بقاء الإنسانية ، و الخالدة بفضائلها خلود الأبد .
    هذه المقالة نشرت أصلا في موضوع المنتدى : عظيم بأخلاقه كتبت بواسطة عبد الله نفاخ مشاهدة المشاركة الأصلية
    تعليقات 5 تعليقات
    1. الصورة الرمزية محمد يوب
      محمد يوب -
      جميل عند هذا الأسلوب في نقل طبائع الناس و أخلاقهم ورصد تفاصيل المدن و الحارات بارك الله فيك
    1. الصورة الرمزية عبد الله نفاخ
      عبد الله نفاخ -
      و حياك الله و بارك بك أستاذي الكريم
    1. الصورة الرمزية سيدة الدفء
      سيدة الدفء -
      أنحني إجلالاً لعظمة هذا العظيم
      و يبهرني الأسلوب الرائع في نظم الكلمات

      تحية خالصة أخي عبدالله
    1. الصورة الرمزية عبد الله نفاخ
      عبد الله نفاخ -
      بارك الله بك أستاذتي الكريمة ......
      كم شرفني مرورك الرائع
      دمت بألف خير
    1. الصورة الرمزية رهوان
      رهوان -
      أخي عبد الله
      التقيت عمك وراء البحار فأحببته في الله... ورغم أنني لم أعرف عمك من خلال صورته التي رسمت ولكنني عرفته من خلال أولاده وأصهاره الكرام. صدقتَ ياعبد الله... يكاد من يجالسهم في بلاد العجم يشم طيب ياسمين الصالحية و يعيش مع دمشقيين باتوا أندر من الفيروز. سلام من صلاح الدين على من حمل الرية فأبلى بلاءً حسناً. سلام على من بر الله في نفسه وداره وبلده و دينه.
      ماجد الرهوان
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.