• صداقة الثعبان

    صداقة الثعبان د.عبد الكريم أحمد المحمود
    (مع الاعتزاز بالمخلصين من الاخوة والأصدقاء)
    ياميّ هلاّ تركتِ الشـيب والصلـعـا
    هلاّ رحمتِ فؤاداً بـاتَ منـصدعــا
    ياميُّ جزّت سنون العـمـر ناصيتي
    وبـالحوادث طلّ الشيــب ملتمعـــا
    وأنـتِ يـاميّ مثـل الـورد نــاعـمةُ
    بدر الصبا من سنا خديك قد طلعــا
    يضاحك الحُلم منك العين إِن رقدت
    وإن أفاقت فمنها السّعد قد سطعــــا
    لا تـعـرف الدمع إلا دمع فرحـتـهـا
    فما يلاقي الأسى في جفنها طـمعــا
    وقـلبــكِ الغـضّ بــالآمـال ممتـليء
    ما نابه الدهر في يوم ومــا لـذعــــا
    يــاميّ أَمــا أنـا فـالـشـرّ بــارزنـي
    فكم تلـقيتُ طـعـنـاً قـاسيــاً بـشِــعــا
    اذا انـثـنـيـتُ عـلى جــرحٍ أضمـده
    نزّت جروحٌ تثيرالسخط والجـزعـا
    حـتى بـرتـنـي مُـدى آلامها فــإذا
    روحي كغصن خريف هاج وانقطعا
    يـاميّ دونـكِ من تــهـوَينِ من أحـدٍ
    إلاّيَ رحماك لا اسـطيع مضطـلعــا
    ماعاد لي في الهوى قلب أصول به
    فقلبي الـيـوم يشكـو الـهـمّ والوجـعـا
    كم قد رمته صروفُ الدهرفي كُرب
    حـتــى تـقـطـع من أحزانــه قِـطعــا
    يا ميّ كم صاحب قد خان صحبتـه
    لمّا رآني مع الأخطـار مصطـرعـــا
    ففرّ عني ومنـــه القـلب مــرتجـفٌ
    كقلب طير من الـصيـاد قـد فـزِعـــا
    طارت به عن ضلوع الصدر زلزلةٌ
    وبـات فيهـا يـمجّ الذعـر والهـلــــــعا
    القى به الجبن فـي أحـضـان غـفلتـه
    فـمـا أفـاق لـذكــر الله أو خـــشـــعـــا
    مــا عــاد يـؤمـن أن الله حـافـظــه
    وزائــل فـي قـضاء الله مـــا دفـعــــا
    مـا عـاد يـذكر مــا الـقـاه مـن حِكمٍ
    عند الرخاء وما في صـوغـه بـرعــا
    طبعُ الـدنــاءة الـقى عنـه بـرقـعــه
    وأظهر الزيف للـرائـيـن والــشـنــعــا
    ياميّ كم صاحب بالغدر فاجأني
    وقـد رهنتُ لديــه الروح مقـتـنعـــــــا
    أصفـيـتـه الـودّ ودّاً لا مـثــيــل لــه
    حتى لقد صرتُ من ودّي له تبـَعـــا
    ما كنتُ أعلم تحت الشهد علــقمــه
    وتحت لـين ثـراه الصخـر والـقـلعـا
    قد كان يظهــر فـي زيّ ً تـعـارفـه
    كلُ الانـام ويخفي تـحـتـه الضبـُعــا
    يُلقي الى الناس من أقـوالـه حـِكـماً
    وفي المجالسُ يبدي الزهد والورعا
    ما كـنت أحـسـب أن الكـِذب ديدنـه
    وأنــه يـعشق الأوهــام والــبــِدعـــا
    ما كنتُ أحسـب أن الغدر شيـمـتــه
    وأنه في مـراعي الـشـرّ قـد رتـعـــا
    وأن فـي جـلـده الثـعبــان مختبـيءٌ
    في مرصد الظلم والعدوان قد قبعــا
    حـتى دهـاني على أمـنٍ لـجـانــبــه
    بــأعـصل الناب فـيـه السمّ قد نـقـعـا
    سـقـانيَ الــمـوت في آلام لــدغـتـه
    وبتّ أجرع من غصّاتـــه جُـرعــــا
    وراح يحتزّ من لحمي ويـطعمنـي
    أثاره الـحقـد حـتى في دمـي كـرعــا
    من غيرذنب سوى أني طبعت على
    حب الوفاء ، وفيـه الـغـدر قـد طُبعـا
    يــا مي هل بـعـد هــذا تعـجبين إذا
    اعرضتُ عن صحب هذاالناس منقطعا
    أتـعـجبـيـن اذا مــا كـنت معـتـذراً ع
    ـن الـهــوى وعـليكِ اليـوم مـمتـنـعا
    يا ميّ أخفقتُ في ودّ الرجال فهل
    يجـيــب قـلـبـي اذا ودّ الـنسـاء دعــــا!


    د.عبد الكريم أحمد المحمود
    هذه المقالة نشرت أصلا في موضوع المنتدى : صداقة الثعبان كتبت بواسطة عبد الكريم أحمد المحمود مشاهدة المشاركة الأصلية
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.