• لماذا الشتيمة ؟

    لماذا الشتيمة ؟
    الشتمية تعتبر عملية لتفريغ الطاقة السلبية وهي إشارة على ضعف الشخصية لا قوتها كما يظن الناس كما إنها قد تكون محاولة لانتقاص من قيمة الآخر لمكانته الاجتماعية أو العلمية أو المادية

    دراسة بريطانية مثيرة: الشتائم تريح الإنسان وتزيد قوته.. أطباء نفسيون: السباب يحفز الجهاز السمبثاوى فيشعر الشخص بالقوة.. ويؤكدون: الألفاظ البذيئة وسيلة تعبير عن العدوان
    يقول الكاتب الأمريكي الساخر مارك توين، الذى كان على صواب عندما قال إنه "فى ظل ظروف معينة، يمكن أن توفر الألفاظ البذيئة الراحة".
    تقول مجلة تايم الأمريكية أن الشتائم تؤثر فسيولوجياً على أجسادنا، حيث وجدت إحدى الدراسات أنّ نطق الشتيمة أو سماعها بصورة مستمرّة يؤدّي إلى تعرّق بالكفين.
    هناك أنواع للشتائم
    تختلف أساليب الشتم من الريف إلى المدينة من الطبقة الفقيرة إلى الغنية
    يحلو للطبقة الغنية التي تتميز اجتماعياً بأن تشتم بعبارت ذات مدلول على الفقر أو الطبقة المتدنية كقولهم ريفي أو قروي في حلب مثلاً يشتمون بعبارة : فلاحين أو فلح وهناك شتائم كقولهم : فلان نوري نسبة إلى النور أو قرباطي نسبة إلى القرباط وهي عشيرة وأعتقد هناك بلدة باسم القرباطية.
    هناك أنواع من الشتائم تنال من العرض والشرف وهي تكثر في المدينة أكثر منها في الأرياف كما هناك تشبيه الإنسان بالحيوانات
    من أقوى الشتائم لدى بعض الجماعات هي تشبيه الرجل بالمرآة وهذا ما سمعناه في المسلسلات الشامية كقولهم : يا حرمة أو حريمة
    في مسلسل ضيعة ضايعة مثلاً سمعنا شتائم مثل يا جحش
    وهذا ربما نقطة الفصل التي أردت الوصول إليها
    شتائم الريف وتشبيه الخصم بالحيوان ليست كما يعنيها ابن المدينة
    ابن الريف صادق الحيوان وعاش معه وعرف الخصال الحميدة التي فيه كالوفاء والقوة والتحميل والصبر ، كثيراً ما يمدح أحدهم فيقال فلان " جحش شغل "
    وهذا مدح له وليس مذمة لكن الذهنية التي اعتادت التقليل من الحيوان واستخدامه للشتم لا يمكنها تجاوز عادة اجتماعية وفهم متداول، كما لا يمكنها فهم المقومات الإيجابية في الحيوانات بسبب عدم الاحتكاك.
    العرب تسمي : " عقاب " وتلفظ أحياناً " عكاب " ولو عدنا حقيقة لما في العقاب من صفات قتالية وعزة نفس لعرفنا لماذا تسمي العرب باسمه.
    كذلك تسمي العرب بالوحش والأسد والسبع والنمر والفهد والضاري والليث والغنضفر والورد وغيرهم لأنها عرفت الخصال التي تفرد بها كل حيوان وصار مضرب الاعجاب والمثل وحتى الاستشهاد في الشعر
    وحين دخل علي بن الجهم على المتوكل وصفه بل مدحه بأنه كالكلب يقول :

    أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب
    أنت كالدلو لاعدمناك دلوا من كبار الدلا كثير الذنوب .

    كما إن العرب تسمي أولادها بأسماء شنيعة كنوع من النذر حين يموت لها أكثر من طفل ، وتسميه بأسماء قبيحة ليهابه عدوه.
    لكن ما نريد فهمه أن العرب حيت تسمي بأسماء الحيوانات فهذا رقي فيها ، وربام يعيب ابن المدينة قديماً وحديثاً هذه الأسماء وينتقص حامل هذه الاسم وينعته بأنه من أسماء الحيوانات، وفي الحقيقة هذه النقيصة تكمن في عقل ووجدان من يقول ذلك ويحاول الانتقاص من العرب أو غيرهم لهذه الأسماء وهي تعبر عن جهل عميق ومحاولة للتميز الطبقي والاجتماعي .

    بقي أن نقول بأن الإسلام هو أول من سن عقوبات على الشتم كرمي المحصنات
    كما سن يعد سجن عمر بن الخطاب للحطيئة لأبيات هجاء قالها في الزبرقان أول سن لقانون القدح والذم.
    اليوم هناك فوضى في شوارعنا وفي إعلامنا وأفلامنا ومسلسلاتنا وفي مدارسنا وجامعاتنا ومواقع التواصل
    الشتائم في كل مكان وهي دليل على انحدار الأخلاق ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي والحاكم
    وقال لمعاذ: كف عليك هذا يعني لسانه. قال وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال: ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي.

    وقال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه.
    جرائم اللسان هي جرائم خطيرة في الإسلام كالغيبة والنميمة وقذف المحصنات
    وقد اعتبرها الإسلام من الكبائر كما هو القتل من الكبائر
    فجرائم اللسان تفتت الروابط الاجتماعية ولذلك كان عقابها شديد في الدنيا والآخرة.

    طارق شفيق حقي
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.