• الزي التراثي السوري.. عراقة ممتدة حتى يومنا هذا

    الزي التراثي السوري.. عراقة ممتدة حتى يومنا هذا

    مع الشهرة التي حققتها المسلسلات التراثية الدمشقية التي عرضت في أشهر رمضان خلال السنوات القليلة الماضية، ولا سيما لباس ممثليها المميز، من «باب الحارة» إلى «أهل الراية» و«باب المقام» (من تراث مدينة حلب) وغيرها، ومن ثم العودة من خلالها إلى أيام زمان، لوحظت أيضاً ـ وحسب المتابعين والمهتمين ـ عودة العديد من الدمشقيين خصوصاً، والسوريين بشكل عام، حتى من الجيل الشاب إلى تقليد لباس الممثلين في هذه المسلسلات خاصة في الأعياد والمناسبات الاجتماعية. هؤلاء عادوا إلى ارتداء الأزياء التقليدية التي كادت أن تندثر وانحصر ارتداؤها في العقود الماضية على كبار السن من الرجال والنساء وفي الحارات القديمة والأرياف والبادية. الجهات المعنية السورية، وخاصة وزارة الثقافة، تعمل حالياً على توثيق الأزياء الشعبية التراثية في المدن والبادية والأرياف من خلال مشروع أطلق قبل ثلاث سنوات من خلال مصادره الأساسية. كما يعمل العديد من الجمعيات الأهلية والمؤسسات التراثية على الحفاظ على التراث الشعبي السوري في مجال الألبسة التقليدية عبر إقامة المهرجانات السياحية الفولكلورية في المحافظات والمدن، وكذلك تنظيم عروض للأزياء الشعبية الخاصة بالمنطقة المنظمة للمهرجان، ومسابقات ملكات جمال المهرجانات وهن يرتدين الزي الشعبي لمناطقهن، كما حصل مع ملكة جمال التفاح في مهرجان السويداء حين ارتدت اللباس التقليدي لجبل العرب، وحصل نفس الشيء في مهرجان الربيع بمحافظة حماه، وفي مهرجان الفرات بدير الزور. كذلك دخلت الأزياء الشعبية السورية متاحف التراث المنتشرة في المناطق والمدن للمحافظة عليها، وغدا بإمكان زائر متحف قصر العظم بدمشق أن يشاهد قاعة مخصصة للباس الشعبي الدمشقي، وقاعة ثانية للباس الشعبي في منطقة جنوب سورية بجبل العرب وسهل حوران، كما يمكن للزائر أن يشاهد اللباس الشعبي في البادية السورية من خلال متحف التقاليد الشعبية في مدينة تدمر. والشيء اللافت في حركة السوريين داخل أسواق وشوارع دمشق، وفي الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة، هذه الأيام، أن كثيرا من مراجعيها من المناطق السورية يأتون بألبستهم التقليدية المتوارثة، ما حوّل هذه الأماكن إلى معرض مفتوح ومتحرك للأزياء الشعبية السورية النسائية والرجالية. ويلاحظ المهتمون أن هناك عشرات الموديلات من ألبسة الجسد والرأس يستعملها هؤلاء، كل حسب المنطقة التي جاء منها. فلمنطقة البادية ألبستها وأزياؤها وكذلك للمناطق الجبلية والساحلية، وإذا كان معظم سكان المدن يأتون دمشق باللباس العادي فإن الريفيين وأبناء البادية ما زالوا يأتونها بلباسهم الشعبي التقليدي، وخاصة النساء منهم. وتحرص النساء على ارتداء الجلابية بما يتناسب مع تراث المنطقة التي ولدت فيها المرأة وتعيش بها، ففي منطقة الفرات السورية (محافظات دير الزور والحسكة والرقة) هناك العباءة الديرية الشهيرة المسماة «الزبون» والقناع الموضوع على الوجه المعروف باسم «القنوع» وعلى الرأس فوق الهبرية قطعة قماش أخرى تعرف باسم «العصابة». أما زي النساء الريفيات من المنطقة الوسطى في سورية فيتميز باللون الأسود المطرز بالأشكال التقليدية على الظهر والأطراف بخيوط حمراء وصفراء وخضراء، وهناك لباس الرأس المزدان بالحلي الذهبية والأزاهير وتضاف قطعة تسمى «الكبية»، وهي رداء أسود مفتوح من الأمام عليه نطاق أحمر وتطرز أطرافه بالألوان الزاهية الجميلة. والجلابيات النسائية أيضاً في بعض المناطق السورية تصنع من «الصاية» وهو نوع خاص من قماش الحرير، وهناك «الميلبم» وهو قطع من الكتان، و«الكلفة» وهو نوع من القماش يستعمل للتزيين على الجلابيات في ناحيتي الظهر والصدر، ولها أنواع منها «البييه» و«البريم». ثم هناك خيوط حريرية تزيينية متنوعة الألوان والأشكال منها الذهبي والفضي، ويضاف إلى الجلابية «الكرسته» وهو خرز متنوع الأحجام والأشكال وعادة يكون من اللؤلؤ والماس التقليدي في المناطق الساحلية والداخلية، وهناك ثوب القز المصنع يدوياً من حرير القز الطبيعي الذي ينسج بلونه الأصلي، ثم يصنع باللون البني وعليه دوائر صفراء صغيرة تكون بطريقة التربيط ويخاط فضفاضاً وبأكمام عريضة مفتوحة ثم يطرز صدره بـ«الصرما» الذهبية وكذلك نطاقه. ويقول أحد الباحثين والمتابعين للباس التراثي السوري في بعض المناطق الشرقية والبادية والجزيرة الفراتية إنه يصار إلى التفريق ما بين زي المرأة المتزوجة عن زي الفتاة غير المتزوجة، فالثانية يكون زيها من ثوب ملون و«صاية» تلبس فوق الثوب ملونة بألوان مختلفة و«هبرية» حرير تلفها الفتاة على رأسها تقريباً بحيث لا يظهر منها سوى وجهها. أما الأولى المتزوجة فيختلف زيها من حيث «الصاية» التي تكون سوداء اللون، و«الصاية» تكون مفتوحة من الأمام. كذلك يلاحظ في الألبسة النسائية للقادمات من المناطق السورية لدمشق اعتمادهن على اللباس الفضفاض الطويل المتنوع الألوان ما بين الزاهي صيفاً وربيعاً والداكن في الشتاء والخريف، مضافاً إليه حزام في وسط الخصر، وقد يكون مؤلفاً من تنورة ذات أكمام طويلة من شال طويل يلف الخصر، إضافة إلى سروال مكشكش تحت التنورة الطويلة، أما غطاء الرأس فهناك الغطاء الحريري للعازبات و«العصبة» للمتزوجات، والبعض من المتزوجات يستخدمن الغطاء الأسود أو الملون للرأس أو الطربوش الأسود، كما هو الحال في المناطق الجنوبية من سورية. ومن ريف محافظة حلب يلاحظ أن النساء يأتين باللباس الشعبي حيث يلبسن الملاءات السود الحريرية أو المقلمة باللون الأحمر أو غيره، ثم المقلمة بالقصب الفضي، ثم الحريرية الوردية وغيرها. أما عن القادمين من مناطق حوران (جنوب دمشق) فيلاحظ بالنسبة للرجال الملابس الشعبية المؤلفة من «القمباز» و«القميص» و«السروال» و«العباءة» و«العقال والكوفية»، وللنساء «الثوب» و«الدامر» و«الحطة» و«الشال» و«المزوية» و«العرجة». وتشتهر منطقة سهل حوران بصناعة الألبسة اليدوية المطرزة التي تعرف بـ«الحورانية». وبالنسبة لسكان الجبال السورية سواء في الساحل (محافظتا اللاذقية وطرطوس) أو جبل العرب (جنوبي دمشق) فإن أبرز ما يلبسه الرجال هو «الشروال» الفضفاض الذي يلبس بديلاً عن البنطلون، وله عدة أشكال، ففي جبل العرب يتسع في منطقة السرج ويلاحظ عليه طغيان اللون الأسود، في حين أن الأبيض منه يلبس خلال النوم فقط. وعادة ما يلبس «الشروال» تحت «القمباز» ويتزنر لابس «الشروال» بزنار من الحرير الأحمر والأسود يلف حول الخصر فوق «الشروال» يصل طوله إلى 16 متراً و16 لفة حول الخصر، وتلبس فوق «الشروال» «الجاكيت» كما توضع على الرأس «الكوفية والعقال» ويكون لون الكوفية أبيض أو يلبس الطربوش أحياناً بدلاً من الكوفية خاصة في منطقة جبل العرب. وفي فصل الشتاء يلاحظ ارتداء «الدامر» نساء ورجالاً، وهو للدفء ويستخدم بديلاً عن الجاكيت، ويصنع في دمشق من الجوخ. و«الدامر» النسائي يستخدم فيه التطريز والزركشات من الخارج والداخل، حيث البطانة من الجوخ أيضاً، ولذلك يلبس على الوجهين وتستخدم فيه مختلف الألوان. أما «الدامر» الرجالي فلا توضع له زركشات بل يتم تخريجه من الأطراف فقط ويكون الكم مفتوحاً، أما لونه فهو أسود أو كحلي أو بني.
    موقع سوريات
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.