• التصعيد لأجل التهدئة سياسة ترامب الخارجية

    التصعيد لأجل التهدئة سياسة ترامب الخارجية
    يمكن تلخيص مبدأ ترامب للسياسة الخارجية بهذه الطريقة “التصعيد لأجل التهدئة”، وخلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، لطوكيو مؤخرًا وعد بانتهاج نهج جديد تجاه كوريا الشمالية، بعد وصفه النهج السابق بعقود الدبلوماسية الفاشلة، مؤكدًا أن زيادة الضغط على النظام الكوري الشمالي قادمة، ولكن الضربة العسكرية الوقائية على بيونج يانج ليس مطروحة.

    أقل ما لوحظ في مؤتمره الصحفي الأول هو تنبؤ تيلرسون بمستقبل التدخل الأمريكي في الخارج على المدى الطويل.
    وشرح أسباب ارتياحه وترامب إلى اقتراح التخفيضات التاريخية في تمويل وزارة الخارجية والمساعدات الخارجية أيضًا، قائلًا إن الإدارة تتوقع أنه مع مرور الوقت سيكون هناك عدد قليل من الصراعات العسكرية التي ستشارك فيها الولايات المتحدة بشكل مباشر.
    هذا يبدو وكأنه تناقض، خاصة وأن ترامب زاد قوة النشاط العسكري الأمريكي في العديد من مناطق الصراع في الأسابيع الأولى، ولكن هناك نظرية ناشئة حول مذهب ترامب للسياسة الخارجية، ويميز كلا التصريحين، وهي أن الإدارة على المدى القصير قد تزيد من المشاركة في مناطق الأزمات؛ كوسيلة لإيجاد استراتيجية للخروج.
    ومن جانبه قال أليكس غالو، باحث بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: النهج الواضح يكشف عن مبدأ “التصعيد إلى التهدئة”، وربما يريد ترامب التصعيد في بعض المناطق للإجبار على المفاوضات مع جهات غير مهتمة أو راغبة في التفاوض على خلاف ما يريد.
    إنها استراتيجية ترامب المستخدمة في الأعمال التجارية لعقود، حيث مواجهة الخصم بشكل صريح وعلني؛ للحصول على اليد العليا قبل الوصول إلى اتفاق.
    يزيد ترامب من الالتزامات العسكرية الأمريكية والأنشطة في سوريا والعراق واليمن وربما قريبًا أفغانستان، وكثف العقوبات على إيران، ووعد بإعادة التفاوض حول الاتفاق النووي، ومع الصين صعد ترامب الأزمة من خلال التعامل مع رئيسة تايوان، ولكنه تراجع بعد أسابيع.
    المشكلة المتعلقة بإدراج أي مبدأ خاص في السياسة الخارجية لإدارة ترامب هي أن القيام بالعديد من الافتراضات للنهج أمر متعمد، وهناك العديد من مراكز السلطة المتنافسة على السياسة الخارجية داخل الإدارة، كما يبدو أن هناك عديدًا من القرارات تم تخصيصها.
    واحدة من العلامات الواضحة على مبدأ ترامب وأنه لم يتم تسويته بشكل كامل هو أن مستشاره للأمن القومي، ماكماستر، اختار في الأسبوع الماضي مسؤولًا كبيرًا للاستراتيجية، والذي لا يتفق تمامًا مع أن الأدوات العسكرية ينبغي أن تستخدم لحل المشاكل.
    ستكون نادية شادلو نائبة مساعد الرئيس وموظف مجلس الأمن المسؤول عن كتابة استراتيجية الأمن القومي الرسمية لإدارة ترامب، والتي صدر كتابها مؤخرًا تحت عنوان “حرب وفن الحكم”، والذي ترفض فيه المخارج السريعة بعد التدخلات.
    وتشير شادلو، على نحو مقنع، إلى أنه بعد أكثر من 100 عام على التدخلات العسكرية الأمريكية في الخارج، أظهرت الولايات المتحدة أنها تقوم بخطأ التركيز على العمليات التكتيكية، وتتجاهل العمل الشاق للتنمية السياسية وإعادة الإعمار، وليس بناء الدولة في حد ذاتها.
    وفي عام 2014 كتبت شادلو افتتاحية على موقع “وور أون ذي روكس”: من خلال الفشل في فهم الفضاء بين الحرب والسلام هذا لا يعني أن الأمر فارغ، ولكن المشهد المتناوب مع المسابقات السياسية والاقتصادية والأمنية يتطلب اهتمامًا مستمرًا، والمخاطر السياسية الخارجية الأمريكية تنخفض للتركيز على رد الفعل التكتيكي على أداة الجيش الافتراضية.
    قد تتمكن شادلو وماكمستر وغيرهما من كبار المسؤولين، الذين يؤمنون بالقوة الناعمة، بمن فيهم وزير الدفاع جيمس ماتيس، من التأثير على توجهات السياسة داخليًّا وتطبيقها على السياسة الخارجية التي تتبعها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية.
    وإذا كان نمط ترامب “التصعيد للتهدئة” يمكن التنبؤ بالنتائج بشكل محتمل، وكما يوضح كتاب شادلو، فإن التاريخ يوضح أنه حين لا تشارك الولايات المتحدة بنشاط مستمر في الحفاظ على النظام والاستقرار في الخارج، يصبح العالم مكانًا أكثر خطورة وفوضى وظلامًا.
    واشنطن بوست
    مترجم عن موقع البديل
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.