• العصفور الأحدب لمحمد الماغوط


    يفترض في «العصفور الأحدب» أن تكون مسرحية. ولكاتبها محمد الماغوط تجارب كثيرة في هذا الفن. محمد الماغوط شاعر كبير ولعله من بين قليلين من شعراء الحداثة الذين دمغوا هذا الفن واعطوه لغة وحساسية ورؤية خاصة. سبق «العصفور الأحدب» لمحمد الماغوط «حزن في ضوء القمر»، «غرفة بملايين الجدران»، «الفرح ليس مهنتي» وجاءت «العصفور الأحدب» لتكون مسرحية في الأصل بينما هي لمن يقرأها عمل شعري طويل.

    لا نستطيع بسهولة أن نستخلص حبكة من «العصفور الأحدب» ولا أن نجد عناصر درامية أو أن نبحث فيها عن عوامل أساسية في الفن المسرحي. فمنذ الصفحة الأولى نقرأ في وصف خشبة المسرح «قفص بشري مجهول في صحراء مجهولة. ساقية موشكة على الجفاف» لسنا نجد في ذلك إلا الشعر فإذا انتقلنا إلى الحوار وجدنا أمامنا تداعيات ودفقا من الصور التي تملك خاصية صور وشعر محمد الماغوط.
    نحن امام شعر توزع على مقاطع حوارية. توزع في ابيات وأحياناً في سطور كاملة، لكن اللغة لغة الماغوط والتجربة تجربته والنسيج نسيجه «أنتم هنا لأن أطفالكم يأكلون الفراشات النيئة» «لأن الله لا يجلس تحت الياسمين وفي ثقوب القيثارات»، «الساقية عانس»، «لقد كان هزيلاً وشاحباً بالفعل وكأنه يمارس عادة سرية بين الغيوم»، «كم هو عدد الأصابع التي غيرت وجه الأرض منذ دورانها حتى الآن»، «عظام وشوارب يغطيها الغبار في قاع الرايخ» و «من أجل ماذا، من أجل طائر ما، ليذهب طائرك إلى الجحيم، هل نأكل فطائر من الريش في أيام المجاعات»، «عندما يهجركِ الجميع ولا يكون حولك غير الرياح والأبواب المخلعة»، «سأعلق هذا الثوب المسجر بمسمار ولن ارتديه إلى الأبد»، «وهل تريد مني ان اخرج كل حورية من جيبي».
    يمكننا ان نستمر في قطف اشعار محمد الماغوط لكن إعادة طبع «العصفور الأحدب» الذي ينضم إلى متواليته الشعرية هو مناسبة لتذكر الأثر الكبير الذي تركه محمد الماغوط في الشعر والذي لا يزال إلى الآن متواصلاً ومتتابعاً.
    عن السفير
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.