• الإسلام وأخلاقيات الحرب

    الإسلام وأخلاقيات الحرب
    الاربعاء,4 شباط 2015 الموافق 15 ربيع الآخر 1436هـ



    وجيه البعيني

    (باحث لبناني)

    لم يخرج المسلمون في فتوحاتهم الإسلامية تعطشاً للقتل وسفك الدماء، بل بهدف نشر دين التوحيد وبسط السلم والعدالة والتسامح. وقلما وردت في القرآن الكريم وفي قواعد الشريعة عبارة « إقتلوهم»، بل تكررت عبارة «قاتلوهم»، حيث أن الألف تفيد التبادلية، بمعنى مقاتلة من هيأ نفسه للقتال قولاً او فعلاً. أما أولئك الذين ينشدون السلم فيجب تحييدهم ومعاملتهم بكل إنسانية ورقي. الأمثلة كثيرة على ما نقول، ونورد بعضها، على سبيل المثال لا الحصر.
    عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه إذا أرسل جنده للقتال، أوصاهم قائلاً: إنطلقوا باسم الله وعلى بركة الله. لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً، ولا امرأة. ولا تغلوا، وأصلحوا وأحسنوا، إن الله يحب المحسنين. كذلك كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوصي جنده بتأليف الناس، وعدم تنفيرهم بالقتل، قائلاً لهم: «تألفوا الناس وتأنوا بهم. ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم. فما على الأرض من أهل مدر ووبر. ألا أن تأتوني بهم مسلمين أحب إلى من أن تأتوني بأبنائهم ونسائهم وتقتلوا رجالهم».
    وعلى هدي الرسول الكريم، سار الخلفاء الراشدون. فعندما أرسل أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) أسامة بن زيد على رأس أول جيش إسلامي الى سوريا، إثر وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، أوصى الجند قائلاً: لا تخونوا ، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تقتطعوا نخلاً، ولا تحرقوه، ولا تقتطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ، ولا بقرة ، ولا بعيراً إلا لمأكلة. وسوف تمرون على قوم فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له».
    من جهة أخرى، بعث أبو بكر (رضي الله عنه) يزيد بن أبي سفيان على رأس جيش، فخرج معه وهو يقول: «إني موصيك بعشر فاحفظهن: أنك ستلقى قوماً زعموا أنهم فرغوا أنفسهم لله في الصوامع. فذرهم وما فرغوا أنفسهم له... ولا تقتلن مولوداً، ولا امرأة، ولا شيخاً كبيراً، ولا تعقرن شجراً بدأ ثمره، ولا تحرقن نخيلاً، ولا تقطعن كرماً، ولا تذبحن بقرة، ولا شاة، ولا ما سوى ذلك من مواشي إلا لمأكلة»
    وعن عمران بن الحسين، رضي الله عنهما، أنه قال «ما خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خطبة إلا أمرنا بالصدقة، ونهانا عن المثلة. حتى الكفار إذا قتلناهم لا نمثل بهم بعد القتل، ولا نجدع آذانهم وأنوفهم، ولا نبقر بطونهم، إلا أن يكونوا فعلوا ذلك بنا فنفعل بهم ما فعلوا بنا. والترك أفضل، كما قال الله تعالى».
    وحول احترام الإسلام للآخر المغاير، نذكر أن الخليفة عمر بن الخطاب عندما وصل الى القدس، دعاه البطريرك صفرونيوس لتفقد كنيسة القيامة، فلبى دعوته. وأدركته الصلاة وهو فيها. فالتفت الى البطريرك وسأله» «أين أصلي؟» فأجابه البطريرك:» صلِّ مكانك». فأجاب عمر:» ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة، فيأتي المسلمون من بعدي ويقولون هنا صلى عمر، ويبنون عليه مسجداً». ومن ثم ابتعد عن الكنبسة رمية حجر، وفرش عباءته وصلى. وجاء المسلمون من بعده وبنوا في المكان الذي صلى فيه مسجداً سمي بمسجد عمر.
    من ناحية أخرى، لم تهمل السنة الشريفة ولا الشريعة الإسلامية إيلاء العناية الخاصة بالجرحى والمرضى، حتى بين صفوف الأعداء، والأسرى. ففي الحديث النبوي الشريف أن النبي الكريم قال في فتح مكة: « ألا لا يُجهزن على جريح، ولا يُتبعن مدبِر، ولا يُقتلن أسير، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن».
    أما وثيقة المدينة، التي أبرمها الرسول الكريم مع أهل يثرب (المدينة المنورة)- حين هاجر إلىها مع أنصاره- فتعتبر أول دستور مدني مكتوب في تاريخ الدول. أقول دستوراً مدنياً لأنها جعلت المسلمين مع المكونات المجتمعية الأخرى في يثرب سواسية في الحقوق والواجبات. فقد نصت الوثيقة على تنظيم العلاقات بين مواطني المدينة، وجمعتهم في حلف واحد، حيث ضمت هذه الوثيقة- او الصحيفة- مواطنين من ديانات مختلفة: المسلمون من مهاجرين وأنصار، وأهل الكتاب من اليهود، وما تبقى من مشركين. وبالتالي، تشكل نوع من المواطنة على أساس الولاء للدولة عن طريق العهد، وليس عن طريق وحدة العقيدة او وحدة الجنس او العنصر. وفي ذلك دلالة على التسامح مع الآخر المغاير، حيث أعطاه الإسلام من الحقوق وأوجب عليه من الواجبات ما للمسلمين وما عليهم. وليس أدل على هذا التسامح من موقف النبي (صلى الله عليه وسلم) حين رأى يهود بني قريظة موقوفين في العراء في ظهيرة يوم قائظ. فما كان منه إلا أن خاطب المسلمين المكلفين بحراستهم قائلاً: «لا تجمعوا عليهم حر الشمس وحر السلاح وقيّلوهم واسقوهم حتى يبردوا». كما أنه نهى عن تعذيبهم. فالأسير أصبح فاقداً للحول والقوة وتجوز عليه الرحمة والتسامح كالطفل والعاجز واليتيم. ولنا في الآية الكريمة عبرة في هذا المضمار: {ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً} (الإنسان/ 8)، مما يعني أن الله تعالى قد وضع الأسير في منزلة اليتيم والمسكين المجرد من أية قوة.
    أما فيما يتعلق بالمظالم المرتكبة بحق غير المسلمين، فهي مظالم تطال أتباع من ورد ذكرهم مرات ومرات في القرآن الكريم. فقد ورد ذكر موسى (عليه السلام) 136 مرة، في حين ورد ذكر عيسى (عليه السلام) 25 مرة . وبالتالي، فإن إلحاق الأذى بأتباع هذين النبيين، هو مخالفة لتعاليم القرآن الكريم وكفر بالله تعالى.
    وبعد! أين من الإسلام أولئك الذين يذبحون ويقتلون الأبرياء، ويدمرون دور العبادة باسم الإسلام، علماً بأن الإسلام هو دين الوسط، دين التسامح ودين احترام الآخر؟

    ================
    "أخلاقيات الحرب فى السيرة النبوية".. دراسة تؤكد أن السلم هو الأصل فى الإسلام

    صدر مؤخراً عن دار العالم العربى دراسة جديدة بعنوان "أخلاقيات الحرب فى السيرة النبوية الشريفة" للدكتور إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافى.
    تضمنت الدراسة التى تقع فى 247 صفحة 5 فصول موضحة لتفاصيل الحرب فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعدد المؤلف فى مقدمتها صفات النبى وأخلاقه، موجهاً النصيحة لقراء الكتاب بضرورة الاقتداء بها، لأنها منح منحها الله له وأصطفاه بها، مشيراً إلى أن هذه الأخلاق أمرنا الله أيضاً الاقتداء بها واتباعها وأوامر الله شرع لا يجوز مخالفته.
    وجاء الفصل الأول ليوضح مفهوم الحرب فى الإسلام فعرفها الباحث أنها رد على المعتدى أياً كان، سواء كان سارقاً أو قاتلاً أو قاطع طريق، بالتالى هى وسيلة لتطهير المجتمع وتأمينه، مؤكداً أن الحرب ليست الأصل فى الإسلام ولكن الأصل فى علاقة المسلمين ببعضهم البعض وبغيرهم من أهل الكتاب هى السلام وإذا ما قامت الحرب فتكون هناك ضرورة طارئة.
    وقال المؤلف فى الفصل الثانى "الآداب والقواعد الأخلاقية العامة للحرب فى الإسلام" التى أن أهم ما يجب توافره فى الجندى هى تربية النفس وضبطها والصبر، وعدم اليأس عند الهزيمة، مضيفاً إلى أن أهم تعاليم الرسول لجنوده كانت الرحمة حيث حذر من الأعتداء على المدنيين غير المشاركين فى ميدان القتال كالنساء والشيوخ والأطفال والمسنين، كذلك لا يجوع المسلمين أعداءهم أو يقطعون عنهم الماء، وإن جنح العدو للسلم على المسلمين المحاربين ترك الحرب والتفاوض والاتجاه للسلم.
    وجاء الفصل الثالث والرابع ليعرض مواقف النبى من الحروب وكيف كان يتصرف مع أعداءه، فيما جاء الفصل الخامس والأخير ليؤكد فيه المؤلف كيف حارب الإسلام الإرهاب، حيث أوضح فى بداية الفصل مفهوم الأمن وكيف نادى به الإسلام فى القرآن والسنة وضرورة أن يعيش كل إنسان أمن فى وطنه وفى بيته، كما نهى أيضا أن يشهر المسلم السلاح على أخيه.

    سارة عبد المحسن نشر في اليوم السابع يوم 22 - 12 - 2011
    أرسله مركز الحوار العربي
    تعليقات 1 تعليق
    1. الصورة الرمزية فتحية عبد الحميد المغربى
      اروع ما قرأت فى هذه الايام الجسيمة على بلدى.....لافض فوك
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.