• شعراء النصاري يمدحون النبي صلي الله عليه وسلم (الجزء الثاني)

    شعراء النصاري يمدحون النبي صلي الله عليه وسلم
    (الجزء الثاني)

    اعداد الشيخ عبد السلام البسيوني
    خليل مطران في رأس السنة الهجرية


    ومن غرائب أوهام الكتّاب - الذين ينقل بعضهم عن بعض - أنني قرأت خمس مقالات على الأقل حول شاعر لا وجود له، اسمه مطران خليل مطران! يقصدون به الشاعر اللبناني المبدع خليل مطران شاعر القطرين، الذي له سهم أيضًا في الإشادة بالإسلام ورسوله العظيم صلى الله عليه وعلي آله وصحبه، إذ كتب قصيدة طويلة مشحونة بالعاطفة والنصح والغيرة تسمي: "رأس السنة الهجرية" يقول فيها:

    هل الهلال فحيوا طالع العيدِ

    حيوا البشير بتحقيق المواعيدِ

    يأيها الرمز تستجلي العقول به

    لحكمة الله معني غير محدود

    كأن حسنك هذا وهو رائعنا

    حسنٌ لبكر من الأقمار مولودِ

    يا عيدُ جئت علي وعد تعيد لنا

    أولي حوادثك الأولي بتأييد

    بل كنت عيدين في التقريب بينهما

    معني لطيف ينافي كل تبعيد

    رسالة الله لا تنهي بلا نصبٍ

    يُشقي الأمين وتغريبٍ وتنكيد

    وبعد كلام طويل عن الهجرة والرسالة والمهاجرين يقول:

    عاني محمد ما عاني بهجرته

    لمأرب في سبيل الله محمود

    وكم غزاة وكم حرب تجشمها

    حتي يعود بتمكين وتأييد

    كذا الحياة جهاد والجهاد علي

    قدر الحياة ومن فادي بها فودي

    أدني الكفاح كفاح المرء عن سفه

    للاحتفاظ بعمر رهن تحديد

    ومن عدا الأجل المحتوم مطلبه

    عدا الفناء بذكر غير ملحود

    لقد علمتم وما مثلي ينبئكم

    لكن صوتي فيكم صوت ترديد

    ما أثمرت هجرة الهادي لأمته

    من صالحات أعدتها لتخليد

    وسودتها علي الدنيا بأجمعها

    طوال ما خلقت فيها بتسويد

    وعن حال العرب من الفرقة والتخلف والسوء وقت مجيء الإسلام يقول:

    بدا وللشرك أشياعٌ توطده

    في كل مسرح بادٍ كل توطيد

    والجاهليون لا يرضَون خالقهم

    إلا كعبد لهم في شكل معبود

    مؤلهون عليهم من صناعته

    بعض المعادن أو بعض الجلاميد

    مستكبرون أباة الضير غر حجي

    ثقال بطش لدانٌ كالأماليد

    لا ينزل الرأي منهم في تفرقهم

    إلا منازلَ تشتيتٍ وتبديد

    ولا يضم دعاء من أوابدهم

    إلا كما صيح في عفر عباديد

    ولا يطيقون حكمًا غير ما عقدوا

    لذي لواء علي الأهواء معقود

    وعن أثر رسول الله صلي الله عليه وسلم فيهم يقول:

    بأي حلم مبيد الجهل عن ثقة

    وأي عزم مذل القادة الصيد

    أعاد ذاك الفتي الأمي أمته

    شملاً جميعًا من الغر الأماجيد

    صعبان راضهما: توحيد معشرهم

    وأخذهم بعد إشراك بتوحيد

    وزاد في الأرض تمهيدًا لدعوته

    بعهده للمسيحيين والهودِ

    وبدئه الحكم بالشوري يتم به

    ما شاءه الله عن عدل وعن جود

    هذا هو الحق والإجماع أيده

    فمن يفنده أولي بتفنيد

    ويستنخي أبناء مصر، ويحرضهم تحريضًا علي النهوض من عثراتهم الحضارية، ويدعوهم لاستحياء أمجادهم، وأداء دورهم الحضاري في قيادة الشرق كله، ليحق لها أن ترفع رأسها مزهوة بعطاءاتها، فيقول:

    أي مسلمي مصر إن الجد دينكم

    وبئس ما قيل شعب غير مجدود

    طال التقاعس والأعوام عاجلة

    والعام ليس إذا ولي بمردود

    هبوا إلي عمل يجدي البلاد فما

    يفيدها قائل يا أمتي سودي

    سعيًا وحزمًا فود العدل ودكمُ

    وإن رأي العدل قوم غير مودود

    لا تتعبوا لا تملوا إن ظمأتكم

    إلي غدير من الأقوام مورود

    تعلموا كل علم وانبغوا وخذوا

    بكل خلق نبيه أخذ تشديد

    فكوا العقول من التصفيد تنطلقوا

    وما تبالون أقداما بتصفيد

    مصر الفؤاد فإن تدرك سلامتها

    فالشرق ليس وقد صحت بمفؤود

    الشرق نصف من الدنيا بلا عمل

    سوي المتاع بما يضني وما يودي

    والغرب يرقي وما بالشرق من همم

    سوي التفات إلي الماضي وتعديد

    تشكو الحضارة من جسم أشل به

    شطر يعد وشطر غير معدود

    أبناء مصر عليكم واجب جلل

    لبعث مجد قديم العهد مفقود

    فليرجع الشرق مرفوع المقام بكم

    ولتزه مصر بكم مرفوعة الجيد

    والقصيدة طويلة مشحونة بالمعاني الرائعة ثرة بالغيرة والوطنية ..ولخليل مطران قصيدة احتفالية أخري شارك فيها المسلمين، عنوانها: عظة العيد الهجري، يمدح فيها ويُكبِر الهلال - رمز الإسلام، أو هو الرسول صلي الله عليه وسلم نفسه - فيقول:

    سلام علي هذا الهلال من امريء

    صريح الهوي، والحر لا يتكتم

    سلام وتكريم.. بحق كلاهما

    وأشرف من أحببتَه من تكرم

    هويتك إكبارًا لمن أنت رمزه

    من المأرب العلوي لو كان يفهم

    مارون عبود

    ويكتب الشاعر اللبناني مارون عبود مطولة كبيرة في مدح النبي صلي الله عليه وسلم يقول فيها:

    لولا كتابُك ما رأينا معجزًا

    في أمةٍ مرصوصة البنيانِ

    حملت إلي الأقطار من صحرائها

    قبسَ الهدي ومطارفَ العمرانِ

    هادٍ يُصوَّر لي كأن قوامه

    متجسدٌ من عنصر الإيمان

    إلياس فرحات

    أما الشاعر الشهير إلياس فرحات فيقول في قصيدته: يا رسولَ الله، مادحًا ومنبهًا، ومشيرًا إلي أنه جاء سراجًا منيرًا ظلام الدنيا المدلهم، ليخرج الأعراب الجفاة من حمأة البداوة والجفاء، ويطالب بأن يتعرف الناس علي الإسلام، ليتعرف علي معالم الدين، ثم يستصرخ، ناعيًا التضليل الذي ترتكس فيه الأمة، والجهل العاتي الذي يكتسحها، مطالبًا بالعلم والقوة، حلاًّ لتردي حال الأمة، فيقول:

    غَمَرَ الأَرْضَ بِأَنْوَارِ النُّبُوَّةْ

    كَوْكَبٌ لَمْ تُدْرِكِ الشَّمْسُ عُلُوَّهْ

    لَمْ يَكُدْ يَلْمَعُ حَتَّي أَصْبَحَتْ

    تَرْقُبُ الدُّنْيَا وَمَنْ فِيهَا دُنُوَّهْ

    بَيْنَمَا الكَوْنُ ظَلاَمٌ دَامِسٌ

    فُتِحَتْ فِي مَكَّةَ لِلنُّورِ كُوَّةْ

    وَطَمَي الإِسْلاَمُ بَحْرًا زَاخِرًا

    بِأَوَاذِيِّ الْمَعَالِي وَالفُتُوَّةْ

    مَنْ رَأَي الأَعْرَابَ فِي وَثْبَتِهِمْ

    عَرَفَ البَحْرَ وَلَمْ يَجْهَلْ طُمُوَّهْ

    إنَّ فِي الإِسْلاَمِ لِلْعُرْبِ عُلاً

    إنَّ فِي الإِسْلاَمِ لِلنَّاسِ أُخُوَّةْ

    فَادْرُسِ الإِسْلاَمَ يَا جَاهِلَهُ

    تَلْقَ بَطْشَ اللهِ فِيهِ وَحُنُوَّهْ

    يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا أُمَّةٌ

    زَجَّهَا التَّضْلِيلُ فِي أَعْمَقِ هُوَّةْ

    ذَلِكَ الجَهْلُ الذِي حَارَبْتَهُ

    لَمْ يَزَلْ يُظْهِرُ لِلشَّرْقِ عُتُوَّهْ

    قُلْ لأَتْبَاعِكَ صَلُّوا وَادْرُسُوا

    إِنَّمَا الدِّينُ هُدَي وِالْعِلْمُ قُوَّةْ

    عبد الله يوركي حلاق

    وللشاعر السوري عبد الله يوركي حلاق مؤسس مجلة الضاد في حلب، قصيدة بعنوان: قبس من الصحراء، يشيد فيها بالرسول الأعظم صلي الله عليه الله عليه وسلم، الذي حمل لواء الديانة الإسلامية، ونقل العرب من غياهب الجهل والتخلف إلي فضاء العلم والنهضة، وتكلَّلت أفعاله بالمجد والسمو والرفعة والإباء، وهو يحطِّم أوثان الشر والفساد والكفر، ولا ينسي الشاعر إبراز التضامن والإخاء والألفة:

    بعث الشريعة من غياهب رمسِها

    فرعي الحقوق وفتَّح الأذهانا

    أمحمدٌ.. والمجدُ نسج يمينه

    مجدَّت في تعليمك الأديانا

    ولأنه داس الجهالة وانتضي

    سيف الجهاد، وحطَّم الأوثانا

    فلقد ربينا في ظلال عروبة

    عرباء.. تشرق عزة وأمانا

    ما نحن إلا إخوةٌ نسعي إلي

    إسعاد أمتنا.. وصونِ حمانا

    جاك صبري شماس

    ويطلُّ من الجزيرة السورية من محافظة الحسكة الشاعر جاك صبري شماس الذي تشهد معظم دواوينه الشعرية، ومقالاته علي محبته وولائه للعروبة وإشادته بالدين الإسلامي، وافتخاره بالقائد العربي العظيم الرسول صلي الله عليه وسلم، الذي دانت له الدنيا بأقوامها، وذلك في قصيدته: أوراق اعتمادي، نقطف بعض أبياتها:

    إني مسيحيٌّ أجلُّ محمدًا

    وأجلُّ ضادًا.. مهدُه الإسلامُ

    وأجلُّ أصحاب الرسول وأهله

    حيث الصحابة صفوةٌ ومقام

    كحَّلت شعري بالعروبة والهوي

    ولأجل '' طه'' تفخر الأقلام

    أودعت روحي في هيام محمد

    دانت له الأعراب والأعجام

    إلياس قنصل

    وأما الشعر إلياس قنصل فيعلن غضبه علي الأمة التي تنشغل بالاحتفالات والتهاني والمهرجانات، مع ما هي فيه من الانكسار، والوقوع في إسار أعدائها، فيقول:

    أيقبل بعضنا بالتهنئات

    وموطننا المفدي للغزاة

    ونحن نساق من خطب لخطب

    يضج لصفده قلب الصفاة

    ثم يخاطب رسول الله صلي الله عليه وسلم معتذرًا، مشيدًا بالقرآن ومن جاء به، فيقول:

    رسولَ الله: عفوَك، إن عذلي

    لتنبيه النفوس الغافلات

    كتابك زينة الأجيال تزهو

    بمعجز آيهِ أمُّ اللغات

    ودينُك نعمةٌ في الكون ضاءت

    فنوَّرَت النواحي المظلمات

    تكرم يا إله العرش واجعل

    بلاد العُرب للعرب الاباة

    شبلي الملاط

    أما شاعر الأرز اللبناني شبلي الملاط أحد أبرز الشعراء العرب في النصف الأول من القرن العشرين، .فينفي عن الإسلام والقرآن دعوي التفريق للأمة، وشق العصا، فيقول:

    لمن البلاد أليس من أصحابها

    أنتم ونحن فما لنا لا نهتدي

    حتي متي لا نستفيق ! وكلنا

    نحيا وندفن تحت جو أوحد

    حتي متي التفريق يلعب دوره

    فينا ونصغي سامعين لمفسد

    ويظل مَن بث المفاسد سيدًا

    والصالح الأعمال مغلولَ اليد

    ويبيت من تدعو البلاد أئمة

    متشاغلين ببِيعةٍ وبمسجد

    والله ما قال المسيح تباغضوا

    حتي نكون ولا كتاب محمد

    لكنما أيدي الجهالة بدّلت

    أبناء هذا القطر شر مبدد

    ثم يطالب بإنهاء التعصب، الذي يوقع الأمة في الهوان والمذلة، فيقول:

    وتساهلوا عند الأمور وأعرضوا

    عمن يقول بعيسوِي ومحمدي

    ودعوا التعصب إنه الداء الذي

    يقضي عليكم بالهوان السرمدي

    ولتشعلوا هذي العواطف وليكن

    كل من الأعياد عيد المولد

    ميشال المغربي

    وأما الشاعر ميشال المغربي فيؤكد علي العلاقة الأخوية والوطنية والعروبية بين المسلمين والنصاري، ويؤكد أنه يدعم الإسلام والمسلمين، فيقول:

    الله قدر لي ديناً أقلدهُ

    عقداً، أبي كان من قبلٍ تقلَّده

    وإن جاري له عقدٌ يماثله

    يضيء ياقوتهُ الغالي وعسجدُه

    صنوُ المسيحيةِ الإسلامُ.. أبصره

    أخٌ لي.. دربه مثلي ومصعده

    إني أدير له ليلطمني

    إن كان في لطمه ما قد يمجده

    زرعت بالحب أرضي وهي مخصبة

    والحب ما أثمرت فلتجنه يده

    والحب ماكان إلا الحب يسكبه

    وليس إلاه من طير يغرده

    فيا ابن أمي ذر التفريق ناحية

    فسابق العهد كان الجهل يفسده

    وذلك الحقد كان الغرب يزرعه

    وإنه وحده من كان يحصده

    أخوك أي الطريق العدل ينهجها

    وليس يعنيك أي النجم يرصده

    فما يضيرك ما كانت عقيدته

    ما زال يعبد ربًّا أنت تعبده

    وكان ينطق ضادًا أنت ناطقها

    وما تُردد من شعر.. يردده
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.