• هل نتعلم من عدونا؟

    هل نتعلم من عدونا؟
    د.ماجد عرب الصقر الزبيدي
    في ضوء ماجري في تونس ومصر ومايجري في أكثر من قطر عربي من إنتفاضات جماهيرية سلمية تطالب بمنظومة حقوقها كاملة،أرى أن على القائمين على القرار في معظم الدول العربية ضرورة التعلم من عدونا الواحد والوحيد الذي جمع شتات سكانه من أكثر من مائة دولة وشعب، ثم إنصهر ثقافة وشعورا ووعيا ومجتمعا في بوتقة واحدة ، وأعاد لغة منقرضة منذ أكثر من ألفي عام ، وجعلها لغة علمه ومدارسه وجامعاته، وبدا منذ عقد أو يزيد في التخلص التدريجي من المناهج الدراسية الورقية لحساب المناهج المحوسبة وقواعد البيانات الآلية، وشرع لأجهزة أمنية مهنية لاتتغول ولاتتأثر البتة بتغيير الحكومات والأحزاب الحاكمة ،وجعل الحاسب يختار الكفاءة المناسبة للوظيفة والتعيين، بغض النظر عن أصل اليهودي او لونه أو إنتماءه الحزبي او الفكري ، واسس لديمقراطية حزبية وبرلمانية صحيحة وسليمة وراسخة، جعلت من كيانه الدخيل دائرة إنتخابية واحدة لاتعترف بالكوته المخالفة لكل الدساتير!!على الرغم من إحتواء كيانه على يهود غربيين ويهود شرقيين ومسيحيين من كل الطوائف ومسلمين سنة(عرب وشركس ودروز وبهائيين)،وحقق تجارب متواترة في تداول السلطة ليس لها مثيل أو حتى قريب في كل دولنا العربية!! ثم تفرغ لنا سالبا منا أعز مقدساتنا وأجمل أراضينا وشرد قطاعات من أهلنا وإحتل مساحات واسعة من أوطاننا ، وما إنفك يهدد وجودنا وحاضرنا ومستقبلنا من خلال ترسانته النووية والفسفورية البيضاء والزرقاء، في زمن قياسي قصير، قضينا نحن العرب في كل قطر مدة زمنية مماثلة أو تزيد في نزع وحدتنا وتاريخنا وهويتنا الجامعة ثم اخذنا نهرول إلى شمولية الحكم والإستبداد وتحكم الأجهزة الأمنية في مفاصل حياة المجتمع ، وإستخدام الرصاص الحي من قوى الشرطة والأمن - التي أناط بها الدستور حماية الناس وحقوقهم قبل ممتلكاتهم - ضد مواطنين عزل كفل لهم الدستور المسيرات والتظاهرات السلمية المطالبة بحقوق أساسية بهدف سماع السلطات المسؤولة اصواتهم ،ولصالح التغيير لخير الوطن.

    ولم نقف عند هذا الحد ،بل اخذنا باللجوء لهويات وثقافات فرعية ضيقة ونتنة، لاتسوى ديكا أو دجاجة في سوق "الحلال"!! على حساب الوطن والأمة وقضايانا العادلة،وحاضرنا ومستقبلنا ، في وقت تفرد فيه العرب على مستوى العالم من حيث إنتحار الشباب جوعا،وإحرق أجسادهم سخطا على معاملة السلطات لهم، بينما إستطاعت حكومة الصين(الشيوعية،أعوذ بالله!!) إخراج أربعمائة مليون مواطن من خط الفقر إلى خط الإنتاج والإكتفاء، في فترة زمنية لم تتجاوز عشرين سنة،إستطاعت خلالها حكومة الصين الإستحواذ على أعلى نسبة نمو إقتصادي ،وهي قاب قوسين أو أدنى من التربع على عرش الدولة الإقتصادية الأولى الأعظم ،متجاوزة الولايات المتحدة وألمانيا، ،وتملك أعظم إحتياطي عالمي من الدولار (ألف مليار دولار...وهو سبب رفع أسعار النفط من قبل رأس المال الأميركي واليهودي لحرق مدخرات الصين!!)..وهي الفترة الزمنية ذاتها الاتي قضيناها نحن العرب في "طق الحنك" و"السواليف"التافهة ،والجدال حول جنس الملائكة، وإبعاد الكفاءات الوطنية والقومية، والتغني بجمال التبعية ، وتحريم كلمة" الديمقراطية" لأنها من أصول" كافرة" او" مشركة" !!وتفردنا من بين الأمم في ملازمة "حسن السلوك" مع الوظيفة ! وإختراع مجسات حرارية وضوئية دقيقة كشعيرات القلب " لقياس الإنتماء والولاء للوطن ، والتمييز بين المواطنين تارة حسب أصولهم وتارة حسب تاريخ مواطنتهم وثالثة حسب مناطقهم الجغرافية ورابعة حسب مراتبهم الحضارية او المدنية.......إلخ!(إختارت الهند رئيسا لها أحد أهم علماء الدفع الصاروخي من الأقلية المسلمة،وإختار الأميركيون إبن مهاجر مسلم أفريقي،من أمهر القانونيين، رئيسا لهم)، بدلا من الميزان الوحيد للإنتماء الوطني والصالح في كل زمان ومكان : الإنتاج والعطاء والإبداع!!فكانت النتيجة مئات الهويات والأوطان في الوطن الواحد، وتضور الناس ديونا وإستهلاكا وجوعا وتبعية وضياعا وحيرة وفوضى وسادية وإنفصام خطير وواضح في الشخصية والمواقف!!! الأمر الذي يرمى بهم للدفاع عن خلاصهم الفردي ومصالحهم الضيقة والآنية،وتقديسها وتركيزها وتنميتها على حساب خلاص ومصلحة الوطن الجامع الذي بات في أسفل سلم الإهتمامات الجمعية للأسف الشديد !صفوة القول أن الفرق الجوهري بين سياسيي العرب وسياسيي الصهاينة أن الآخرين يقدمون مصلحة الدولة والوطن والمواطن على كرسي الحكم في كل الأحوال!!"mzubidi@hotmail.com

    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.