View RSS Feed

طارق شفيق حقي

,ضاد وضباب

Rate this Entry
ضاد وضباب

ـ لحرف الضاد في كلمة الضباب طقوس خاصة ..




أجواء ضبابية تحيط بك , إذ نزلت جيوش الضباب واحتلت المدينة وعانت فيها ضباباً , أضواء خافتة تصدرها تلك الغرف في الوحدات السكنية المجاورة , تحس بانكسار المادية .. بانكسار الزيف , بانكسار قسوة وصلابة المادة , وتمس الوحدة السكنية كياناً نابضاً قابعاً في الضباب , يوحي إليك ما يوحي , الأضواء الخضراء على مئذنة الجامع القريبة المختفية قد خفتت وأعطت شعوراً غريباً عن جسم غريب موجود عندها , أضواء السيارات تحجمت وأصبحت كياناً تستطيع الإحاطة بأبعاده , أضواء متناثرة غير منتظمة تشعرك بضرورة التخييل وإعطاء هذه الأماكن شكلاً جديدا ً يقبع في داخلك فقط . رائحة الهواء البارد الرطب تلثم حواسك ضوء الشارع غدا يحمل ضعفاً ظاهراً .. قد كشف عن حجم الأشياء أيها الضباب .


ضوء بعيد صغير يلوح وأرى نفسي تتمنى الصعود إليه , أراه مسافة طويلة لكني أمشي إله في دهاليز لم تكن موجودة قبل الضباب , أرتقي هضبة أبغي أعلاها , أمشي ولا أرى أكثر من من متر أو مترين أمامي تنكسر تحت قدمي أشياء خشبية صغيرة وأسمع طقطقة بقايا الأغصان والأوراق اليابسة .


لأنك يضاف إلى توقك إلى إلحاحك إلى حاجتك إلى الوصول إلى المكان الذي تحس بالخلوة والانعتاق فيه وسوف يأتيك هناك حتماً .. سوف يأتي حتماً ذلك الذي جعلك تصعد إليه , لكنك ما إن أصبحت عند القمة حتى شعرت بالخذلان , لا يوجد أي أثر لضوء , أي أثر لبيت . لكوخ .. وأمسيت وحيداً في العراء , رجعت تجر جر أذيال الخذلان , وحين نظرة نظرة خاطفة شاهدت بصيص ضوء ترفع نفسك .. تعتلي حجرأً .. تمسك غصن شجرة .. إنه هناك .. وتسرع عائداً , وحين تصل لا تجد أحداً , زاد اصرارك لمعرفة الأمر , وسوف تبقى ساعات إن اضطرت , أسرعت تعتلي هضبة مجاورة , الأشواك وبقايا الأغصان تجرح قدميك , برد يتسلل لعظامك وأنت تسرع غير عابئ , لهات من الأفكار ينساب إلى عقلك , تنظر من أعلى الهضبة المجاورة , تشاهد النور إنه موجود , تعود إلى هناك ,


تحول التنظيم , من أين صعدت المرة الفائتة وكيف وغلى أين وصلت إلى أعلى القمة .. كل شيء مبسوط أمامك ولا ترى ضوءاً , إنه موجود , تسلم أمرك وتشعر بتناقص العالم يتسلل لنفسك , فأمل قوي ينبض بقلبك وحقيقة ناصعة تدعمه , وسراب كل الصحارى يتشكل في يديك , يشكل بنفسك وبعقلك وبروحك . تغمض عينيك لوهلة ينتابك شعور غريب .. إنه موجود .. لكني لا أدركه .. تعود بذاكرتك إلى البعيد .. تنعتق من كل رغباتك من كل أفكارك من كل ماديتك وتدع الضباب يخترقك , وفجأة تشعر أن شيئاً فوقك ..



شيئاً يحتضنك تفتح قليلاً من جفنيك فتشاهد نوراً صافياً , تمتلك عظمة وسرور ودهشة , ويبدأ عقلك المادي بمحاولة التفسير ولا تفسير لما تعيش . . تنظر حولك , أين النور .. لن تجهد تنكفأ عائداً , يلازمك شعور بالنظر خلفك , لكنك لا تنظر , تعيش بقايا لحظات الانعتاق , وتعود إلى غرفتك , تفتح النافذة وترنوا إلى المكان الذي كنت فيه , تشاهد الضوء من جديد , وتنظر وإذا الضباب يحيط بك , ما أجمل ما تضفي من حجب وجمال أيها الضباب فتبارك من خلقك وسواك .

Updated 03/03/2010 at 01:38 PM by طارق شفيق حقي

Tags: None Add / Edit Tags
Categories
قصة

Comments

Leave Comment Leave Comment

Trackbacks

Total Trackbacks 0
Trackback URL: