المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أود أن أقول لكل فتاة



محمود كامل
11/04/2008, 01:22 PM
أود أن أقول لكل فتاة: إعرفي كيف تتخيرين صديقاتك. فصديقات الفتاة هنّ اللاتي يخلقن في الغالب ذوقها ويوجهن فكرها وعواطفها، وهنّ تستأنس برأيهن لا في اختيار فستانها فقط، بل في اختيار زوجها أيضاً.

ولكن بعض الصديقات غيورات وحسودات ومغرضات، يلذ لهنّ أن يورطن صديقاتهن في زواج فاسد، بغية التفوق عليها والشماتة فيها، واتخاذها مادة للاستهزاء والسخرية وقتل الوقت. فعليك متى فكرت في تقرير مصير حياتك،

أن تفكري ما استطعت بنفسك لا بعقل صديقاتك، أي على هدي قلبك وبصيرتك، وفي ضوء النصائح والإرشادات التي يسديها إليك كل مجرب نزيه من أهلك، وإلا اضطربتِ وتعثرتِ، وربما ذهبتِ آخر الأمر ضحية صديقاتك.

إن عاطفة الحب، وأقصد الحب الذي ينشأ من تعارف وتفاهم واستجابة في الميول والأهواء، هذه العاطفة هي دعامة الأسرة عند الشعوب المتدينة، فلو آمنّا نحن بها، وعرفنا قيمتها، ومهّدنا السبيل لها بإقامة المجتمعات المختلطة المحتشمة، ولم نضع في طريقها عقبات الجاه والمركز والمصلحة، فما لا يقبل الريب

أن بيوتنا تصبح أكثر تماسكاً، وأوفر أمناً، وأقدر على تكوين النشء السليم القوي الذي ننشده.

الحب هو التفضيل، هو الإيثار، هو الوفاء لشخص واحد، والتضحية في سبيله بكل رغبة شهوية طارئة. فلا تقل إنك تحب إنساناً إلا إذا كان هو في نظرك كل شيء، وكنت أنت قد تجردت في سبيله تماماً من جميع رذائل التقلب والتلون والأنانية.

لكي تعيش عاطفة الحب في قلوبنا، وتلطف شهواتنا، وتهذب غرائزنا، يجب أن نُعنى قبل كل شيء بتربية حياتنا الروحية. وما الحياة الروحية إلا فكر وثقافة وأخلاق، يتألف منها عقل وقلب وضمير، فمتى وسّع الفرد آفاق تفكيره، وضاعف من قوة ثقافته، أمكنه أن يستعين بالثقافة والفكر على السمو بأخلاقه.

وهكذا ينمو فيه شعور القلب وإحساس الضمير،فيستطيع متى أحب أن يُغلّب في الحب قوة الروح على شهوة الجسد، وأن يصبح بفضل هذا التفوق الذهني والوجداني إنساناً.

الرجل ينْشد في المرأة الجمال الحسي ويعجب بها كلما أبرزت هذا الجمال، ثم يطلب إليها في الوقت نفسه أن تكون فاضلة ومخلصة لشخص واحد.

ولكن الجمال قوة لا تشعر المرأة بلذتها وسلطانها إلا متى خَفق لها قلب وخضع لها كل رجل. وإذن فالرجل يُوقظ في المرأة شيطان جمالها، ثم يخاف هذا الشيطان، فيحتم على المرأة الفضيلة، أما المرأة فلا تستطيع أن تفهم على وجهة التحقيق كيف يُراد منها أن تكون جميلة وفاضلة في وقت واحد.
ومع ذلك فهي تحاول الجمع بين هذين النقيضين، وكثيراً ما تنجح. وهذا النجاح وحده يدل على عظمتها ويرفعها إلى مستوى خلقي لن يبلغه الرجل أبداً.

كل امرأة دميمة تُؤْثر في صميم نفسها أن تكون جميلة على أن تكون ذكية، يقيناً منها أن الجمال ولو كان مشوباً بالحماقة، يظل في نظر معظم الرجال أبلغ وأروع من جميع ضروب الذكاء مجتمع’.

الشاب يحب الدنيا، أما الكهولة فهي التي تعرف في الغالب كيف تحب الحب، ذلك لأن الكهولة التي ذاقت مناعم الحياة المادية وذهدت فيها، أصبحت تَنْشد الاستقرار بعد طول المطاف وتتوق إلى حب عظيم أخير تذهب فيه إلى أبعد حدود الولاء والتضحية.

وهذا ما يفسر لنا انجذاب بعض النساء الصبايا العاطفيات إلى رجال جاوزوا الخمسين. من العادات الفاشية عند بعض طبقات شعبنا أن الزوج إذا أبتلي بزوجة شريرة أو عاصية، وأراد أن يؤدبها، أسرع فتزوج عليها.

ولكن هذا الزوج يستجير من الرمضاء بالنار، ويثأر في الحقيقة من نفسه بدل أن يثأر من زوجته.
وليس شك في أن مسلكه لا يدل على القوة وإنما يدل على العجز. ولو أنه كان حقاً قوياً، وحقاً رجلاً لاستطاع أن يروض امرأته ويكبحها، بدل من أن يجلب لنفسه متاعباً وآلاماً جديدة ما كان أغناه عنها.

نحن عندما نبكص على شبابنا نتحسر في الغالب على امرأة أحببناها ثم خدعتنا. المرأة لا تموت مثلنا. المرأة تموت عندما تشعر أنها لم تعد محبوبة منّا. أثقل جسم من أجسام الطبيعة هو جسم المرأة التي لم نعد نحبها.

المرأة الفاضلة تقول: لا. والفاجرة تقول: نعم. واللعوب تقول: نعم ولا. والمغرمة بتعذيب الرجال لا تقول نعم ولا لا.


هذه المقالة نشرت فى مجلة الجيل العدد 464 بتاريخ الاثنين الموافق (14-1-1960 ).