المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحقيقة والمجاز



بشير صابري
10/04/2008, 11:57 AM
لُغَةِ الْعَرَبِ لَفْظٌ مَجَازِيٌّ فَإِمَّا أَنْ يُقَيَّدَ مَعْنَاهُ بِقَرِينَةٍ : أَوْ لَا يُقَيَّدَ بِقَرِينَةٍ . فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهُوَ مَعَ الْقَرِينَةِ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فَكَانَ مَعَ الْقَرِينَةِ حَقِيقَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهُوَ أَيْضًا حَقِيقَةٌ ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِلْحَقِيقَةِ إلَّا مَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا بِالْإِفَادَةِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ . وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مَا مِنْ صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ إلَّا وَيُمْكِنُ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهَا بِاللَّفْظِ الْحَقِيقِيِّ الْخَاصِّ بِهَا فَاسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْمَجَازِيِّ فِيهَا مَعَ افْتِقَارِهِ إلَى الْقَرِينَةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ بَعِيدٌ عَنْ أَهْلِ الْحِكْمَةِ وَالْبَلَاغَةِ فِي وَضْعِهِمْ . قُلْنَا : الْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَجَازَ لَا يُفِيدُ عِنْدَ عَدَمِ الشُّهْرَةِ إلَّا بِقَرِينَةٍ وَلَا مَعْنَى لِلْمَجَازِ سِوَى هَذَا النَّوْعِ فِي ذَلِكَ اللَّفْظِيِّ . كَيْفَ وَأَنَّ الْمَجَازَ وَالْحَقِيقَةَ مِنْ صِفَاتِ الْأَلْفَاظِ دُونَ الْقَرَائِنِ الْمَعْنَوِيَّةِ ؛ فَلَا تَكُونُ الْحَقِيقَةُ صِفَةً لِلْمَجْمُوعِ . وَجَوَابٌ ثَانٍ : أَنَّ الْفَائِدَةَ فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْمَجَازِيِّ دُونَ الْحَقِيقَةِ قَدْ يَكُونُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْخِفَّةِ عَلَى اللِّسَانِ : أَوْ لِمُسَاعَدَتِهِ عَلَى وَزْنِ الْكَلَامِ نَظْمًا وَنَثْرًا ؛ أَوْ لِلْمُطَابَقَةِ وَالْمُجَانَسَةِ وَالسَّجْعِ ؛ وَقَصْدِ التَّعْظِيمِ وَالْعُدُولِ عَنْ الْحَقِيقِيِّ لِلتَّحْقِيرِ ؛ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِدِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الْكَلَامِ