طارق شفيق حقي
03/04/2008, 11:53 PM
العاقبة ( نزف قلم : محمد سنجر )
رعد الطائرات الحربية من فوقنا اختلط بانفجارات الصواريخ المروعة التي تنهال علينا من كل حدب و صوب ،
الجحيم الناتج عنها يلهب الكون من حولنا ،
هدير آلياتهم العسكرية تقتلع في طريقها الأخضر و اليابس ،
الدخان الأسود يملأ الفضاء ،
نكاد نختنق ،
اختلط منا الحابل بالنابل ،
أمطرونا بوابل من رصاص اليورانيوم المخضب ،
بعيرنا و خيولنا تفر هاربة ، تساقط الفرسان صرعى من فوقها ،
وجدت إحداها تجر فارسها المقتول من قدمه ، تغمسه بمستنقعات الأوحال الدموية ،
أحاول رفع رأسي فلا أبصر إلا اللون الأحمر يصبغ الأشياء من حولي ،
أصوات الانفجارات تتردد هنا و هناك ، الدخان يتكاثف أكثر فأكثر ،
بالكاد أرى أحد رفاقي الذي يحاول يائسا تثبيت رايتنا التي كتب عليها
( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) تتلاعب بها الرياح العاتية ،
صم أذني صرخات الفارين من السبايا من النساء يجرون أيتامهم ،
يحاولون الفرار ، تلاحقهم المجنزرات الآلية ،
أرى بين الجموع امرأة تتمسك ببقايا أمل ،
تمسك بين يديها بذراع طفلها الذي فقد جسده بعدما حولته الانفجارات إلى أشلاء ،
اتسعت عيون الفارين من هول الرعب الهائل الذي سيطر عليهم ،
ينزلقون في أنهار دماء الملايين من جثث الرجال و النساء و الأطفال و الخيول التي تكومت هنا وهناك ،
تعصف الرياح بأجسادهم الواهنة فتصرعهم أرضا ،
يزحفون بكل ما آتاهم الله من قوة للفرار من هذا الجحيم ،
انفجار هائل مزق المشهد المتلاشي بعيني ، تطايرت الأشلاء من حولي تلطخ وجهي المذهول بدمائهم الزكية ،
أجدني أزحف رعبا أحاول النهوض ،
تتعثر قدماي ، أنزلق ، ترتطم رأسي بالأرض ،
أفقد الوعي للحظة ،
أحاول النهوض ،
تدوسني أقدام الخيول الفارة ، تعيدني إلى حيث كنت ،
ألم يسيطر على جسدي المنهك ،
لا أقو على الحراك ،
أتحامل على ذراعي المتبقية ، أحاول عبثا النهوض ،
رصاصة تثقب كتفي المثخن بالجراح ،
لم تؤلمني هذه الرصاصة مثل سابقاتها ، فلقد تشبع جسدي من هول المشهد ،
أحاول النهوض ، بالكاد نجحت ،
أبصر أحد رفاقي يشهر رمحه الخشبي في وجه آلياتهم ،
تأخذه قذيفة فلا أجد له أي أثر ،
أنتقل ببصري بين الجموع ،
أجد أخي المثخن بالجراح واقفا و قد أشهر ( منجله ) بوجه أحد الأعداء الممسك ببندقيته الآلية ،
بالكاد أرفع سيفي الثقيل ،
أهوي به على رأسه ،
تنفلق الرأس إلى شطرين ،
تتفجر نافورة من دمه البارد بوجهي ،
رصاصة طائشة تخرج من بندقيته الآلية باتجاه أخي ،
يسقط ، يرمقني بنظرة رضا ،
يتوج رأسي بآخر ابتساماته اللؤلؤية ،
أسقط بين أحضانه ،
تخطفنا الذكريات على جناحيها ،
ترتفع بنا عبر دخان المشهد الدموي ،
تحلق بنا عاليا ،
تنقشع الغيوم الداكنة من حولنا رويدا ،
تحطنا بين الحقول المترامية ،
أرانا نسابق الريح بين السنابل الندية الخضراء ،
نلقي بأنفسنا من فوق الجسر الخشبي ، نغوص بمياه النهر الباردة ، نحاول الاختباء من حر الظهيرة ، نسبح ضد الأمواج المتدفقة من خلال بوابات (الهاويس) ،
يأخذنا التيار عنوة ليلقي بنا بعيدا بين ظلال الصفصاف فوق ضفة النهر ،
نتعلق بضفائر الصفصاف المتدلية على صفحة الماء ،
انفجار يسحبني عنوة من بين أحضان الذكريات ،
شد على يدي الملطخة بالدماء ،
بالكاد تصل همساته إلى أذني )
ـ نلتقي بالجنة بإذن الله .
( صمت خيم على الكون ، شُل لساني ، بادرني )
ـ ماذا أصابك ؟ ألا يرضيك ما فعلنا ؟
( رمقته بنظرة حانقة )
ـ أمازلت مقتنعا بأننا قصرنا ؟
ـ نعم ، كان يجب أن نعد لهم ما استطعنا من قوة ( أصرخ بوجهه )
كان يجب أن نقرأ هذه الآية جيدا ، هذه هي النتيجة ،
بالله عليك ما جدوى خيولنا و بعيرنا و حميرنا مقابل طائراتهم و آلياتهم ؟
ما فائدة منجلك الصدئ هذا مقابل هذه الصواريخ ؟
ما جدوى سيفي في وجه بنادقهم الآلية ؟
صرخت فيكم مرارا ـ يجب أن نبني أنفسنا أولا .
ـ هون عليك يا محمد ، دعك من هواجسك هذه و افرح ،
فلقد فزنا و رب الكعبة .
ـ فزنا ؟ أي فوز هذا الذي تخدع به نفسك ؟
ـ نعم فزنا ، أفقدت بصرك ؟ ها هم إخواننا من الشهداء يتساقطون من حولنا و قد فازوا بجنات الخلد التي وعدوا .
ـ و ماذا تركنا لهذه الحشود من السبايا من النساء و الأطفال ؟
بالله عليك ماذا تركنا لهم ؟
ـ تركنا لهم الله و رسوله .
ـ بل تركنا لهم الخزي و العار ، تركنا لهم ذل الأسر و العبودية و المهانة .
ـ ما هذا الكلام ؟
ـ نعم ، لم يعنكم سوى أنفسكم فقط ، و الله لن يسامحنا الله .
ـ دعك من غيك القديم هذا .
ـ قلت لكم مرارا ، قلت لكم ـ يجب أن نبني أنفسنا أولا ـ
نعم ، و الله على ما قلت شهيد ،
كنتم تتهكمون ،
كنتم تتهمونني بالخيانة لأنني أطالبكم بالتخلي عن عنادكم و العمل على بناء أنفسنا أولا ،
قلتم : فلنقاطع أمريكا و انجلترا لما يفعلونه بالعراق و أفغانستان ،
فلنقاطع روسيا لما يفعلونه بالشيشان ، و لنقاطع الصرب لما فعلوه بالبوسنة و لنقاطع أوربا كلها و كل من يساند أبناء صهيون بسبب ما يفعلونه بفلسطين و لبنان و الجولان ،
قلت لكم : أفلا نتدبر القرآن ؟ ( و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم )
وضعتم أصابعكم في آذانكم ، و لا حياة لمن تنادي ،
و هتفتم : فلنقاطع فرنسا بسبب الحجاب ،
اتهمتموني بالخيانة لأنني لم أشارككم بتحريق راياتهم ،
و عندما نشرت هذه الرسوم ، هتفتم يومها : فلنقاطع الدنمارك و النرويج و أسبانيا و أوربا و كل من ينشر هذه الرسوم ،
ناديتكم : أمرنا ( صلوات ربي و سلامه عليه ) بالتبليغ عنه و لو آية ،
فقط آية واحدة ،
قلتم : هناك من ينشر الإسلام في أوربا و العالم أجمع ،
صرختم بوجهي : ما أدراك أنت عن هذه الألوف المؤلفة التي تعتنق الإسلام كل يوم ؟
صرخت فيكم : يجب أولا أن نزرع ما يزرعون و نصنع ما يصنعون ، يجب علينا أن نملك قوتنا كي نملك كلمتنا ،
صرخت فيكم : ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ؟
ذهبت صرخاتي أدراج الرياح ،
و بعدها ثبت لكم صدق كلامي و نشروا الرسوم ثانية ،
و برغم هذا عدتم إلى غيكم و هتفتم ثانية و كأنه إعادة لشريط سينمائي : فلنقاطعهم ثانية و إذا نشروها ثالثة قاطعناهم للمرة الثالثة ، و الرابعة ، و الخامسة ، و لا هوادة ،
و عرضت هولندا هذا الفيلم المسيء للإسلام ، هتفتم بكل ما أوتيتم من قوة : فلنقاطع هولندا و كل البلاد التي تعرض هذا الفيلم ،
صرخت فيكم : بالله عليكم هل يستطيع أي من هؤلاء أن يتفوه عن المحرقة التي يدعيها أبناء القردة و الخنازير ؟ اسألوا أنفسكم ما السبب ؟
ضربتم بكلامي عرض الحائط ، صممتم آذانكم و بقيتم على هتافكم :
فلنقاطع ، فلنقــــــاطع ، فلنقــــــــــــــــــاطع ،
قاطعنا العالم أجمع من المشرق إلى المغرب ،
لم تفكروا و لو للحظة واحدة في بناء أنفسكم ،
لم تفكروا للحظة واحدة أن تعدوا لهم ما استطعتم من قوة ،
لم تفكروا و لو للحظة أن تبلغوا عن الرسول و لو آية ،
و ها هي الحال الآن ،
انظر ، انظر حولك لترى هذه الأشلاء
( أخذت بلحيته أحول بصره تجاه القتلى )
انظر هذه الجثث المنتشرة على مرمي البصر ،
( أغلق عينيه هربا ، فتحتها عنوة بأصابعي )
انظر هناك خلال الأفق ،
هل ترى هذه الملايين من النساء الثكلى و أيتامهم ؟
هل تعرف مصيرهم ؟
ماذا تركنا لهم غير إرث الذل و الهوان و الأسر و العبودية ؟
أما كان من الأفضل لنا أن نبني أنفسنا أولا ؟
ألم تمر بأعينكم يوما هذه الآية الكريمة
( و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ترهبون بها عدو الله و عدوكم )
حسبي الله و نعم الوكيل ،
حسبي الله و نعم الوكيل ،
حسبي الله و نعم الوكيل .
ـ محمد ، محمد ، بالله عليك ما فائدة هذا كله الآن ؟
إنه قدرنا .
ـ لا و ألف لا ، إياك أن تقول قدرنا ، لم يأمرنا الله بهذا .
ـ محمد ، هيا ، هيا لنكمل ما بدأناه ، فلا نفع الآن ،
ـ نعم ، لا نفع الآن ، هيا .
(تدابرنا ،
ربطنا أنفسنا نسند الراية بظهرينا ،
تساندنا نحاول النهوض ،
بالكاد نجحنا ،
لوحت بسيفي الثقيل ، بينما أشهر أخي منجله ،
و ما هي إلا لحظات حتى تداعت علينا الحشود من كل حدب و صوب يحاولون الفتك بنا ،
هدفهم إسقاط الراية ،
و لكن هيهات ،
فالموت دونها هي السبيل الوحيد .
رعد الطائرات الحربية من فوقنا اختلط بانفجارات الصواريخ المروعة التي تنهال علينا من كل حدب و صوب ،
الجحيم الناتج عنها يلهب الكون من حولنا ،
هدير آلياتهم العسكرية تقتلع في طريقها الأخضر و اليابس ،
الدخان الأسود يملأ الفضاء ،
نكاد نختنق ،
اختلط منا الحابل بالنابل ،
أمطرونا بوابل من رصاص اليورانيوم المخضب ،
بعيرنا و خيولنا تفر هاربة ، تساقط الفرسان صرعى من فوقها ،
وجدت إحداها تجر فارسها المقتول من قدمه ، تغمسه بمستنقعات الأوحال الدموية ،
أحاول رفع رأسي فلا أبصر إلا اللون الأحمر يصبغ الأشياء من حولي ،
أصوات الانفجارات تتردد هنا و هناك ، الدخان يتكاثف أكثر فأكثر ،
بالكاد أرى أحد رفاقي الذي يحاول يائسا تثبيت رايتنا التي كتب عليها
( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) تتلاعب بها الرياح العاتية ،
صم أذني صرخات الفارين من السبايا من النساء يجرون أيتامهم ،
يحاولون الفرار ، تلاحقهم المجنزرات الآلية ،
أرى بين الجموع امرأة تتمسك ببقايا أمل ،
تمسك بين يديها بذراع طفلها الذي فقد جسده بعدما حولته الانفجارات إلى أشلاء ،
اتسعت عيون الفارين من هول الرعب الهائل الذي سيطر عليهم ،
ينزلقون في أنهار دماء الملايين من جثث الرجال و النساء و الأطفال و الخيول التي تكومت هنا وهناك ،
تعصف الرياح بأجسادهم الواهنة فتصرعهم أرضا ،
يزحفون بكل ما آتاهم الله من قوة للفرار من هذا الجحيم ،
انفجار هائل مزق المشهد المتلاشي بعيني ، تطايرت الأشلاء من حولي تلطخ وجهي المذهول بدمائهم الزكية ،
أجدني أزحف رعبا أحاول النهوض ،
تتعثر قدماي ، أنزلق ، ترتطم رأسي بالأرض ،
أفقد الوعي للحظة ،
أحاول النهوض ،
تدوسني أقدام الخيول الفارة ، تعيدني إلى حيث كنت ،
ألم يسيطر على جسدي المنهك ،
لا أقو على الحراك ،
أتحامل على ذراعي المتبقية ، أحاول عبثا النهوض ،
رصاصة تثقب كتفي المثخن بالجراح ،
لم تؤلمني هذه الرصاصة مثل سابقاتها ، فلقد تشبع جسدي من هول المشهد ،
أحاول النهوض ، بالكاد نجحت ،
أبصر أحد رفاقي يشهر رمحه الخشبي في وجه آلياتهم ،
تأخذه قذيفة فلا أجد له أي أثر ،
أنتقل ببصري بين الجموع ،
أجد أخي المثخن بالجراح واقفا و قد أشهر ( منجله ) بوجه أحد الأعداء الممسك ببندقيته الآلية ،
بالكاد أرفع سيفي الثقيل ،
أهوي به على رأسه ،
تنفلق الرأس إلى شطرين ،
تتفجر نافورة من دمه البارد بوجهي ،
رصاصة طائشة تخرج من بندقيته الآلية باتجاه أخي ،
يسقط ، يرمقني بنظرة رضا ،
يتوج رأسي بآخر ابتساماته اللؤلؤية ،
أسقط بين أحضانه ،
تخطفنا الذكريات على جناحيها ،
ترتفع بنا عبر دخان المشهد الدموي ،
تحلق بنا عاليا ،
تنقشع الغيوم الداكنة من حولنا رويدا ،
تحطنا بين الحقول المترامية ،
أرانا نسابق الريح بين السنابل الندية الخضراء ،
نلقي بأنفسنا من فوق الجسر الخشبي ، نغوص بمياه النهر الباردة ، نحاول الاختباء من حر الظهيرة ، نسبح ضد الأمواج المتدفقة من خلال بوابات (الهاويس) ،
يأخذنا التيار عنوة ليلقي بنا بعيدا بين ظلال الصفصاف فوق ضفة النهر ،
نتعلق بضفائر الصفصاف المتدلية على صفحة الماء ،
انفجار يسحبني عنوة من بين أحضان الذكريات ،
شد على يدي الملطخة بالدماء ،
بالكاد تصل همساته إلى أذني )
ـ نلتقي بالجنة بإذن الله .
( صمت خيم على الكون ، شُل لساني ، بادرني )
ـ ماذا أصابك ؟ ألا يرضيك ما فعلنا ؟
( رمقته بنظرة حانقة )
ـ أمازلت مقتنعا بأننا قصرنا ؟
ـ نعم ، كان يجب أن نعد لهم ما استطعنا من قوة ( أصرخ بوجهه )
كان يجب أن نقرأ هذه الآية جيدا ، هذه هي النتيجة ،
بالله عليك ما جدوى خيولنا و بعيرنا و حميرنا مقابل طائراتهم و آلياتهم ؟
ما فائدة منجلك الصدئ هذا مقابل هذه الصواريخ ؟
ما جدوى سيفي في وجه بنادقهم الآلية ؟
صرخت فيكم مرارا ـ يجب أن نبني أنفسنا أولا .
ـ هون عليك يا محمد ، دعك من هواجسك هذه و افرح ،
فلقد فزنا و رب الكعبة .
ـ فزنا ؟ أي فوز هذا الذي تخدع به نفسك ؟
ـ نعم فزنا ، أفقدت بصرك ؟ ها هم إخواننا من الشهداء يتساقطون من حولنا و قد فازوا بجنات الخلد التي وعدوا .
ـ و ماذا تركنا لهذه الحشود من السبايا من النساء و الأطفال ؟
بالله عليك ماذا تركنا لهم ؟
ـ تركنا لهم الله و رسوله .
ـ بل تركنا لهم الخزي و العار ، تركنا لهم ذل الأسر و العبودية و المهانة .
ـ ما هذا الكلام ؟
ـ نعم ، لم يعنكم سوى أنفسكم فقط ، و الله لن يسامحنا الله .
ـ دعك من غيك القديم هذا .
ـ قلت لكم مرارا ، قلت لكم ـ يجب أن نبني أنفسنا أولا ـ
نعم ، و الله على ما قلت شهيد ،
كنتم تتهكمون ،
كنتم تتهمونني بالخيانة لأنني أطالبكم بالتخلي عن عنادكم و العمل على بناء أنفسنا أولا ،
قلتم : فلنقاطع أمريكا و انجلترا لما يفعلونه بالعراق و أفغانستان ،
فلنقاطع روسيا لما يفعلونه بالشيشان ، و لنقاطع الصرب لما فعلوه بالبوسنة و لنقاطع أوربا كلها و كل من يساند أبناء صهيون بسبب ما يفعلونه بفلسطين و لبنان و الجولان ،
قلت لكم : أفلا نتدبر القرآن ؟ ( و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم )
وضعتم أصابعكم في آذانكم ، و لا حياة لمن تنادي ،
و هتفتم : فلنقاطع فرنسا بسبب الحجاب ،
اتهمتموني بالخيانة لأنني لم أشارككم بتحريق راياتهم ،
و عندما نشرت هذه الرسوم ، هتفتم يومها : فلنقاطع الدنمارك و النرويج و أسبانيا و أوربا و كل من ينشر هذه الرسوم ،
ناديتكم : أمرنا ( صلوات ربي و سلامه عليه ) بالتبليغ عنه و لو آية ،
فقط آية واحدة ،
قلتم : هناك من ينشر الإسلام في أوربا و العالم أجمع ،
صرختم بوجهي : ما أدراك أنت عن هذه الألوف المؤلفة التي تعتنق الإسلام كل يوم ؟
صرخت فيكم : يجب أولا أن نزرع ما يزرعون و نصنع ما يصنعون ، يجب علينا أن نملك قوتنا كي نملك كلمتنا ،
صرخت فيكم : ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ؟
ذهبت صرخاتي أدراج الرياح ،
و بعدها ثبت لكم صدق كلامي و نشروا الرسوم ثانية ،
و برغم هذا عدتم إلى غيكم و هتفتم ثانية و كأنه إعادة لشريط سينمائي : فلنقاطعهم ثانية و إذا نشروها ثالثة قاطعناهم للمرة الثالثة ، و الرابعة ، و الخامسة ، و لا هوادة ،
و عرضت هولندا هذا الفيلم المسيء للإسلام ، هتفتم بكل ما أوتيتم من قوة : فلنقاطع هولندا و كل البلاد التي تعرض هذا الفيلم ،
صرخت فيكم : بالله عليكم هل يستطيع أي من هؤلاء أن يتفوه عن المحرقة التي يدعيها أبناء القردة و الخنازير ؟ اسألوا أنفسكم ما السبب ؟
ضربتم بكلامي عرض الحائط ، صممتم آذانكم و بقيتم على هتافكم :
فلنقاطع ، فلنقــــــاطع ، فلنقــــــــــــــــــاطع ،
قاطعنا العالم أجمع من المشرق إلى المغرب ،
لم تفكروا و لو للحظة واحدة في بناء أنفسكم ،
لم تفكروا للحظة واحدة أن تعدوا لهم ما استطعتم من قوة ،
لم تفكروا و لو للحظة أن تبلغوا عن الرسول و لو آية ،
و ها هي الحال الآن ،
انظر ، انظر حولك لترى هذه الأشلاء
( أخذت بلحيته أحول بصره تجاه القتلى )
انظر هذه الجثث المنتشرة على مرمي البصر ،
( أغلق عينيه هربا ، فتحتها عنوة بأصابعي )
انظر هناك خلال الأفق ،
هل ترى هذه الملايين من النساء الثكلى و أيتامهم ؟
هل تعرف مصيرهم ؟
ماذا تركنا لهم غير إرث الذل و الهوان و الأسر و العبودية ؟
أما كان من الأفضل لنا أن نبني أنفسنا أولا ؟
ألم تمر بأعينكم يوما هذه الآية الكريمة
( و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ترهبون بها عدو الله و عدوكم )
حسبي الله و نعم الوكيل ،
حسبي الله و نعم الوكيل ،
حسبي الله و نعم الوكيل .
ـ محمد ، محمد ، بالله عليك ما فائدة هذا كله الآن ؟
إنه قدرنا .
ـ لا و ألف لا ، إياك أن تقول قدرنا ، لم يأمرنا الله بهذا .
ـ محمد ، هيا ، هيا لنكمل ما بدأناه ، فلا نفع الآن ،
ـ نعم ، لا نفع الآن ، هيا .
(تدابرنا ،
ربطنا أنفسنا نسند الراية بظهرينا ،
تساندنا نحاول النهوض ،
بالكاد نجحنا ،
لوحت بسيفي الثقيل ، بينما أشهر أخي منجله ،
و ما هي إلا لحظات حتى تداعت علينا الحشود من كل حدب و صوب يحاولون الفتك بنا ،
هدفهم إسقاط الراية ،
و لكن هيهات ،
فالموت دونها هي السبيل الوحيد .