المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا العلماء والدعاة..؟



رضوان حمدان
02/04/2008, 07:56 AM
لماذا العلماء والدعاة..؟؟

نرى حملة شعواء على الإسلام متزامنة مع الحملة الجاهلة على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم..

ولهذه الحملة وجوه متعددة.. فمن هذه الوجوه الطعن بعلماء ودعاة الإسلام الصادقين المجاهدين بعلمهم المواصلين الليل بالنهار دعوة وتعليما وبيانا وتبيينا ورداً للشبهات حتى ترتد السهام إلى نحور قاذفيها فيغيظ ذلك أعداء هذا الدين المتين ويعجزون عن المناظرة والمناددة والمحاججة فيعتصمون بالطعن والسباب ومحاولة التشويش والتشويه وقد صدق الله تعالى فيهم إذ يقول:

{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }

قال ابن كثير: قَوْله تَعَالَى " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآن " أَيْ تَوَاصَوْا فِيمَا بَيْنهمْ أَنْ لَا يُطِيعُوا لِلْقُرْآنِ وَلَا يَنْقَادُوا لِأَوَامِرِهِ" وَالْغَوْا فِيهِ " أَيْ إِذَا تُلِيَ لَا تَسْمَعُوا لَهُ كَمَا قَالَ مُجَاهِد وَالْغَوْا فِيهِ يَعْنِي بِالْمُكَاءِ وَالصَّفِير وَالتَّخْلِيط فِي الْمَنْطِق عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآن قُرَيْش تَفْعَلهُ وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَالْغَوْا فِيهِ " عَيِّبُوهُ وَقَالَ قَتَادَة اِجْحَدُوا بِهِ وَأَنْكِرُوهُ وَعَادُوهُ " لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ " هَذَا حَال هَؤُلاءِ الْجَهَلَة مِنْ الْكُفَّار وَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكهمْ عِنْد سَمَاع الْقُرْآن وَقَدْ أَمَرَ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى " وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآن فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" .

قَالَ اِبْن عَبَّاس: قَالَ أَبُو جَهْل إِذَا قَرَأَ مُحَمَّد فَصِيحُوا فِي وَجْهه حَتَّى لَا يَدْرِي مَا يَقُول. وَقِيلَ : إِنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَمَّا أَعْجَزَهُمْ الْقُرْآن .

فهذه طريق الجاهلين الذين يضعون أصابعهم في آذانهم ويستغشون ثيابهم ويستكبرون استكبارا.. وهم في الحقيقة لو صدقوا القول لقالوا إنهم يعلمون أنه الحق من ربهم

{ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ }

{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

هذا العناد والعلو والاستكبار ليس ابن اليوم وليس بدعة العصر بل هو التوارث القديم من قوم نوح إلى اليوم، بل هم رثة إبليس الذي أخذ على نفسه العهد أن يكون داعية ضلال إلى يوم الدين

{ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ۞ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ }

وحين يتمكن هؤلاء يضربون بكل القيم والأخلاق والشعارات عُرض الحائط:

{ لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ }

{ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ }

ينصبون المشانق يملؤون المعتقلات ويشرِّدون في الآفاق ويستعملون كل أساليب التعذيب النفسية والبدنية حتى الاعتداء على الأعراض:

{ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى }

{ قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ }

{فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ }

نعم هؤلاء هم في كل زمان ومكان، يقول صاحب الظلال رحمه الله تعالى: (ولعله من الطريف أن نقف أمام حجة فرعون في قتل موسى:

{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِيۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ }

فهل هناك أطرف من أن يقول فرعون الضال الوثني، عن موسى رسول الله - عليه السلام - { إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد }؟!!
أليست هي بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح؟ أليست هي بعينها كلمة الباطل الكالح في وجه الحق الجميل؟ أليست هي بعينها كلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر في وجه الإيمان الهادئ؟
إنه منطق واحد. يتكرر كلما التقى الحق والباطل، والإيمان والكفر. والصلاح والطغيان على توالي الزمان واختلاف المكان. والقصة قديمة مكررة تعرض بين الحين والحين).


واليوم نسمع من يطعن في مَن رفعَ الله درجاتِهم من الذين أوتوا العلم لا لشيء إلا أنهم دعاة هدى ومنارات سبيل..

{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} ... (المجادلة)

{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}... (الزمر)

العلماء هم السادة وهم القادة الأخلاء وهم منارات الأرض، العلماء هم ورثة الأنبياء، وهم خيار الناس المراد بهم خيراً، المستَغْفَرِ لهم.

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

" إنما العلماء هم ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، وعن ابن عمر أيضاً قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" : يحمل من هذا العلم من كل خلف عُدُولُه ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ".

وعن حميد بن عبد الرحمن قال: سمعت معاوية رضي الله عنه وأرضاه خطيباً يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

" من يرد الله به خيراً يفقه في الدين " مفهوم المخالفة أن من لم يرد الله به خيراً لا يفقه في الدين .

قال أبو الدرداء رضي الله عنه وأرضاه: "مثل العلماء في الناس كمثل النجوم في السماء يُهتدى بها".

وعن أبي أمامة رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"فضل العالم علي العابد كفضلي أنا على أدناكم"،
ويا لها من مكانة!!

العالم يأخذ مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يفرق بين النبي وبين العالم إلا درجة النبوة.

والعلماء هم أخشى الناس لله، وهم أعبد الناس لله تعالى؛ قال تعالى مادحاً إياهم

{ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ }

أي الخشية كل الخشية في قلوب العلماء الذين تعلّموا العلم وصدَقوه عملاً لله جل وعلا.

وقال المزني : روي عن ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: "إن الشياطين قالوا لإبليس: يا سيدنا ما لنا نراك تفرح بموت العالم ولا تفرح بموت العابد، والعالم لا نصيب منه والعابد نصيب منه؟ قال: انطلقوا، فانطلقوا إلى عابد فأتوه فقالوا: نريد أن نسألك، فقال إبليس: هل يقدر ربك أن يجعل الدنيا في جوف بيضة؟ فقال هذا الجاهل الذي تعبَّد لله بالجهل فقال: لا أدري، فقالوا: أترونه كفر في ساعة؟ ثم جاوزوه إلى عالم في حلقته يُضحك أصحابه ويحدّثهم، فقالوا: نريد أن نسألك، فقال: سلوا، فقالوا: هل يقدر ربك أن يجعل الدنيا في جوف بيضة؟ فقالوا: نعم! قالوا: كيف؟ فقال: يقول كن، فيكون! فقال إبليس: أترون هذا أم العابد؟؟ .

والعلماء، هم الأعلام على طريق الهدى، وهم كالنجوم يُهتدى بهم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل العلماء:
" فضل العالم على العابد كفضل القمر في ليلة البدر على سائر الكواكب "، وشتان، شتان بين القمر وسائر الكواكب.

قال أبو الدرداء: "مثل العالم في الناس كمثل النجوم في السماء يهتدى بها"، والجهّال في ظلمة لم يستضيئوا بنور العلم ولا بنور العلماء. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه عنهم – الجهّال - : "يميلون مع كل داع لم يتضيئوا بنور العلم" أي لم يحصل لهم من العلم نور يفرّقون به بين الحق والباطل لعدم متابعتهم للعلماء، وعدم تعلمهم منهم العلم.

والعلماء، هم أحق الناس بالمحبة والتعظيم والتوقير بعد الله وبعد رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال علي بن أبي طالب: "محبة العالم دين يُدان به"؛ وذلك لأن العلم ميراث الأنبياء والعلماء ورثته. وأيضاً، فإن محبة العالم تحمل على تعلّم علمه واتّباعه، والعمل بذلك دين يدان به؛ وذلك لأن العلم ميراث الأنبياء والعلماء ورثته.

والعلماء هم أرقى الناس منزلة في الدنيا قبل الآخرة، أحق الناس أن تشرأبَّ لهم الأعناق وتتطلع لما عندهم، بل الغبطة تكون على هؤلاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق و رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها و يعلمها". رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه.

روى مسلم أن نافع بن الحارث أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه وهو بعسفان، وكان قد أستعمله على أهل مكة فقال له: "من استخلفت على أهل الوادي؟" فقال: "استخلفت عليه بن أبجه" فقال: "من ابن أبجه؟" قال: "رجل من موالينا"، فقال عمر: "استخلفت عليهم مولى؟" فقال: "إنه قارئ لكتاب الله، عالم بالفرائض" فقال عمر: "ألا إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يرفع بهذا العلم أقواماً ويضع به آخرين" . وقال سفيان بن عيينة: "أرفع الناس منزلة عند الله من كان بين الله وبين عباده، وهم الأنبياء والعلماء".

وقف الزهري على عبد الملك بن مروان فقال له: "من أين قدمت؟" قال: "قدمت من مكة"، قال: "ومن خلفت يسودها؟" قال: "عطاء بن أبي رباح" فقال : أمن العرب هو أم من الموالي؟ " قال: "من الموالي" قال: "فبمَ سادهم؟" قال: "بالديانة والرواية"، ثم سأله عن اليمن ومصر والشام وأهل الجزيرة والبصرة، وهو يذكر له السادة، ويسأله من العرب هم أم من الموالي، فيقول "من الموالي"، فذكر طاووس بن كيسان ويزيد بن أبي حبيب والحسن البصري، ثم سأله عن الكوفة فقال "إبراهيم النخعي، أمن العرب هو؟" قال "نعم من العرب" فقال عبد الملك: "ويلك! والله ليسودن الموالي على العرب في هذا البلد"، فقال له: "يا أمير المؤمنين، إنما هو دين من حفظه ساد".

حقاً!! "إنما هو دين من حفظه ساد"..

ما الفخر إلا لأهل العلم إنهـم .... على الهدى لمن استهدى أدلاّء
وقدر كلّ امرئ ما كان يحسنه .... والجـاهلون لأهل العلم أعداء
ففـز بعلـم تعــش حـياً بـه أبداً .... الناس موتى وأهـل العلـم أحيـاء.

و يا له من دين لو أن له رجالا..

هؤلاء الذين لا يرعوون عن النيل من لحوم العلماء والدعاة إنما يفعلون ذلك حسدا من عند أنفسهم كما قال الحق تعالى:

{ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ... }(البقرة)

أبشر هؤلاء الحاسدين والحانقين أنهم لن يضروا الله جل جلاله شيئا ولن يضروا المسلمين ولن يضروا رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه، ولن يؤخروا حركة الإسلام المتقدمة حتى يغيروا حركة المجرات والشمس والقمر..

اسمعوا بشرى الرسول الكريم التي يحملها العلماء والدعاء ويسيرون بها في الآفاق: "حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو الْمُغِيرَةِ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ‏ ‏قَالَ: ‏سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ: ‏ ‏" لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ ‏ ‏مَدَرٍ ‏ ‏وَلا ‏ ‏وَبَرٍ ‏ ‏إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلامَ وَذُلا يُذِلُّ اللَّهُ بِه الْكُفْرَ" . وَكَانَ ‏ ‏تَمِيمٌ الدَّارِيُّ ‏ ‏يَقُولُ: ‏ ‏قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ ‏ ‏وَالْجِزْيَةُ".

وكما قال الشاعر:
كناطح صخرة يوما ليوهنها = فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
والآخر:
لا يضر البحر أمسى زاخرا = أن رمى فيه غلام بحجر

كم هم صغار أولئك الذين لا يعجبهم حين يريدون الظهور إلا مقارعة الجبال, ويحدثنا التاريخ أن رجلا قدم مكة ودخل الحرم الشريف واتجه باتجاه بئر زمزم
يريد أن يبول فيه فأمسكه الناس وأُخذ إلى والي مكة وعندما سُئل ألا تعرف حرمة البئر قال بلى ولكني رجل مغمور ولا يعرفني الناس فأردت أن أشتهر على الألسنة.. وصاحبنا هذا ليس هو الوحيد بل هو نسخة تتكرر، فأينما وُجد تافه في الناس يريد الظهور ولا يملك المقومات الحقيقية للبروز تجده يسلك مسلك صاحبنا هذا.

إن العلماء والدعاة بشر يخطئون ويصيبون وليس أحد معصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم وصدق الإمام مالك بن أنس ( كل إنسان يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا المقام ) وأشار إلى قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم –
وإذا أخطأ المجتهد والعامل في قوله أو عمله فله أجران وإذا أصاب فله أيضا أجر يقول عليه الصلاة السلام: ‏عن ‏‏أبي هريرة ‏‏قال: ‏قال رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم "‏إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر"
جاء في شرح سنن النسائي للسيوطي:
قال النووي قال العلماء أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكم فإن أصاب فله أجران أجر باجتهاده وأجر بإصابته وإن أخطأ فله أجر باجتهاده وفي الحديث محذوف تقديره إذا أراد الحكم فاجتهد قالوا وأما من ليس بأهل للحكم فلا يحل له الحكم فإن حكم فلا أجر له بل هو آثم ولا ينفذ حكمه سواء وافق الحكم أو لا ‏ .

أقول ذلك لأمور:

1- الذي يعمل معرّض للخطأ أما الذي لا يعمل فهو الخطأ عينُه.
2- الذي يحكم على العلماء والدعاة يجب أن يكون من أهل الصنعة والتخصص وليس من العلمانيين والجهلة في العلم الشرعي من الذين لا يحسنون الوضوء.
3- فليعلم هؤلاء أن الحكم من أهل العلم على اجتهادات المجتهدين هو أيضا قابل للصواب والخطأ.

الذي دعاني لأكتب في هذا الباب أني قرأت غير مرة من علمانيين ليس لهم شغل يشغلهم أو قضية تهمهم إلا أكل لحوم العلماء والدعاة وذلك على صفحات صحف ومجلات معروفة بعدائها للإسلام بعامّة فيجدون أسهل الطرق تشويه صورة علمائه ودعاته وأشهر العلماء الموجهة لهم سهام الحقد الشيخ يوسف القرضاوي لما له من أثر كبير في مسار العلم الشرعي وموقفه الصلب تجاه القضية الفلسطينية وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من معاناة.. وأشهر الدعاة عمرو خالد ثم أخذوا يوسعون الدائرة لتشمل الدكتور محمد هداية وخالد الجندي ووجدي غنيم.. لما لهم من أثر بيِّن في الوعي الإسلامي العام وبخاصة بين الشباب والبنات. لذا ذكرت هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر.

لم أذكر أسماء الحاقدين ولا منابر كتاباتهم حتى لا أساهم في إظهارهم ومنابرهم الحاقدة.. ولأني أومن أن خطأ الآن يمارس من المسلمين في معالجة الإساءة للرسول الأكرم صلى الله علي وسلم وسيكون لهذا حديث خاص به إن شاء الله تعالى.

وأختم بآية وحديث..

أما الآية:

{ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }

وأما الحديث:

عن النعمان بن بشير قال: قال حذيفة : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة" ، ثم سكت) مسند الإمام أحمد.