المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطائرة الورقية



مجدي عبد النبي
29/03/2008, 05:06 PM
:neeww:الطائرة الورقية:neeww:


*****************

أشرعت الطائرة ..شدها الريح بقوة ..أرخيت جدائل الخيوط..ترتحل تتقوس لأسفل..أشد طرف الخيط..تعلو.. أشد.. ثانية بمهارة ..تعلو أكثر.....أرخى لها حبل الوريد..تشق السماء..ترتحل بعيدا......!!أثبت طرف الخيط بإصبعى ؛السبابة والإبهام..تقف فى الهواء ثابتة..ابتسمت..نظرت لأبى كان بصره معلقا لأعلى.. بزهو.
-هل طائرتك تحلق هكذا ؟؟؟
سدد نظراته فى عينّى ..شعرت بالخوف من وجهه الجامد..تصبب عرقا فجأة..!توجه ناحية أقرب مقعد بحديقة السلسلة..علقت بصرى على ذيلها الطويل..تداعى إلى مسامعى صوتفيروز :o:
(طيرى يا طيارة طيرى.. يا ورق وخيطان


بدّى ارجع بنت صغيرة ..على سطح الجيران

وينسانا الزمان ..على سطح الجيران)

@@@@@@@@
شددت وثاقها فى خصر إحدى الأشجار..جلست إلى جواره؛ لم تزل عيناه ترحلان بعيدا.الشرود يسكن" الننى"..طفرت دمعتان على الوجه الجامد..انزلقت..اصطدمت بنتؤات بالخد..انتحرت عند الذقن...!فى المقعد المقابل فى أقصى الحديقة.يتلاصقان.. يطوق ...الفتاة.لم يلحظ أبى.غضضت البصر.
(- مكانك هناك
-الجبهة... بعيدة المنال...... سخونة رمالها.....
سنمكثهناطويلا
- كيف انتهى كل شيء سريعا؟؟؟؟؟؟).
!!!!!!!!!!!!!!!؟
تفقد الطائرة بعض اتزانها..هرعت إليها بخفق القلب المتدفق..عادت نظراتى تملأ عينيه الشاردتين..كانتا تتأملان قلعة قايتباى..تبدو قريبة من آخر لسان الحديقة..لا أدرى لماذا أسموها السلسلة؟
هل كانت دائرة محكمة.!!! انفرط عقدها..انهزمت أمام موجات البحر..الذى يحيط بنا من ثلاثة جوانب..يقولون سكن فيها قيصر..حارب أنطونيو فوقها.
-هل كانت كليوباتراتستحم هنا؟
نظرت للبحر..كانت مياهه عميقة.
- من جرّفه؟ عمّق مساحاته؟. اقتربت من أبى..كانت عيناه انتقلت لقباب ومآذن أبى العباس..ظلت تتحرك فى دائرة..تصطدم بالجندى المجهول..يخفى الوجه داخل الكف.يعصف القلب بشدة..لامست صدره..جرف كثير منه..امتلأ بأشياء أخرى لم أعرفها.
(-الحفرة معدّة.
- بل سبعا وستينمن الجثث.
-هل تسع الآلاف؟
أضاف.
-الجيف وارتها الرمال بجوار حطام طائرتك.؟!
زعق:
- أين النصب سيكون!؟
(ضحكة من الأعماق خافية في دهاليز البيت الأبيض الأسود والكنيست؛ كالليل الفاحم الذي يهزم احتضار الشمس عندالأفق.)
- حتما سيبنونه يوما للمجهولين.!!!

############
نسيت الطائرة.نظرت إلى المقعد المقابل..تلاصقا....كادت تستسلم للمجو.....؟!! دون إرادةوددت لو صفعت الفتاه أوالولد أوالشجرة التي تتساقط أورقها دون أن ندري!!؟لم يزل أبى يدفن وجهه فى الكفين.كانت أحد الأصابع مبتورة..معصوبة حتى الرسغ بضمادة. عسكرية"ميرى". شقت السماء طائرة كبيرة الحجم هرعت نحو طائرتى..تشابكت الخيوط بخصر الشجرة..لم أستطع فك محابسها..كانت الطائرة الأخرى تقترب من طائرتى..حاولت إرخاء ما بقى من الحبل..لم أستطع..حركت الخيط جهة اليمين للمناورة.طائرة العدوتعلو طائرتى بمسافة،ابتسم صاحبها بعينين ملؤهما الصلف والغرور.نظرت إلى أبى لم أجده؛عصف القلب فى الصدر..انغرزت الضلوع بداخله..أخذ ينزف.اهتز الخيط الممدود فى أصابعى..فشلت المناورات..انقضت على طائرتى سريعا..لم أستطع الفرار..علا حبل طائرته الممدودة؛كانت تتحطم طائرتى..تتطاير نتف من الورق فى الهواء..تسقط كشظية فوق رؤوس الأشجار..تجاوزنى بخطى صرعت أنفاسى المتهدجة..اتجه صوب طائرات أخرى يحطمها..نزف القلب كل ما فى جوفه..الخوف امتلأ بالغرف والشرايين..اندفعت فى كل عروق الجسد الراقد فى انبطاح..نظرت للشاب والفتاة كانا خلف الشجرة الكبيرة... المقعد خال.
صفعنى السؤال..بدد ملامح الشرود.
- ممنوع الوقوف هنا منطقة عسكرية
(كانت فوهات المدافع فى وجهى..الرادار يمتطى ربوة عالية،يجثم فوق القلب..يتحرك بأزيز خفيض..يكشف المساحات المخبؤة فى الصدر.استطردت بعد تردد.)
- أليست حديقة السلسلة!؟
نظر إلى بوجه جامد.تركنى دون إجابة..منقوشة ملامح الثقة فى العينين.ابتسمت،سرت بمحاذاة الكورنيش نحو قلعة قايتباى وأبى العباس..توقفت أمام الجندى المجهول..توقف ابنى الصغير..طفق عمره يحبو نحو (3) (سنوات)... كسبعين حارسا (70)..يحيطون النصب.علامات الزهو تمتزج بثقة فى نظراتهم..خطواتهم.بدأ الصغير يدفع طائرته الورقية..تشق السماء..شامخة فى الأفق..تهزم انقضاض الريح. ?<..