المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ســفر الـــروح



ابومحمدالسوداني
06/03/2008, 07:35 PM
أرى القاً في عينيك ، وفي وجهك الحزن ، وهالة ظلامية تحتويك ، وجفاءً لابتسامتك التي تبعث الأمل في وتنسيني هموم الدهر الغامضة 00 لا عليك فإن ذلك لأشد وقعاً علي من مخالب الألم التي تمزق أحشائي وتؤرقني ساعات قد تطول الليل كله 00 ولا شك أن هذا الألم سيرحل عن قريب ويريحني حينما يمنحني الرب دفئه الأزلي 0
فأنا الروح التي مذ عرفتها ونحن صغيرين لا أنسى ذكريات الصغر الوردية 00ولا تسابقنا في الهواء الطلق في مديات الأفق البعيدة وعلى بساط الخضرة الممتدة 00 ولا احتوائنا أفراخ العصافير وإطلاقها حينما تقوى على التحليق 00 ولا السباحة في نهر الكحلاء والجد يعمدنا بمائه الطاهر00 ولا الرقود سوية على سرير واحد وغفوتنا على قصص الجن والعفاريت التي كنت ترويها 0
في القريب سأضع حدا لهذا الألم وأستريح 00 هل تعلم ؟ 00
بالأمس وأنا ما بين اليقظة والمنام زارتني عرائس الليل 00 هبطت من الطبقات العلوية بأثوابها وأكاليلها البيضاء اللامعة وكأنها حواري البحر 00 طافت حولي ونشرت روائح البنفسج والأقحوان ورقصت طويلا ، ثم ما لبثت أن عادت إلى سمائها واختفت خلف السحب الرمادية 00 أن أحداهن انحنت علي وقبلتني في جبيني ثم مضت مودعةً وأنا أنظر إليها حتى غابت ! ، وأخرى وضعت وردةً حمراء بلون خديها على صدري ! ،ورحلت تلوح لي بكلتا يديها ، فيا للحلم الجميل الذي أثر في مخيلتي 00 أتذكره كل حين وأعيده كلما خلوت بنفسي 00 ولعله الوداع الأخير 0
لا تبكي يا حبيبتي 00 تعالي 00 ضعي رأسك على صدري ، فاني أحس بأنفاسك المختنقة ، وأشعر بالألم الذي يعتصرك 00 أنظري إلى سدوم الكون فهناك أعداداً لا تحصى من النجوم 00 أنظري إليها على مهل فأنكِ ستجدين من بينهن نجما ساطعا 00 راقبيه عن كثب 00 مدي يدك إليه 00 وعندما تمضين تذكري لونه الآزوردي المتماوج في الطبقات القصية ، فأنه سيمنحك القوة بأشعته المسترسلة من طيف الحياة
من غرائب الصدف إني أشاهد يافطة معلقة على ( بيت المعرفة) كتبت بلغة الأعداد والأرقام بمختلف حجومها الكبير والصغيرة
منها ، أعداد متقاطعة وأخرى متعاكسة و غيرها متناثرة 00
وقفت عندها وقتاً00أنظر إليها 00و أحاول فك رموزها وأنا على هذه الحال مرَّ بي أحدهم وقال وهو ماشياً :
لا تتعب نفسك ، لا يعرف لغزها سوى صاحبها الذي دونها في عالم الوجود ، وتركها هكذا ومضى إلى ما بعد الوجود 0
لقد سمعت أحدهم يقول : أن رهطا حملوا الشموع وراحوا يجوبون شوارع مدينة الحزن يبحثون عن معلمهم الكبير ، ثم عادوا بحسراتهم وآهاتهم ، لأنهم لم يدركوه00 تناءى بعيداً 00 و رحل قبل الغروب0
وأني لأعجب منهم ، فهم لا يصدقون رحيله 00 ولا أعلم السر في ذلك
ألانهم لا يعلمون ؟
أم لأنهم لا يريدون أن يصدقوا ؟
قبل أيام أقبلت أحداهن تصحب معها صَبيّة بلون الورد وعمر اليفاعة تسأل عنه ، وتطلب العون منه 00 أرادت أن يأخذ بيدها وينفث الروح فيها والأمل نحو العبور لأنها على أبواب ( الاختبار الكبير) ، ولما علمت برحيله تساقطت الدموع من عينيها وراحت تجر خطاها بحزن وأسى حتى اختفت 0
أني أقرأ دهشتكِ وحيرتكِ و تساؤلكِ:
ـ كيف آن لك يا عم أن تواريه رمال النجف ؟
ومن أين لك القوة في ذلك ؟
أقول : سأخط لك دائرة على الأرض ، أنظري إليها وتصوري أن هذا العالم الواسع بكل عناصره متمركز فيها 00 فإذا ما دارت دورة سريعة فأنها سوف تستقطب ما تريد وتنبذ ما تريد !0