المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أوجه السجال حول مشاركة إسرائيل في معرضي باريس وتورنتو للكتاب



د.ألق الماضي
02/03/2008, 06:50 PM
الطاهر بن جلون: لا يجوز أن ندمج بين النتاج الأدبي وسياسة بلد ما

http://www.alriyadh.com/2008/03/02/img/033128.jpg
باريس -
تتكاثر ردود الفعل على مشاركة إسرائيل في معرضي باريس وتورينتو للكتاب احتفاءً بالذكرى الستين لتأسيس دولة إسرائيل، من المغرب التي قررت رسمياً عدم المشاركة الى جانب الجزائر وموقف الناشرين الداعين الى المقاطعة فمصر حيث وقعت هيئات ثقافية وقانونية من ضمنها اتحاد الكتاب المصريين مذكرة احتجاج رفعتها الى وزارة الخارجية الفرنسية.
ولا يقتصر الاحتجاج على الجانب العربي، بل ثمة أصوات كثيرة ارتفعت هنا وهناك، داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه وفي الغرب، للتذكير بما تفعله الدولة العبرية منذ تأسيسها وللإشارة إلى الحصار الذي يجعل من غزة السجن الأكبر في العالم.

الشاعر الإسرائيلي أهارون شابتاي رفض أن يشارك في المعرض الى جانب ثمانية وثلاثين كاتباً مدعواً، واعتبر أن المعرض "مشروع دعائي"، وقال: "لا أظن أن دولة لا تزال تقوم بفعل الاحتلال وتمارس يومياً جرائم ضد مدنيين تستحق أن تكون مدعوة إلى أي أسبوع ثقافي كان. فهذا مناقض للثقافة. إنه فعل بربري تحت ستار ثقافي". موقف شابتاي يأتي امتداداً لنتاجه الشعري، وهو الذي استهل احدى قصائده قائلاً: "لن تظهر إشارة قايين( على الجندي الذي يطلق رصاصه) على رأس طفل"..

من جهته، دعا الكاتب الإسرائيلي بيني زيفر، المسؤول عن الصفحات الأدبية في صحيفة ها آرتز الإسرائيلية، الى مقاطعة معرض الكتاب معتبراً أنه من الخزي بمكان أن يأتي كتّاب إسرائيليون إلى باريس ويتم تكريمهم في حين أن أمهات فلسطينيات يبقين محتجزات في البرد عند الحواجز". هذا ولقد أعلن المؤرخ إيلان بابي أيضاً أنه لن يقدّم في المعرض كتابه الجديد وعنوانه "التطهير الاثني لفلسطين".

في فرنسا، وبالإضافة إلى الموقف الرسمي الذي أطلقه وزير الخارجية الفرنسي والذي يدافع عن مشاركة إسرائيل، ارتفعت أصوات كثيرة مؤيدة ومعارضة للمشاركة الإسرائيلية. هناك من يعتبر أن المقاطعة تعني رفض حرية التعبير. في مقال نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية تحت عنوان: "النجدة، إنهم يحرقون الكتب" رد مارك هالتر على الدعوة التي أطلقها بعض المثقفين والكتّاب الإيطاليين لمقاطعة المعرض، وفي مقدمتهم الفيلسوف الإيطالي فلنتينو بارلانو.

ميشال فالانسي، طرح موضوع اللغات قائلاً: "لقد تم اختيار الكتّاب الذين يكتبون بالعبرية، لكن أين العربية واللغات الأخرى؟ وهل كان يقبل الكتّاب العرب بالمجيء والمشاركة"؟
وفيما انضم الكاتب والفنان البريطاني جون بورغر، الحائز على جائزة بوكر، إلى المقاطعين، اعتبر الكاتب المغربي باللغة الفرنسية الطاهر بن جلون انه لا يجوز أن ندمج بين النتاج الأدبي وسياسة بلد ما، ولاحظ أن المقاطعة هي اشارة ضعف بل وتصب في خانة التشدد وتعطي إسرائيل حججاً لكي تقدم نفسها ليس كدولة محتلة بل كضحية.

في ايطاليا، كما في فرنسا، يتخذ السجال حيزاً كبيراً في وسائل الإعلام. المدافعون عن الاحتفاء بإسرائيل في معرض الكتاب في مدينة تورينو اعتبروا ان الأدب مكان لقاء وتعارف وينبغي عدم زجه في السياسة. وهناك، في المقابل، من اعتبر أن فكرة دعوة إسرائيل هي مبادرة سياسية. إلى هذه الفئة ينتمي الفيلسوف الايطالي جياني فاتيمو الذي كتب في صحيفة "لا ستامبا" قائلاً ان "الذين يعتبرون أن من يؤيد المقاطعة يريد أن يحكم بالصمت على الكتاب الإسرائيليين هم على خطأ... نحن لا نرفض حقّ الكتّاب الإسرائيليين في التعبير عن أنفسهم، بل إننا نعارض أن يكونوا ممثلي دولة تحتفل بالذكرى الستين لتأسيسها وهي تحاصر غزة وتجعل الفلسطينيين فسيفساء ومناطق معزولة عن بعضها البعض.. وهذا ما يعكس سياسة استيطان لا يمكن فهمها إلا بوصفها مساراً لتطهير إثني". يضيف الفيلسوف الإيطالي: "هذا هو موقفنا ولا أحد ينكر على إسرائيل حقها في الوجود".

السؤال: منذ متى كانت الثقافة تنفصل عن السياسة في ذهن القيّمين عن النشاطات الثقافية، شرقاً وغرباً، لاسيما في فرنسا حيث الوجود المدافع عن الثقافة الإسرائيلية حاضر بقوة. وتكفي ملاحقة التغطيات الثقافية، في كافة المجالات الابداعية وليس فقط في المجال الأدبي، لاستدراك ذلك.

ان قوة إسرائيل لا تكمن فقط فيما يقدمه لها الغرب، وانما أيضاً فيما تقدمه هي نفسها على المستوى الفني والإبداعي في العالم، وكذلك على المستوى التقني والتكنولوجي. ولا ينفع الحديث هنا عن مدى مساعدة الغرب لها لارتقائها المستوى العالي الذي تتبوأه على مستوى العلوم.. إنها تشكّل تحدياً كبيراً لا يمكن إغفاله بأي حال من الأحوال.. من هنا، فإنّ مقاطعة معرضي باريس وتورينو قد تفوِّت الفرصة أمام العرب لإيصال الصوت الآخر، وكذلك المعنى الآخر الذي تكتسبه، في أذهان العرب والفلسطينيين منهم بالأخص، الذكرى الستين لتأسيس دولة إسرائيل.
المصدر (http://www.alriyadh.com/2008/03/02/article322282.html)