المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضايا يحبهاويكرهها الناس



صادق الشوق
23/02/2008, 09:03 PM
*•~-.¸¸,.-~*قضايا يحبها الناس و قضايا يكرهونها*•~-.¸¸,.-~*

القضايا التي يكرهها الناس :

و الحديث هنا عن بعض القواعد الثابتة و المشتركة بين كل الشعوب، و التي تنطلق من الفطرة، يستوي التعامل فيها مع المسلم و غيره، مع المسلم من الشرق أو من الغرب، لنتعلم هذه القضايا أو بعضها حتى نمارسها عمليا، و قد تمتد تلك الممارسة إلى سنوات حتى نتخلص من طبع سيء يكرهه الناس، أو نكتسب طبعا يحبه الناس. و كذلك الحديث عن التعامل مع الأسوياء من الناس.
أما الشواذ فتكون لهم معالجة فردية. فالسوي من الناس من إذا أكرمته عرف المعروف، و الشاذ من يتمرد. و قد قال الشاعر:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته **** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

فيكون الحرص على إكرام الناس باعتبارهم أسوياء، أما الشواذ فإنهم يعالجون معالجة فردية خاصة. فكيف نتعامل مع الناس- كل الناس- مع اختلاف العلاقة: الوالد مع ولده، و الزوج مع زوجته، الرئيس مع مرؤوسه، و العكس.
و لكن القواعد الكلية يمكن أن يطبقها الجميع، فتختلف أيضا باختلاف الأفهام و العقول، فالرجل الذكي الفاهم الواعي تختلف طريقة تعامله عن الشخص الآخر المحدود العقل المحدود العلم، فالحديث معه يكون مناسبا لطبيعته و قدرته على الفهم.

يقول ابن مسعود- رضي الله عنه- : (( ما أنت محدث القوم حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم )) فإذا تحدث احد بأكثر من مستوى السامعين فإن الحديث يكون فتنة لبعضهم، فقد لا يفهمه بعضهم، و قد يفهمونه خطأ، و حينئذ يصبح الحديث شبهه.

و يختلف أسلوب التعامل أيضا باختلاف الشخصية، فطريقة التعامل مع شخص شكاك و حساس تختلف عنها مع شخص سوي، فالطريقة تختلف باختلاف الشخصيات و الصفات التي تكون بارزة فيهم.

الناس يكرهون النصيحة في العلن:

لا يختلف اثنان في أن النصيحة في العلن يكرهها الناس، لأن كل الناس : يكرهون أن تبرز عيوبهم أمام غيرهم، كل الناس، مسلمهم و كافرهم لا يحبون أن ينصحوا في العلن، و لكن إذا أخذ الرجل جانبا و نصح على انفراد فإن ذلك أدعى للقبول، و أدعى لفهم المسألة، و لأحبك الرجل، لأنك قدمت إليه معونه،و أسديت إليه خدمة، بأن نصحته و صححت خطأه.

و يعبر الإمام الشافعي – رحمه الله – عن ذلك بقوله:
تعمدني بنصحك في انفرادي **** و جنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع من**** التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني و عصيت قولي **** فلا تجزع إذا لم تعط طاعة

أي : إذا أنت خالفتني في أمر من الأمور و جئت بنصيحتي أمام الناس، فلا تغضب ولا تتضايق إذا لم أستجب لك ولم أطعك، هذه طبيعة النفس البشرية إلا من تجرد ووصل إلى حد من التجرد، بحيث يقبل النصيحة وإن كان ينزعج أيضا للأسلوب، و كم من الناس عندهم ذلك التجرد؟!
و كذلك بعض الناس يريد أن تكون النتائج فورية، فيحب من الناس أن يغيروا مابهم بمجرد أن ينصحوا .
يريد أن ينصح في المجلس و يريد أن يستجيب الناس و يغيروا ما بهم في ذلك المجلس! فيكون مخطئا في تقديره و غير فاهم لطبية البشر، إذ لا بد أن يأخذ الناس فترة كافية للتفكير، و فرصة مناسبة للانسحاب..

الناس يكرهون الأسلوب المباشر في النقد:

الناس كل الناس، لا يحبون أن تقال لهم الأوامر مباشرة: افعل كذا، لا تفعل كذا. فطبيعة البشر تأبى ذلك . نعم قد ينقد الشخص الأمر الموجه، لكن لو قدم له هذا الأمر بطريقة ألطف فإن ذلك أدعى للقبول ، حتى و لو كان الأمر من رئيس إلى مرؤوسيه

و على الرغم من أن أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم و أقواله كان منها أوامر مباشرة إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستخدم أساليب أخرى مثل أسلوب الخبر: يقدم الخبر فيفهم الناس ماذا يراد.
و من ذلك ما ورد في قصة القوم الفقراء الذين جاؤوا و كانوا من مضر، و تأثر الرسول صلى الله عليه وسلم لحالهم من الفقر، فقام و خطب الناس: ثم قال: (( تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع تمره )) – تصدق صيغة ماض ٍ- لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم : تصدقوا، بل قال: تصدق من صاع تمره .. فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت تعجز يده عن حملها، بل عجزت، و قدمها لرسول صلى الله عليه وسلم فاستهل وجههن و قام الناس و تصدقوا حتى أصبح عنده كومة من الصدقات، و فرح الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (( من سن في الإسلام سنة حسنة ... الحديث )).

فهناك قضايا لم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم فيها أمرا مباشرا، و إنما تكلم بصيغة الخبر، كما في ذلك الحديث حيث قال: تصدق، ثم بعد أن فعل الرجل كافأه بتشجيعه، فقال: من سن سنة حسنة.... و هذا يؤدي إلى دعم و هناك أمثلة لمرويات في البخاري: جمع رجل عليه ثوبه – صلى رجل في إزار و رداء – يعني: صلوا في إزار و رداء. فهناك فرق بين أن تطرح الأمر أو تطرح الرأي.

و الصيغة لها دورو هناك مثال أكثر إيضاحا: مدرس يريد أن ينقل طاولته ، و يريد من الطلبة أن ينقلوها معه، فهناك فرق بين أن بقول : ما رأيكم لو نقلنا الطاولة هذه إلى مكان كذا ، أو أن يقول : انقلوا معي الطاولة إلى مكان كذا. فطريقة السؤال أدعى للقبول، و إن كانت النتيجة قد تتساوى في الحالتين.

و القضية الأخرى هي أن تشعر الإنسان بمحبة الأمر حين تعطيه إياه، و كان ذلك هو أدب الرسول صلى الله عليه وسلم فكان يشوق الناس لما سوف يأمرهم به، فلما أراد أن يسير جيشا، قال: (( لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله و رسوله)). فصار كل فرد يتمنى أن يكون ذلك الرجل. و كما نصح صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه بقوله: (( إني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين )). فهو يضمن الأمر نقاطا تجعل المأمور يحب الأمر. و كذلك فإن قول رئيس لمن يأمره: كلي ثقة بأنك قادر على التنفيذ، أدعى للتنفيذ من قوله: افعل كذا و كذا، فالمأمور يريد أن يكون عند الثقة التي أولاها له رئيسه، فلا يكون داعية طيبا، و لا زوجا طيبا إلا إذا كان أسلوبه طيبا.

و لقد ثبت بالتجربة أن التنفيذ يكون جيدا إذا فهم المرؤوسون فكرة الرئيس، بأن فهموا الفكرة و عرفوا غاياتها، فيزداد الحماس لها، و أيضا إذا اعتبر المنفذون القضية العامة قضيتهم الشخصية. و كون الإنسان يصل بالناس إلى أن يجعل القضية محل التعامل رغبة من رغباتهم يدل دلالة واضحة على أنه : داعية جيد، بل زوج جيد، بل هو – كائنا من كان – إنسان جيد.

الناس يكرهون من يركز على السلبيات دون الحسنات:

الناس يكرهون الإنسان الذي ينظر إلى عيوبهم و يترك الحسنات بل و أحيانا ينساها.
خذ مثلا علاقة المرأة المسلمة بزوجها المسلم و التي يمكن أن يعمم مغزاها في كل قضايا التعامل. يقول صلى الله عليه وسلم : (( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر )). فما أحد يسلم من العيوب، فلا توجد زوجة بلا عيوب، و لا صديق، ولا رئيس ولا مرؤوس بلا عيوب، يقول سعيد ب المسيب: (( ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا فيه عيب، و لكن من الناس لا ينبغي أن تذكر عيوبه )). فمن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله، ولا تذكر عيوب أهل الفضل تقديرا لهم. يقول الشاعر:

لا يزهدنك في أخ لك **** أن تراه زل زلة
ما من أخ لك لا يعاب **** ولو حرصت الحرص كله

وقد نكره أشياء في بعض الناس، و لكن عندما نفتقدهم و نخالط من هم أسوأ منهم ندرك الخير الذي كان فيهم ولم نعبأ به. يقول الشاعر:

بكيت من عمرو فلما تركته **** و جربت أقواما بكيت على عمرو

وفي كتاب: (( لمحات في فن القيادة )) لكورتر وهو عسكري، وقد ضمن كتابه خبرات يمكن الاستفادة منها. يقول في كتابه: (( هنا طريقتان للحياة: طريقة سلبية قائمة على رؤية مساوئ الرجال و الأعمال، ترى الأخطاء ليس لإصلاحها بل لاستعمالها بشكل هدام و العودة إليها بمناسبة و بدون مناسبة، و طريقة أخرى تنظر إلى الأمور بعين الرضا و تبحث عن محاسن الرجال لتنميتها و تحسينها، و ترحم ضعفهم و أخطائهم، و تعمل على إصلاحها )).
و الرسول صلى الله عليه وسلم يعطينا المثل فيذكر بفضل الأنصار، لأن البشر بطبعهم ينسون الحسنات. فقد أخرج ((البخاري)) قوله عليه الصلاة و السلام: (( أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي و عيبتي. ( يعني بطانتي و خاصتي ) فقد قضوا الذي عليهم. ( يقصد أنهم و فوا بما تعهدوا به في بيعة العقبة) و بقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، و تجاوزوا عن مسيئتهم )). إن هذا قمة الإنسانية و العدل.

هناك أناس إذا قدم لهم مسؤول أو موظف معروفا فسرعان ما ينسون المعروف و صاحبه بعد تقاعده، و لكن الرسول سلى الله عليه وسلم يؤكد أن الذي أدى المعروف و هو من أهل الفضل يذكر فضله و يغض الطرف عن مساوئه.

الناس يكرهون من لا ينسى الزلات:

الناس يبغضون من لا ينسى زلاتهم ولا يزال يذكر بها و يمن على من عفا عنه، فالناس يكرهون ذلك الإنسان الذي يذكر الناس بأخطائهم، و يعيدها عليهم مرة بعد مرة، و الله يقول: (( و العافين عن الناس )) . إنه سبحانه يمتدح الذين يعفون عن الناس و ينسون أخطائهم، و الذي أسدى إليه المعروف لا ينساه و العافي عن الناس يستر من يعفو عنه.
و يقول الرسول- صلى الله عليه وسلم -: (( من ستر مسلما ستره الله في الدنيا و الآخرة )). و هذا الحديث صحيح.
و هناك مثل أضربه لكم: في مجلس لحاكم قديم شم الحاكم ريحا من أحد الجالسين، فقال : عزمت عليك أن تخرج – يقصد من أخرج الريح و هو لا يعرفه – و تتوضأ. فقال رجل عالم فاضل: بل اعزم علينا جميعا فنقوم و نتوضأ. فعزم عليهم و قاموا، و انتهت القضية. إن هذا الموقف الحكيم معروف كبير و إحسان تجاه الشخص الذي أخرج الريح، فقد انتشله من موقف صعب.

الناس يكرهون من يعاملهم باستعلاء:

الناس يكرهون من يعاملهم باحتقار و استعلاء مهما كان هذا الإنسان، حتى لو كان من كان: داعية – عالما – معلما – لأنهم لا يحبون من ينظر إليهم نظرة استعلاء، و لذلك كان هناك حث على أن يكون الإنسان متواضعا، و إن كان في مقام التعليم أو الرئاسة.

روى هارون بن عبد الله الجمال فقال: (( جاءني أحمد بن حنبل بالليل – انظروا كيف يكون التصرف – يريد أن يصحح خطأ، فدق علي الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: أنا احمد، لم يقل الشيخ أحمد. فبادرت و خرجت إليه فمساني و مسيته. فقلت: حاجة أبي عبد الله؟ ( أي : ما حاجتك؟)
قال: شغلت اليوم قلبي. فقلت: بماذا يا أبا عبد الله؟
قال: جزت عليك اليوم و أنت قاعد تحدث الناس في الفيء ( الظل ) و الناس في الشمس بأيديهم الأقلام و الدفاتر. لا تفعل مرة أخرى. إذا قعدت فاقعد مع الناس )).

انظر كيف كانت النصيحة – و الذي روى الحادثة ليس الإمام أحمد، و إنما ذلك الشخص الذي تأثر بالنصيحة – انظروا إلى هذا السلوك الطيب: يزوره بالليل، ثم يبدي مشاعره و حرصه عليه – شغلت قلبي – لم يقل: أسأت للناس. و هذه وسيلة من الوسائل أن تتحدث عن مشاعرك أنت. فتقول : أنا أشعر أن الموضوع ليس كذا. عندئذ يشعر الشخص بالخطأ و يكون أدعى لقبول النصيحة. و هكذا، فإن النظرة إلى الناس يجب أن تكون نظرة إشفاق و رحمة. نظرة الطبيب إلى مريضه، فقد أكون مشفقا على شخص كنت أنا مثله، أو أن غيري مثله ولا تكون نظرة احتقار و ازدراء.

الناس يكرهون من يتسرع في التوبيخ و التأنيب:

الناس يكرهون من يؤنب و يوبخ في غير محل التأنيب، و من غير تأن و دون السؤال و الاستفسار، وقد يكتشف بعد السؤال و الاستفسار أن هناك اجتهادا صحيحا، وهناك ظاهرة اجتماعية غير حسنة، وهي أن بعض الناس يظن الصواب في أن يقابل من يعتبره مقصرا باللوم الشديد بقوله: لماذا لا نراك؟ طالت المدة! سنتان لا نراك.
و إذا اعتذر الشخص المعاتب فإن صاحبنا يستمر في اللوم و التأنيب، و ينسى أن اللوم يمكن أن يوجه إليه أيضا، و هذا يأتي من شخص قد تدرب على مثل هذه الطريقة.
و هذا الرجل يفعل ذلك وهو يظن أن ذلك من حسن العلاقة على الرغم من أن هذه القضية ليست صحيحة في نفسها، فمن طبيعة البشر أنهم يجتمعون و يتفرقون، و الود ليس بالضرورة مقصورا على من تكثر رؤيته، وقد يضيق الإنسان بتكرار رؤية الذي لا يحبه، فقد تتكرر الرؤية لمن لا نحب:

و من نكد الدنيا على الحر أن يرى **** عدوا له ما من صداقته بد

وقد يكون الأمر أخف إذا كان الذي يلوم أكبر سنا من الملام، أما إن كانا قرينين، أو كان الذي يلوم هو الأصغر فتلك كبيرة، و من عواقب ذلك أن يخسر الشخص الناس فيتجنبوه، و يبتعدوا عنه، و هناك من يلوم بأسلوب لاذع، فيكون أشد من ذلك كأن يقول: (( خرب بابنا من كثرة دقك عليه، أو خرب هاتفنا من كثرة سؤالك )).
و في القصة الآتية تجلية لذلك الأمر : (( ذهب أبو عبيد بن سلام لأحمد بن حنبل فقال: يا أبا عبد الله، لو كنت آتيك على نحو ما تستحق لأتيتك كل يوم، فقال أحمد بن حنبل: لا تقل هذا، إن لي إخوانا لا ألقاهم إلا كل سنة مرة أنا أوثق بمودتهم، ممن ألقى كل يوم )).

فليس معنى المودة أن نلتقي كل يوم، و ليس عدم اللقاء هو عدم المحبة، ولو تفرغ الإنسان لزيارات الأصدقاء لما وجد وقتا لأداء واجبات أخرى مثل طلب العلم أو تربية الأبناء.

و لقد أجرى مهندس سويسري دراسة على عدد كبير من العمال فوجد أن عددا كبيرا من هؤلاء يعتبرون أن التأنيب بدون ذنب أمام الأصدقاء أصعب ما يلاقون من متاعب. و هذه الأمور هامة جدا للذين يتعاملون مع البشر في أي مجال: مجال الدعوة، مجال العمل،و لذلك فقد عملت دراسات إدارية خلصت إلى أن هناك شيئا هاما جدا هو (( الارتياح الوظيفي )) فزيادة على توافر الاحتياجات الغريزية من طعام و شراب و مسكن، و التي قد تحقق شيئا من الاطمئنان، إلا أنه لابد للإنسان أن يكون مرتاحا في وظيفته، و يشعر بأن له دورا يرضى عنه، وقد يترك الشخص عملا إلى آخر أقل راتبا بسبب ذلك الارتياح الذي افتقده في الوظيفة الأولى.

الناس يكرهون من يتمادى في الخطأ رغم وضوح الخطأ:

الناس يكرهون الذي إن أخطأ تمادى في الخطأ، و الذي لا يعترف بخطئه برغم وضوح الخطأ، و الشخص الذي لا يعترف بالخطأ و يبادر إلى الرجوع عنه بسرعة ليس شجاعا، و كلما ارتقى الشخص في تربيته و في علمه اعترف بالخطأ و انسحب بسرعة، فلا يطيل الذيل في الحديث بغية التسويغ. ومن الملاحظ أن كبار العلماء كالشيخ ابن باز لا يتحرج من قول: (( سأنظر، سأبحث المسالة )) و لا يحط ذلك من قدره.... وقد يتسرع من هو دونه بالفتيا و الحديث، و ليس من العيب أن يقال: لا أدري. أو يقال: أخطأت.

الناس يكرهون من ينسب الفضل لنفسه:

الناس يكرهون دائما من ينسب الفضل لنفسه، و إذا حدث إخفاق أو خطأ ألقى بالعتبة على الآخرين، و إذا حدث نجاح نسبه إلى نفسه، فكل الناس يبغضون ذلك الإنسان و يكون منبوذا، يكون زوجا منبوذا، رئيسا منبوذا، صديقا منبوذا.
و رئيس بحق هو الذي يسأل عند الإخفاق، و ليس الذي ينسب النجاح لنفسه، فإذا أردت أن تعرف من هو الرئيس في أي مؤسسة – اقتصادية، أو تجارية، أو دعوية – فاسأل: من الذي يكون مسؤولا عند الإخفاق؟ و الإنسان السوي يسعد إن أخذ الناس أفكاره، و يعمل دون الحديث عن ذاته. يقول سيد قطب – رحمه الله – في كتيب هو عبارة عن رسالة أرسلها إلى أخته: (( التجار وحدهم هم الذين يحرصون على العلاقات التجارية لبضائعهم حينما يستغلها الآخرون و يسلبونهم حقهم من الربح، أما المفكرون و أصحاب العقائد فكل سعادتهم أن يتقاسم الناس أفكارهم و عقائدهم و يؤمنوا بها إلى حد أن ينسبوها إلى أنفسهم لا إلى أصحابها الأولين. و لذلك يجب على المرء أن يحرص على أن يدع الناس يشعرون أن الفكرة فكرتهم و يتبنونها هم كي يتحمسوا لها و يعملوا بها )).