المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة وتقييم للحلقة الثامنة من برنامج شاعر المليون :



د.مصطفى عطية جمعة
19/02/2008, 07:15 PM
قراءة قي الحلقة الثامنة من برنامج شاعر المليون :
جماليات التغني بالوطن والعروبة والحب
د. مصطفى عطية جمعة
في الحلقة الثامنة من برنامج شاعر المليون يوم الثلاثاء بتاريخ 12/2/2008م ، كانت المنافسة متواصلة مع شعراء أربعة ، وقد استهل السباق الشاعر " ثنيان الرشيدي " من السعودية ، وجاءت قصيدته فاعلة ، حماسية ، واستطاع أن يستقطب اهتمام الجمهور من خلال إنشاده البدوي في مدح الحضور ، وعلى رأسهم اثنان من شيوخ وأبناء الأسرة الحاكمة في الإمارات ، اللذين حضرا هذه الحلقة . وقد انطلق في قصيدته من بعد قومي عروبي ، وجعل شعره نابعا من أعماقه كما يقول : " القوافي من ورا الحنايا " ، وتوجه بهذا الحب إلى العرب أجمعين ، في تسلسل فكري مترابط ، وهذا ما أضفى بعدا عروبيا – يتجاوز الإطار الخليجي – على جو المسابقة، وقد صاغ صورا جميلة، مثل : " عاش بين أبطالها ، مثل حاضر خطبة الجمعة ولا صلاها " ، وهي تشبيه تمثيلي ، يعطي بعدا حركيا للمعنى المقصود . ولا أتفق مع أحد النقاد المحكمين في رأيه بأن القصيدة خلت من التماسك ، بل هي متماسكة المعنى ، ولكن بها عبارات مباشرة ، مثل مدح الشاعر للمسابقة والقائمين عليها ، وأن المسابقة تميز الشعراء الجادين من المدّعين الكذابين ، فيقول : " التنافس يزرع عشرة ويحصد ميه " وهو معنى بسيط ، وسهل ، ومتكرر على الألسنة ، كما أن الشاعر مدح نفسه وتاه فخرا ، وهذا لا يتفق مع المنطلق العروبي الذي طرحه ، ففرق بين الفخر القومي العربي وبين التيه النفسي على الآخرين . عامة القصيدة بها عمق فكري وقومي .
جاء الشاعر " خالد محمد العتيبي " من السعودية تاليا ، وقد كانت قصيدته رائعة في صورها وتراكيبها ، وفاجأ المتلقين بصور شعرية غاية في الروعة ، تعتمد مفهوم الأنسنة ، كما في قوله : " يا لحصن يا ذكر الحرارة العقيمة ، يا لوحة والخلود رسمها " وقوله : " والراية مين يستلمها والشعر يجعمنا والشعر ليس جريمة " . والنص فيه كثير من المعطيات الجمالية ، واحتفاء بالجمال ، والتأمل الشعري ، كما تفاخر بمنجزات العروبة ، على ما قدمه الغرب فيقول : " وإن فاخروهم بالصروح العقيمة ، بابل وإيفل ونيويورك وصنمها " .
أما الشاعر الثالث فهو الشاعر " خليل الشبرمي " من قطر ، وقد عزف على الوتر الشجي ، القديم الجديد ، وتر المعشوقة والمحبة ، فيقول : " كلك ملكني وكلك في عيوني ملاك " ، ثم يقدم قاموسا من الأوصاف الحسية والمعنوية للمرأة ، فيخاطب المحبوبة بأوصاف : " شي اسمك ، سماك ، سموك ، عجسدك ، روعتك ، خنجرك ، حضورك، بهاك ، جمرك ، نرجسك ، صبحك مساك " ، وفي النص كثير من الصور الشعرية الجميلة . ونلاحظ قدرة الشاعر اللغوية على تكوين ألفاظ ذات دلالات موسيقية ، كما في الأوصاف الحسية للمرأة ، وهي كونت موسيقى داخلية خاصة بالنص ، تضاف للوزن الشعري العالي الإيقاع ، والقافية الرنانة ، وقد رأى د. غسان الحسن أن ألفاظ النص لم تقدم جديدا في استخدامها ، وهذا غير دقيق ، فلفظة نرجسك ، وصبحك ومساك ، أشارت إلى عشق الشاعر لمحبوبته زمانيا وعطريا وجماليا ، ولا أتفق معه أيضا في كون الأبيات مفككة ، بل هي منصبة في وحدة واحدة .
أما الشاعر الأخير فهو الشاعر " مهدي آل حيدر الوايلي " من السعودية ، فهو يمدح الوطن مدحا جيدا ، وإن كان برؤية تقليدية ، تتمنى الرخاء والسلام والأمن ، كقوله " إن كتبت عن عطاياك يا سيد العطايا " ، وفيه مدح بصور جيدة ، مثل قوله : " إن النور ملا الدنيا شفاعة " ، وعلمونا إن الوطن دم " ، " منايا دون حدك " ، " نعرف نقطع الراس لحين انقطاعه " ، عن الحسود يقول : " أقلب الدنيا على راسها في نصف ساعة " وهي تراكيب تفيض بحب الوطن,الرغبة في فدائه ، وإن كان تعبير نصف ساعة دارج ومستهلك بشكل كبير .

امتاز شعراء هذه الحلقة بمستوى فني جيد بشكل عام ، وإن كانت الرؤى يغلب عليها المنظور التقليدي : العروبة ، الوطن ، المعشوقة ، ولكن التجديد كان في الصور . ونرى أن لجنة التحكيم فيها من يعتني بتقديم تصور شامل للنص مثل " بدر الصفوق " من الكويت ، وغسان الحسن من الأردن ، وهو تصور يتناول النص في الرؤية والصورة .
ونلاحظ أن الشعراء الأربعة نالوا تقدير ممتاز بدرجات متفاوتة فالأول نال 76% ، والثاني 79% ، والثالث 84% ، والرابع 82% ، وإن كنت أرى أن الشاعر خالد العتيبي الثاني قدم نصا جيدا ومميزا ، ولكن هذه التقديرات خضعت للتأثر اللحظي والانفعالي للجمهور ، وتعاطف بعضهم مع الشاعر لدواع الوطنية والقبلية .

مصطفى البطران
28/05/2008, 09:38 PM
الدكتور الفاضل كل الشكر والامتنان لهذه الآراء النقدية الهادفة وفقك الله وزادك همّة وسداداً