المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا بد من موقف عربى مغاير يدعم المقاومة العراقية وهى على حافات الأنتصار



محمد دغيدى
19/02/2008, 03:49 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المقاومة في العراق وضعف الاستجابة القومية

شبكة البصرة

بقلم: اسماعيل ابو البندورة
تطرح علينا المقاومة الباسلة في العراق والتي انطلقت مباشرة بعد العدوان عام 2003 مجموعة اسئلة وتساؤلات تشكل الاجابة عنها اختباراً للواقع العربي الراهن وتعبيراً عن تطلعاته وممكناته في المرحلة الراهنة، وهي تفتح في الوقت نفسه آفاقاً لهذه المقاومة لكي تكون نقطة الانطلاق والرد القوي والمعبر عن حال الامة وهي تواجه المشروع الاستعماري والصهيوني او ان تكون خياراً لتحقيق مهمات المستقبل في التحرير والتوحيد والنهضة على المدى البعيد·

ولابد من الاشارة اولاً الى ان هذه المقاومة الفريدة والتي استطاعت افشال وهزيمة المشروع الامريكي - الصهيوني - الايراني في المنطقة وبقدر عظمة انجازها لم تجد الاستجابات المتوقعة في الوطن العربي سواء على صعيد المناصرة والمؤازرة السياسية والاعلامية او على الصعيد المادي برفدها بالطاقات المختلفة للاستمرار والدوام ومواصلة مشروعها في هزيمة العدوان واسقاط اهدافه وتحرير ارض العراق من نير الاحتلال الجائر والغاشم·
وبعكس ما كان متوقعاً فقد جوبهت هذه المقاومة بالشكوك والاتهامات واستطاعت امريكا وإعلامها التابع في المنطقة تصوير المقاومة على انها ارهاب يستهدف الابرياء حتى ان اسم "المقاومة" لم يطلق عليها حتى هذه اللحظة وانما سميت باسماء مختلفة للتعتيم والايهام والتهميش وهذا ما جعل الاسئلة والشكوك تدور حولها مع ان هناك اوساطاً امريكية رسمية كانت تعرف حقيقة من تواجه في العراق وكانت احياناً تتحدث عن مقاومة شعبية بكامل ابعادها ولكن بهمس محرج وداخل أروقة ومؤسسات امريكية لا تنطلي عليها حيلة الاسماء والتسميات لأن أعداد القتلى الامريكان صارت الى ارتفاع ملحوظ واصبحت الارقام تشكل احراجاً مباشراً للسلطات الرسمية الامريكية·
وقد لعب الاعلام الببغاوي العربي وكتّاب المرحلة الامريكية - الصهيونية دوراً بارزاً في إبعاد انجاز المقاومة العراقية عن أذهان ابناء الامة العربية حتى لا تكون هناك استجابات شعبية قد تثير شهية مناطق اخرى في الوطن العربي للتمرد على الواقع العربي الراهن وارغام الحكومات العربية على اتخاذ مواقف واضحة ومؤيدة للمقاومة في العراق ورافضة للاحتلال الامريكي ومنحازة لقضايا الامة·
وكنا نلاحظ وبعد ان أنجزت المقاومة جزءاً كبيراً من اهدافها الاستجابة الواضحة والكبيرة في اوساط خارج الوطن العربي اذ ان المقاومة اضعفت المعسكر الامريكي وأسقطت هيبة امريكا في العالم واستنهضت القوى التي كانت تخاف من التمرد على امريكا وسياساتها فتحررت من تحفظاتها ومخاوفها وبدأت تتململ وتبدي آراءً جريئة في السياسات الدولية او تحقق لذاتها بعض المكاسب السياسية الاقليمية في ظل الهزيمة والانكشاف الامريكي في العراق·
ذلك ان هذه الدولة بدأت ترى في العراق المقدمات والارهاصات اللافتة لانهيار امريكا ومشروعها وأحاديتها القطبية ووجدت بذلك فرصتها لكي ترى ذاتها ومصالحها بعيداً عن الفوبيا الامريكية والهالات التي تكشفت من حولها في نهاية القرن الماضي وبداية القرن الجديد·
ان هذه الدول التي حركت المقاومة الباسلة في العراق خيالها السياسي ودفعتها لاتخاذ مواقف متعارضة مع الموقف الامريكي ان لم نقل تمردها على السياسات الامريكية بمجموعها هي من كانت تقرأ حقيقة الصراع في العراق وترى في كل مظاهره سقوطاً وفشلاً لسياسات العدوان وبروزاً واضحاً لمقاومة الشعوب وحقها في الحرية والدفاع عن استقلالها وقد شكل لها ذلك رجوعاً اجبارياً الى المبادئ والقيم التي يجب ان تحكم الامم وتمرداً على ما تريد ان تجعله امريكا مبادئ وقواعد للعلاقات بين الامم·
لقد أعادت المقاومة الباسلة في العراق الصراع الدولي حول المبادئ التي يجب ان تكون شريعة ونظاماً للدول الى نقاطه الاولى وانشأت في الساحة الدولية اسئلة جديدة وغير متوقعة حول عملية الانتهاك الامريكي للمبادئ والقواعد الدولية ومدى صلاحية هذا الانتهاك بأن يكون النظام الدولي الجديد القائم على القوة المجردة والغطرسة المتوحشة·
وعليه فإننا نلاحظ ان الدول والشعوب والامم التي تدرك واقعها وموقعها في المرحلة الراهنة هي من كانت سباقة الى رؤية العناصر الجوهرية في العدوان الامريكي وفي عملية التصدي له وسعت على ضوء ذلك الى التقاط رؤيتها ودورها ووعيها لما يجري او لما تريد ان تفرضه امريكا على العالم فكان لها موقف، وكانت لها نظرة جديدة وبدأت لديها وفيها مراجعة لكل ما جرى منذ سقوط الاتحاد السوفياتي حتى الوصول الى عصر الاحادية القطبية الامريكية على ضوء ما يجري في العراق·
اما اقطار امتنا العربية والتي كان بعضها محطات ومطارات وقاعدة انطلاق للعدوان الامريكي على العراق وبعضها الآخر يختنق في قطريته المفرطة ويلوذ عن القضايا القومية الكبرى بما تطرحه امريكا من أوهام وترهات سياسية وعمليات ترهيب تحت عناوين الاصلاح، فقد بقي مغمض العينين عما يجري في العراق مع ان هذا الذي يجري كان يراد له ان يكون التمرين الاول لاسقاط هذه الدول والحكومات والقضاء عليها وتفكيكها لولا أن حاصرته المقاومة الباسلة في العراق وأوقفت اندفاعه وشروره·إلا ان هذه الدول وبسبب عجزها وانغلاق رؤيتها السياسية والقومية وخوفها الدهري من امريكا لم تستطع التقاط ما يجب التقاطه في انجاز المقاومة ولو من ناحية المحافظة على ذاتها وكياناتها ولم تجد طوال الفترة من 2003 - 2008 سوى ترديد ما يقوله الامريكان وما يحاولون أن يوهموا به الدول والشعوب بأن مشروعهم العدواني يحقق أهدافه وغاياته، وترافق ذلك مع موقف شعبي مرتبك (لا تزال الترهات الايرانية تراوده على نفسه) فانبثق من هذا المزيج الرسمي والشعبي موقف عربي تائه ومحبط لا يزال عاجزاً عن قراءة انجاز المقاومة وغير قادر على مساندتها والوقوف في صفها·
ومع أن لسان حال المقاومة يقول للكعبة رب يحميها وهو الآن يحميها فعلاً، الا انه لابد من موقف عربي مغاير يدعم المقاومة على حافات انتصارها!!