المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قوة القوة



طارق شفيق حقي
23/07/2005, 08:37 PM
[align=center:a5a5ad3f6f]قوة القوة [/align:a5a5ad3f6f]

قوة القوة تكمن في احتوائها على ضعف , لأن كلمة قوة لا تعني انتهاء الغاية , فلهذا المعنى حدود ودرجات تبدأ من درجات الدنيا وتنتهي بأعلى قيمة لها وبكمالها عند خالق الكون الله سبحانه وتعالى .

فالقوة التي تنشأ من باعث إنساني , بحاجة إلى إرادة لتحقيقها والارتقاء بها , فالطالب لدرجاتها ينكر ما كان عليه , ويبدأ الطلب وكأنه في أول السلم , وهذا الطلب بحاجة إلى إرادة والإرادة بحاجة إلى تفكير والتفكير بحاجة إلى باعث, والباعث ينشأ من الحاجة, والحاجة تنشأ من الإنكار والرفض والضيق , فرفض الإنسان لضعف يتملكه ويسيطر عليه يمنعه تحقيق غاياته يدفعه لطلب قوة تحل محل هذا الضعف وهكذا ..

إذا ََ فإن ضعف الإنسان قيمة عظيمة خلقها البارئ المصور وبثها في النفس البشرية , لتدفعه للطلب , ولطالما وقف الإنسان يحس بانتفاء الطلب واضمحلال ماء الإرادة , فهو لا يريد لأنه فقد الشعور بضعفه وأخذته الخيلاء بقوته فعمت بصره وبصيرته , فتراه كلما ضعف تذكر واسترجع , وكلما تأمل تخيل وما يتخيل إلا من جوانب ما ترضى نفسه عليه ولا تنكره وهنا يكمن الخطى , فشكل الإنسان في توجيه فكرة تجعله يعرف بواعث النفس الضعيفة التي تخفي ضعفها وتوهم صاحبها بقوتها وتدخله في أخيلة تبعده عن

الحقيقة .. لكن للحق رائحة وللباطل رائحة وللنتائج وقعها , فترى الإنسان على غير طبيعته , وتراه متوتراً متخبطاً شارداً , لا يجد قوة ولا إرادة بالرغم من أن فكره يطمئنه , لكن قلبه يؤنبه بأن هناك خطأ ما لكنه فكره يعود ويبرر له , ومتى سرى في الإنسان هذا الساري فعليه أن يراجع نفسه ويشكك فيها ويشك في أفكاره وأخيلته التي تنتابه وتبرر له أفعاله ولا يسلم المرء حتى يشك في الصالح من الأفكار ليميز طالحها, وتنكشف له

الرؤيا والحقيقة فإدراك الإنسان لضعفه قوة .. وتحسبه لأصاغرها ولأضعفها هو الباعث على أكابر القوة وأعظمها , فالنظر في النفس والرفض لصغائر الأمور المنكرة تولد في الإنسان قوة عظمى بالرغم من أن غيرك قد لا يتحسس لكبائر المنكرات. فالحس المرهف هو أداة ناجعة فاعلة في تطور الإنسان وفلاحه , ولها مضار بتثاقل هموم
الإنسان وتعظيمه للفساد في المجتمع ولموطن المنكر من الأقوال والأفعال وهي بحاجة إلى معادل لها مخفف مطمئن , وهو الإيمان بالقلب , فضغوطات الحياة وقسوتها لا يفلها إلا الإيمان الراسخ المهون لشدة الخطوب وعظائمها المقوي لإرادة الإنسان وفكره . وقد نرى البعض لا يقدر على مواجهة المجتمع لحساسيته الشديدة فينعزل وهو له وجاء لكن المخالطة ونصح الناس أقوى وأنفع , ونرى البعض الآخر ينكفئ عن ما وهبه الله ويبلد حسه , ويغمض عينيه وينيم قلبه فذلك هو الخاسر الأكبر .