المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكابوس



عبد السميع
13/02/2008, 05:00 PM
الكابوس

الشمس ساطعة ، و حرارة الصيف تشوي الوجوه .. و الحقيبة الجلدية تثقل كاهله ... متى سيصل إلى المنزل ؟؟ ... بضع شجيرات تقف على جانبي الطريق . صرير بعض الحشرات يبقر السكون المطبق . لاحت معالم القرية القابعة وسط الجبال وهي تهتز تارة ، و تارة تنخفض ، أثناء كل خطوة .. عدل من وضع الحقيبة ، ليخفف من الألم الذي أحدثته أحزمتها على مستوى كتفيه النحيفين .. و لكي لا يستطيل صمت الطريق ، أخذ يحرك شفتيه الجافتين ، مرددا النشيد الذي حفظه في الفرعية :

تراه باكرا يعدو و أمر الفصل يشغله
صقيع البرد يلسعه و حر الصيف يلفحه
شعاب الوادي تعرفه وخبز الأمس مأكله
يئن بحمل محفظته بها كتب تعلمه

وقبل أن يصل إلى المنزل المبني من الطوب الأحمر الممزوج بالقش .. ترامى إليه صوات النساء ، وهن يولولن بكل ما جادت به حناجرهن .. و يصحن بكلام لا يكاد يستبينه ... لكن ، ما يزرع دهشته و يثير استغرابه ، هو أن مصدر كل هذا الصخب والضجيج هو منزله ... أسرع . ايقاع خطواته يزداد درجات ، حتى بدا أنه قد تجاهل تعبه ... دفع الباب الكبير بنصف جسمه النحيل ... من هناك ؟؟ من سيكون ؟ المرأة التي تتمرغ على الأرض ، ما هي إلا أمه .. و الشابة التي نشرت رجليها ، و هي تنتف شعرها خصلة خصلة ؟ من تكون إلا أخته ؟! .. و الذين تجمهروا حولهما ، و هم يتابعون المشهد بأعين دامعة ، هم الجيران ... لكن ، لم كل هذا ؟؟ و الشخص الذي يرقد وسط كل هؤلاء ، غير آبه بما يقع حوله ، كأنه ليس من سكان هذا الكوكب .. من يكون ؟؟
شيع الصغير بنظرات ملؤها تأثر لم يخل من شفقة ، و قد صاحبتها كلمات ، تناثرت من هنا و هناك :
- ها هو .. لقد حضر لتوه من المدرسة ...
- أنظروا ! لقد أتى ابنه ...
- المسكين ! !
- حكمة ربنا ! قدره أن يعيش يتيما !
- رفقا به ! لا تدعوه يرى الميت !
و وسط الصخب الذي استحال سيد المكان ، اندفع الطفل نحو الشخص المدد .. و .. رفع الغطاء ...
ما هذا ... ؟؟
لما رفع الصبي الغطاء عن جسمه الذي كان يتصبب عرقا ، التفت يمنة و يسرة ، فوجد المكان خاليا من كل آدمي ... أين أمه وأخته ؟ و أين اختفى الجميع ؟؟
تسلل الى الغرفة المجاورة تحت جنح الظلام .. حافي القدمين ...
و بسرعة ممزوجة بالذعر ،
رفع الغطاء عن .. "جثة " أبيه .
انتبه الأب مذعورا هو الآخر :
- سعيد ! ما الذي أيقظك في هذه الساعة ... ؟؟
تكور الطفل في حضن أبيه و هو يقول بعينين بريئتين ، كللتهما الدموع :
- لا شيء يا أبي .. ! هم الذين قالوا يجب ألا تراه ... !
- ماذا ؟؟
- ...........
و في غمرة دهشته الكبيرة ، ضم الأب ابنه بكل حنان ، و أحنى رأسه يطبع قبلة على جبينه المتصبب عرقا .

ابو يونس الطيب
14/02/2008, 05:33 AM
سلاما وبعد...
كان كابوسا اذ...
اسلوب حياكة القصة رائع ...عنصر التشويق اسدي على حروفك بهاء...
ردود فعل بطل القصة اسبغتنا الوانا طبيعية جميلة ...
امتعتنا دمت للمربد كاتبا..