المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسرحيات «شكسبير» قد تفسر سياسات بوش!!



حي بن يقظان
22/07/2005, 08:30 PM
[align=center:e24b05aa22]* بقلم/ جون لويس جاديس(*) [/align:e24b05aa22]
[align=center:e24b05aa22]http://www.al-jazirah.com.sa/magazine/28012003/1.jpg[/align:e24b05aa22]


في 17 سبتمبر من العام الماضي قدم الرئيس الأمريكي تقريرا عن استراتيجية الامن القومي للولايات المتحدة سيظل مثيرا للجدل لوقت طويل قبل ان تتكشف على ارض الواقع حقيقة النوايا الأمريكية تجاه العالم بوجه عام والمنطقتين العربية والاسلامية على وجه الخصوص، لكن ووفقا لخبراء السياسة، فان تقرير بوش يبدو عملية لاعادة صياغة لاستراتيجية عمرها اكثر من نصف قرن او استكمال للمهمة التي بدأها الرئيس الأمريكي الاسبق وودرو ويلسون منذ ثمانية عقود بجعل العالم اكثر ديمقراطية وامنا، لقد تحدث الاخير فيما وثق خلال القرن الماضي باسم «مبادئ ويلسون» عن ضرورة حصول الشعوب على حقها في تقرير المصير، فتقرير بوش الذي يتضمن خططا للتحولات في السياسة الأمريكية تجاه العالم الاسلامي والشرق الاوسط تشتمل على ثلاث نقاط اساسية أولها: الدفاع عن السلام من خلال محاربة «الطغاة» وثانيها خلق علاقات جيدة بين الدول العظمى في العالم، وثالثها تشجيع المجتمعات الحرة المفتوحة في العالم، لكن ثمة من يقول ان بوش اخفى او تجنب ذكر ما يطلق عليه ب «الاجندة السرية» التي يعتقد انها الجانب الخطير من التقرير ويخص العرب والمسلمين.
في انعكاس مهم للعصر الذي نعيش فيه حاليا أصبح من المتوقع أن تعلن الدول عن استراتيجياتها الكبرى حتى قبل أن تنفذها، هذه الممارسة يمكن أن تمثل مفاجأة للقادة التاريخيين في العالم مثل الزعيم الألماني بسمارك، أو ميترنيخ أواللورد سالزبوري، ففي الماضي كان الاهتمام بالحفاظ على سرية الاستراتيجيات الكبرى للدول مسألة مهمة جدا، وكان القادة يفضلون تتنفيذ هذه الاستراتيجيات بدون إعلان ويتركون تفسيرها والتنظير لها للمؤرخين فيما بعد، أول خروج على هذا التقليد كان في عام 1947 عندما أعلن جورج كينان عن أهمية سياسة الاحتواء في الشؤون الخارجية وذلك تحت اسم غامض في ذلك الوقت وهو «مستر إكس»، لكن كينان ندم بعد ذلك على الكشف عن هذه الاستراتيجية ولم يكرر التجربة مرة أخرى، استمر هذا الوضع حتى جاءت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون في أواخر ستنينات القرن الماضي وأصبح الإعلان عن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي مسألة روتينية، هذا رغم أن وزير خارجيته الشهير هنري كيسنجر كان من المهارة بحيث كانت التقارير التي يصدرها تحت عنوان «حالة العالم» مكتوبة بمهارة فائقة حتى تعطي انطباعا بالشمول في حين أنها كانت نموذجا للتضليل، ورغم ذلك فان توجه ادارة نيكسون كان بمثابة إحياء لمبدأ بيركلين الذي كان يقول ان الاستراتيجيات الكبرى للدول قضية تحتاج إلى مناقشات عامة، وقد أصبحت هذه الممارسة قانونا عام 1986 عندما صدر قانون جولد ووتر نيقولاس لإعادة تنظيم وزارة الدفاع الأمريكية، حيث ألزم الرئيس الأمريكي بتقديم تقرير منتظم أمام الكونجرس والشعب الأمريكي حول استراتيجية الأمن القومي الأمريكي، غير ان النتائج جاءت مخيبة للآمال، فعلى الرغم من إصدار كل من ريجان وبوش الأب وكلينتون تقاريرعن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الا انها كانت مجرد إعادة إعلان للمواقف القائمة وسرعان ما يتم نسيانها.
تقريرالرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش يكتسب اهمية خاصة ليس كونه أول تقرير عن استراتيجية الأمن القومي للإدارة الأمريكية الجديدة ولكنه أيضا كان أول تقرير منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وهي الهجمات التي نادرا ما حدثت في التاريخ الأمريكي، ربما أقرب مثال لها هو قيام البريطانيين بإشعال النيران في البيت الأبيض ومبنى الكونجرس في واشنطن عام 1814 والهجوم الياباني على ميناء بير هاربور عام 1941، ورغم الخلاف بين هذه الحوادث الثلاث إلا أن ما يجمع بينها هو أنها أدت إلى تبني استراتيجية كبرى جديدة بعد أن ثبت عدم جدوى الاستراتيجيات القائمة، لذلك فإن استراتيجية الرئيس بوش الجديدة تحتاج إلى قراءة متأنية حتى يمكن معرفة ماذا سيحدث في المستقبل.
استراتيجية بوش
تقول استراتيجية بوش وفق ما طرحه في تقريره أنها تهدف إلى تحسين الأمن الأمريكي وإنعاش الرخاء الأمريكي ودعم الديموقراطية وحقوق الإنسان خارج أمريكا، الخلاف بين الاستراتيجيتين (استراتيجية بوش وكلينتون)، واضح تماما، فبوش يريد الدفاع والحفاظ ونشر السلام ولكن بيان كلينتون يبدو ببساطة أنه يفترض وجود السلام، وبوش يدعو للتعاون بين القوى العظمى ولكن كلينتون لم يستخدم هذا المصطلح على الإطلاق، وبوش يتحدث عن تشجيع المجتمعات الحرة والمفتوحة في كل قارات العالم ولكن كلينتون يلزم نفسه بدعم الديموقراطية وحقوق الإنسان في الخارج، إذن فمن السطور الأولى تبدو استراتيجية الرئيس بوش للأمن القومي أكثر شمولا وقوة ومصاغة بعناية كما أنها تميل إلى التعددية وبصورة غير متوقعة، كما أن هناك مجموعة من التلميحات المهمة والتي تشير إلى أشياء أكثر أهمية ستحدث في المستقبل، فقد ساوى بوش بين الإرهاب والأنظمة المستبدة كمصدر للخطر على أمريكا وقد تبدي هذا بوضوح في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وقد كانت الاستراتيجية الأمريكية في الماضي تركز كما لاحظ بوش على الدفاع عن الأمن الأمريكي ضدالأنظمة المستبدة، وهذا الصراع كان يحتاج إلى جيوش كبيرة وقدرات صناعية مهمة وموارد لا تتوفر إلا للدول لكي تهدد المصالح الأمريكية، الأمر اختلف الآن حيث أصبح في مقدور شبكات من الأفراد تعمل في الظل أن تلحق خسائر كبيرة بأمريكا وبتكاليف لا تصل إلى ثمن دبابة واحدة، لذلك فإن استراتيجيات فترة الحرب الباردة مثل الردع والاحتواء لم تعد صالحة لمواجهة مثل هذه الأخطار لأن تلك الاستراتيجيات تفترض وجود أنظمة حكم محددة يقودها قادة معروفون وتعمل بوسائل محددة ومن مناطق محددة، ولكن كيف يمكن تطبيق استراتيجية الاحتواء مع اشباح وأفراد يعملون بصورة سرية؟، وكيف يمكن أن تردع شخصا يستعد لتنفيذ هجوم انتحاري؟، بالفعل لقد كان هناك باستمرار الفوضويون والقتلة الذين يعملون بدون رعاة محددين والكثير منهم كان يغامر بحياته لكي ينفذ ما يريد، لكن أفعال مثل هؤلاء الأشخاص لم تكن تهز استقرار الدول ولا المجتمعات بصفة عامة لأن عدد الضحايا كان صغيرا نسبيا.
هجمات الحادي عشر من سبتمبر أوضحت أن الإرهابيين يمكنهم إيقاع خسائر كبيرة على نفس مستوى الخسائر التي يمكن أن تلحقها دولة بدولة أخرى باستخدام قوة عسكرية كبرى، كما أن أسلحة الدمار الشامل تمثل الخيار الأخير أمام الدول التي كانت تمتلكها أثناء فترة الحرب الباردة كما أشارت استراتيجية الأمن القومي الأمريكية، لكن أعداء أمريكا اليوم يرون أن استخدام أسلحة الدمارالشامل هي الخيار الأفضل بالنسبة لهم، هذا جعل الإرهابيين على نفس مستوى الأنظمة المستبدة بالنسبة للرئيس جورج بوش، كما أن هذا هو ما جعله يطالب بضرورة إضافة العمليات العسكرية الوقائية إلى قائمة خيارات التحرك أمام العسكرية الأمريكية الأمريكية على الأقل في حالة وجود خطر كبير وذلك بدلا من سياسات الردع والاحتواء، يقول بوش في بيان استراتيجيته «لا نستطيع ترك أعداءنا يوجهون الضربة الأولى لنا»، وقد كانت وثيقة هذه الاستراتيجية حريصة على تحديد الأساس القانوني للضربات الوقائية بالقول بأن القانون الدولي يعترف بأن «الدول ليست مضطرة إلى الانتظار لكي تعاني من الهجوم قبل أن تتحرك في إطار القانون لحماية نفسها ضد القوات التي تمثل خطرا كبيرا عليها»، كما أشارت الاستراتيجية إلى تفضيل أمريكا للتحرك الدولي في شن الضربات الوقائية حيث تقول ان «الولايات المتحدة ستعمل باستمرار على إيجاد تأييد من المجتمع الدولي لمثل هذه الضربات».
ولكنها في نفس الوقت تقول «إننا لن نتردد في التحرك بمفردنا إذا لزم الأمر لممارسة حقنا في الدفاع عن أنفسنا من خلال شن ضربات وقائية ضد هؤلاء الإرهابيين لمنعهم من شن هجمات ضدنا أو ضد شعبنا أو ضد دولتنا»، لكن في المقابل تحتاج الضربات الوقائية إلى السيطرة، ورغم أن بوش يتحدث عن نقل وتحقيق توازن في القوى لمصلحة الحرية الإنسانية فإن استراتيجيته تقول بوضوح أن القوات الأمريكية ستكون قوية بما يكفي لمواجهة الأعداء المحتملين ومنعهم من محأولة بناء قوة خاصة بهم بحيث يتفقوا أو حتى يتساووا مع القوة الأمريكية، وقد كان خطابه في كلية ويست بوينت أكثر وضوحا في هذه النقطة عندما قال ان أمريكا تعتزم الحفاظ على قوتها العسكرية خارج أي منافسة.
سيطرة أمريكية
يبدو أن الرئيس بوش قد وافق مؤخرا على توصية نائب وزير الدفاع بول ولفويتز المثيرة للجدل والتي ظهرت عام 1992 تحت اسم «دليل التخطيط الدفاعي» والتي رفضتها إدارة الرئيس بوش الأب بعد أن تسرب جزء منها إلى الصحافة في ذلك الوقت، ربما لم تكن صدفة أن يتولى ولفوفيتز منصب نائب وزير الدفاع الأمريكي ليصبح في مركز التخطيط الاستراتيجي للرئيس بوش الابن، ولكن كيف سيتعامل العالم مع السيطرة الأمريكية؟
هذا ينقلنا إلى جزء آخر من استراتيجية بوش والذي يؤكد على التعاون مع القوة العظمى في العالم، هذا الجزء يبدو متعارضا من النظرة الأولى مع القول بضرورة الحفاظ على التفوق العسكري الأمريكي، لكن ألا يمكن للضعفاء أن يتحدوا لمواجهة القوي؟، من الناحية النظرية يمكن ذلك، لكن الواقع والتاريخ يقولان انه لايحدث غالبا، وهنا يبدو أن فريق بوش قد استوعب بعضاً من علم السياسة المعقد بالنسبة لأحد الموضوعات التي تشغل التفكير حاليا وهو لماذا لم يظهر حتى الآن تحالف دولي معاد لأمريكا رغم السيطرة المطلقة على العالم منذ نهاية الحرب الباردة.
خطاب بوش
قدم بوش تفسيرين لهذا الموقف في خطابه أمام طلاب كلية ويست بوينت، يمكن أن يرى أغلب علماء السياسة وليس كلهم هذين التفسيرين مقبولين، التفسير الأول أن القوى العظمى الاخرى تفضل إدارة النظام الدولي من خلال قوة عظمى واحدة مادامت هذه القوة غير خطيرة، فعندما توجد قوة عظمى واحدة لن يوجد أي معنى لأي قوة أخرى أن تحأول منافستها على الصعيد العسكري، وسيتحول الصراع الدولي إلى تعاون بين المنافسين حيث سيكتشف الجميع أن الأمر لا يستحق القتال من أجله، يمكن مقارنة هذا الوضع بما كانت تفعله القوى الكبرى في العالم مع بعضها البعض في الماضي وهذا سيوضح أن الأمر الأن ليس أسوأ.
السيطرة الأمريكية مقبولة أيضا لأنها مرتبطة بقيم معينة تشترك فيها كل الدول والثقافات وربما أيضا بعض الطغاة والإرهابيين، فكما تقول استراتيجية الأمن القومي الأمريكي «لا يوجد شعب على ظهر الأرض يريد أن يكون مقهورا أو يتطلع للعبودية أو يريد أن ينتظر زيارات البوليس السري بعد منتصف الليل»، يعتقدان هذا هو الارتباط بين القوة والمبادئ العالمية!!
يقول الرئيس بوش ان هذا هو ما يجعل القوى الأخرى في العالم تؤيد ما تقوم به أمريكا لإجهاض تحركات الإرهابيين والمارقين حتى إذا فعلت أمريكا ذلك بمفردها.
الأمر الأخير الجديد في استراتيجية الأمن القومي للرئيس بوش، يتعلق بالتعامل مع قضية أطول مدى وهي إزالة أسباب الإرهاب والطغيان من العالم، وهنا نجد الرئيس بوش مرة أخرى يفكر بطريقة موازية لما يكاد يجمع عليه خبراء السياسة الآن، من الواضح أن الفقر لم يكن هو السبب الذي دفع مجموعة من الشباب إلى ركوب ثلاث طائرات والهجوم بها على مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع الأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر من العام قبل الماضي، لكن هذا الفعل كان تعبيراعن اشكاليات اخرى (وفق التحليل الأمريكي)، في مجتمعاتهم وكان أول شكل للانشقاق السياسي هو التطرف الديني، لذلك يؤكد الرئيس بوش أن الهدف النهائي لاستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن يكون نشر الديموقراطية في كل مكان بالعالم، ويبدو ان على الولايات المتحدة ان تكمل الآن المهمة التي بدأها رئيسها الأسبق وودرو ويلسون الذي تحدث عن ضرروة حصول الشعوب على حقها في الديموقراطية وتقريرالمصير أثناء الحرب العالمية الأولى فيما يعرف باسم مبادئ ويلسون، لذلك يجب العمل على نشر الديموقراطية في كل مكان بالعالم، ويجب أن يذهب الإرهاب إلى ذمة التاريخ مثل العبودية والقرصنة والإبادة الجماعية، « فمثل هذا السلوك لا يمكن أي حكومة محترمة أن تقبله أوتدعمه ويجب معارضته تماما».
مبادأة وفاعلية
استراتيجية الرئيس بوش الحالية تختلف عن سابقاتها في العديد من النقاط، أولا هي تتميز بالمبادأة والفاعلية، وترفض منطق إدارة الرئيس بوش الأب الذي كان يقول انه مادامت الحركة نحو الديموقراطية واقتصاديات السوق أصبحت مقبولة عالميا بعد انتهاء الحرب الباردة فكل ما على الولايات المتحدة هو التعاون مع باقي دول العالم من أجل توسيع نطاق هذه الحركة، ثانيا: هناك ترابط كبير بين أجزاء هذه الاستراتيجية، وثالثا هناك اتساق كبير بين تحليل بوش لكيفية عمل السيطرة الأمريكية على العالم وأسباب الإرهاب وبين التفكير الأكاديمي، رغم أن الكثيرين من الأكاديميين لم يشيروا إلى هذاالتوافق حتى الآن، رابعا لا يرى فريق بوش وعلى عكس الكثير من الإدارات السابقة أي تعارض بين القوة والمبادئ، وأخيرا فهذه الاستراتيجية صريحة جدا، حيث تتحدث هذه الإدارة بوضوح وبدون أي محأولة من جانبها لكي تبدو دبلوماسية، فما تقرأه أو تسمعه من هذه الإدارة هو ما يمكن أن تتوقع حدوثه بالفعل، ولكن ماذا عن ما لم تذكره هذه الاستراتيجية؟.
هناك بالتأكيد أشياء لن تقرأها ولن تسمعها عن هذه الاستراتيجية، فاستراتيجية بوش لها على الأقل أجندتها التي لم تعلنها حتى الآن إذا لم يكن لها أجندتها الخفية أساسا، بل إنه يجب أن يكون لهذه الادارة أجندتها غير المعلنة للتعامل مع الأنظمة القمعية ومع العالم بعد هجمات سبتمبر أو على الأقل مع تهديدات الإرهابيين، وقد حأول بوش أن يشرح العلاقة في يناير عام 2002 أثناء إلقائه خطابه السنوي للشعب الأمريكي المعروف باسم خطاب «حالة الاتحاد» عندما حذرالعالم من محور الشر الذي يضم كلا من العراق وإيران وكوريا الشمالية، أثارت هذه العبارة الغموض أكثر مما أوضحت، إلا أنه لا توجد أي علاقة واضحة بين هذه الدول الثلاث بحيث تصبح محورا، كما أنه لم يوضح لنا لماذا لا تصلح سياسات الردع والاحتواء في التعامل مع هذه الأنظمة خاصة وأن هذه الأنظمة تبدو حريصة على الحياة ولا تسعى للانتحار كما هو الحال مع الإرهابيين، لم يعد بوش إلى الحديث عن محور الشرسواء في خطابه الشهير بكلية وسيت بوينت أو في بيان استراتيجية الأمن القومي التي أعلنها في سبتمبر بعد ذلك، وقد اتضح الآن أن هذه العبارة كانت مجرد صياغة لفظية مثيرة اكثر منها تعبيراً عن فكر، وأنها جاءت نتيجة نصيحة سيئة للرئيس لكي يبدو متحدثا ماهرا مثل فرانكلين روزفلت ورونالد ريجان، لذلك يبدو أن هذه الجملة بدأت تذهب إلى ذمة التاريخ، وهو ما يعني أن هذه الإدارة صححت خطأها وإن لم تعترف بذلك، ولكن هذا يثير سؤالا حول لماذا يصر الرئيس بوش على إسقاط صدام حسين إذا كان بالفعل قد تخلى عن فكرة محور الشر خاصة وأن موقف الرئيس بوش الحالي قد يدفع الرئيس صدام حسين إلى استخدام أسلحة الدمارالشامل كخيار أخير رغم أنه لم يستخدمها حتى الآن؟
الإدارة الأمريكية ايضا مطالبة بتقديم توضيح لنا عن أسباب رغبتها في الإطاحة بصدام حسين، ولا يمكن الاكتفاء بعبارة بوش ان صدام حسين «الشرير حأول قتل والدي»، فبوش الابن ليس هاملت الذي يظهر له شبح والده المقتول يطالبه بالانتقام من قاتله كما جاء في مسرحية الأديب الإنجليزي الكبير وليم شيكسبير، ورغم ذلك يمكن أن تكون كتابات شكسبير مفيدة في محأولة البحث عن تفسير لسياسات بوش وخاصة في مسرحية الملك هنري الرابع حيث تسيطر على الملك لذة النصر وهزيمة الأعداء بما يقدم مبررا لعدم الثقة في الآخرين، وبالنسبة للملك هنري الرابع فإن اللحظة الأولى للانتصار كانت في معركة أجنيكورت عندما هزم الفرنسيين عام 1415، وبالنسبة لإدارة بوش فإن أجنيكورت تمثلت في انتصاره على حركة طالبان في افغانستان في نهاية عام 2001 وهو الانتصار الذي رحب به الأفغان بحلاقة ذقونهم والاحتفال حتى في المناطق التي قصفتها القنابل الذكية الأمريكية.
وفجأة بدا أن الأفغان بدأوا يتقبلون القيم الأمريكية حتى في المناطق البعيدة ولم يسفر الأمر عن صدام بين الحضارات كما كنا نتوقع، ولكن ما حدث كان، كما ذكرت استراتيجية الأمن القومي الأمريكية هو صدام داخل الحضارة الواحدة.
اهداف خطيرة
هنا وجدت الإدارة الأمريكية نفسها في حاجة إلى المحافظة على قوة الدفع لمعركتها حتى رغم سقوط حركة طالبان وتفتت تنظيم القاعدة بحيث لم يعد له تجمعات محددة يمكن استهدافها، لذلك ظهر صدام حسين في ذهن الإدارة الأمريكية حيث يمكن أن يكون العراق هو افضل مكان لتشن عليه أمريكا معركتها الثانية ضد ما تسميه بالإرهاب، لتقول هذه الإدارة انها بصدد استكمال المهمة التي لم تكملها حرب الخليج الثانية التي قادتها أمريكا تحت رئاسة جورج بوش الأب، ويمكن للادارة (على حد زعم الأمريكيين)، تدمير أسلحة الدمار الشامل التي قد يكون صدام حسين مازال يمتلكها، ويمكن وقف أي دعم يمكن أن يكون الرئيس العراقي يقدمه لأي إرهابيين في أي مكان بالعالم وبخاصة هؤلاء الذين يتحركون ضد إسرائيل!!!.
كما يمكن تحرير الشعب العراقي وكذلك تضمن استمرار تدفق البترول بأسعار رخيصة، ويعتقد المحللون الأمريكيون أن الحالة العراقية قد تكون بداية عملية تؤدي إلى إسقاط باقي ما يسمونه بالأنظمة القمعية في العالم!!.
وكما قال الرئيس بوش علانية في خطابه القوي أمام الأمم المتحدة في الثاني عشر من سبتمبر عام 2002 انه لا يمكن حماية المنظمة الدولية من الانهيار إذا ظلت قراراتها بدون تنفيذ، هذه الكلمات ربما تكون جزءا من الاستراتيجية الكبرى للرئيس بوش.
ما يظهر من النظرة الأولى هو غياب الوضوح عمن يمكن ردعه ومن لا يمكن ردعه، لذلك يجب النظر عن قرب لما يمكن اعتبارها خطة للتحول في كل العالم الإسلامي والشرق الأوسط لكي ننقله كله ومرة واحدة إلى العالم الحديث، والحقيقة أن هذا التحول لم يحدث بمثل هذا الوضوح والشمول منذ أن قامت الولايات المتحدة بنفس التجربة تقريبا منذ نصف قرن تقريبا مع كل من اليابان وألمانيا ثم توقفت تلك العملية بعد ذلك لقليل لتترك الكثير من مناطق العالم بدون تحديث وبينها الشرق الأوسط، فهل يمكن لهذه العملية أن تنجح مرة أخرى؟، الإجابة الأمينة هي أنه لا أحد يعلم، فنحن لدينا الكثير من الأمثلة على فشلها، كما أن هناك أمثلة ناجحة من خلال تحسين هذه الاستراتيجيات كما حدث مع إدارة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ونجاحها في إقليم كوسوفو في عام 1999، يؤكد أحد اهم المفكرين الاستراتيجيين في التاريخ كارل فون كلاوزفيتز على أهمية الصدفة والتي يمكن أن تؤدي في بعض الأوقات إلى فشل أعظم الخطط وتمنح النصر في أحيان أخرى لأسوأ الخطط، لهذا يؤكد كلاوزفيتز على أن النظريات لا تستطيع أن تتنبأ بما يمكن أن يحدث، إذن هل يعني هذا أننا لا نملك ما نقوله؟ وهل كل ما نملكه هو أن نداعب أصابعنا ونأمل في الخير وننتظر من المؤرخين أن يقولوا لنا لماذا حدث ما حدث؟، معروف انه قبل أن تقلع الطائرة وقبل أن يغادر القطار المحطة يتولى العمال الفنيون المسؤولون عنه البحث عن أي تشققات في جسم الطائرة اوالقطار أو أي مشكلات فنية حتى يضمنوا وصول الرحلة إلى وجهتها، ورغم ذلك يمكن أن يؤدي وجود عيب لم يتم كشفه إلى كارثة، وهذا هو السبب في قيام المفتشين بعملهم بصورة مستمرة في مجال النقل، لهذا لماذا لا يتم الاستعانة بالمفتشين في مجال التخطيط الاستراتيجي بحيث يتولون فحص الاستراتيجية بصورةروتينية حتى يمكن تلافي أي عيوب أو تشققات تظهر فيها قبل أن يتحول الأمر إلى كارثة.
كوارث استراتيجية
فمثل هؤلاء المفتشين مثل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق برنت سكروكروفت ونائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور حذرا من فشل الحرب ضد الإرهاب في حالة تحول الولايات المتحدة الأمريكية نحو الإطاحة بصدام حسين، والفكرة في موقف مثل هؤلاء هي ضرورة التركيز على عدو واحد في المرة الواحدة وهي فكرة تبدو وجيهة، ولكن الكثير من الاستراتيجيات الناجحة انتهكت هذه الفكرة أيضا، وأبرزمثال على ذلك قرار الرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت بخوض حربين في وقت واحد ضد ألمانيا وضد اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية، والثانية نجاح كينان في احتواء الاتحاد السوفيتي ونشر الديموقراطية في كل من أوروبا الغربية واليابان في نفس الوقت.
غير ان المشكلة في خطط أمريكا بالنسبة للعراق تعتمد على ترحيب الشعب العراقي بالغزاة الأمريكيين كما حدث في كابول ولكن إذا لم يحدث هذا فسوف تنهار كل الخطط الأمريكية، لانه لا يوجد أي دليل على أن إدارة الرئيس بوش مستعدة لخوض حرب طويلة في العراق على غرار الحرب الكورية والحرب الفيتنامية، فاستراتيجية بوش تعتمد على تلقي الورود وليس الرصاص في الدول التي تغزوها؟.
منذ عام واحد كانت أفغانستان آخر مكان على سطح الأرض يمكن أن يتوقع فيه الغزاة أي ترحيب ورغم ذلك حدث هذا مع الغزاة الأمريكيين، وبالقطع من الحماقة أن نتوقع تكرار التجربة الأفغانية في كل مكان بالعالم، وقد استوعب الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي الدرس عندما تذكر التدخلات الناجحة في كل من جواتيمالا وإيران ثم اعترف بالفشل في عملية خليج الخنازير بكوبا في الستينيات.
أمريكا والأخلاق
المشكلة الأخرى هي أن النصر لا يعني بالضرورة عدم الحاجة إلى متابعة، ويكفي أن نتذكر أن انتصار هنري الرابع على فرنسا لم يجعل الفرنسيين إنجليز، والواقع أنه على أمريكا أن تحافظ على الأخلاق في الأرض التي تغزوها وكذلك العمل على نشر قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان باعتبار هذا ضرورياً لاستقرار ما تحقق من انتصارات عسكرية، وقد رفض الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي شن هجوم مفاجئ على الصواريخ النووية السوفيتية في كوبا حتى لا يفقد الميزة الأخلاقية في الصراع بين القوتين العظميين.
كما أن استراتيجية الأمن القومي التي أعلنها الرئيس بوش اعترفت بأهمية العمل الدولي عندما قالت انه لا يمكن لأي دولة أن تجعل نفسها أكثر أمنا وأفضل بمفردها، الحقيقة أن إدارة بوش تتصور أنها تقف على أرضية أخلاقية عالية وتتمتع بتأييد عالمي حتى لتحركاتها الفردية، إذا لم يجد الأمريكيون مظاهرات الترحيب في بغداد؟، هل يمكن أن يعتمد الأمريكيون على دعم دولي إذا ما تدهورت الأمور؟، يبدو أن إدارة الرئيس بوش لم تفكر في مثل هذه الأسئلة حتى الآن، كما أن هذه الإدارة منقسمة على نفسها فيما يتعلق بالجانب الأخلاقي والشرعي في طريقة تصرفها الآن في الكثير من القضايا ذات الطابع الدولي ابتداء من معاهدة كيوتو لحماية البيئة وحتى الحظر الشامل للتجارب النووية ثم محكمة الجزاء الدولية وهي كلها قضايا ترفض إدارة الرئيس الأمريكي الاستجابة للموقف الدولي حيالها، بسبب هذا الموقف فإن الإدارة تجد من الصعوبة الحصول على التأييد الدولي الذي قد تحتاج إليه قبل تطبيق استراتيجيتها الجديدة التي تنطوي على مخاطر عالية، والحقيقة أن هناك بالفعل الكثير من الاعتراضات الصحيحة بالنسبة لهذه المبادرات ولكن المشكلة هي أن الإدارة الأمريكية لا تبذل الجهد الدبلوماسي الكافي لشرح اعتراضاتها على مثل هذه المبادرات وتكتفي برفضها.
عزل أمريكا
كما أن هذه الإدارة لم تبذل الجهد الكافي من أجل تغيير الثقافة الداخلية السائدة والتي تميل إلى عزل أمريكا عن العالم، وكانت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان قد أدركت في ذلك الوقت أن نجاح سياسة الاحتواء في مواجهة الأعداء يحتاج إلى مواجهة العزلة الأمريكية في البداية، إدارة الرئيس بوش نفسها لم تحأول حتى الآن إقامة علاقة بين السياسات المحلية وبين استراتيجيتها الكبرى، وهذا أكبر فشل يمكن أن يلحق بأي قيادة، والحقيقة أن الاستراتيجية الأمريكية الحالية تعتمد بصورة كاملة على عدم وقوف أمريكا بمفردها أمام العالم، وإذا كانت استراتيجية الأمن القومي لإدارة الرئيس جورج بوش تقوم على أساس توصيل قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان إلى أي إنسان في كل مكان على سطح الأرض، الا أن الدولة التي تريد أن تقدم نفسها كنموذج مثالي للعالم في أغلب المجالات لن تستطيع تحقيق هذا الغرض وهي تقول للعالم انها لن تلتزم ببعض الأشياء.
رغم ذلك يمكن القول ان استراتيجية الرئيس بوش صحيحة في بعض النواحي مثل احترام الظروف الجديدة التي تواجه الولايات المتحدة وحلفاءها منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، لقد كانت الأوضاع أثناء الحرب الباردة تسمح باستخدام سياسة الاحتواء، لكن النتيجة النهائية التي وصلت إليها إدارة بوش في استراتيجيتها الجديدة هي أن افتراضات عصر الحرب الباردة لم تعد صحيحة، ففي ظل التزاوج بين الإرهاب والتكنولوجيا المتقدمة الذي يشهده العالم حاليا أصبح من الصعب ترك المنظمات الإرهابية الذي قد يؤدي إلى إلحاق خسائر مؤلمة بأمريكا نفسها كما حدث في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، لذلك فقد أصبح هناك سبب واقعي جدا من أجل استكمال مهمة الرئيس الأمريكي الأسبق ودرو ويلسون منذ أكثر من ثمانية عقود لجعل العالم أكثر أمنا.
لذلك فإن الإعلان عن استراتيجية الأمن القومي لأمريكا حاليا يمكن أن يمثل أهم عملية لإعادة صياغة هذه الاستراتيجية منذ أكثر من نصف قرن، ورغم أننا قد لا نعرف ما الذي يتطلع إلى تحقيقه منفذو هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، فإن الشيء الواضح تماما هو أن هذه العملية أدت إلى ظهورهذه الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي الأمريكي.


(*) أستاذ التاريخ العسكري والبحري في جامعة ييل الأمريكية، ومن أحدث إصداراته «أفق التاريخ: كيف يرسم المؤرخون الماضي»
جندي أمريكي في أفغانستان

ابو العربي
25/07/2005, 03:00 AM
السلام عليكم تحيه لك صحوه ولكل الاخوه
بوش لن يسكت عما يفعله الا بعد ان يهزم ويعرف انه لن ينتصر ابدا علي الاسلام فمن الممكن ان ينتصر علي المسلمين وزعمائهم الان لكن علي الاسلام فهيهات
اما مسرحيات شكسبير فكل شئ واي شئ بخصوص الحروب الصليبيه من الازمان الغابره يؤثر علي بوش فهو يؤمن بان المسيح اختاره لهزيمه المسلمين وابادتهم حتي تقم دوله اسرائيل الكبري بامان حتي ينزل المسيح في القدس لياخذ اتباعه فوق السحاب ويحيق بباقي اهل الارض العذاب كما تعتقد كل الكنائس الصهيونيه
وشكرا لمجهودك لك مني تحياتي اخوك ابو العربي

حي بن يقظان
27/07/2005, 11:21 PM
السلام عليكم تحيه لك صحوه ولكل الاخوه
بوش لن يسكت عما يفعله الا بعد ان يهزم ويعرف انه لن ينتصر ابدا علي الاسلام فمن الممكن ان ينتصر علي المسلمين وزعمائهم الان لكن علي الاسلام فهيهات
اما مسرحيات شكسبير فكل شئ واي شئ بخصوص الحروب الصليبيه من الازمان الغابره يؤثر علي بوش فهو يؤمن بان المسيح اختاره لهزيمه المسلمين وابادتهم حتي تقم دوله اسرائيل الكبري بامان حتي ينزل المسيح في القدس لياخذ اتباعه فوق السحاب ويحيق بباقي اهل الارض العذاب كما تعتقد كل الكنائس الصهيونيه
وشكرا لمجهودك لك مني تحياتي اخوك ابو العربي

شكرا لك ابو العربي

الاسلام ناصره الله دين الحق
هي امانيهم

وربما يجعل الله كيدهم في نحرهم
وتدبيرهم في تدميرهم

ربما تجميع كل اليهود في مكان واحد لتسهيل

تللك الحرب عليهم
لعن الله كل شيطان


شكرا لك