المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في القصيدة الحديثة..ريادة العواد حقيقة علمية جديدة



د.ألق الماضي
07/02/2008, 09:20 PM
د. محمد الصفراني
أخذت معظم دراسات الأدب العربي الحديث أسلوبا إقليميا في تناول وطرح قضية ريادة الشعر الحر من غير ربط النتائج التي تتوصل إليها بالنتائج التي توصلت إليها دراسات أخرى من أقاليم أخرى ومقارنتها ببعضها من ناحية مكانية وتأريخية لتحدد (على وجه التقريب) مكان وتأريخ انطلاقة الشعر الحر. وقد أدى عدم الربط بين الدراسات المتعلقة بريادة الشعر الحر من ناحية، وتجاهل دراسة إنتاج أدباء المملكة العربية السعودية من ناحية أخرى إلى قصور كبير في تحديد المكان والتأريخ التقريبيين لانطلاقة الشعر الحر. وتكاد تجمع تلك الدراسات على ثلاثة أسماء جعلت منها مثلث ريادة الشعر الحر.
إن الشاعر اليمني الأصل (علي أحمد باكثير) هو الزاوية الأولى من زوايا مثلث الريادة في معظم الدراسات التي تناولت قضية ريادة الشعر الحر (فقد قام بترجمة مسرحية روميو وجولييت إلى اللغة العربية بأسلوب شعري وصفه الشاعر في مقدمته للمسرحية بأنه مزيج من النظم المرسل المنطلق والنظم الحر، فهو مرسل من القافية وهو منطلق لانسيابه بين السطور وقد كتبها سنة 1936م. إلا أنه تأخر في نشرها وقد ذكر المازني أنه قد اطلع عليها منسوخة، وذلك قبل عام 1940م. وبعد ذلك كتب باكثير مسرحيته (أخناتون ونفرتيتي) سنة 1938م، إلا أنه لم ينشرها إلا عام 1940م ،بينما لم ينشر ترجمته لروميو وجولييت إلا في سنة 1946م وفي مقدمته لأخناتون تتكون نظريته العروضية التي صارت أخيرا قاعدة من قواعد الشعر الحر وهي رأيه في البحور الصالحة لهذا النمط الشعري فهو يقول : وجدت أن البحور التي يمكن استعمالها على هذه الطريقة هي البحور التي تفعيلاتها واحدة مكررة كالكامل والرمل والمتقارب والمتدارك.. إلخ، أما البحور التي تختلف تفعيلاتها كالخفيف والطويل... إلخ فغير صالحة لهذه الطريقة) 1.وتحديد باكثير البحور الصالحة لكتابة الشعر الحر يعني أنه سلط الضوء على النظرية العروضية للشعر الحر مبرزا كثيرا من جوانبها الأساسية.
وتعد الشاعرة العراقية الأصل (نازك الملائكة) هي الزاوية الثانية من زوايا مثلث الريادة، فقد تناولت موضوع الشعر الحر بعد باكثير بعشر سنوات لكنها انطلقت تؤسس دراستها على نظرية باكثير العروضية في الشعر الحر من غير أن تشير إلى جهد باكثير النظري فيما يتعلق بالجانبين العروضي والفني مدعية لنفسها ريادة الشعر الحر، حيث تقول في الطبعة الثانية من دراستها الموسومة ب (قضايا الشعر المعاصر) والصادرة في بغداد سنة 1965م (كانت بداية حركة الشعر الحر سنة 1947م في العراق. ومن العراق، بل من بغداد نفسها زحفت هذه الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله، وكانت أول قصيدة حرة الوزن تنشر قصيدتي المعنونة الكوليرا) 2.وقد نشرت نازك الملائكة قصيدة الكوليرا (في مجلة العروبة بلبنان ووصلت المجلة بغداد في أول كانون الأول 1947م. وفي النصف الثاني من الشهر نفسه صدر في بغداد ديوان (أزهار ذابلة) للسياب وفيه كانت قصيدته الحرة (هل كان حبا) 3ويظهر من حديث نازك إدعاؤها أولية كتابة الشعر الحر.
ويعد الشاعر العراقي الأصل (بدر شاكر السياب) الزاوية الثالثة من زوايا مثلث الريادة، فقد تزامن نشره ديوان أزهار ذابلة ونص (هل كان حبا) مع نشر نازك الملائكة نص الكوليرا، لكن السياب لم يكن مشغولا بقضية الريادة مثل نازك الملائكة، بل كان على قدر عال من الموضوعية والأمانة العلمية لأنه لم يقف موقف نازك الملائكة الإنكاري من علي أحمد باكثير، بل نسب السبق إلى أحمد علي باكثير، حيث يقول (إذا نظرنا إلى المسألة نجد أن علي أحمد باكثير أول من استخدم الشعر الحر في ترجمته ل (روميو وجولييت) لشكسبير المنشورة عام 1947م) 4وإن نشر مسرحية روميو وجولييت سنة 1947م لا يعني أنها كتبت في نفس العام بل كتبت كما ذكرت أعلاه عام 1936م وقد شهد المازني برؤيتها مخطوطة قبل عام 1940م.
إن نازك الملائكة بعد أن تأكدت من أن باكثير قد سبقها إلى الشعر الحر في حدود عشر سنوات تراجعت عن إدعائها الريادة لنفسها في الطبعة الثامنة من كتابها (قضايا الشعر المعاصر) الصادر في بيروت سنة 1989م. وقد بررت بطلان ادعائها باتهام نفسها، حيث تقول (عام 1962م صدر كتابي هذا، وفيه حكمت أن الشعر الحر قد طلع من العراق ومنه زحف إلى أقطار الوطن العربي، ولم أكن يوما أقررت هذا الحكم أدري أن هناك شعرا حرا قد نظم في العالم العربي قبل سنة 1947م سنة نظمي لقصيدة الكوليرا) 5فهي تتهم نفسها بالجهل لتبرر سابقة تمريرها ادعاء ريادة الشعر الحر.
وعندما علمت نازك الملائكة أن شعرا حرا قد نظم في العالم العربي قبل سنة 1947م تجاوزت إبداع باكثير المنجز سنة 1936م وقفزت إلى سنة 1921م لتنسب الريادة إلى (مجهول) رمز لاسمه ب (ب - ن) حيث تقول (وهناك قصيدة من الشعر الحر عنوانها "بعد موتي" نشرتها جريدة العراق ببغداد سنة 1921م تحت عنوان "النظم الطليق"، وفي تلك السنة المبكرة من تاريخ الشعر الحر لم يجرؤ الشاعر على إعلان اسمه، وإنما وقع (ب. ن) والظاهر أن هذا أقدم نص من الشعر الحر والسؤال المهم الآن : هل نستطيع أن نحكم بأن حركة الشعر الحر بدأت في العراق سنة 1921م أو أنها بدأت في مصر سنة 1932م؟) 6.والأسئلة التي تطرح نفسها هنا كثيرة أهمها :
هل كل من ينشر في صحيفة عراقية عراقي بالضرورة؟ وكيف حكمت أنه عراقي وهو لم يكشف عن اسمه؟ ولم لم يجرؤ ذلك الشاعر على ذكر اسمه مع كل تلك الحفاوة التي لقيها من الجريدة والتي تتمثل بإضافة الجريدة عنوانا من عندها لقصيدته وهو "الشعر الطليق"؟ والسؤال الأهم هو : لم لم تبرز نازك الملائكة نصوص الشعر الحر التي نشرها العواد في صحيفة القبلة سنة 1921م مادامت تكتب بحثا علميا وصلت به إلى سنة 1921م؟
إن الإجابة عن السؤال الأهم من وجهة نظري هي : إن نازك الملائكة أرادت من خلال نسبة ريادة الشعر الحر للمجهول (ب - ن) أن توصل إلى القارئ الرسالة الآتية (إما أن تكون الريادة لي أنا/المعلوم. أو أن تكون للمجهول) ونسبة الريادة للمجهول تعني نسبتها إلى (لا أحد) وما يصدق وجهة نظري هو إصرار نازك الملائكة على نزع الريادة بطريقة غير مباشرة من المجهول (ب - ن) بعد أن نسبتها إليه من خلال اشتراطها توافر أربعة شروط في القصيدة التي تستحق الريادة من جهة نظرها، حيث تقول (فالذي يبدو لي أن هناك أربعة شروط ينبغي أن تتوافر لكي نعتبر قصيدة ما أو قصائد هي بداية هذه الحركة وسأدرجها فيما يلي :
1- أن يكون ناظم القصيدة واعيا إلى أنه استحدث بقصيدته أسلوبا وزنيا جديدا سيكون مثيرا أشد الإثارة حين يظهر للجمهور.
2- أن يقدم الشاعر قصيدته تلك أو قصائده مصحوبة بدعوة إلى الشعراء يدعوهم فيها إلى استعمال هذا اللون في جرأة وثقة شارحا الأساس العروضي لما يدعو إليه.
3- أن تستثير دعوته صدى بعيدا لدى النقاد فيضجون فورا - سواء أكان ذلك ضجيج إعجاب أم استنكار - ويكتبون مقالات كثيرة يناقشون فيها الدعوة.
4- أن يستجيب الشعراء للدعوة ويبدأوا فورا باستعمال اللون الجديد، وتكون الاستجابة على نطاق واسع يشمل العالم العربي كله.
ولو تأملنا القصائد الحرة التي ظهرت قبل عام 1947م لوجدناها لا تحقق أيا من هذه الشروط)
7.وبفضل هذه الشروط التي صاغتها نازك الملائكة انطلاقا من حالتها هي فحسب وبصورة لا تنطبق إلا على نص (الكوليرا المكتوب سنة 1947م) ولا تنطبق على أي من نصوص الشعر الحر قبله ولا بعده تكون نازك الملائكة قد انتزعت ريادة الشعر الحر من المجهول (ب - ن) وممن سواها من المعروفين - (لعدم انطباق الشروط) -، وتكون قد أعادت إلى نازك الملائكة (مجددا) ريادة الشعر الحر.
هذه هي زوايا مثلث الشعر الحر في مجمل الدراسات الأدبية والنقدية التي تناولت قضية أولية كتابة الشعر الحر. ويضاف إلى تلك الدراسات دراسة يوسف عز الدين التي أشار فيها إلى ظهور نصوص من الشعر الحر سنة 1921م حيث يقول (فقد نشرت جريدة العراق سنة 1921م للأستاذ محمد الهاشمي وأخرى بتوقيع (ب ن) وأخرى بتوقيع (أحدهم) 8فيضيف إلى المجهول (ب - ن) مجهولا آخرا يدعى (أحدهم) ومعرفة هو الأستاذ محمد الهاشمي. ويكتفي الدكتور يوسف بالإشارة إلى صحيفة العراق التي نشر فيها الهاشمي نصه من غير أن يرفق الدليل المادي الذي يؤكد صحة كلامه متمثلا في صورة النص المنشور في صحيفة العراق وإعطاء القارئ إجابة واضحة عن الأسئلة التالية : هل يمتلك الهاشمي مشروعا إبداعيا شعريا يؤكد أنه شاعر؟ أو أن الهاشمي قد قال نثرا وافق بحرا من البحور الصافية فعد من الشعر الحر مثلما يقع أحيانا في بعض النثر؟ وهل للهاشمي ديوان شعر مطبوع؟ وهل يمتلك الهاشمي مشروعا نقديا كالذي يمتلكه العواد؟. لا يقدم الدكتور يوسف عز الدين أي إجابة عن أي من هذه الأسئلة. وإلى جانب هذه الدراسة دراسة عبد القادر القط التي أشار فيها إلى محاولة أبو حديد في الشعر الحر حيث يقول (ورائد هذه المحاولة هو محمد فريد أبو حديد وقد كتب في الشعر المرسل مسرحية أسماها "ميسون الغجرية" وقدم منها نماذج للقراء في مجلة الرسالة سنة 1933م ليروا فيها رأيهم) 9وهذه المحاولة تقع بعد محاولة العواد باثنتي عشرة سنة. ومن هنا فإن الشاعر السعودي محمد حسن عواد يبرز من بين المعروفين والمجهولين في ساحة الشعر الحر رائدا يستحق الريادة - بمفهومنا الإجرائي للريادة الذي حددناه في بداية الدراسة - بالدليل المادي/التاريخي والفني والبرهان المادي القائم على الحقيقة التاريخية المثبتة والحقيقة الإبداعية شعرا وتنظيرا نقديا وليس بالعواطف والتمني أو التصارخ والتجني. فقد سبق الشاعر والناقد محمد حسن عواد كلا من باكثير ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب في إبداع الشعر الحر والتنظير له نقديا، ولكي نبرز دليلي ريادة العواد إلى المتلقي بشكل ملموس سنتوقف عند مدونتي العواد الشعرية والنقدية اللتين استحق من خلالهما ريادة الشعر الحر. "يتبع"
1- الغذامي، عبد الله - الصوت القديم الجديد : دراسات في الجذور العربية لموسيقى الشعر - ط1- العدد 66- كتاب الرياض - مؤسسة اليمامة الصحفية - (الرياض) - يونيو - 1999م - ص
233- الملائكة، نازك - قضايا الشعر المعاصر - ط2- مكتبة النهضة - بغداد - 1965م - ص
323- الغذامي، عبد الله - الصوت القديم الجديد - ص
425- السياب، بدر شاكر - مناقشات حول الشعر الحر - مجلة الآداب - العدد 7- تموز - 1954م- ص
585- الملائكة، نازك - قضايا الشعر المعاصر - ط 8- دار العلم للملايين - بيروت - 1989م- ص
614- الملائكة، نازك - قضايا الشعر المعاصر- ط 8- ص
715- الملائكة، نازك - قضايا الشعر المعاصر - ط 8- ص
816- عز الدين، يوسف - في الأدب العربي الحديث : بحوث ومقالات - ط3- دار العلوم - الرياض - 1981م - ص
9222- القط، عبد القادر - الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر - ط3- دار النهضة العربية - لبنان - د ت - ص340
المصدر (http://www.alriyadh.com/2008/02/07/article315428.html)

د.ألق الماضي
10/04/2008, 06:39 PM
النص الحر الأول الذي نشره العواد في صحيفة القبلة عام 1291م

د. محمد الصفراني
http://www.alriyadh.com/2008/04/10/img/114097.jpg
اكدنا في المقالات السابقة حقيقة علمية جديدة قلبت الحقائق العلمية التي كانت سائدة قبلها في كل كتب الأدب والنقد الحديث وهي أن ريادة الشعر الحر لنازك الملائكة، وحتى يكون كلامنا بعيداً عن الاهواء والتمنيات والرجم بالغيب ها نحن نقدم الدليل المادي على ريادة العواد الشعر الحر بين يدي دعوانا وهو صورة أول نص حر نشره العواد في صحيفة القبلة عام 1291م مع وعد بنشر النص الحر الثاني الذي نشره العواد في صحيفة القبلة في نفس العام في الحلقة القادمة. ودفعاً للشبهات فإنني سأدرج صورة طبق الأصل من الصفحة الأولى من صحيفة القبلة للعدد الذي نشر فيه محمد حسن عواد نصه الأول المكتوب على نظام الشعر الحر وأتلوها بصورة طبق الأصل من الصفحة التي نشر فيها النص نفسه بعنوان "تحت أفياء اللواء" وقبل ذلك أود التوجه بالشكر الوافر إلى مكتبة الأمير سلمان المركزية في جامعة الملك سعود على اتاحتها الفرصة لي بالاطلاع على صحف العهد الهاشمي وتصويرها:
وسأعيد كتابة مقدمة الصحيفة للنص ونص قصيدة العواد حتى يكون واضحاً وأشير إلى عدد التفعيلات المكونة لكل سطر من أسطر النص برقم في أوله.

الشعر المطلق

جاءتنا القصيدة الآتية من الفاضل صاحب الإمضاء بجدة وهي من الشعر المطلق على الطراز الجديد يضاهي بها قصيدة من هذا النوع تغزل فيها صاحبها بالراية العربية وكنا نشرناها في عددنا (115) نقلاً عن جريدة العراق الغراء وها هي القصيدة التي جاءتنا من جدة:

"تحت أفياء اللواء"

1- نهضتي

1- أنت فخري

1- أنت ذخري

1- بك قدري

3- يعتلي، فوق السماك الأعزل،

4- لك قد آثرت في عمري احتساء العلقم

1- بكِ دوما

1- فقت قوما

2- عرفوا معنى الحياة

1- فانشلينا

1- وارفعينا

2- في الورى أرفع جاه،

4- نحن قوم نعتلي تحت ظلال العلقم

@ @ @

1- نهضتي:

1- ما ارتقائي

1- واعتلائي

1- واكتسائي

3- ثوب عز فيه يصفو العيش لي،

4- بسواك أنت أسباب حياة الأمم.

1- بك تحيا

1- كل عليا

2- أنت عنوان الفخار،

1- افهميني

1- علميني

2- في الورى حفظ الذمار،

4- وارفعي رايتنا فوق جباه الأنجم.

@ @ @

1- نهضتي!

2- أنت مجدي

1- منك سعدي

1- حرري!

3- وطنا لا يبتغي إلا السعود،

3- واخلعي عن عنقه نير العبود،

1- اسعديه!

1- بلغيه!

2- كل غايات المرام

3- ليعيش الشعب في عيش رغيد،

4- في هناء "تحت أفياء اللواء" المعلم.

@ @ @

1- نهضتي!

3- أنت أس الارتقا السامي الصحيح،

1- للوطن

3- أنت للشعب المعنى خير روح،

1- في بدن

1- فاكتبي!

2- في صفحة العصر الجديد،:

4- "إنما النهضة أم الارتقاء العالمي"

جدة - م.ح.

يبني العواد نصه على نظام الشعر الحر، فقد أقام وزنه على أساس تفعيلة (فاعلاتن) التي يقوم عليها بحر صاف هو بحر الرمل. وقد جعل العواد من تفعيلة (فاعلاتن) وحدة موسيقية مستقلة بذاتها ووزعها بأعداد متفاوتة على سطور النص من غير أن يلتزم بنظام ثابت في التوزيع، ويتضح التفاوت في توزيع التفعيلات على سطور النص من خلال الأرقام التي يبدأ بها كل سطر والتي يدل كل منها على عدد التفعيلات المكونة للسطر. وقد قسم العواد النص أربعة مقاطع حيث يتكون المقطع الأول من ثلاثة عشر سطراً، ويتكون المقطع الثاني من ثلاثة عشر سطراً، ويتكون المقطع الثالث من أحد عشر سطراً، ويتكون المقطع الرابع من ثمانية أسطر. وقد كتب العواد مقاطع النص جميعها على هيئة السطر النثري الذي يخالف الشكل التناظري للقصيدة الكلاسيكية القائمة على البيتية المبنية على بحور الشعر العربي المعروفة. وبهذا يتبين لنا أن نص العواد يتوافق مع مفهومنا الإجرائي للشعر الحر موافقة تامة. كما يتوافق مع مفهوم العواد للشعر الحر كما سيرد في مدونة العواد النقدية لاحقاً، واستناداً إلى توافق نص (تحت أفياء اللواء) مع مفهوم الشعر الحر، واستناداً إلى تأريخ نشره في صحيفة القبلة الواقع في سنة 1291م نستطيع القول: ان الشاعر السعودي محمد حسن عواد قد سبق كلا من باكثير ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب في كتابة الشعر الحر.
المصدر

د.ألق الماضي
10/04/2008, 06:40 PM
سأضع ردين وردا في موقع الرياض الالكتروني على ما جاء عن د.الصفراني...
وهما على الترتيب الآني...

د.ألق الماضي
10/04/2008, 06:41 PM
عزيزي الدكتور / محمد الصفراني
محبة دائبة
موضوع بدايات الشعر الحر وريادته موضوع مطول جدا، واجتهد باحثون كثيرون في رصد بدايات الظاهرة أبرزهم: يوسف عز الدين، وإحسان عباس، وعز الدين إسماعيل، وآخرون. وانتهى أكثرهم إلى جملة من الرواد: محمد فريد أبو حديد، أحمد زكي أبو شادي، باكثير، بشر فارس، لكن أقدم نص في العصر الحديث ينتمي لهذا الشكل هو نص:" رفيف الأقحوان" للشاعر توفيق فياض سنة 1892م
أعتقد أن البحث في هذه المسألة يحتاج لوقفات جديدة.
تحياتي


عبدالله السمطي

د.ألق الماضي
10/04/2008, 06:42 PM
عزيزي
منذ 5 سنوات كنت أدرس الماجستير في جامعة الإمام
وكان الدكتور إبراهيم الفوزان يصر مثل إصرارك على أن العواد مبتدع شعر التفعيلة... فقد تواطأتما.. وللعلم الفوزان له مع العواد ذكريات قد تفيدك ,,, بل إنه يملك شيئا آخر وهو قصيدة تفعيلة للغزاوي !
أشكرك.


إبراهيم

د.ألق الماضي
17/04/2008, 05:07 PM
د . محمد الصفراني
نشرنا في المقالة السابقة الدليل المادي الأول على ريادة محمد حسن عواد الشعر الحر وها نحن نفي بوعدنا فننشر الدليل المادي الثاني على ريادة العواد الشعر الحر وسأدرج في ما يلي صورة طبق الأصل من الصفحة الأولى من صحيفة القبلة للعدد الذي نشر فيه العواد نصه الثاني المكتوب على نظام الشعر الحر وأتلوها بصورة طبق الأصل من الصفحة التي نشر فيها النص نفسه بعنوان "نطلب العزة أو يهراق دم" :
وسأعيد كتابة مقدمة الصحيفة للنص ونص قصيدة العواد حتى يكون واضحا وأشير إلى عدد التفعيلات المكونة لكل سطر من أسطر النص برقم في أوله :


الشعر المطلق

نشرنا في بعض أعدادنا الماضية أن قد قام بعض الأدباء بإنشاء نوع من الشعر على طريقة جديدة تسمى الشعر المطلق وقد نشرنا أول قصيدة من هذا النوع نقلا عن جريدة العراق يتغزل فيها صاحبها بالراية العربية ثم جاءتنا قصيدة من أحد الشبان الوطنيين النابغين في الأدب بجدة يتغزل فيها بالنهضة العربية ونشرناها في الحين وها قد جاءتنا اليوم منه قصيدة من هذا القبيل ونحن ننشرها له تنشيطا للأدب والمتأدبين من الشبان وها هي :


"نطلب العزة أو يهراق دم"

(مبدأ العرب)


1- نهضتي!

1- بي فسيري

2- أمما . نحو الجلال،

3- ثم مدي لي رواقا من جهاد :

2- في ميادين الحياة

4- إنما يرقى بنو الأوطان بالسير الأمم

1- وأثيري

2- أمما . من ذا الكلال،

1- لتنادي

2- بحماس في النوادي :

3- آن نفض العجز عن هذي الجباه

4- فهبوبا، وعراكا، في وغى مجد الأمم

@ @ @

1- نهضتي!

1- كم خضعنا! ! ...

1- وارتضعنا

2- ثدي موت لا يطاق!

3- فشربناها لبانا من هوان

1- وسكتنا ...

1- فأمتنا ...

3- ماضي العزم وأخرسنا اللسان

1- وحملنا!

3- حملة فيها نجحنا بالسباق!

3- اسفى! لكنها موت الجنان

1- وحبسنا

3- بلبلا يشدو بأفنان النغم :

@ @ @

2- أيها الطير المغنى!

2- مبدعا في كل فن

3- غرد اليوم على غصن الأراك

3- لست والله سوى صوت القلم

@ @ @

1- نهضتي!

1- لك شجوي

1- بل وشدوي

2- لك يهتز اليراع .

3- أنت للعاطفة القصوى ملاك

3- كيف لا أشدو بمن ترعى الذمم ؟ ...!

@ @ @

1- صاحبي!

1- مد نحوي

2- أملا نبغي الصعود

3- وأعني في اعتلا أفق السعود

1- فالمعالي

1- والتعالي

3- فتحت أبوابها في يوم عيد :

4- يومنا هذا هو المنحة واليوم المجيد

1- فسلاماً: -

1- واحتراماً: -

3- أيها العصر الحسيني المنير!

1- وبقاء

1- واعتلاء

3- للمفدى الحائز الشأو الخطير

4- ملك يحمل في يمناه مصباح السلام

4- وبيسراه حسام العزم محاق الظلم

@ @ @

1- نهضتي!

3- "ثق" 2النور الحجازي الوضيء!

1- من فجاج

1- وعجاج

2- اظلم الجو المضيء

3- فقرأناها سطوراً من أمان

4- رسمت في صفحة الذكرى لقوم عاقلين:

4- "قد نهضنا نطلب العزة أو يهراق دم"

@ @ @

1- فسلاما: -

1- واحتراما: -

2- لك من أقصى الفؤاد

4- بل من العرب جميعا أنهم نالوا المراد .

1- ولنحيي

2- عنصراً حيا أفاق

1- من سبات

1- وممات

4- فاعتلى مجده السالف للسبع الطباق .

1- بوفاء

1- ورواء

3- إنها العرب لها أسمى علم!


جده - م . ح . ع


يبني العواد نصه على نظام الشعر الحر، فقد أقام وزنه على أساس تفعيلة (فاعلاتن) التي يقوم عليها بحر صاف هو بحر الرمل . وقد جعل العواد من تفعيلة (فاعلاتن) وحدة موسيقية مستقلة بذاتها ووزعها بأعداد متفاوتة على سطور النص من غير أن يلتزم بنظام ثابت في التوزيع، ويتضح التفاوت في توزيع التفعيلات على سطور النص من خلال الأرقام التي يبدأ بها كل سطر والتي يدل كل منها على عدد التفعيلات المكونة للسطر . وقد قسم العواد النص أربعة مقاطع حيث يتكون المقطع الأول من ثلاثة عشر سطرا، ويتكون المقطع الثاني من ثلاثة عشر سطرا، ويتكون المقطع الثالث من أحد عشر سطرا، ويتكون المقطع الرابع من ثمانية أسطر . وقد كتب العواد مقاطع النص جميعها على هيئة السطر النثري الذي يخالف الشكل التناظري للقصيدة الكلاسيكية القائمة على البيتية المبنية على بحور الشعر العربي المعروفة . وبهذا يتبين لنا أن نص العواد يتوافق مع مفهومنا الإجرائي للشعر الحر موافقة تامة . كما يتوافق مع مفهوم العواد للشعر الحر كما سيرد في مدونة العواد النقدية لاحقا . واستنادا إلى توافق نص (نطلب العزة أو يهراق دم) مع مفهوم الشعر الحر، واستنادا إلى تأريخ نشره في صحيفة القبلة الواقع في سنة 1921م نستطيع القول: إن الشاعر السعودي محمد حسن عواد قد سبق كلا من باكثير ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب في كتابة الشعر الحر .


-----

1- صحيفة القبلة - عدد 519الخميس 19محرم سنة 1340ه الموافق 22سبتمبر سنة 1921م

2- خرم في أصل ورقة الصحيفة أسقط الحروف الأولى من الكلمة وأتوقع أن الكلمة مشتقة من الفعل (انبثق) .
المصدر (http://www.alriyadh.com/2008/04/17/article335285.html)

د.ألق الماضي
24/04/2008, 02:17 PM
نشر صديقنا الدكتور محمد الصفراني ثلاثة مقالات حتى الآن في جريدة الرياض، ( 6مارس، 10أبريل، 17أبريل 2008) يؤكد فيها بأن الأديب محمد حسن عواد هو ناشر أول نص في الشعر الحر في العصر الحديث، وقد اعتمد الدكتور الصفراني على نص للعواد نشر في صحيفة القبلة، لسان حال العهد الهاشمي والثورة العربية في مكة من ---، بعنوان: (تحت أفياء اللواء) في 21أغسطس 1921.ثم عاد مرة أخرى الدكتور الصفراني في مقاله الثالث فنشر نصاً ثانياً للعواد اعتبره امتداداً لنصوص العواد في الشعر الحر. ظهر في صحيفة القبلة 22سبتمبر 1921م بعنوان: (نطلب العزة أو --- يهراق دم) وقد قدم محرر الجزيرة للقصيدتين ووصفهما بالشعر المنطلق. وبعد النظر في القصيدتين.
خلص الدكتور الصفراني الى نتيجة هي: (ان الشاعر السعودي محمد حسن عواد قد سبق كلاً من باكثير ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب في كتابة الشعر الحر). الرياض 17ابريل

2008.والدكتور الصفراني صديق اعتز بمعرفته وبصداقته وقد كان طالباً متميزاً في قسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود وهو الآن يصول ويجول في مجال الكتابة والبحث النقدي بخطوات واثقة ونشاط متوقد وذهنية موهوبة.

ومن منطلق هذه العلاقة به وبمعرفتي بشخصيته، ورغبة في الحوار الذي ننشد جميعاً من ورائه الحقيقة، رأيت أن أعلق على عدد من النقاط التي أثارتها مقالات وآراؤه وما توصل اليه من قناعة بشأن ريادة العواد.

سأبدأ بمصطلح (الشعر الحر) الذي استعمله الباحث والذي اعتقد أنه مصطلح غير دقيق الآن حتى وإن شاع في ذلك العصر او في كتابات العواد، وفي عدد من كتابات المنظرين الاوائل لهذا الشعر. ففي بداية الخمسينيات كان هذا المفهوم يقتصر في دلالاته على الشعر الجديد الذي يتقيد ببحر واحد ولا يمزج بين البحور، ورأى يوسف الخال بأن يسمي هذا الشعر بالشعر الحديث، اما محمد النويهي فيسميه الشعر الجديد ثم يقترح في نهاية كتابه (في الشعر الجديد) بأن يسمى بالشعر المنطلق بدلاً من الشعر الحر، بينما عز الدين اسماعيل يسميه الشعر الجديد. بل ان مصطلح الشعر الحر كان يطلق في بعض الكتابات على الشعر المطلق والشعر المرسل، والشعر المنثور في فترة من الفترات، وهذه صحيفة (المقبلة) تقدم لقصيدة الفواد بقولها: (إنها نوع من الشعر على طريقة جديدة، تسمى الشعر المطلق).

لذلك أرى أن مصطلح شعر التفعيلة هو المصطلح المناسب لهذا الشعر وقد شاع هذا المصطلح الآن واستقر في الدراسات الحديثة، وقد اطلق هذا المصطلح لأول مرة - فيما عرفت - عزالدين الأمين في كتابة (نظرية الفن المتجدد 1964) اما مصطلح (الشعر الحر) فهو يشير الى حركة والى مفهوم اوسع من أن يعني شعر التفعيلة فقط، فهي حركة تعني (كل تحرر من الإنسياق الثابتة في الشعر العربي التقليدي) سواء جاء في شكل مقيدة تفعيلة او في شكل شعري آخر.

تأتي الآن القضية الريادة التي ينسبها العزيز الصفراني للعواد في شعر التفعيلة لنقول بداية ان قصيدة العواد الأولى والثانية التي نشرتا في صحيفة القبلة كانتا مجاراة لقصيدة لشاعر عراقي رمز لاسمه ب (ب. ن) كانت في الاصل قد نشرت في جريدة العراق بعنوان: (عواطف مرصوفة او شواعر مهفهفة) فهذا معناه ببساطة أن العواد رأى قصيدة بهذا الشكل الشعري فكتب على منوالها لكي يجرب هذا الشكل، ولا يعقل ان يقال ان العواد لابد وأن كتب قصائد مماثلة قبل هذه فليس لدينا ما يثبت ذلك.

لقد عرف العواد بالتجريب في كتابة الشعر، واشار الى ذلك في كثير من احاديثه وكتاباته وقال ان نظم الشعر على الطريقة القديمة والطريقة الحديثة المتمثلة في الشعر الحر والشعر المغلق والشعر المنثور، ولكنه فيما اعلم لم يشر الى ما يسمى ريادة في كتابة قصيدة التفعيلة (الشعر الحر) ولم يضمن هذه القصيدة التي نشرت في المقبلة اياً من دواوينه، وقد عاصر العواد فترة الجدال حول بدايات هذا النوع من الشعر ولم يرد عنه ما يثبت انه افتخر بريادة كهذه وهو المعروف بالحديث عن نفسه وعن آثاره في أكثر من مكان وأكثر من مناسبة.

في ظني ان العواد ما كان مقتنعاً انه بتلك القصيدة (تحت افياء اللواء) التي ذيلت ب: م. ح، إنما يفتح باباً جديداً في الريادة الشعرية. كانت تلك الفترة فترة تجريب مماثل ومحاولات للخروج على الشكل الشعري التقليدي.

كان يمارس من خلال الكثير من الشعراء العرب وفي كل البلاد العربية، ونقلاً عن الدكتور عبدالله الغذامي فإن الدكتور يوسف عز الدين في حديثه عن نشأة الشعر الحر في العراق يذكر نصوصاً نشرت في ملحق جريدة العراق عام 1921تنحو في الشكل منحاً جديداً، وتكتب في شكل سطور متتالية وكلها تقوم على تفعيلة بحر الرمل (فاعلاتن) وهو نفس البحر الذي استخدم العواد في قصيدتيه هاتين، وكذلك القصيدة التي كان يكتب مجاراة لها جاءت على بحر الرمل.

والطريف ان النصوص التي ذكرها عز الدين كان توقع بالاحرف الاولى لكاتبها وكأنهم كانوا يخشون ردة الفعل من القراء على تجريب كهذا وكذلك فعل العواد ان كان فعلاً هو كاتب النص.

ان حركة التجريب في اوزان الشعر العربي والتنويع في شكل القصيدة العربية حركة ممتدة وسابقة لفترة نص العواد حيث يرى بعض الدارسين بأن المرشح يمثل محاولة في الشعر العربي قديمه وحديثه للتمرد على الاوزان التقليدية، وان استحداث هذا الشكل الفني كان يرمي الى تحرير الاوزان العربية، ويربط الدكتور الغذامي بين مجيئ النصوص التي أشرنا اليها على بحر الرمل وبين مجيء عدد من الموشحات لأنه كما يقول من المعروف ان معظم الموشحات المعتمدة على النظام الوزني العربي المشهور منها بالذات كانت على وزن فاعلاتن.

والمجال هنا لا يتسع لسرد كل محاولات التنويع والتجريب وما عرف باسم (البند) ومحاولات المهجريين، والشعر المرسل على ان الرغبة في الخروج على النمط التقليدي في القصيدة العربية كان خياراً مارسه الشعراء على مدى فترة طويلة بل ان هناك من يرى ان يربط ظهور قصيدة التفعيلة بالسياب او بالملائكة فيه غمط للجهود التي قام بها عدد من الشعراء للخروج على النمط الشعري، رغم انها تجارب جرت دون الاستناد الى ايمان عميق بنظرية واضحة، وربما اريد بها جس النبض او لمحض القدرة على خلق انماط جديدة وكذلك كان نص العواد الذي استشهد الدكتور الصفراني والذي لا يحقق شروط قصيدة التفعيلة التي استقر عليها المصطلح لا من ناحية الموضوع ولا من حيث لغته الخطابية والتقليدية ولكنه يؤكد ما نعرفه عن العواد وعن نفسه المفطورة على التجريب والمغامرة في كل الميادين وقد ساهم كغيره من الشعراء في التجريب الشعري بل كان من اوائل من فعل ذلك في العصر الحديث، واظن ان دوره في التنظير للشعر المنثور وتشجيعه على كتابته يفوق دوره في قصيدة التفعيلة التي لا اعتقد ان له ريادة عربية فيها وهذا لا يقلل من اهمية العواد وريادته في مجالات اخرى مهمة بوأته هذه المكانة التي له في ذاكرتنا وتاريخنا بكل الاعجاب والدهشة.

انظر أيضاً:

1- عبدالله الغذامي: الصوت القديم الجديد، والأرض ط

219912- سلمى الجيوسي: الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث، ترجمة عبدالواحد لؤلؤة، مركز دراسات الوحدة العربية
المصدر (http://www.alriyadh.com/2008/04/24/article337013.html)

د.ألق الماضي
02/05/2008, 04:29 PM
أود أن أشكر أخي العزيز الدكتور عبد الله المعيقل على تفاعله مع موضوع ريادة العواد الشعر الحر وهو المتخصص في الأدب الحديث والناقد الحصيف ذو الرؤية العميقة التي كثيرا ما كان لها أثرها وتأثيرها في الساحة الثقافية، كما أشكر كل المتفاعلين مع مقالاتي في موقع الرياض الإلكتروني وأخص منهم من رمز لنفسه بإبراهيم أو طالب الدراسات العليا بجامعة الإمام أو متابع وأود أن أقف مع العزيز المعيقل وقفة سريعة تتمثل في أنني أتفق معه في ما جاء في مقاله وأختلف وسأركز مواطن الاتفاق والاختلاف في النقاط التالية:
1- أتفق معك أخي العزيز بأن مصطلح الشعر الحر يشير إلى بدايات الخلاف على الريادة في الشعر الحر في أواسط القرن العشرين وأتفق معك أنه استقر الآن على مصطلح شعر التفعيلة وأنت تعلم أنني أعلم ذلك بدليل استعمالي لمصطلح شعر التفعيلة بدلا من الشعر الحر في كتبي وأبحاثي العلمية بما فيها كتابي الذي يضم مقالاتي عن العواد وعنوانه "الشعر العربي الحديث في شبه الجزيرة العربية" الذي سيصدر في وقت لاحق بمشيئة الله. ولكن ما أود توضيحه هو أنني تعمدت استعمال مصطلح الشعر الحر لأعيد القارئ إلى أجواء الصراعات التي كانت ملتهبة في أربعينيات القرن المنصرم وقت نازك الملائكة والسياب ليشعر بالأهمية العلمية للموضوع وقد نجحت في ذلك وأعدتك إلى تلك الأجواء بدليل ردك، كما أنك أيها العزيز تعلم كما يعلم الجميع ومنذ القدم أنه لا مشاحة في الاصطلاح طالما أن المفهوم واحد فما نسميه الآن شعر التفعيلة كان يسمى قبل أربعين سنة الشعر الحر.

2- يعترض الدكتور المعيقل على أنني أنسب الريادة في شعر التفعيلة للعواد بحجة أن العواد كتب قصيدتيه الأولى والثانية مجاراة لشاعر عراقي نشر نصا تفعيليا في صحيفة العراق بتوقيع "ب - ن" وبناء على ذلك فإن العواد لا يستحق الريادة. أقول يا صديقي العزيز ردا على اعتراضك هذا ما يلي: إنني بدأت حديثي في موضوع ريادة العواد الشعر الحر بنشر مقالة درست فيها نص الشاعر العراقي المجهول الذي رمز لاسمه ب "ب - ن" ونشرت مع المقالة صورة جريدة القبلة التي نشر فيها"ب - ن" نصه وقلت إنني أفعل ذلك تحقيقا للموضوعية ووفاء للمجهول برغم مجهوليته لأن هدفي هو الحقيقة العلمية، ثم كتبت بعد تلك المقالة مقالتين قدمت فيهما دليلين ماديين يثبتان ريادة الشاعر السعودي محمد حسن عواد الشعر الحر وهما القصيدتان الحرتان اللتان نشرهما العواد في صحيفة القبلة عام 1921م مرفقا صور النصين كما هما من صحيفة القبلة، وقد كان الفاصل الزمني بين نشر "ب - ن" قصيدته في القبلة ونشر العواد قصيدتيه في الصحيفة نفسها أقل من شهر، وبالنظر إلى المستوى الفني لقصيدتي العواد ومقارنته بالمستوى الفني لقصيدة "ب - ن" نجد أن قصيدتي العواد أرقى بكثير من قصيدة "ب - ن" مما يدل على تمكن العواد من الشعر الحر وممارسته قبل "ب - ن"، ولكي لا يتشعب بنا الحديث دون ضابط أجدني بحاجة إلى التذكير بالمفهوم الإجرائي للريادة في سياق دراستي وهو يعني: سبق محمد حسن عواد كلا من علي أحمد باكثير ونازك الملائكة والسياب في كتابة الشعر الحر. ويتضح من هذا المفهوم أن ما أركز عليه هو البعد التاريخي للريادة وليس البعد الفني لأن التركيز على البعد الفني يخرج كل من ذكرتهم من الريادة باستثناء السياب. وبعد هذين الدليلين الماديين التاريخيين ثبت لدينا أن تواريخ بدايات كتابة الشعر الحر جاءت عند الرواد على النحو الآتي:

1- علي أحمد باكثير في سنة 1936م.

2- نازك الملائكة في سنة 1947م.

3- بدر شاكر السياب في سنة 1947م.

وبربط تواريخ كتابة هؤلاء الرواد قصائدهم الحرة بتاريخ كتابة العواد قصيدتيه المنشورتين في صحيفة القبلة سنة 1921م نستنتج أنه قد ثبت لنا ثبوتا قطعيا بالدليل المادي التاريخي والفني أن الشاعر السعودي محمد حسن عواد قد سبق باكثير في كتابة الشعر الحر بخمس عشرة سنة، وسبق نازك الملائكة والسياب في كتابة الشعر الحر بست وعشرين سنة. ولا ينقص من سبق العواد وريادته الشعر الحر كتابة المجهول "ب - ن" قصيدة حرة ونشرها في صحيفة القبلة لأن وجود المجهول "ب - ن" في مسيرة العواد نحو اكتشاف الشعر الحر يعادل وجود الشيخ الحجازي المجهول في مسيرة الخليل بن أحمد الفراهيدي نحو اكتشاف علم العروض والتنظير له، فقد صرح الفراهيدي بأنه اهتدى إلى علم العروض بواسطة شيخ مجهول في المدينة المنورة كان يعلم صبيا علما يسمونه علم التنعيم فقد "سئل الخليل، هل للعروض أصل؟ قال: نعم. مررت بالمدينة حاجا، فرأيت شيخا يعلم صبيا ويقول له:

نعم لا. نعم لا لا. نعم لا. نعم لا لا

نعم لا. نعم لا لا. نعم لا. نعم لا لا

قلت: ما هذا الذي تقول للصبي؟ فقال: هو علم يتوارثونه عن سلفهم يسمونه (التنعيم) لقولهم فيه: نعم. قال الخليل: فرجعت من الحج فأحكمتها، أي فأحكمت هذه الصنعة، وتمكنت منها (1). فاعتراف الفراهيدي بالمصدر الذي اقتبس منه فكرة علم العروض "وهو شيخ مجهول في المدينة المنورة" لا ينتقص من عبقرية الفراهيدي شيئا بل يعلي من قدره. واعتراف العواد بالمصدر الذي اقتبس منه فكرة الشعر الحر" وهو شاعر مجهول على صفحات صحيفة القبلة الحجازية رمز لاسمه ب "ب - ن" لا ينتقص من عبقرية العواد شيئا بل يعلي من قدره. وقد صرح العواد بمصدر اقتباسه مثلما صرح الفراهيدي من قبل بمصدر اقتباسه، وفي هذا تعادل بين السلف والخلف في الأمانة العلمية مما يجعل من العواد خير خلف لخير سلف. والسؤالان المهمان اللذان يطرحان الآن هما:

بعد علم الفراهيدي وتنظيره: هل يصح أن ننسب علم العروض إلى الشيخ المجهول الذي لقيه الفراهيدي في المدينة المنورة؟ وبعد إبداع العواد الشعر الحر بإرادة فنية ووعي لمتطلبات المرحلة ونشر نصين منه في زمن قريب من مناداته إلى الشعر الحر والتنظير له في سلسلة طويلة من المقالات النقدية التي نشرها في سنة 1926م، ثم جمعها فيما بعد في كتاب بعنوان "خواطر مصرحة" كما شرح آراءه في عروض الشعر العربي في كتاب مستقل بعنوان "الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية" وامتلاكه صوتا شعريا ونقديا يمتد من سنة 1913م إلى سنة 1979م. هل يصح بعد هذا كله أن ننسب الشعر الحر إلى المجهول الذي لقيه العواد على صفحات صحيفة القبلة؟ أعتقد أن الإجابة الصحيحة عن السؤالين السابقين لا تخفى على أحد. فإذا جاز لنا يا صديقي العزيز أن ننسب علم العروض إلى الشيخ المجهول في المدينة فإنه يجوز لنا أن ننسب الشعر الحر إلى الشخص المجهول في صحيفة القبلة الذي رمز لاسمه ب "ب - ن".

4- يعترض الدكتور المعيقل قائلا"لا يُعقل أن يقال إن العواد كتب قصائد مماثلة قبل هذه فليس لدينا ما يثبت ذلك". وأقول يا عزيزي: كتب العواد قصائد مماثلة ومخالفة قبل نصيه المنشورين في صحيفة القبلة، ولكن العواد كان في تلك القصائد يمجد الهاشميين وأنت تعلم أن صحيفة القبلة توقفت في مطلع العهد السعودي الزاهر وقد كانت الذراع الإعلامي السياسي للهاشميين (وزارات داخلية وخارجية وإعلام) وقد كان يكتب فيها الشريف حسين نفسه تحت اسم مستعار هو "ابن جلا" ومن غير اللائق بحصيف كالعواد وقد دالت دولة الهاشميين أن يصدر قصائد تمجد عهدا بائدا في مطالع عهد جديد نظرا للحساسية التي كانت تكتنف مرحلة تأسيس الدولة مما لا يخفى على أحد ولدي ما يثبت أنه كتب قصائد مماثلة ستراها في الحلقات القادمة من الموضوع، أما القصائد التي نشرها العواد في العهد الهاشمي فقد صفاها من كل إشادة أو ذكر للهاشميين مما جعلها تبدو غير تفعيلية وقد أوقعه صنيعه هذا في حرج شديد جدا مع النقاد الذين تناولوا شعره وقد قمت بترميم نصوص العواد المنشورة وأعدت إليها الأسطر التي حذفها من صحيفة القبلة. فاللوم هنا يقع على همم بعض الباحثين في الأدب السعودي التي قصرت دون الوصول إلى صحيفة القبلة وهي موجودة بين ظهرانيهم وتحديدا في مكتبة الأمير سلمان المركزية في جامعة الملك سعود بالرياض.

5- أما قولك أيها العزيز إن العواد لم يكن يفخر بهذه الريادة مثلما أفتخر بها أنا الآن فأقول: أنا باحث ولست مفاخرا، ولو أردت المفاخرة لقلت إنني أول من أشار إلى هذه الحقيقة العلمية في الأدب الحديث، ولكن الذين أشاروا إليها كثيرون ومعظمهم باستثناء الدكتور إبراهيم الفوزان أشاروا إليها في سياق الإنكار والاستكثار وليس في سياق الإثبات بالدليل المادي، ولكنني لم أقل ذلك ولم ألتفت إليه ولم أهدف إليه أصلا، والفارق كبير جدا بين من يشير إلى المعلومة مجرد إشارة عجلى وخجلى وغير واثقة وبين من يطرحها بقوة وثقة وإثبات بالدليل المادي ولولا أنني أعرض بحثي في ريادة العواد في صورة مقالة صحفية لرأيت من المراجع والإحالات والتحليلات ما يكفيك لتغيير رأيك. أما عدم افتخار العواد بنفسه وهو صاحب حق وريادة وقصب سبق فهذا الأمر لا ينقص من القيمة العلمية والتاريخية لهذه الحقيقة شيئا، فأنا يا صديقي أدرس نص العواد ولا أدرس شخصه. وأضيف أيضا: أنني رصدت كل ما كتب عن العواد (تقريبا) وفرزته قسمين: إقصائي وموضوعي. وسترى كم تعرضت نصوص العواد للظلم من قبل الباحثين في الأدب السعودي. ومن هنا فإنني أقول إن نصوص العواد التي استشهدت بها في مقالاتي تحقق شروط قصيدة التفعيلة التي استقر عليها المصطلح من حيث موضوعاتها وأوزانها ولغتها وقد حددت الأسباب التي من أجلها أقصي العواد عن ريادة الشعر الحر. هذا ما أحببت أن أبينه ياصديقي العزيز في هذه المقالة وستجد المزيد من التفصيل عن الشعر العربي الحديث في شبه الجزيرة العربية في الكتاب لاحقا والآن دعني أنتقل من الرد على مقالتك القيمة إلى إسماعك شيئا من خواطري المصرحة والمكتمة إبان جمعي مادة كتاب الشعر الحديث في الجزيرة العربية وتحديدا الجزء الذي يتعلق بالعواد رحمه الله. إنني أعجب من حالنا نحن المثقفين في السعودية وفي دول ما يسمى بالأطراف الثقافية كيف بلغ بنا الانبهار بدول المراكز الثقافية إلى درجة أننا أصبحنا نعاونهم على طمس حقائقنا العلمية والثقافية بل ونشاركهم في إثبات ما لا يمتلكونه أصلا، إنني أعتقد أن هذه الحقيقة العلمية لو ثبتت في ساحة ثقافية أخرى غير الساحة السعودية لطارت بها الفضائيات وعقدت من أجلها المؤتمرات وسميت باسمها الجوائز والميادين والطرقات، انظر في كتب الأدب العربي الحديث مثل كتاب قضايا الشعر المعاصر لنازك الملائكة وشاهد كيف تجير الريادة لذاتها وقد سبقها العواد بأكثر من ربع قرن، وانظر في كتاب في الأدب العربي الحديث ليوسف عز الدين وشاهد كيف يجير الريادة لمجهول عراقي هو "ب - ن" وانظر في كتابي عز الدين اسماعيل وعبد القادر القط وغيرهم وشاهد كيف يعطون موضوع الريادة صبغة إقليمية كل بحسب القطر الذي ينتمي إليه وكلهم لا يملكون الدليل المادي على ما يقولون ولم يقدموا ما يثبت أقوالهم في كتبهم التي ندرسها في جامعاتنا لأبنائنا الطلاب في حين أننا في السعودية نمارس جلد الذات الثقافية برغم قوة حججنا وسطوع براهيننا فهل ألام على طرح هذه القضية وإثباتها بالدليل القاطع؟! ألام فعلا لو أنني زعمت أن الشيخ الذي اقتبس منه الفراهيدي علم العروض في المدينة المنورة هو جدي الشيخ سعد الصفراني الجهني رحمه الله.

ألم تسمع يا صديقي العزيز قول الذين يجادلون في نسب الشاعر العربي المعروف قطري بن الفجاءة لينسبوه إلى قطر لمجرد اشتمال اسمه على ياء النسبة؟ وألم تسمع يا صديقي العزيز قول الذين يجادلون في نسب الشاعر العربي المعروف أمية بن أبي الصلت لينسبوه إلى مدينة السلط الأردنية؟ فما بالنا نحن السعوديين نفرط في مجد ملكناه بالبراهين القاطعة والحجج الدامغة؟!! لنقدم كتابنا في الأدب الحديث العربي الحديث في شبه الجزيرة العربية من وجهة نظرنا إلى جانب الكتب الموجودة في المشهد الثقافي العربي وندع الحكم للقارئ والتاريخ، وهذا من أبسط حقوقنا كباحثين وأصحاب وجهة نظر وجيهة، وآمل منك يا صديقي العزيز التريث وقراءة مقالاتي التالية ففيها الكثير والكثير مما يجيب عن تساؤلاتك وتساؤلات الإخوة القراء على أمل أن يُقرأ موضوع ريادة العواد بموضوعية بعيدا عن جلد الذات أو الزهو بها فالعلم لا يقوم على التمني ولكنه يقوم على الحجج والبراهين والأدلة المادية، وأكرر شكري للجميع.

@ أستاذ الأدب والنقد الحديث - جامعة طيبة

(1) معروف، نايف، والأسعد، عمر - علم العروض التطبيقي - ط1- دار النفائس - بيروت - 1987م- ص 8
المصدر (http://www.alriyadh.com/2008/05/01/article338793.html)

د.ألق الماضي
22/05/2008, 02:46 PM
لم ينقطع العواد عن كتابة الشعر الحر منذ أن نشر أول نص من الشعر الحر في صحيفة القبلة سنة 1921م. بل انه كتب الشعر قبل أن ينشر نص (تحت أفياء اللواء). ويمكننا التأكد من حقيقة كتابة العواد الشعر قبل سنة 1921م من خلال تحديد العواد سبب طباعته ديوانه الأول (آماس وأطلاس) إذ يقول "كانت الفكرة التي أوحت بطبع ديوان (آماس وأطلاس) هي فكرة تسجيل شعر الطفولة والمراهقة وأوائل البلوغ وما بعد ذلك بقليل إلى سن العشرين، واعتبار هذه الحقبة من العمر مرحلة أولى من مراحل تطوري الشعري. ويبلغ مقدار هذه الحقبة من الزمن عشر سنوات أو تسعاً فقد نظمت الشعر في الحادية عشرة أو قبلها بقليل، وأعني بهذا الشعر ما كنت أحس أنه يقوم في نفسي من الطاقة التي لا أعرف كيف أسميها، وإنما أشعر أنها مزيج من قوة العاطفة، وسعة الشعور، وحرية التفكير حتى في ذات الإله نفسه، والرغبة الملحة في التعبير عن هذا المزيج"(1). ويمكننا التأكد من الحقيقة السابقة من خلال تحديد العواد سبب طباعته ديوانه الثاني (البراعم، أو بقايا الآماس) إذ يقول "وبعد، فقد جمعت في ديواني الأول (آماس وأطلاس) جانباً مما نظمته من شعر الحقبة آنفة الذكر، وأغفلت منه عمداً بعض القطع التي لم أكن أقدر أن القراء يعنون بها، فلما طبع الديوان وانتشر، أحسست أن القراء يلتهمون كل ما ضم بين دفتيه بشغف قد يكون أكثر من الشغف بشعر الشباب الناضج أو الكهولة المتأملة، وأحسست أني لم أف الموقف حقه بطي بعض القطع، أو القصائد التي لها نفس الحق الذي نالته أخواتها. فجمعت ما بقي من مواد (آماس وأطلاس) وأطلقت عليه اسم "البراعم" أو "بقايا الآماس" نظراً لأن هذه القطع القديمة الجديدة تؤذن بتفتح الشاعرية كما يؤذن البرعم بتفتح الزهر"(2).
وبعد تحديد سببي طباعة ديواني العواد المتمثلين في تسجيل شعر الطفولة نتحول الآن إلى كيفية التأكد من كتابة العواد الشعر قبل سنة 1921م. ونستطيع التأكد من صدق هذه الحقيقة من خلال الربط الزمني؛ فإذا كان مولد العواد سنة (1902م) وإذا كان ديوان الآماس وديوان البراعم الذي يعد من بقايا الآماس وملحقاً مكملاً له قد كتبهما العواد في سن الطفولة والمراهقة وأوائل البلوغ فإن تقدير بداية هذه المرحلة يكون في السن الحادية عشرة من عمر العواد، وتقدير نهاية هذه المرحلة يكون في السنة العشرين من عمر العواد، ومن خلال الربط الزمني بين سني الحادية عشرة والعشرين من عمر العواد وبين تأريخ ولادته يتضح لنا أن المدى الزمني الذي كتبت فيه نصوص ديواني الآماس والبراعم يساوي تسعة أعوام تقع بين عامي ( 1913- 1922م). وهذا الاستنتاج قريب من تقدير العواد نفسه الذي سقناه أعلاه حيث يقول: (ويبلغ مقدار هذه الحقبة من الزمن عشر سنوات أو تسعا). وهذا يعني أن تأريخ طباعة ديوان (الآماس في سنة 1952م) وتأريخ طباعة ديوان (البراعم في سنة 1954م) يدلان على تأريخ طباعة الديوانين ولا يدلان على تأريخ كتابة وإبداع نصوصهما.

ونستطيع التأكد من أن ديواني الآماس والبراعم يضمان شيئاً من شعر الطفولة وما بعدها إلى حدود سنة 1927م من خلال تقديم العواد بعض قصائدهما. فمما يدل على أمانة العواد ودقته في مراعاة التمرحل الزمني لنصوص ديوانه قوله في مقدمة نص بعنوان (آماس وأطلاس) استهل بها ديوان "هذه القطعة ليست من منظومات العهد الذي نظم فيه شعر الديوان وإنما نظمت حديثاً أثناء تقديم الديوان إلى المطبعة"(3). ومن مقدمات النصوص التي تدل على أنها مكتوبة في عهد الطفولة مقدمة نص بعنوان "وحدة العرب" حيث يقول في تقديمه: "من قصيدة فقد أكثرها"(4). ومقدمة نص بعنوان "أفدام" حيث يقول "نظمت في رهط من تلاميذ المدرسة قاموا بأعمال فوضوية"(5). ومن مقدمات النصوص التي تدل على أنها كتبت بين عامي (1921-1926م) مقدمة نص "مع الورقاء" التي جاء فيها "بعثت بهذه القصيدة في حينها إلى الأديب الأستاذ عمر عرب.. وكان ذاك في سنة 1344ه - 1925م"(6). ومقدمة نص "جنون الناقدين" حيث يقول "نظمت هذه القصيدة عندما عزمت على طبع كتابي "خواطر مصرحة" في عام 1344ه - 1925م(7).

إن من أوائل النصوص التي كتبها محمد حسن عواد على نظام الشعر الحر وضمنها ديوانه الأول (آماس وأطلاس) نص بعنوان "نحو النور"(8). ومن أهم النصوص التي كتبها العواد على نظام الشعر الحر وضمنها ديوانه الثاني (البراعم) نص بعنوان "خطوة إلى الاتحاد العربي"(9)، وقد قدم العواد لهذا النص بما يدل على مناسبة وتأريخ كتابته إذ يقول "في سنة 1343ه 1924م انتهت الأزمة الوطنية التي نشأت في عهد الانتقال بين الحكومة الذاهبة والحكومة الحاضرة باتحاد الحجاز ونجد في حكم مستقر هو حكم صاحب الجلالة "الملك عبدالعزيز آل سعود" أدامه الله، فاتسعت رقعة الفكرة الوطنية التي كنا نتمثلها في الحجاز وحده، فحققها جلالته بضم نجد وملحقاتها وأطراف الجزيرة في دولة واحدة هي الآن الدولة العربية السعودية. ورأى الشاعر أن هذا النجم البادي يشير إلى كوكب أكبر وأنه نواة للدولة العربية الكبرى التي تضم الناطقين بالضاد والمجموعة المترامية من البلاد التي تحويهم ليكون عربياً أكبر كياناً وأعظم فكرة وأوسع رقعة، وهذا خيال قد يخضع للواقع عندما تبعث الأمة العربية بعثاً خليقاً متماسكاً" (10). وسأرجئ إدراج وتحليل النصين إلى مبحث تلقي ريادة العواد في الدراسات الأدبية والنقدية لاحقاً. والسؤال الذي ينبغي طرحه الآن هو الآتي:

لم لم يضم العواد نص "تحت أفياء اللواء" إلى دواوينه المطبوعة بالرغم من أنه يعد دليلاً مادياً يثبت ريادته الشعر الحر؟!! ولهذا السؤال اجابتان في الوقت الحاضر.

الاجابة الأولى: قدمها العواد نفسه في مقابلة شخصية أجرتها معه آمنة عقاد وطرحت عليه سؤالنا السابق حيث تقول "هناك قصيدة أخرى بعنوان "تحت أفياء اللواء" نستغرب أن يحذفها العواد من دواوينه رغم نظمها في شكل جديد - سمي فيما بعد الشعر الحر - لم يكن معروفاً في تلك الآونة. ولم نر سبباً يدعو العواد إلى اسقاطها سوى أنه - كما يقول - قد فقد نسختها الأصلية مع قصائد كثيرة فقدت من منظومات ذلك العهد"(11) ولأنني مدرك تفادي العواد الاجابة عن سؤال الأستاذة آمنة عقاد سأقدم اجابة أخرى.

أما الاجابة الأخرى: فهي أن المضامين التي حفل بها نص العواد تمجد الثورة العربية الكبرى وفكرة القومية العربية وهي مضامين تنسجم مع توجهات صحيفة القبلة الناطقة باسم الهاشميين وفكرهم ولا يخفى على أحد ما قد يثيره نشر نصوص تحمل فكر العهد الهاشمي في بدايات العهد السعودي من علامات استفهام كان العواد وأمثاله من التحرريين والقوميين في غنى عن الاجابة عنها. ومن هنا فإنني أظن أن العواد قد تعمد إغفال النصين عند طباعة دواوينه. وأيا كانت الأسباب والظروف فإن غياب النصين عن الدواوين المطبوعة لا يعني غيابهما عن صحيفة القبلة التي نشره فيها ولا يقلل من قيامهما دليلاً على سبق العواد كلا من باكثير ونازك الملائكة والسياب في ميدان الشعر الحر ايداعاً وتنظيراً. وسأركز في الحلقات القادمة على الكيفية التي تلقيت بها ريادة العواد في الدراسات النقدية والأدبية بادئاً بالتلقي الموضوعي.

الهوامش:

(1) عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- البراعم - ص

101.(2) عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- البراعم - ص

103.(3) عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- آماس وأطلاس - ص

23.(4) عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- آماس وأطلاس - ص

25.(5) عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- آماس وأطلاس - ص

74.(6) عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- آماس وأطلاس - ص

27.(7) عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- آماس وأطلاس - ص

32.(8) عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- آماس وأطلاس - ص

56.(9) عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- آماس وأطلاس - ص

139.(10) عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- آماس وأطلاس - ص

139.(11) عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- آماس وأطلاس - ص
المصدر (http://www.alriyadh.com/2008/05/22/article344423.html)

يوسف أبوسالم
25/05/2008, 01:57 PM
النص الحر الأول الذي نشره العواد في صحيفة القبلة عام 1291م




د. محمد الصفراني


http://www.alriyadh.com/2008/04/10/img/114097.jpg


اكدنا في المقالات السابقة حقيقة علمية جديدة قلبت الحقائق العلمية التي كانت سائدة قبلها في كل كتب الأدب والنقد الحديث وهي أن ريادة الشعر الحر لنازك الملائكة، وحتى يكون كلامنا بعيداً عن الاهواء والتمنيات والرجم بالغيب ها نحن نقدم الدليل المادي على ريادة العواد الشعر الحر بين يدي دعوانا وهو صورة أول نص حر نشره العواد في صحيفة القبلة عام 1291م مع وعد بنشر النص الحر الثاني الذي نشره العواد في صحيفة القبلة في نفس العام في الحلقة القادمة. ودفعاً للشبهات فإنني سأدرج صورة طبق الأصل من الصفحة الأولى من صحيفة القبلة للعدد الذي نشر فيه محمد حسن عواد نصه الأول المكتوب على نظام الشعر الحر وأتلوها بصورة طبق الأصل من الصفحة التي نشر فيها النص نفسه بعنوان "تحت أفياء اللواء" وقبل ذلك أود التوجه بالشكر الوافر إلى مكتبة الأمير سلمان المركزية في جامعة الملك سعود على اتاحتها الفرصة لي بالاطلاع على صحف العهد الهاشمي وتصويرها:


وسأعيد كتابة مقدمة الصحيفة للنص ونص قصيدة العواد حتى يكون واضحاً وأشير إلى عدد التفعيلات المكونة لكل سطر من أسطر النص برقم في أوله.



الشعر المطلق



جاءتنا القصيدة الآتية من الفاضل صاحب الإمضاء بجدة وهي من الشعر المطلق على الطراز الجديد يضاهي بها قصيدة من هذا النوع تغزل فيها صاحبها بالراية العربية وكنا نشرناها في عددنا (115) نقلاً عن جريدة العراق الغراء وها هي القصيدة التي جاءتنا من جدة:



"تحت أفياء اللواء"



1- نهضتي



1- أنت فخري



1- أنت ذخري



1- بك قدري



3- يعتلي، فوق السماك الأعزل،



4- لك قد آثرت في عمري احتساء العلقم



1- بكِ دوما



1- فقت قوما



2- عرفوا معنى الحياة



1- فانشلينا



1- وارفعينا



2- في الورى أرفع جاه،



4- نحن قوم نعتلي تحت ظلال العلقم



@ @ @



1- نهضتي:



1- ما ارتقائي



1- واعتلائي



1- واكتسائي



3- ثوب عز فيه يصفو العيش لي،



4- بسواك أنت أسباب حياة الأمم.



1- بك تحيا



1- كل عليا



2- أنت عنوان الفخار،



1- افهميني



1- علميني



2- في الورى حفظ الذمار،



4- وارفعي رايتنا فوق جباه الأنجم.



@ @ @



1- نهضتي!



2- أنت مجدي



1- منك سعدي



1- حرري!



3- وطنا لا يبتغي إلا السعود،



3- واخلعي عن عنقه نير العبود،



1- اسعديه!



1- بلغيه!



2- كل غايات المرام



3- ليعيش الشعب في عيش رغيد،



4- في هناء "تحت أفياء اللواء" المعلم.



@ @ @



1- نهضتي!



3- أنت أس الارتقا السامي الصحيح،



1- للوطن



3- أنت للشعب المعنى خير روح،



1- في بدن



1- فاكتبي!



2- في صفحة العصر الجديد،:



4- "إنما النهضة أم الارتقاء العالمي"



جدة - م.ح.



يبني العواد نصه على نظام الشعر الحر، فقد أقام وزنه على أساس تفعيلة (فاعلاتن) التي يقوم عليها بحر صاف هو بحر الرمل. وقد جعل العواد من تفعيلة (فاعلاتن) وحدة موسيقية مستقلة بذاتها ووزعها بأعداد متفاوتة على سطور النص من غير أن يلتزم بنظام ثابت في التوزيع، ويتضح التفاوت في توزيع التفعيلات على سطور النص من خلال الأرقام التي يبدأ بها كل سطر والتي يدل كل منها على عدد التفعيلات المكونة للسطر. وقد قسم العواد النص أربعة مقاطع حيث يتكون المقطع الأول من ثلاثة عشر سطراً، ويتكون المقطع الثاني من ثلاثة عشر سطراً، ويتكون المقطع الثالث من أحد عشر سطراً، ويتكون المقطع الرابع من ثمانية أسطر. وقد كتب العواد مقاطع النص جميعها على هيئة السطر النثري الذي يخالف الشكل التناظري للقصيدة الكلاسيكية القائمة على البيتية المبنية على بحور الشعر العربي المعروفة. وبهذا يتبين لنا أن نص العواد يتوافق مع مفهومنا الإجرائي للشعر الحر موافقة تامة. كما يتوافق مع مفهوم العواد للشعر الحر كما سيرد في مدونة العواد النقدية لاحقاً، واستناداً إلى توافق نص (تحت أفياء اللواء) مع مفهوم الشعر الحر، واستناداً إلى تأريخ نشره في صحيفة القبلة الواقع في سنة 1291م نستطيع القول: ان الشاعر السعودي محمد حسن عواد قد سبق كلا من باكثير ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب في كتابة الشعر الحر.


المصدر


الأخت ألق الماضي
مساء الخيرات

شكرا لك على نشر هذا الموضوع الخلافي
وخصوصا نشر الرأي والرأي الآخر
لكنني لاحظت في مقالة الدكتور محمد الصفراني
أنه يذكر ..أن النص الأول الذي نشره العواد
في الصحيفة السعودية كان سنة ..1291م .....!!!
وأظن هذا خطأ طباعيا
حيث المقصود سنة 1921م
تحياتي

د.ألق الماضي
13/06/2008, 08:35 PM
الأخت ألق الماضي
مساء الخيرات


شكرا لك على نشر هذا الموضوع الخلافي
وخصوصا نشر الرأي والرأي الآخر
لكنني لاحظت في مقالة الدكتور محمد الصفراني
أنه يذكر ..أن النص الأول الذي نشره العواد
في الصحيفة السعودية كان سنة ..1291م .....!!!
وأظن هذا خطأ طباعيا
حيث المقصود سنة 1921م
تحياتي







أهلا بك أيها الكريم...
نعم هو خطأ مطبعي ...
والصواب ما ذكرت 1921م...

د.ألق الماضي
13/06/2008, 08:36 PM
تجاذبت ريادة الشعر الحر منعطفات حادة تمثلت في مثلث: باكثير، ونازك، والسياب. ولم يكن للعواد ذكر في معظم الدراسات الأدبية والنقدية التي بحثت موضوع الريادة وأجراها باحثون من خارج السعودية. أما دارسو الشعر الحديث في السعودية فقد كان العواد حاضرا في دراساتهم حضورا مميزا لا يقل عن حضور أي من زوايا مثلث الريادة العربي في الدراسات الأدبية والنقدية العربية.
وبالرغم من شبه انحصار دراسة إبداع العواد في الدراسات الأدبية والنقدية الصادرة عن باحثين سعوديين إلا أن تلك الدراسات لم تقف من إبداع العواد موقفا متعمقا يغوص في قاع مشروع العواد الشعري ويحدد نقطة البداية الحقيقية لإبداعه الشعري من خلال التتبع التاريخي لمدونته الشعرية المنشورة في صحيفة القبلة، كما أن تلك الدراسات لم تتعمق في مشروع العواد النقدي من خلال التتبع التاريخي لمدونته النقدية التي واكبت إبداعه الشعري. ولم تربط تلك الدراسات بين ما ورد في مدونتي العواد الشعرية والنقدية من حقائق تأريخية وإبداعية وبين ما ورد في السياقين الزمني والإبداعي للشعر على مستوى ساحته المحلية / الخاصة وعلى مستوى الساحة العربية / العامة لتتمكن من معرفة موقع العواد في سياق حركة الشعر العربي الحديث وسياق حركة الشعر الحر لكنها توقفت عند نص واحد للعواد قدم له العواد بقوله (في سنة 1343ه 1924م انتهت الأزمة الوطنية إلخ) 1وقد بنت تلك الدراسات أحكامها الأدبية والنقدية على هذا النص وهو بعنوان (خطوة إلى الاتحاد العربي)2:

6- لقد آن أن تستحيل المدامع يا موطني

3- إلى بسمات وضاء

3- وأشياء لم تعلن

3- وأن تتقوى بعزم

3- كرهت له أن يني

6- وتدفع شبانك الطامحين إلى المعليات

3- لتنعش روح الأمل

@ @ @ @ @ @

2- أفق واستمع،

4- ثم الق بها نظرة للنجوم

3- تريك أشعة نجم

3- يضيء بليل بهيم

2- بدا كالسها

1- وسيسري

3- كبدر يشق الغيوم

3- يقود مسيرك حتما

3- إلى عزة في الحياة

3- متوجة بالعمل

@ @ @ @ @ @

2- أفق واستمع:

4- ما تقول البحار على شاطئيك

3- تآلف بعد الجفاء

3- بنوك على ضفتيك

3- فهلل لهذا الإخاء

3- وأيده في جانبيك

فكم ذا أرى من رجاء، وكائن أرى

السانحات (بتدوير السطرين يستقيم الوزن ونحصل على ست تفعيلات)

3- تباعد عنك الفشل

@ @ @ @ @ @

3- لقد كنت فيما مضى

3- كيانا صغيرا فحسب

3- وها أنت ذا الآن تمضي

3- إلى مظهر يشرئب

3- فكن مطهرا للجناة

3- وكن جنة للبناة

3- وكن شامخا كالجبل

@ @ @ @ @ @
3- دع اليأس للمرجفين

3- ومن يلبسون المسوحا

3- وأوح إلى العاملين

3- ليلغوا الخيال الكسيحا

3-فقد زال عهد التزوي

3- فحي المجال الفسيحا

وصافح بقلب طهور حياة السرى

والثبات (بتدوير السطرين يستقيم الوزن ونحصل على ست تفعيلات)

3- وكن فكرة ترتجل

@ @ @ @ @ @

3- إلى الاتحاد المتاح

3- فثم اتحاد أجل

3- وذي خطوة للأماني

3- تليها خطى لا تمل

3- سيعقد - بعد - اللواء

3- اللواء الذي لا يحل

6- لواء العروبة جمعاء يخفق في الكائنات

3- فتهفوا إليه الدول

@ @ @ @ @ @

لقد صمم اليوم مشروعه الباسق

المستديما (بتدوير السطرين يستقيم الوزن ونحصل على ست تفعيلات)

3- مليك أبى للشكوك

3- بأهدافه أن تقيما

فعش للوئام المؤمل س عبد العزيز س

العظيما (بتدوير السطرين يستقيم الوزن ونحصل على ست تفيلات)

3- لتبعث شعبا كبيرا

3- عزيزا بماضٍ وآتٍ

3- أبى الله أن يبتذل

يبني العواد نصه على نظام الشعر الحر، وقد أقامه على أساس تفعيلة (فعولن) التي يقوم عليها بحر صاف هو بحر المتقارب. وقد جعل العواد من تفعيلة (فعولن) وحدة موسيقية مستقلة بذاتها، ووزعها بأعداد متفاوتة على أسطر النص من غير أن يلتزم بنظام ثابت في التوزيع. ويتضح التفاوت في التوزيع من ناحيتين:

1- تفاوت أسطر النص في عدد التفعيلات بين ( 1- 2- 3- 4- 6) تفعيلات في السطر الواحد، كما أن بعض الأسطر تتكون من (5) تفعيلات كما في السطر السابع في كل من المقطعين ( 3و5). والسطرين الأول والخامس من المقطع السابع.

2- اختلاف عدد تفعيلات الأسطر في كل مقطع بمقارنتها بمثيلاتها من الأسطر في المقاطع الأخرى.

وقد قسم العواد النص سبعة مقاطع حيث يتكون المقطع الأول من سبعة أسطر، ويتكون المقطع الثاني من عشر أسطر، ويتكون المقطع الثالث من تسعة أسطر، ويتكون المقطع الرابع من سبعة أسطر، ويتكون المقطع الخامس من تسعة أسطر، ويتكون المقطع السادس من ثمانية أسطر، ويتكون المقطع السابع من تسعة أسطر. وقد كتب العواد مقاطع النص جميعها على هيئة السطر النثري الذي يخالف الشكل التناظري للقصيدة الكلاسيكية القائمة على وحدة التفعيلة، وبهذا يتضح لنا أن نص العواد يتوافق مع مفهومنا الإجرائي للشعر الحر موافقة تامة. كما يتوافق مع مفهوم العواد للشعر الحر كما ورد في مدونته النقدية.

وبتتبع الجهود المبذولة في معظم الدراسات الأدبية والنقدية التي تناولت قضية ريادة العواد الشعر الحر والتي توقفت عند نص ( خطوة إلى الاتحاد العربي ) يمكننا رصد تلقيهم ريادة العواد الشعر الحر في محورين رئيسين هما: محور استجابة القارئ، ومحور موجهات التلقي.

أستاذ النقد والأدب الحديث جامعة طيبة

1- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- البراعم - ص

2139- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- البراعم - ص 139
المصدر (http://www.alriyadh.com/2008/06/12/article349961.html)

د.ألق الماضي
19/06/2008, 11:15 AM
ونعني بالاستجابة الإقصائية : إقصاء إبداع العواد الدال على ريادته؛ سواء أكان الإقصاء بالتقليل من شأنه، أم بتفريغه من مضامينه الريادية .
ويتحقق الإقصاء بتدخل الذات القارئ في الموضوع المقروء، وقد وجدنا هذا المستوى من الاستجابة لدى باحثين تدخلوا في منجز العواد في دراساتهم فأخرجوه من سياقيه العربي والمحلي وشرطه الثقافي الذي يحدد موقعه الحقيقي من مسيرة الريادة والإبداع على مستوى الشعر العربي الحديث استنادا إلى نص "خطوة إلى الاتحاد العربي" الذي عرضناه في المقال الماضي وهو نص تفعيلي (حر) أثبتنا له البنية التفعيلية إلا أن بعض الباحثين أباحوا لأنفسهم التدخل في التشكيل البصري الكتابي للنص كيما ينسجم وأحكامهم الإقصائية المسبقة الرامية إلى إخراج هذا النص من دائرة الشعر التفعيلي مما يترتب عليه نفي ريادة الشعر الحر عن العواد.

ومن أبرز الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر استجابة إقصائية مركبة الباحثة آمنة عقاد ويتجسد الإقصاء المركب في كونه لا يكتفي بالإقصاء فحسب؛ بل يمارس إلى جانب الإقصاء تفريغ إبداع العواد من مضامينه الريادية. فقد توقفت عند نص "خطوة إلى الاتحاد العربي" واستندت إليه في إقصاء العواد عن ريادة الشعر الحر بتفريغ نصه من مضامينه الريادية حيث تقول والواقع أن هناك أمرين في شكل القصيدة يغريان القارئ المتعجل بالحكم على القصيدة بأنها من الشعر الحر : توزيع التفعيلات على سطور، واختلاف هذه السطور في عدد التفعيلات، ولكننا لا نميل إلى إطلاق مصطلح الشعر الحر على هذه القصيدة، لأن من أهم شروط الشعر الحر هو توزيع التفعيلات بحرية تامة وفق ما يقتضيه التدفق الشعوري دون قيد أو شرط أو نظام معين يخضع له الشاعر، كما أن عدد التفعيلات الثلاث التي التزمها الشاعر أو مضاعفها توحي بأن القصيدة مقامة على بحر المتقارب المجزوء ذات الشكل العمودي ويمكننا قراءة قصيدة العواد على الشكل التالي :

المقطوعة الأولى :

لقد آن أن تستحيل ال

مدامع يا موطني

إلى بسمات وضاء

وأشياء لم تعلن

وأن تتقوى بعزم

كرهت له أن يني

وتدفع شبانك الطا

محين إلى المعليات

لتنعش روح الأمل

المقطوعة الثانية :

أفق واستمع ثم الق

بها نظرة للنجوم

تريك أشعة نجم

يضيء بليل بهيم

بدا كالسهى وسيسري

كبدر يشق الغيوم

يقود مسيرك حتما

إلى عزة في الحياة

متوجة بالعمل(1)

وتتجلى الاستجابة الإقصائية بتفريغ نص العواد من مضامينه الريادية في استخدام الباحثة آلية إقصائية جديدة تتمثل في انتهاك حرمة الشكل الشعري لنص العواد من خلال لوي عنق الشكل الشعري من الحر إلى العمودي لإخضاعه عنوة لفكرتها. وفي هذا تجن على الشعر وعلى الشاعر، فهل كان العواد يجهل شكل الشعر الحر وهو الذي كتب نصين منه في صحيفة القبلة قبل كتابته نصه المعتدى عليه بزمن طويل؟ !! وهل كتب العواد في شعره العمودي نصا متهالكا بمستوى النص المتهالك الذي قدمته الباحثة بعدما شوهت النص الأصلي وحولته إلى الشكل العمودي في بيت كامل وشطر يتيم وأشبعته تدويرا وإقواء ومزقته بما يوافق فكرتها؟ !! وبعد ذلك خلصت إلى إطلاق حكمها على النص الذي يتمثل في أنها لا تميل إلى إطلاق مصطلح الشعر الحر عليه لأن من أهم شروط الشعر الحر توزيع التفعيلات بحرية تامة وفق ما يقتضيه التدفق الشعوري دون قيد أو شرط أو نظام معين يخضع له الشاعر. وهو حكم يفتقر إلى الموضوعية لأنه مبني على الإحساس والشعور وهو بالتالي يحتاج إلى تأكيده بمستند نصي نابع من تحليل النص تحليلا يبرز الموجات الشعورية ويقيس توازيها وتوافقها مع التدفق الموسيقي للنص وهذا ما لم تفعله الباحثة، فما تشعر الباحثة أنه نظام خارجي متبع قد يكون في حقيقته هو نفس نظام التدفق الشعوري الذي جرت عليه الدفقات الشعورية لكل مقطع. فالسطر الشعري "هو كمية القول الشعري المكتوبة في سطر واحد سواء أكان القول تاما من الناحية التركيبية أو الدلالية أم غير تام. حيث يتحكم في السطر الشعري قانونان هما : قانون المسافة، وقانون الاتجاه"(2). وأي تدخل في السطر الشعري يعد انتهاكا لقانونيه وعبثا بمكوناته. لكن الباحثة تلوي أعناق الحقائق الإبداعية الدالة على ريادة العواد إرضاء لاستجابتها الإقصائية بتفريغ نص العواد من مضامين ريادته الشعر الحر متناسية أن ما فعلته في نص العواد يمكن فعله في نص الكوليرا لنازك الملائكة وغيره من نصوص الشعر الحر وبالتالي تنتهي قضية الشعر الحر برمتها في الشعر العربي الحديث .

@@@@

إن استجابة آمنة عقاد الإقصائية بتفريغ إبداع العواد من مضامين ريادته الشعر الحر شكلت منطلقا لاستجابات اقصائية مماثلة لدى كثير من الباحثين الذين جاءوا بعدها والذين توقف معظمهم عند نفس النص الذي درسته وهو "خطوة إلى الاتحاد العربي" وكرروا ما قالته آمنة عقاد في هذه القصيدة ونفوا من خلال ما قالته آمنة وكرروه هم ريادة العواد الشعر الحر.

ومن أبرز الباحثين الذين اقتفوا أثر آمنة عقاد وتبنوا استجابتها الإقصائية لريادة العواد الشعر الحر عبد الله الغذامي حيث يقول ولا بد أن أشير هنا إلى الوهم الذي وقع فيه بعض الكتاب السعوديين حينما ادعوا أن الشاعر محمد حسن عواد قد كان سباقا في كتابة الشعر الحر وذلك في قصيدته "خطوة إلى الاتحاد العربي" المنشورة في ديوان (البراعم) والتي كتبها العواد عام 1942م ولكنه لم ينشرها إلا بعد ذلك بوقت طويل. والقصيدة ليست شعرا حرا على الإطلاق فهي مكونة من سبعة مقاطع في كل مقطع خمسة أبيات موزونة مقفاة على بحر المتقارب" (3). وفي هذا الرأي تناقض مع الرأي الذي سقناه في محور الاستجابة الموضوعية للغذامي نفسه. وبالرغم من اعتراف الغذامي بريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي إلا أنني أتساءل عن سبب تجنب الغذامي إثبات ريادة العواد الشعر الحر على مستوى الشعر العربي الحديث من خلال دراسة مدونة العواد الشعرية التي تشتمل على نصوص شعرية حديثة تثبت ريادة العواد الشعر الحر على مستوى الشعر العربي الحديث مثل نصي العواد المنشورين في صحيفة القبلة "تحت أفياء اللواء" ونص "نطلب العزة أو يهراق دم"؟!! كما أنني أتساءل عن مدى علم الغذامي بهذين النصين وما يمثلانه من أهمية تأريخية وفنية؟ !! ولعل حسن الهويمل يجيب عن تساؤلي حيث يقول "لست أعرف تفاصيل تلك المعركة العنيفة بين الدكتورين عبد الله الغذامي، وإبراهيم الفوزان حول العواد، وإن كنت أشعر بمسؤوليتي الشخصية عن كسر جليد الجفوة القائمة بينهما بعد صداقة وخلطة، أعرف أنهما تجادلا حول أهمية العواد، وكان الغذامي - على ما أذكر - يعيش خيبة الأمل بعد رحلة دراسية تطبيقية في شعره أضاعت عليه الجهد والوقت، وذلك حين أراد أن يطبق منهجه النقدي الجديد الذي طبقه فيما بعد على الشاعر حمزة شحاته"(4) فهل عسر هضم منهج الغذامي النقدي إبداع العواد كاف لتبني الغذامي استجابة آمنة عقاد الإقصائية لريادة العواد الشعر الحر؟ . وليت الغذامي وقف من العواد موقف محمد حسين زيدان رحمه الله من العواد حيث يقول "ولقد تحدث إلي بعد جفوة بيني وبينه، رجعنا بها إلى صفوة، فلست من العيابين له، وحتى في أيام جفوته لي لم أكن أبخسه حقه، فالعواد الإنسان قد يغضبني، ولكن العواد / الموقف، الشاعر المجدد، لا بد وأن أكون المفاخر به"(5).

ومن الباحثين الذين تبنوا استجابة آمنة عقاد الإقصائية لريادة العواد الشعر الحر أحمد الطامي الذي توقف عند نص "خطوة إلى الاتحاد العربي" حيث يقول "لقد كان الشكل المطبعي الذي ظهرت به القصيدة دافعا لبعض النقاد لاعتبارها من المحاولات المبكرة لشعر التفعيلة. والحقيقة أن الذين اعتبروها قصيدة من شعر التفعيلة اعتمدوا على تقسيم الشاعر للأشطر فظهرت وكأنها قصيدة تفعيلة"(6) فأقصى بذلك العواد عن ريادة الشعر الحر.

وإلى جانب تلك الاستجابات الإقصائية نجد استجابات كثيرة تطرقت إلى ريادة العواد من زاوية نص "خطوة إلى الاتحاد العربي" ومن زوايا أخرى مثل استجابة بكري شيخ أمين الذي يصنف العواد تارة في الرومانسيين إذ يقول "وشعراء الرومنسية في السعودية كثيرون معظمهم من الشباب تراوح أعمارهم بين الثلاثين والأربعين وأشهرهم محمد حسن عواد"(7). ونجده يصنف العواد تارة أخرى في الواقعيين إذ يقول "وهناك فئة قليلة جدا لا تكاد تشكل تيارا مستقلا له معالمه وسماته اختارت أن يكون فنها للمجتمع، أو أن تكون ملتزمة بالقضايا الاجتماعية والحيوية وهي بذلك تخطو خطوات المدرسة الواقعية التي كادت أن تسيطر على أدب بعض البلاد العربية ومنهم العواد"(8). وتتجلى استجابة بكري بالتقليل من شأن ريادة العواد الشعر الحر في التناقض الذي يبدو في تصنيفه العواد مرة في الرومانسيين وأخرى في الواقعيين. وإن دل هذا التناقض على شيء فإنما يدل على الهروب من مواجهة قضية ريادة العواد الشعر الحر.

ومن الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر استجابة إقصائية بالتقليل من شأنها عبد الله المعيقل حيث يقول "لن أطلق على العواد صفة مفكر فهو ليس كذلك، وهذا لا يقلل من مكانته في تاريخنا، كما أن صفة شاعر قد تنطبق على زملاء آخرين له أكثر مما تنطبق عليه، ولنا في هذا أن نختلف ما وسعنا الاختلاف"(9). وتتجلى استجابة المعيقل الإقصائية بالتقليل من شأن ريادة العواد الشعر الحر في محاولته نفي صفة شاعر عن العواد مما يعني إقصاءه عن ريادة الشعر الحر.

إن الباحثين السابقين - مع احترامنا لجهودهم البحثية - لم يكلفوا أنفسهم عناء النظر في مدونة العواد الشعرية المطبوعة في دواوينه وليس المنشورة في صحيفة القبلة بدليل أن للعواد نصا من الشعر الحر نشره في ديوانه آماس وأطلاس الصادر قبل ديوان البراعم المتضمن نص "خطوة إلى الاتحاد العربي" وإذا كان نص خطوة مثار خلاف بين الباحثين بوصفه من الشعر الحر أو من العمودي فإن نص الآماس لا يحتمل الجدال من هذه الناحية لأنه منشور قبل تجربة باكثير ونازك والسياب "حيث نشر في صحيفة صوت الحجاز عدد 131السنة 3، 1353ه 1934م تحت عنوان الاستشفاء"(10) وهذا النص منشور في ديوان الآماس بعنوان "نحو النور"(11) :

1- هتف القلم

1- فشجا الأمم

3- ودعا بني العرب الكرام إلى الصعود

3- نحو الحقيقة غير أنهم رقود

3- ذهبت سدى صرخات قلبك يا يراع !

1- عشنا سدى

1- طول المدى

3- أفلا زحام على الحياة ولا اقتحام

3- حتى متى قواد فكرتنا نيام؟

3- هبوا معا نعنى بفوضى الاجتماع

1- حكماءنا ! !

1- خطباءنا ! !

3- كتابنا شعراءنا المتيقظين

3- لا تهملو مرضا ألم بنا سنين

3- داووا الحياة وبرروا علل الصراع

1- سلّوا اليراع !

1- ودعوا النزاع

3- وابغوا العراك فلا حياة بلا عراك

3- واستمطروا همما تحن إلى الحراك

3- وإلى الحياة، وغادروا سقط المتاع

1- ليس المديح

1- يشفي الجريح

3- ويحلل الأوصاب من ألم الخمول

3- ما إن يرام المجد في أدب يزول

3- المجد رفع الروح عن نوم التلاع

1- وخذوا الزمام

1- وإلى الأمام

3- فهنا على لجج المزاعم زحمة

3- تقف النفوس بها وما هي نعمة

3- أبدا وأن الوهم يجتذب الضياع

يبني العواد نصه على نظام الشعر الحر، فقد أقام وزنه على أساس تفعيلة "متفاعلن" التي يقوم عليها بحر صاف هو بحر الكامل. وقد جعل العواد من تفعيلة "متفاعلن" وحدة موسيقية مستقلة بذاتها. إلا أنه التزم بنظام صارم في التوزيع. فالنص يتكون من ثلاثين سطرا يتراوح نصيب كل سطر من التفعيلات بين " 1- 3" تفعيلات، وقد جرى تقسيم التفعيلات على أسطر النص على نظام هندسي يتمثل في تفعيلة واحدة في كل سطر من الأسطر ( 1- 2). وثلاث تفعيلات في كل سطر من الأسطر ( 3- 4- 5). وتفعيلة واحدة في كل سطر من الأسطر ( 6- 7). وثلاثة تفعيلات في كل سطر من الأسطر ( 8- 9- 10) وتجري بقية الأسطر على هذا النظام إلى آخر النص. وقد كتب العواد نصه على هيئة السطر النثري الذي يخالف الشكل التناظري للقصيدة الكلاسيكية القائمة على البيتية المبنية على بحور الشعر العربي المعروفة. وبهذا يتبين لنا أن النص يتوافق مع مفهومنا الإجرائي للشعر الحر موافقة تامة. كما يتوافق مع مفهوم العواد للشعر الحر كما ورد في مدونته النقدية .

@ جامعة طيبة

الهوامش:

1- عقاد، آمنة عبد الحميد - محمد حسن عواد شاعرا - ص

2392- الصفراني، محمد بن سالم - التشكيل البصري في الشعر العربي الحديث من 1950م إلى 2004م - أطروحة دكتوراه مخطوطة - جامعة الملك سعود - الرياض - 2006م - ص

3145- الغذامي، عبد الله - الصوت القديم الجديد دراسات في الجذور العربية لموسيقى الشعر الحديث - ط 1- كتاب الرياض - عدد 66- الرياض - 1420ه - ص

439- الهويمل، حسن بن فهد - في الفكر والأدب دراسات وذكريات - ص

547- الباعشن، محمد سعيد - العواد وهؤلاء - دار الوزان - القاهرة - د ت - ص

635- الطامي، أحمد بن صالح - محمد حسن عواد : نهار التجربة - مجلة علامات - ملتقى قراءة النص الرابع - المجلد الثالث عشر - الجزء 25- جدة - يونيو - 2004م - ص

7839- أمين، بكري شيخ - الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية - ص

8387- أمين، بكري شيخ - الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية - ص

9388- المعيقل، عبد الله حامد - مؤثرات الإقناع عند محمد حسن عواد - مجلة علامات - ملتقى قراءة النص الرابع - المجلد الثالث عشر - الجزء 25- نادي جدة الأدبي - جدة - يونيو - 2004م - ص

10757- عقاد، آمنة عبد الحميد - محمد حسن عواد شاعرا - ص

11393- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- آماس وأطلاس - ص56
المصدر (http://www.alriyadh.com/2008/06/19/article352061.html)

د.ألق الماضي
26/06/2008, 03:00 PM
إن تباين استجابة القراء تجاه مثير واحد هو ريادة العواد الشعر الحر ظاهرة علمية صحية تدل على تفاعل الأوساط العلمية بمشاربها المختلفة مع هذا المثير . وبتتبع الدراسات النقدية التي شغلت ريادة العواد الشعر الحر حيزا فيها تمكنا من استقطاب استجابات القراء إلى مستويين رئيسين هما الاستجابة الموضوعية والاستجابة الإقصائية وقد بسطنا القول في المقال السابق عن مستوى الاستجابة الإقصائية وسنبسط القول في هذا المقال عن مستوى الاستجابة الموضوعية .
ونعني بالاستجابة الموضوعية : "مسلك الذهن الذي يرى الأشياء على ما هي عليه فلا يشوهها بنظرة ضيقة أو بتحيز خاص"

1.وتتحقق الموضوعية بإبعاد مؤثرات الذات القارئة عن الموضوع المقروء . وقد وجدنا هذا المستوى من الاستجابة لدى باحثين استحضروا منجز العواد في دراساتهم ووضعوه ضمن سياقيه العربي والمحلي وشرطه الثقافي الذي يحدد موقعه الحقيقي من مسيرة الريادة والإبداع على مستوى الشعر العربي الحديث .

ومن أبرز الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر على مستوى العالم العربي استجابة موضوعية عبد الرحيم أبو بكر الذي توقف عند نص العواد الموسوم ب (خطوة إلى الاتحاد العربي) الذي أبدعه سنة 1924م واستند إليه في إثبات ريادة العواد الشعر الحر حيث يقول "ولا أريد هنا أن أسترسل مع الكتابات النقدية التي نقضت تلك الأسبقية المزعومة (أي : نازك الملائكة، والسياب، وباكثير) ولكن أريد أن أقف بالقارئ عند نص شعري لشاعر معاصر من شعراء الحجاز أجد فيه أسبقية يمكن أن ترقى إلى مزاحمة تلك الأسبقيات في قضية الشعر الجديد الحر ولو من الناحية التأريخية، هذا النص لم يتعرض له أحد من الذين حاولوا أن يؤرخوا لميلاد حركة الشعر الحر، لا لشيء إلا لأن الشعر الحديث في الحجاز ظل شعرا إقليميا في أكثر أحواله لولا تعرض قلة من الأدباء العرب الذين عرضوا للكتابة عن بعض شعرائه بمناسبة إصدار ديوان أو ما إلى ذلك من المناسبات التي تجعل هذا الأديب أو ذاك يجود بكلمة مجاملة أو تقريظ . وأعني بهذا النص قصيدة : خطوة إلى الاتحاد التي أنشأها الشاعر محمد حسن عواد في أوائل العشرينيات من هذا القرن" 2.وقد أورد عبد الرحيم أبو بكر حكمه هذا في رسالة ماجستير حيث أشار إلى هذا في مستهل كتابه إذ يقول "قدمت هذه الرسالة إلى كلية الآداب بجامعة القاهرة وناقشتها لجنة مكونة من الأستاذ الدكتور شكري محمد عياد المشرف على الرسالة رئيسا، والأستاذ الدكتور حسين نصار، والأستاذ الدكتور أحمد كمال زكي عضوين ونالت درجة الماجستير في الآداب بتقدير جيد جدا، وكانت المناقشة في 16رجب 1393ه، الموافق 15أغسطس سنة 1973م" . 3ويكتسب هذا النص الموازي أهميته من وجهة نظري من خلال الإقرار الضمني من قبل المشرف ولجنة المناقشة بصحة هذه النتيجة التي لو لم تكن صحيحة لما أجيزت رسالة الباحث من غير تعديلها كما هو معمول به في الأوساط الأكاديمية . مما يعني إقرار : شكري عياد، وحسين نصار، وأحمد كمال زكي، بريادة الشاعر السعودي محمد حسن عواد الشعر الحر .

ومن الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر استجابة موضوعية إبراهيم الفوزان الذي توقف عند نص العواد الموسوم ب (خطوة إلى الاتحاد العربي) واستند إليه في اثبات "حقيقة أن العواد قد سبق غيره في ريادة الشعر الحر والمنثور لا في الحجاز وحده بل وفي بعض البلاد العربية وهو ما يمكن إدراكه من خلال تتبع آثار غيره في هذه الأشكال الجديدة من الشعر" . 4فهو يثبت للعواد الريادة على مستوى العالم العربي في مجالي الشعر المنثور والشعر الحر.

وإذا كانت استجابتا عبد الرحيم أبو بكر وإبراهيم الفوزان - وهما الوحيدتان في هذا المستوى في حدود علمي - قد أنصفتا العواد على المستويين العام والخاص، فإن ريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي برزت في استجابات كثير من دارسي الأدب العربي في السعودية حيث يكاد يجمع عليها كل الباحثين تقريبا استنادا إلى نص (خطوة إلى الاتحاد العربي) .

ومن أبرز الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي استجابة موضوعية عبد العزيز السبيل، وقد قدمت استجابته على سواها من استجابات المستوى المحلي لأنها تقف في منطقة وسطى من مستويي الريادة العربية والمحلية، فهو يعلق سؤال الريادة على المستوى العربي ويثبتها للعواد على المستوى المحلي حيث يقول "وإذا كان سؤال ريادة العواد لشعر التفعيلة في العالم العربي سيبقى معلقا، فإن ريادته لشعر التفعيلة على المستوى المحلي ستكون دون منافس"

5.ومن الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي استجابة موضوعية عبد الله الغذامي الذي يسوق رأيه في ريادة العواد الشعر الحر بشكل غير مباشر وذلك في معرض حديثه عن حركة الشعر الحر في المملكة العربية السعودية حيث يقول "لم يكن أمام هذا الجيل من تأسيس حداثي سوى تجربة وحيدة كان العواد هو رمزها وهو أستاذها" .

6ومن الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي استجابة موضوعية وقلقة في آن واحد عبد الله الحامد حيث يقول "لم يكن العواد شاعرا كبيرا لكنه كان صاحب مذهب في الأدب سواء في إطار الفكرة، أم مضمون التجربة، والمتأثرون بمدرسته كثيرون سواء من المجددين، أو المخضرمين من الرومانسيين، الذين تفاعلوا مع الحركات التجديدية في البلاد العربية" . 7ويكرر الحامد الاستجابة ذاتها في كتابه التالي دونما جديد حيث يقول "لم يكن العواد شاعرا كبيرا لكنه كان صاحب مذهب في الأدب في الأسلوب والموسيقى والتجربة، والمتأثرون بمدرسته كثيرون سواء من المجددين أو المخضرمين الذين تفاعلوا مع الحركات الشعرية في البلاد العربية" 8وهذه الاستجابة وإن كانت منصفة إلا أنها تنطوي على تناقض ؛ إذ كيف لا يكون العواد شاعرا كبيرا ويكون في الوقت نفسه صاحب مذهب في الأدب ؟ وما فائدة تكرار الاستجابة ذاتها في كتابين يفصل بينهما عامان سوى الحيرة في التثبت والقناعة من ريادة العواد الشعر الحر .

ومن الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي استجابة موضوعية حسن الهويمل حيث يقول "إنني لا أتردد أبدا في اعتبار العواد من رواد الأدب الحديث في المملكة، وفي الوقت نفسه لا أستطيع المضي إلى أكثر من ذلك فأجعله مدرسة أدبية قائمة بذاتها" 9.ويثبت سعد البازعي ريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي حيث يقول "وقد يكون من المفيد أن أشير إلى أنه من الناحية التاريخية لم تكن بلادنا متخلفة عن غيرها من الدول العربية، بل إن هناك من يقول إنها واكبت تلك الدول في إبداع القصيدة الحديثة كما نجد في التجارب الشعرية لمحمد حسن عواد" . 10ويثبت عثمان الصوينع ريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي حيث يقول "حمل لواء التجديد في الشعر السعودي الحديث عدد غير قليل من من الشعراء السعوديين المعاصرين، وفي مقدمتهم الشاعر السعودي المعاصر محمد حسن عواد"

11.ومن خلال استجابات دارسي الأدب العربي في السعودية نحو ريادة العواد الشعر الحر يتضح لنا أن معظم دارسي الأدب العربي في السعودية يثبتون - دون منافس - ريادة العواد الشعر الحر في المملكة العربية السعودية .

1- وهبة، مجدي والمهندس، كامل - معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب - ط 2- مكتبة لبنان - بيروت - 1984م - ص

2396- أبو بكر، عبد الرحيم - الشعر الحديث في الحجاز - ط 1- منشورات نادي المدينة المنورة الأدبي - المطبعة السلفية - 1977م - ص

3217- أبو بكر، عبد الرحيم - الشعر الحديث في الحجاز - ص

41- الفوزان، إبراهيم - الأدب الحجازي الحديث بين التقليد والتجديد - ج 3- ط 1- القاهرة - مكتبة الخانجي - ص 1140- ص

51145- السبيل، عبد العزيز - شعر التفعيلة : سؤال الريادة - مجلة علامات - ملتقى قراءة النص الرابع - المجلد الثالث عشر - الجزء 25- نادي جدة الأدبي - جدة - يونيو 2004م - ص

6859- الحميدين، سعد - الأعمال الشعرية - ط 1- دار المدى - دمشق - 2003م - ص 6(مقدمة بقلم الدكتور عبد الله الغذامي).

7- الحامد، عبد الله - في الشعر المعاصر في المملكة العربية السعودية - ط 2- دار الكتاب السعودي - الرياض - 1986م - ص

8.91- الحامد، عبد الله - الشعر الحديث في المملكة العربية السعودية - ص

9.184- الهويمل، حسن بن فهد - في الفكر والأدب : دراسات وذكريات - ط 1- منشورات نادي المدينة الأدبي - 1408ه - ص

10.47- البازعي، سعد - ثقافة الصحراء - ط 1- مكتبة العبيكان - الرياض - 1991م - ص
1119- الصوينع - عثمان - حركات التجديد في الشعر السعودي المعاصر - ج 2- ط 1- 1987م - ص 387.
المصدر (http://www.alriyadh.com/2008/06/26/article353937.html)

د.ألق الماضي
03/07/2008, 03:23 PM
ونعني بموجهات التلقي: مجموع العوامل التي كان لها الأثر البارز في توجيه تلقي ريادة العواد الشعر الحر سواء نحو جهة الاستجابة الموضوعية، أم نحو جهة الاستجابة الإقصائية.
ومن خلال تتبعنا موجهات تلقي قضية ريادة العواد الشعر الحر وجدناها تتمثل في أربعة موجهات.

1-2- القيود المنهجية.

ونعني بالقيود المنهجية: ما يفرضه الباحث على دراسته من محددات وشروط بيئية مكانية أو زمانية لإبراز إطار بحثه.

ويعد القيد المكاني من أهم القيود المنهجية التي وجهت تلقي ريادة العواد الشعر الحر نحو جهتي الاستجابة الموضوعية، أو الإقصائية. ويتمثل توجيه القيد المكاني ريادة العواد نحو جهة الاستجابة الموضوعية في أن معظم الدراسات التي تناولت الأدب العربي في السعودية وتطرقت إلى قضية ريادة العواد الشعر الحر توقفت عند إثبات ريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي، وقلدته الريادة. ويتمثل توجيه القيد المكاني ريادة العواد الشعر الحر نحو جهة الاستجابة الإقصائية في أن تلك الدراسات نفسها لم تستطع التوسع في إثبات ريادة العواد الشعر الحر على مستوى الأدب العربي الحديث بشكل عام بسبب خضوعها للقيد المنهجي المكاني الذي تقوم عليه والذي يحصرها داخل الإطار الجغرافي لحدود المملكة العربية السعودية. وبالرغم من اشتغال القيد المكاني على جهتي الاستجابة إلا أن كسره كان سيقود تلك الدراسات إلى - منذ زمن مبكر - إثبات ريادة العواد الشعر الحر على مستوى الأدب العربي الحديث ومن هنا فإن للدراسات المتبنية للاستجابة الموضوعية مبررا منهجيا لتوقف عند حدود المحلية في قضية ريادة العواد الشعر الحر.

2-2-القوانين النقدية.

ونعني بالقوانين النقدية: القوانين التي وضعتها نازك الملائكة والتي تقضي من خلالها بدخول النص الشعري حيز الشعر الحر أو خروجه منه.

وتعد القوانين النقدية من أهم الموجهات التي وجهت تلقي ريادة العواد الشعر الحر نحو جهة الاستجابة الإقصائية. حيث توقف معظم الباحثين عند نص العواد الموسوم ب "خطوة إلى الاتحاد العربي" الذي أبدعه العواد سنة 1924م وحللوه على ضوء قوانين نازك الملائكة النقدية في الشعر الحر التي وضعتها سنة 1947م وهذا لا يستقيم من ناحيتين :

1- أن قوانين نازك الملائكة لم تنبثق عن استقراء نصوص حرة سابقة بل هي موضوعة لتؤسس لنصوص آتية.

2- إن نص العواد محل التحليل كتب قبل صدور قوانين نازك الملائكة بثلاث وعشرين سنة، وبناء عليه فلا يجوز محاكمة ما فات من نصوص الشعر الحر على ضوء قوانين تؤسس لما هو آت من نصوص الشعر الحر من وجهة نظر نازك الملائكة فقط.

وقد ساهمت القوانين النقدية التي وضعتها نازك الملائكة في توجيه تلقي ريادة العواد الشعر الحر وجهة إقصائية على المستويين المحلي والعربي.

إن قوانين نازك الملائكة لا تكتسب أي شرعية نقدية نظرا لأنها غير منبثقة عن إرث إبداعي مؤسس، هذا إلى جانب صدورها عن عقل فرد عربي واحد، وليس من العقل ولا من العدل ولا من الموضوعية أن يحدد فرد واحد من بنات أفكاره هو وحده للأمة العربية القوانين التي تبدع شعرها من خلالها. لأن في هذا انتقاصاً من الشخصية العربية الإبداعية وتحجيماً للإبداع. واقتراف ما لم يجرؤ على اقترافه أحد. ولنا في الخليل بن أحمد الفراهيدي أسوة حسنة في هذا الباب. إذ إنه بالرغم من عبقريته وعلو قدره إلا أنه لم يجرؤ على سن أوزان أو قوانين للشعر العربي من بنات أفكاره وتصوراته الشخصية، بل عكف على الشعر العربي يتأمله ويستقرئه إلى أن قادته عبقريته إلى استنباط جملة من القوانين في الموسيقى والقافية من كم هائل من الشعر العربي المتراكم قبله على مر القرون، وقدم للأمة العربية علما جديدا هو علم العروض، أي أنه استنبط من موجود ولم يؤسس على مفقود. وقد لاقى إبداع الفراهيدي قبولا وإعجابا من الدارسين على مر التاريخ لأنه معرفة مؤصلة ومستقاة من تراكمات معرفية على مدى قرون طويلة. أما قوانين نازك الملائكة، فهي قوانين سنتها نازك ليكتب الشعراء على سننها ولذا فإنها لا تصلح إلا لتحليل نصوص نازك الملائكة وحدها لا شريك لها ابتداء من نص الكوليرا إلى أخر نص يسطره قلمها من الشعر الحر. ولصياغة قوانين للشعر الحر ذات صبغة علمية تقوم على استقراء النصوص واستنباط القوانين مثلما فعل الفراهيدي فإنني أظن أنه لا سبيل إلى ذلك إلا بإتباع الخطوتين التاليتين:

1- أن ترصد نصوص الشعر الحر ابتداء من سنة 1921م سنة إبداع العواد نص "تحت أفياء اللواء" إلى سنة 1947م سنة إبداع نازك نص الكوليرا، وإبداع السياب نص "هل كان حبا".

2- أن تستنبط قوانين كتابة الشعر الحر من خلال الخطوط العريضة التي تشترك فيها مجمل نصوص الشعر الحر المرصودة.

3-2- السمات الشخصية للعواد.

ونعني بالسمات الشخصية للعواد: ما تتسم به شخصية العواد من سمات لها دور في توجيه ريادته الشعر الحر نحو جهة الاستجابة الموضوعية أو جهة الاستجابة الإقصائية.

ومن سمات العواد الشخصية التي وجهت تلقي ريادته الشعر الحر نحو جهة الاستجابة الإقصائية: حدة طبع العواد في التعاطي مع القضايا الثقافية وطرح ما يؤمن به من آراء تتعلق بالفكر والثقافة والأدب. ويتجلى هذا الجانب في معارك العواد الأدبية وصراعاته الفكرية مع معاصريه من رموز الفكر والأدب، فقد اختلف مع محمد حسين زيدان اختلافا وصل حد الجفوة ولعل ما يهمنا من هذا الاختلاف ما ورد على لسان الزيدان من توصيف دقيق لجانب الحدة في شخصية العواد حيث يقول "كل عيبه أنه لا يقتني الكثير من الأتباع ولا يعنى بالقليل من الأسياد.. هو سيد نفسه" 1والشعور بسيادة الذات ينبع من الإيغال في الشعور بالفردية والاعتداد المفرط بالذات الناتج عن حدة الطبع المنفر للأتباع والقالي للأسياد.

ويعبر حسن الهويمل عن سمة حدة طبع العواد حيث يقول "وأسلوبه في التعامل مع الأشياء يحمل الآخرين على تبني توجهات مضادة، ومن أبرز سماته الجرأة والاعتداد بالنفس، والمباهاة بالرأي، والادعاء الجازم كقوله: "ابتدعنا، جددنا، ابتكرنا، جاهدنا، استطعنا" وهي مقولات تعيد إلى الذهن زهو الدكتور زكي مبارك وصلفه وتعاليه إلا أن هناك فرقا بين الرجلين فزكي مبارك يدافع عن حق مسلوب والعواد ينازع على قضايا مطروحة في الطريق. وجرأة العواد تحمله على عدم الاكتراث بعواقب الآراء التي يسوقها بصيغة الجزم كقوله "الشعر المنثور شعر أصيل" وبسبب هذه الجرأة خاض معارك عنيفة حول قضايا عدة"

2.ويعبر عبد الفتاح أبو مدين عن سمة حدة طبع العواد حيث يقول "كان طابع أدبه القوة، لأنها تكمن في نفسه، وكان عنيدا، والعناد ينطلق من القوة وكان واضحا لأن الوضوح سمة الذين يعملون ويسيرون في الضوء أما العمل في الظلام والتعتيم فهو منهج الجبناء الضعاف " 3.ومما يؤكد بروز سمة الحدة في طبع العواد أن عبد الرحيم أبو بكر أحد أشد نقاد العواد موضوعية قد أبدى - وهو في ذروة الذود عنه وإنصافه - تذمره من حدة طبع العواد بعد ما أورد مقتبسا من كلام العواد عن نفسه مجليا دوره في تجديد الأدب حيث يقول "هكذا أشاد العواد بدوره في حركة التجديد، وأفصح عنها في اعتداد معهود منه، وليس لي تعليق على هذه الأسطر إلا أنه كان يحسن بالناقد العواد أن يترك تقدير أمر الدور الذي قام به إلى الباحثين والدارسين ممن يتعرض لبحث التطوير والتجديد اللذين طرآ على الشعر الحديث في الحجاز، فذلك خير من الحديث عن النفس " 4.هذه النبرة الخافتة في مخاطبة العواد لا تخلو من العتاب واللوم والإشارة الضمنية إلى سمة حدة طبع العواد في طرح الرأي على الآخرين بصورة مستفزة تصدم أحلامهم وتعري مبالغ إراداتهم.

ومن السمات الشخصية التي وجهت تلقي ريادة العواد الشعر الحر نحو جهة الاستجابة الإقصائية: حساسية العواد من الألقاب التشريفية في ميدان الأدب، وتتضح هذه الحساسية في رفض العواد لقب أمير الشعراء الذي دشن لأحمد شوقي حيث يقول "رأيي في هذه الألقاب سيئ لأنني أعتقد أنها موازين مغشوشة لتقويم الأدب تخدع السامعين والقارئين، وتنفخ فيمن توجه إليهم روح الغرور واستبطان الزعامة الموهومة، هذا فضلا عن أنها تعابير خاوية لا تحمل معاني صحيحة محترمة وأنها مبالغات مضحكة لا يطلقها إلا متملق، فالشعر ليست فيه إمارة ما، والفكر لا يحكمه أحد من رجاله ولا من غير رجاله لأنه بطبيعته حاكم غير محكوم وسيد غير مسود " 5.هذه الحساسية منعت العواد من الاهتمام بإبراز دوره الريادي، كما منعته من استقطاب أقلام معاصريه للاعتراف له بالريادة بالرغم من إدراكه ووعيه بأنه رائد الشعر الحر. وقد ساهمت سماتا العواد الشخصية المتمثلتين في حدة الطبع والحساسية تجاه الألقاب في توجيه تلقي ريادته الشعر الحر وجهة إقصائية.

4- 2- تجاذبات المراكز والأطراف.

إن بحث تلقي ريادة العواد الشعر الحر في الأدب العربي الحديث ليلقي الضوء على قضية خطيرة تلف الإبداعات الأدبية البازغة من قلب الجزيرة العربية. وتتلخص هذه القضية في محاولة ما يعرف بمراكز الثقل العربي متمثلة في: بغداد، وبيروت، والقاهرة، الاستئثار ببعض منابع الريادة مستفيدة من تقدمها في مجالات الطباعة والإعلام بوسائطه المتنوعة الذي يفوق إلى حد ما الإمكانيات ذاتها لعرب قلب الجزيرة العربية، إلى جانب الغياب شبه التام للنقاد القوميين في شبه الجزيرة العربية. وقد ساهم جذب المراكز في توجيه تلقي ريادة العواد الشعر الحر وجهة إقصائية.

@ جامعة طيبة M_alsafrani@hotmail.com (M_alsafrani@hotmail.com)

الهوامش:

1- الباعشن، محمد سعيد - العواد وهؤلاء - ص

235- الهويمل - حسن فهد - في الفكر والأدب: دراسات وذكريات - ص

349- الباعشن، محمد - العواد وهؤلاء - ص

4331- أبو بكر، عبد الرحيم - الشعر الحديث في الحجاز - ط 1- ص

5185- الفوزان، إبراهيم - الأدب الحجازي الحديث بين التقليد والتجديد - ج 3- ص951
المصدر (http://www.alriyadh.com/2008/07/03/article355880.html)

د.ألق الماضي
10/07/2008, 10:50 AM
إن تأريخ كتابة العواد مدونته النقدية لا يقل أهمية عن تأريخ 1921م الذي نشر فيه نص "تحت أفياء اللواء" في صحيفة القبلة. وقد حدد العواد تأريخ بداية كتابة مدونته النقدية في معرض حديثه عن الجزء المهم من تلك المدونة وهو كتاب "خواطر مصرحة" حيث يقول "كتبته في ثنايا أيام سنة 1344ه 1926م وكنت أستقبل السنة العشرين من حياتي وكان أسلوبي فيه أسلوب المتعلم الثائر على منهج تعليمه" 1.ويضاف إلى كتاب الخواطر كتاب "الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية"، ومقدمات دواوين العواد الشعرية التي بث قيها آراءه النقدية مبلورا من خلالها ومن خلال كتابيه ما اسميته مدونة العواد النقدية. فقد كان العواد يحرص على كتابة مقدمات دواوينه الشعرية بنفسه بخلاف غيره من شعراء المملكة "وإذا كان بعض الرواد من أدباء المملكة في بحثهم عن الانتشار والشهرة قد جعلوا كبار أدباء الوطن العربي يكتبون مقدمات دواوينهم وكتبهم فإن العواد قد آثر أن يكتب مقدماته بنفسه وقد يكون الباعث من وراء ذلك رغبته في بسط آرائه النقدية وإحساسه العميق بمكانته الأدبية والتي لا تقل - في نظره على الأقل - عن مكانة الأدباء العرب خارج بلاده كالعقاد، وطه حسين، ومحمد حسين هيكل، وغيرهم" 2ومن هنا نستنتج أن إبداع العواد الشعر الحر قد سبق تنظيره له بخمس سنوات.
إن خطاب العواد في مجمله يقوم على الدعوة إلى التحرر والانعتاق من التصورات المسبقة والأحكام القبلية للقضايا الراهنة من خلال إعمال النظرة الواقعية البراجماتية التي تنبع من الموضوع في ذاته ومن أجل ذاته. فهو يرى أنه "يجب أن نكون متحررين في ألسنتنا، وفي أقلامنا، وفي تفكيرنا، وفي دفاعنا" 3.ويستعمل العواد مصطلحات متعددة مثل: التحرر، والثورة، والعصرية، والتجديد، للدلالة على مفهوم واحد هو (التطور) ويعرف العواد التطور بقوله "إن التطور هو الانسلاخ من الماضي بما له وما عليه" 4.ومفهوم التطور عند العواد يشبه - إلى حد ما - ما يعرف في أيامنا هذه بالحداثة بوصفها حالة من التجديد الواعي الذي يترتب عليه التقدم نحو الأفضل في شتى الميادين. ولذلك اختار العواد لنفسه طريق التطور عندما قدمت له هزازة الهديتين: "جاءت هزازة يوما لإيقاظ فكري، هزازة الجنية رسولة الخير والشر والباطل والحق، هزازة ملاك الوحي والشعر والإلهام رأيت في إحدى يديها مشعلا ناريا وسيفا مسلولا يبرق ويضيء ولكنه يرسل شررا، وفي الأخرى رأيت صفحة حلوى وكوبا من الماء العذب الفرات. وإذ قدمت هزازة نحوي هديتها مددت يدي وتناولت الهدية الأولى مؤثرا مشعل النار لأننا في ظلمات، وسيف الحرب لأننا في بدء تكوين ثورة فكرية - هي ثورة الجديد على القديم، والحرية على التقليد - وبالرغم من هذا فالرأي العام في بني قومي لا يريد إلا حلوى" 5.وقد حمل العواد مشعل النار وسيف الحرب معلنا بدء حركته الأدبية: "كفى يا أدباء الحجاز أن لا نزال مقلدين حجريين إلى الممات ؟ وأقسم لولا حركة عصرية في الأدب تقوم الآن في الحجاز بهمة لفيف من أحرار الأدب العصري الحديث لما عرف العالم شيئا في الحجاز يدعى الأدب الصحيح" 6.وقد كانت الحركة العصرية في الأدب التي انطلقت في الحجاز هي حركة الشعر الحر.

ولكي يعرف العواد بحركة الشعر الحر أقدم على صياغة نظرية نقدية بلور فيها المفاهيم الرئيسة الصانعة لحركة الشعر الحر. وقد انطلقت حركة الشعر الحر لدى العواد من قضية مركزية هي قضية الشكل الشعري ومتطلبات المرحلة الجديدة من حياة الشعر والشعراء. فهي النواة التي بنى عليها اعتراضه على القصيدة العمودية. إذ يرى العواد أن الموضوعات الحديثة التي جدت ونادى بها تتطلب نظاما موسيقيا على نفس مستواها من الجدة. ويرى أن القصيدة العمودية لم تعد تلائم مستجدات المرحلة، وأن تكرارها سيفضي إلى تكرار الروح واللغة والموضوعات القديمة مما يبقي الشعر في دائرة الماضي الذي ينشد العواد الخلاص منه نحو ارتياد آفاق جديدة. وبتتبع آراء العواد النقدية نستطيع نسج خيوط نظريته في الشعر الحر التي تتضمن مجموعة من القضايا المهمة مثل: مفهوم الشعر الحر وشكله وأوزانه وقوافيه، ومقياس الشعر الحر، وقضية الإلهام، وعناصر الشعر، ووظيفته، ورسالته، وموضوعاته وقضية الوحدة العضوية بحيث تشكل هذه القضايا في مجملها نظرية العواد في الشعر الحر.

يقارب العواد مفهوم الشعر الحر من خلال موسيقى الشعر فيرى أن "للشعر نوعان من الموسيقى، نوع داخلي يحس به الشاعر الموهوب داخل أعماقه، ويسمى الموسيقى الداخلية. ونوع خارجي تحققه الكلمات والأداء التعبيري العام وتحدده الأوزان والقوافي وهذا النوع الأخير هو الذي يتناوله علم العروض" 7.فالعواد يحدد موسيقى الشعر في أربعة جوانب هي: الكلمات، والتعبير الشعري العام، والأوزان، والقوافي. من غير أن يلتفت إلى جانب المعنى. ويشير العواد إلى وجود طبيعتين مختلفتين للشعر والعروض "فطبيعة الشعر تتصل بالروح والنفس وما فيها من أفكار ومشاعر وخلجات وهذه أشياء داخلية. أما طبيعة العروض فتتصل بالعمليات الفنية الخارجية التي تباشر قوالب الشعر، وليس الشعر ذاته وهذه العمليات هي أساليب لنظم الشعر" 8.ويؤكد العواد أن النظم / الوزن العروضي ليس من شروط الشعر حيث يقول "ليس باللازم أن لا يكون الشعر إلا منظوما"9، محددا قيود الشعر حيث يقول "وقيود الشعر المقيد - عندي - هي القافية والبحر والتفعيلة: فالبحر هو الوزن العام لكل القصيدة في مجموعها. أما التفعيلة فهي الوزن الخاص لكل بيت من أبيات القصيدة. وقد تشترك عدة أبيات في وزن واحد خاص. وهذه القيود كما هو ظاهر قيود تتناول شكل الشعر ليس إلا ولا تمس مضمونه بشيء فالوزن والمعنى والفكرة والهدف والإشارات والأوحاء يجب أن تنطلق. أن تتحرر. أن لا تخضع لشيء من خطط القدماء أو سياسة ذوي السلطة الزمنية أو السلطة الروحية إن كان لهذه وجود بعد" 10.فالدعوة إلى انطلاق (الوزن، والمعنى، والفكرة، والهدف، والإشارات، والأوحاء) والإبقاء على (التفعيلة كوحدة موسيقية) هي أسس حركة الشعر الحر التي تزعمها العواد الذي يرى أن الشعر الحر هو "الذي يقوم على التفعيلة الخليلية" 11ولذا فإن "الخليل بن أحمد الفراهيدي هو مبتكر الأساس الذي يقوم عليه بناء الشعر الحر"

12.ويرى العواد أن الشعر الحر "موزون مقفى" 13ويقصد بالوزن التفعيلة ويقصد بالقافية "تلك القافية الرشيقة التي يترك اختيارها للمعنى وللجرس الموسيقي الخارجي وللانسجام العام مع هيكل ما قبلها وما بعدها من القوافي انسجاما موسيقيا لا لفظيا" 14.وبعد أن يحدد العواد أسس ومبادئ حركة الشعر الحر يثور على شكل القصيدة التي كان يكتبها معاصروه حيث يقول "ولكن أين الشعر الذي تنظمونه أو تروونه ؟ هل تلمسه في تخميس أو تشطير أو تشجير. أواه: كل هذا أيها المتشاعرون صديد فكري، وقيوء لو أنفق العمر أجمعه في مثلها لما وصل الناظم إلى الشعر. الشعر جميل، أما أمثال هذا فلا... ما الشعر إلا روح متمردة شيطانية عاتية تأبى أن تسكن أمثال هذه الخرائب البالية المتحطمة. الشعر روح سام يهبط من السماء فإن وجد في الأرض مستقرات وأكسية من الألفاظ تليق بعظمته وسموه وإلا عاد أدراجه طائرا إلى حيث مقر الأملاك. أو مباءة الشياطين. ليس الشعر ألفاظا ومعاني فقط وإنما الشعر أمر آخر وراء الألفاظ والمعاني وفوق الأفكار والتعابير" 15.فالعواد يركز على شكل الشعر الحر في تعريفه للشعر نابذا كل أشكال الشعر المهترئة من تشجير وتخميس وتشطير مرورا بشكل القصيدة العمودية. فشكل الشعر الحر هو الأثير لدى العواد، وهو الذي رافقه منذ أول حرف خطه في مملكة الشعر حيث يقول "بدأت أنظم بعد أن شعرت فعلا بالشعر، ولم يكن شعري كله نظما، بل كان يبرز مع النظم الشعر المنثور والشعر المطلق (أو المرسل). والشعر الحر وكنت أنظم - إذا نظمت - على بعض الأوزان دون البعض الآخر، وقد تعلمتها من النماذج الشعرية دون أن أعرف أسماءها وقواعدها" 16.ويقول في مقدمة ديوان البراعم "ولم أكن أعرف الشعور الأوتوماتيكي الرتيب، أو ما يسمونه نظم الشعر، ولكني كنت أبحث جاهدا عن القوالب وطرق التعبير" 17وقد تمثل شعر العواد الحر في بداياته الشعرية في النماذج التي عرضناها في مدونته الشعرية مثل نص "تحت أفياء اللواء"، و"نطلب العزة أو يهراق دم" وما تلاهما من نصوص من الشعر الحر ضمنها دواوينه المطبوعة.

@ جامعة طيبة

M_alsafrani@hotmail.com (M_alsafrani@hotmail.com)

- 1عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص / ج

2- عقاد - آمنة عبدالحميد - محمد حسن عواد شاعرا - ص

3104- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ط2- ص

4115- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص

532- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص

619- عواد، محمد حسن- خواطر مصرحة - ص

751- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ط1- دار الطباعة الحديثة - د ت - ص

825- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص

9165- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص

1059- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج2- في الأفق الملتهب - ص

1165- عواد محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص

1249- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص

1316- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص

14109- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص

15110- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص 30-
1633- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 2- رؤى أبو لون - ص

17252- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- البراعم - ص 101
المصدر (http://www.alriyadh.com/2008/07/10/article357663.html)

صلاح الحسن
13/07/2008, 12:04 PM
الأخت ألق الماضي:

أولاً-لم تعجبني عبارة ريادة الشعر الحرولا عبارة الدكتور (حقيقة علمية) فالريادة لا يمكن أن تكون جهداً شخصياً صراحة كلهم يشتركون في الريادة ولا عبرة كما اعتقد في نشر القصائد وتاريخ نشرها والأفضل أن ننظر إلى هذه التجارب المبكرة على أنها إرهاصات تبشر بالحداثة وتثبت أنها لم تكن نبتة غريبة بل كان لها رواد في كل قطر من الأقطار العربية

ثانياً- اسمحي لي أن أورد كلام الشاعر علي الدميني المنشور في جهات الشعر في ملف خاص عنه وهذا كلامه بالحرف الواحد وأود أن أعرف من هو صاحب السبق:

(وحين أفتح صفحات التاريخ الذي لم أعايشه، فإنني أود الإشارة إلى تجربة رائد التجديد والنزوع نحو الحداثة في بلادنا، وهو الأستاذ المرحوم محمد حسن عواد، والذي عبر عن ذلك التشوف الحي نحو الحداثة، ونافح عنه، واحتمل تبعات موقفه الثقافي والجمالي والسياسي، من خلال تجربته المبكرة لكسر عمود الشعر حين كتب مغامرته الأولى في بداية العشرينيات، والتي سبقت تجارب رواد قصيدة الشعر الحر، ونثبت هنا مطلع نص طويل كتبه في حوالي عام 1924م، بعنوان "خطوة إلى الإتحاد العربي":

لقد آن أن تستحيل المدامع يا موطني
إلى بسمات وضاء
وأشياء لم تعلنِ
وأن تتقوى بعزمٍ
كرهت له أن يني
وتدفع شبانك الطامحين إلى المعليات
لتنعش روح الأمل.
أفقْ واستمع
ثم ألق بها نظرةً للنجوم
تريك أشعة نجمٍ
يضئ بليل بهيم."

وقد أشار إلى هذه التجربة عبد الرحيم أبو بكر في كتابه "الشعر الحديث في الحجاز" الذي أعده كرسالة لنيل شهادة الماجستير في عام 73م، وأورد مقتطفات من مقدمة الديوان التي تؤكد على مصداقية تاريخ كتابتها حيث يقول العواد في تلك المقدمة "في سنة 1924م انتهت الأزمة الوطنية التي نشأت في عهد الانتقال بين الحكومة الذاهبة والحكومة الحاضرة باتحاد الحجاز ونجد في حكم مستقر هو حكم صاحب الجلالة الملك عبد العزيز آل سعود أدامه الله، فاتسعت رقعة الفكرة الوطنية التي كنا نتمثلها في الحجاز وحده، فحققها جلالته بضم نجد وملحقاتها وأطراف الجزيرة في دولة واحدة هي الآن الدولة العربية السعودية، ورأى الشاعر أن هذا النجم البادي يشير إلى كوكب أكبر وأنه نواة الدولة العربية الكبرى.."
وقد توج العواد انهمامه بتحديث بلادنا، بنشر بياته النقدي الشهير عبر كتابه "خواطر مصرحة" الصادر في عام 1925 ميلادية، والذي طرح من خلاله تصورا إصلاحيا وتحديثياً شاملا في الميدان الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، كما نادي فيه بضرورة كفالة حقوق المواطن في العدالة والحرية، وبضرورة تعليم المرأة وتحريرها من أسر العادات والتقاليد البالية، كما دعا المثقفين إلى الانفتاح على ثقافة الآخر وإبداعاته الأدبية والمعرفية. ولعل العبارة التالية - التي اخترتها على عجل- قادرة على الإفصاح المكثف عن موقفه من الحياة وروح العصر، حيث يقول: نريد حرية عصرية تحارب الوهم، وتسعى إلى الحقائق، وأن يحتكم الناس إلى ميزان الذوق والعقل والعلم". ولا أظن هذه العبارة التي شرحها في كتاب كامل تبتعد كثيراً عن بعض مرتكزات الحداثة.
لقد حاول العواد الخروج من الأرض الضيقة - بحسب الشاعر إبراهيم الحسين- بخطاب تحديثي كهذا، يسهم به في إخراج المجتمع من معضلة التمركز حول الذات، وأن يؤسس - منذ زمن بعيد- لخلق مناخ ثقافة الحوار والعقلانية والانفتاح على الآخر، ولكن قوى المحافظة أفرادا وجماعات وأدت تلك الصرخة العقلانية المبكرة، وقادت حملة شعواء ضد صاحبها، حيث مُنع كتابه من التداول، وكاد أن يودع السجن لولا تدخل بعض العقلاء، حسب ما أورده ضياء عزيز في حوار معه لمجلة "النص الجديد".
ولسوف يقود أبناء تك القوى المحافظة لاحقا، حملاتهم ضد العقلانية والتحديث، والتي تمثلت في كتاب العقيلان "جناية الشعر الحر"، وفي إيقاف المربد، وفي ما حواه شريط سعيد الغامدي، وكتاب عوض القرني "الحداثة في ميزان الإسلام"، وفي مجزرة الحداثة، مما سنفصل فيه فيما بعد.
وهكذا يتم وأد الصوت التحديثي، و يتكرس تدخل المؤسسة المحافظة في حرية الفضاء الثقافي والإبداعي، وتطفأ جذوة الرؤى النقدية المستنيرة، ولا يجد الأحفاد إلا تاريخ أجدادهم وآبائهم منزوياً في الكتب المنسية، ويستمر ترسيخ مفاعيل القطيعة بوجهها المزدوج، حيث يتم تغييب الإضاءة الملهمة في السياق المحلي وقمع النزوع الفردي الخالص في حق مقاربة التجديد والحداثة، فيما يتم تسييج الحاضر ضد الإضاءة القادمة من خارج المكان، ويجبر المثقف على الإحساس بأنه شريك لإدوارد سعيد - مع المفارقة- في اللامكان.
ولكل هذا، ولغيره مما لم يقل، أعتقد بأنني لا أذهب إلى التبرير بقدر ما ألامس الحقيقة القائلة، بأن عملية كسر عمود الشعر في المملكة تغدو لدى شعرائها ولدى الكثيرين من نقادها، هي الحداثة بعينها، لأنها تشتبك مع الذائقة المكرسة، ومع سلطة الثقافة الشفهية، ومع المؤسسات المهيمنة بالمعنى الشامل، في صراع، حول قطبيات، الأصالة والمعاصرة، والقدامة والحداثة، والثبات والتحول، والانغلاق والانفتاح، والوضوح والغموض، من خلال مرموزية هذا الفعل الشعري البسيط.
ويمكننا الآن القول بأن العواد قد ذهب قبل الأوان، إلى تجريب التحرر من القيود ومنها قيد الوزن والقافية، متأثراً بمحاولات مدرسة أبوللو وبشعراء المهجر، ومستجيباً لما تنطوي عليه نفسه من طموح وثورة على الركود، ولكنه لم يكسر عمود الشعر، أو يكتب النص المضاد - بحسب الغذامي- ولم يدفع بالتجربة إلى آفاق تخليق النموذج القادر على التأثير في محيطه الثقافي، غير أن تلك الخطوة السابقة في الزمن لتجربة رواد قصيدة الشعر الحر، كانت علامة في الطريق تشير إلى حراك ثقافي متعدد الوجوه، يرفض قيد النمط، ويؤسس لخلخلة سياق النص المكتمل والتذوق الساكن، ويحفز على اجتراح خيار حرية التشكيل والتعبير معاً.)

انتهى كلام الدميني فما رأيك؟؟

د.ألق الماضي
14/07/2008, 06:42 PM
الفاضل صلاح الحسن...
لي رأي أؤمن به في كل ما يتعلق بريادة فن أدبي أو غيره ...
لا شك أن الريادة الحقيقية هي ريادة الممارسة بمعنى التنظير الناضج الواعي الذي يصحبه تطبيق لتأكيده...أما التجارب السابقة فللإنصاف ينبغي ألا تهمل وإنما يؤرخ لها...وهنا نخرج من الإشكالية ولا نبتعد عن الحقيقة ...فيكون هناك سبق تاريخي...ويكون هناك ريادة فنية حقيقية...
لو طبقنا هذا الأمر ووضعنا نصب أعيننا الحقيقة ولا سواها ستنجلي الأمور...
لأضرب مثلا للتوضيح...
المقامات أحد الفنون التي اختلف الباحثون في ريادتها وأصولها ولهم أقوال عدة...لكن نستطيع أن نقول أول من كتبها تاريخيا أحمد بن فارس ثم ابن دريد ثم...إلخ...أما الرائد الحقيقي الذي نظر لها وطبقها ونضجت لديه فنيا فهو بديع الزمان الهمذاني...
أظن أن هذا التقسيم : ريادة تاريخية - الأسبقية الزمنية - وريادة فنية - الممارسة الواعية الناضجة - هو الأسلم والأصوب وإلا إن سلمنا بالريادة دون فحص فكل يوم سيخرج رائد جديد...
احترامي...

صلاح الحسن
15/07/2008, 11:15 AM
الفاضل صلاح الحسن...
لي رأي أؤمن به في كل ما يتعلق بريادة فن أدبي أو غيره ...
لا شك أن الريادة الحقيقية هي ريادة الممارسة بمعنى التنظير الناضج الواعي الذي يصحبه تطبيق لتأكيده...أما التجارب السابقة فللإنصاف ينبغي ألا تهمل وإنما يؤرخ لها...وهنا نخرج من الإشكالية ولا نبتعد عن الحقيقة ...فيكون هناك سبق تاريخي...ويكون هناك ريادة فنية حقيقية...
لو طبقنا هذا الأمر ووضعنا نصب أعيننا الحقيقة ولا سواها ستنجلي الأمور...
لأضرب مثلا للتوضيح...
المقامات أحد الفنون التي اختلف الباحثون في ريادتها وأصولها ولهم أقوال عدة...لكن نستطيع أن نقول أول من كتبها تاريخيا أحمد بن فارس ثم ابن دريد ثم...إلخ...أما الرائد الحقيقي الذي نظر لها وطبقها ونضجت لديه فنيا فهو بديع الزمان الهمذاني...
أظن أن هذا التقسيم : ريادة تاريخية - الأسبقية الزمنية - وريادة فنية - الممارسة الواعية الناضجة - هو الأسلم والأصوب وإلا إن سلمنا بالريادة دون فحص فكل يوم سيخرج رائد جديد...
احترامي...

لكن لم تقولي لي ما رأيك بكلام علي الدميني وأيهما كان له السبق في الكتشاف ريادة العواد التاريخية كما ذهبت

د.ألق الماضي
21/08/2008, 06:29 PM
لكن لم تقولي لي ما رأيك بكلام علي الدميني وأيهما كان له السبق في الكتشاف ريادة العواد التاريخية كما ذهبت

أخي الكريم الشاعر الدميني والدكتور الصفراني هناك من سبقهما بالقول بريادة العواد وقد أثبتا ذلك وأشارا إليه...
السبق لا ينسب إليهما...
هي جهود ومحاولات للم شتات ما سبق والاستنتاج...

د.ألق الماضي
21/08/2008, 06:31 PM
ويقارب العواد مقياس الشعر الحر، ويرى أن "للشعر مقياس، ومقياس الشعر الصحيح والشعر الحي هو أن يغمر النفس بالإعجاب، ويحفزها إلى إفاضة الثناء على الشاعر حين يقرأه القارئ وهو مسترسل في عالم آخر من عوالم النفس التي تقدر القوة، وتؤمن بعظمة الصدق وروعة الفن، وهو ذلك الذي يستشف الفكر من وراء نغماته وموسيقاه أجمل معابر النفس الإنسانية إلى آفاق الكمال البشري" 1.فالشعر الصحيح هو المولد للهزة أو الرعشة في المتلقي عند سماعه، هذه الهزة هي معيار ومقياس الشعر الصحيح عند العواد وهي في الوقت ذاته مقياس الشعر الصحيح في الدراسات النقدية قديما وحديثا .
ويقارب العواد قضية الإلهام، ويرى أن الدافع إلى الإبداع الشعري لا علاقة له بعوالم الخرافة فيقول "ليس هناك أي شيطان أو شيطانة تتصل بالشاعر عند مباشرة إنتاجه الشعري، وليس الشاعر بمحتاج إلى مثل هذا، سواء كان من الشعراء المحلقين أم المتوسطين في الشعر، ولكنها الفكرة الشعرية أو الإحساس الشعري هما اللذان يستخدمهما الشاعر الواعي كدافع للشعر، ولا صلة للفكرة الفنية أو للإحساس الفني بعالم الأرواح المحجوبة مطلقا" 2، وإنما القضية تتمثل في الإلهام الصادر عن تلاقي صوتي العقل / الفكرة الفنية، والقلب / الإحساس الفني،
ويقارب العواد عناصر الشعر الحر، ويرى أن الشعر الحر يتكون من عناصر تجتمع على أديم النفس الإنسانية "فالنفس الإنسانية بحر مصطخب الأمواج تكونه موجة تتلوها غيرها حتى تفسح لهذه النفس آفاقا جديدة تنقلها إلى أفق منها يقابله أفق : فمن قوة يقابلها ضعف! إلى يأس يقابله أمل! ونعماء تقابلها بأساء! وحب يقابله بغض! ونجاح يقابله إخفاق! ووجوم يقابله تفكير! وجمود يقابله انطلاق! وحيرة يقابلها عزم ومضاء! ومرح وانشراح يقابلهما أسى واكتئاب! ومن هذه العناصر مجتمعة يتكون الشعر" 3، وهذه العناصر هي أقرب ما تكون إلى الثنائيات الضدية التي تعد من أهم المبادئ التي ترتكز عليها البنيوية في تحليل النص الشعري والكشف عن عناصره الرئيسة، ويرى العواد أن هذه العناصر لابد أن تنصهر في عنصر عام يمتلكه الشاعر الصادق "وفي كل الحالات يتزود الشاعر الصادق بزاد الشاعرية وهو الخيال الحي الذي يجنح الشعور النفسي والتفكير الفني بأجنحة تسمو به إلى الأولمب وقتما شاء، ولكنها لا تقطع الصلة بينه وبين كوكب الأرض متى كان من القدرة الشاعرة بحيث يستطيع ضبط الموازنة في التجوال بين العالمين" 4، فالخيال في نظر العواد هو العنصر المهيمن على عناصر الشعر بحيث لا تصبح تلك العناصر عناصر شعرية ما لم تنصهر في بوتقة الخيال .

ويقارب العواد وظيفة الشعر الحر، ويرى أن وظيفة الشعر تكمن في المتعة والكشف حيث يقول "هذا هو الشعر، وهو الناتج الطبيعي الصادق لهذه القوى النفسية في هذا المعترك، وهو الفن الجميل الذي يضفي على الحياة لونا يخف به محملها على النفس الإنسانية، أو يضيف إليها تعبيرا ناطقا يكمل تعبيرها الصامت المتمثل في الجمال والجلال والرهبة، وفي القوة والحقيقة، ومظاهر الأشياء المحسوسة ومعانيها المدركة وهو لهذا جزء طبيعي من القسط الهائل للنفس من ذخر الحياة" 5، فالوظيفة الشعرية في نظره تتركز في الجانبين الداخلي / النفسي متمثلا في المتعة، والخارجي / الواقعي متمثلا في الكشف .

ويقارب العواد رسالة الشعر الحر، ويرى أن "رسالة الشعر هي رسالة الفن نفسه، ورسالة الفن هي تعميق الحياة - والحياة هنا هي الحياة العامة وليست الحياة الإنسانية وحدها - وإنما ثروتها في النفوس، والصعود بالآدمية إلى أفق سام من آفاق الخلود" 6، وبهذه الرؤية لرسالة الشعر يقترب العواد من رسالة الفنون المتمثلة في تعميق الحياة من خلال تكوين وتربية الذائقة الراقية القادرة على تذوق معاني الحياة والكون .

ويقارب العواد موضوعات الشعر الحر، ويرى أن "بعضاً من شبابنا الأدباء وبعضاً من قراء الكتب الدارجة يقرض القطع الشعرية البديعة الناصعة - ناصعة والحق يقال - ولكن ماذا يضمنها من الأفكار ؟ ينظمها في الخمريات حتى يسابق أبا نواس، وفي الغزل حتى يغلب الشاب الظريف، وفي المديح حتى يفوق البحتري، وفي الحماسة حتى ينسينا ذكر عنترة، وفي الحكمة حتى لا يضاهيه أبو العتاهية، وكل هذه من الأفكار المائتة التي دفنت مع عصور أبي نواس والشاب الظريف والبحتري وعنترة وأبي العتاهية فلا تصلح لنا، أما إذا لم نستطع أن نأتي بفكر جديد ولدينا من الأفكار والمقاصد والأغراض الشعرية ما يكمم أفواهنا عجزا وقصورا عن استيعابه فأحر بنا أن نحطم أقلامنا ونسكت" 7، فالعواد يعيب على معاصريه من كتاب القصيدة العمودية الركون إلى الموضوعات الشعرية القديمة البالية مثل : الوصف، والغزل، والمديح، والحماسة، والحكمة، ولا يكتفي العواد بطلب السكوت عن الخوض في هذه الموضوعات بل يقترح على الشعراء موضوعات بديلة فيقول "أمامنا الوطن بحاجاته المادية والمعنوية وما يتطلبه الشعر فيها! أمامنا العادات والأخلاق بما فيها من فساد يتطلب النقد! أمامنا الحرية بأنواعها وما يجب من تمكينها في النفوس! أمامنا الشرق الكسول الخامل وما يجب من تنشيطه! أمامنا الطبيعة بظاهرها وباطنها ووحيها للعقل والقلب! أمامنا العرب بحالتهم السياسية وواجب الشرق في هذا المجال! أمامنا الغرب باختراعاته ومدهشاته وأعماله وما يتطلبه المقام في ذلك من تمثيله والحث على منافسته، أمامنا الحياة كلها بما فيها من خير وشر، إذن : فما لنا نرجع إلى الوراء حتى في الأدب وهو أول الطريق ؟!" 8، وبعد أن يقدم العواد البدائل تتبلور له هذه الموضوعات في موضوع جامع يطرحه في مقدمة ديوانه الأول الآماس فيقول "وموضوع الشعر هو الحياة العامة بأسرها، وآصل ما فيها - في رأينا - هو الطبيعة، وأعمق ما في الطبيعة هو الإنسان" 9فالعواد يطلب من الشعراء التعبير عن موقف الإنسان من الطبيعة والحياة والكون أو بعبارة أخرى صياغة الموقف الوجودي الذي يعبر عن اللحظة التي يعيشها الشاعر أو تلك التي هربت منه أو التي يصبو إليها ويتوق إلى عيشها بحيث تصب هذه الموضوعات في موضوع عام هو الحياة العامة بأسرها، ولذا يقيس العواد حداثة الشعر الحر بمدى اقترابه من الواقع المعيش أو ابتعاده عنه "فالشعر الحديث المحترم هو الشعر الواقعي الذي يتفاعل مع الجو الذي يوجد فيه" 10في تجسيد حي لروح الواقعية الأدبية التي يمثلها العواد وينتمي إليها .

ويقارب العواد الفرق بين البحر التام في القصيدة العمودية والتفعيلة كوحدة مستقلة في الشعر الحر وذلك في معرض حديثه عن قضية الوحدة العضوية إذ يقول "وقد جنح الشعر الحديث إلى وحدة القصيدة بدلا من وحدة البيت، وبعكس ذلك فرق وحدة الوزن إلى وحدات تفعيلية صغيرة، وهذا الأسلوب هو جزء من رسالة العصر أيضا، فوحدة القصيدة تجعل منها نتاجا متكاملا يتناوله السامع وهو مأخوذ به عقليا، أما تمزيق وحدة البحر، أو الوزن ففيه تبسيط مناسب للعنصر الموسيقي في القصيدة، وتلوين يطرب السامع أو القارئ حين يتهادى إليه النغم اللفظي بين اللحن والإيقاع" 11فالعواد يشيد بالتفعيلة كوحدة مستقلة في الشعر الحر على حساب البحر التام في القصيدة العمودية مما يدل على أنه يعي الفرق بين الوحدتين العضوية والموضوعية ويؤكد في الوقت نفسه على شرط توافر الوحدة العضوية في القصيدة الحديثة .

هذه هي أهم الخطوط العريضة لنظرية العواد في الشعر الحر، وقد قاد العواد بعزيمة قوية ووعي مسبق حركة الشعر الحر التي عبر عن وعيه بقيادتها بقوله "ونسجل هنا أننا - وبعض أصدقائنا المجاهدين في الأدب - جاهدنا في تجديد الشعر وتصحيح فهمه ومقاييسه لهذا "الجيل الجديد" واستطعنا أن نوجه بعض شعراء هذه البلاد بدراساتنا وأمثلة شعرنا إلى الطريق الفنية الصحيحة فانتقل الذوق الشعري بل الذوق الأدبي كله من دائرة اللفظ المرصوف الموشى بأنواع البديع، والمعنى التافه أو العادي الذي ليس وراءه حياة فكرية أو شعورية، فأصبح الآن ينحو إلى المقاصد المحترمة التي تطلب من وراء الألفاظ، وأصبح الشعر الموهوب بفضل هذا التجديد فكرة وشعورا وحياة نابعة تحس بها نفس إنسانية مستقلة الوجود، وإن كان هذا النوع ما يزال قليلا بعد، وكم كنا وما زلنا نعمل في هذه السبيل الوعرة بطريقة الهدم وطريقة البناء؛ فأما الهدم فيتمثل في مقالاتنا وأبحاثنا النقدية التي صدعنا بها أولا في كتابنا المطبوع "خواطر مصرحة" ثم في كتابنا المخطوط "تأملات في الأدب والحياة" 12فالعواد يدرك تماما أنه يقود ثورة أدبية تتمثل في حركة الشعر الحر، ويدرك أنه يحتاج إلى حشد الأفكار والأقلام في سبيل توطيد دعائمها على أرض الواقع .

وإن قدم لنا العواد طريقة الهدم وسكت عن تقديم طريقة البناء فلأن ما بناه يتحدث عن نفسه مثلما شاهدنا في مدونته الشعرية، ولأن ما هدمه من البنيات التقليدية في القصيدة العمودية يتمثل في نظريته في الشعر الحر الذي يتمتع بمكانة أثيرة في نفسه لما يملكه هذا الشعر من آفاق تعبيرية لا تحد، وفي هذا يقول العواد "فالشعر العصري الحديث المعبر عن هذه الآفاق المتسعة هو الشعر المفضل عندي، وهو الشعر الحي لأنه يتفاعل والعصر الذي نعيش فيه ويحمل أقدس رسالاته وهي الحرية الفردية، واشتراك أفراد الإنسان في الحقوق والواجبات الجماعية، والسيادة على المرجعية، والاعتزاز الفردي بمواهب الفرد، وإخضاع هذه المواهب لخدمة الشعب وتفتيح وعيه" 13مما يحمله على الخروج من مأزق التقوقع وبوتقة الانصهار في الماضي نحو آفاق جديدة للكتابة الشعرية الحديثة شكلا ومضمونا ممثلة في الشعر الحر.

1- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- آماس وأطلاس - ص

210- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج2- رؤى أبو لون -

3259- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- آماس وأطلاس - ص

417- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- آماس وأطلاس - ص

515- عواد، محمد حسن -ديوان العواد - ج1- آماس وأطلاس - ص

615- عواد، محمد حسن -ديوان العواد -ج1- آماس وأطلاس - ص

717- عواد محمد حسن - خواطر مصرحة - ص

850- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص

951- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- آماس وأطلاس- ص

1015- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 2- في الأفق الملتهب - ص

1162- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج2- في الأفق الملتهب - ص

1264- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- آماس وأطلاس - ص

1320- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج2- في الأفق الملتهب - ص63
المصدر (http://www.alriyadh.com/2008/08/21/article368686.html)

صلاح الحسن
09/12/2008, 12:44 PM
شكرا لك دكوة ألق

على التوضيح والرد

د.ألق الماضي
06/02/2009, 08:27 PM
شكرا لك دكوة ألق

على التوضيح والرد

أهلا بك ،،،

الناصري
07/02/2009, 02:32 AM
.
.
شكرا د. ألق
.
.
معلومات خطيرة ..
.
.
لكن العجيب هو عدم اهتمام كثيرين بهذا الرأي !
.
.
مضحك !!!!
.
.
حين تكون الغشاوة على أدبٍ ما ....!
.
.
ولا زال الأدب السعودي مهضوما رغم ريادته ..!
.
.
شكرا ً

د.ألق الماضي
09/02/2009, 07:21 PM
.
.
شكرا د. ألق
.
.
معلومات خطيرة ..
.
.
لكن العجيب هو عدم اهتمام كثيرين بهذا الرأي !
.
.
مضحك !!!!
.
.
حين تكون الغشاوة على أدبٍ ما ....!
.
.
ولا زال الأدب السعودي مهضوما رغم ريادته ..!
.
.
شكرا ً

الشكر لإطلالتك المورقة هنا ،،،