المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة وتقييم لبرنامج شاعر المليون : قضايا الرؤية والشعرية



د.مصطفى عطية جمعة
06/02/2008, 11:54 AM
مناقشة لقضايا المضمون والصورة والرمز والبناء
د. مصطفى عطية جمعة
اكتسب برنامج " شاعر المليون " شعبية هائلة ، تجلت بوضوح في هذا الإقبال الكبير عليه من الناس بشكل عام ، وقد شملت الرقعة دول الخليج العربي والأردن والعراق وغيرها ، وقد يرى البعض أن البعد التجاري فيه هو المحرك، والبعض الآخر يشكك في فعالية تصويت الجمهور وكونه هو المؤثر في النتائج، وهي اعتبارات وجيهة ، ولكن الواقع العملي لتجربة البرنامج يعزز كثيرا من فرص نجاحه ، وأهمية الدور الذي يلعبه في ساحة ثقافية غاب عنها الأدب الجاد، وانتشر التسطح بشكل عام ، كما أن شعراء النبط أو العامية باتوا أحوج إلى نقد موجه محايد قدر المستطاع ؛ يتصل بالتقييم الفني الموضوعي ، بعيدا عن إعجاب العامة الذين قد يخدعهم حسن الإلقاء أو بساطة العرض ، وهذا ما يتحقق في البرنامج بدرجة لا بأس بها، حيث يستضيف شعراء محكمين ، يقدمون تقييما موضوعيا للقصائد ، وإرشادا للشعراء .
ونحاول في هذا المقال تقديم رؤية لإحدى حلقات البرنامج ، وهي رؤية نقدية في الأساس ، تسعى إلى تقديم صورة أكثر شمولية في التقييم ، وقد اتخذت الحلقة السابعة للبرنامج ( 5 / 2 / 2008م ) نموذجا للتطبيق على عدد من الشعراء المتأهلين للدور ( 24 ) .
تقدم الحلبة الشاعر بدر بن حرماش السبيعي من السعودية ، وهو صغير في السن ( حوالي عشرين عاما ) ، ألقى قصيدة احتوت رؤية عربية وحدوية مع حكمة ووعظ ، كما يقول : " دام العروبة ما تفرقنا الجوازات من الساسة الكريم وحدود البلد " فاعتبر الحدود غير مانعة من التواصل ، وهذا ما يحقق سعادة الفرد والجماعة بالتمسك بالقيم والتقاليد ، كما يقول :" لو ترانا في سعادة ما ترانا في كبير" ويعتز بالشعر ويصفه بالمنابر، فيقول " فمنابر شعرنا ما يضام ولا يضيم " .
تعد القصيدة لا بأس بها قياسا بعمر الشاعر ، وشأنه في كتابتها شأن بداية الشعراء في تجاربهم الأولى ، يريد الشاعر أن يضع كل شيء في القصيدة ، لذا سقط شاعرنا في المباشرة ، والوعظ وأبيات الحكمة ، وندرت الصورة الشعرية ، وإن وردت فهي على غرار وصف الشعر بالمنابر .
ثم جاء الشاعر " خلف مشعان العنزي " من السعودية ، وهو على قسط من الثقافة الشعرية خاصة الشعر العراقي : العامي والفصيح ، فذكر – في ثنايا نصه - شاعرين مهمين وهما : مظفر النواب ، وأحمد مطر ، وكلاهما من شعراء القصيدة السياسية ، وكلاهما أبدع في المنفى ضد الطغيان والاستبداد ، وإن كان جاء ذكر الشاعرين العراقيين على محمل التحدي فيقول : " شيء ما جابه مظفر ولا أحمد مطر " . عامة ، فقد انعكس على قصيدة شاعرنا فقد أدهشنا في بداية نصه حيث يقر أنه لا يكتب بغية المجاملة أو طمعا في رضا سياسي أو أمير أو عطاء من مال يقول : " ما كتبت لأجل أهاوي شيخ وأشحذ من أمير " ولا بهدف الغزل : " ما كتبت بهوى ريم ولا عبير " .
وهو إن كانت لديه صورة شعرية جيدة ، ولكنه ذو أغراض متعددة في النص ، فقد افتخر بقدومه من السعودية " في سفارة أبو متعب " إشارة للملك عبد الله، ثم ينادي بالوحدة ، على غرار وحدة قبايل تغلب ويستعمل لذلك تعبير : " توحيد قبايل تغلب في دارها " ، فيشبه وحدة العرب – كأمة – بوحدة أفخاذ القبيلة ، وإن كان لفظ " توحيد " لا يفي بالمطلوب " فالتوحيد مصطلح عقدي ديني يتصل بتوحيد الله تعالى ، والمقصود هنا الوحدة ، ثم يعطف باعتزازه بوحدة دول مجلس التعاون الخليجي ، وفي النص تكرار واضح للفعل " علموني " في كيفية الإحياء بسعادة وعزة ، وكيف يلعب الشطرنج أي كيف يعيش في الحياة بحكمة وذكاء ، " علموني كيف لعبة الشطرنج تظهر من لعبها يا بشر " .
وقد امتلك الشاعر خلف المشعان قصيدة أكثر تميزا في البناء الفني ، وفي وحدة الموضوع ، وإن كانت الصورة لا تزال محدودة ، وتحتاج إلى المزيد من العمق فالشعر " نسج من الخيال " كما يقول الجاحظ قديما .
أما الشاعر " صالح آل مانعة المري " من قطر ، فقد بدأ بإنشاد بدوي مرحبا بالحضور ، معربا عن إيمانه واتكاله على الله بصوت شجي ، بطريقة جاذبة للجماهير ، فيقول : " سلامي يا أخي ، سلامي كل وقت وكل ليلة " ، وقد أبدع في ثلاثة أبيات صورا شعرية جميلة كما في قوله " الوقت مركب حزن " ، وقوله " البني آدم مثل نقطة عبور " ، وقد توقف النقاد المعلقون عند هذه الأبيات لجمال التصوير فيها ، وأشادوا بالشاعر والنص ، فلقّبه أحدهم بأنه شاعر عملاق ، إلا أن الناقد الأردني " غسان الحسن " تحفظ على هذا ، ورأى أن النص كله في مستوى تقليدي مباشر ، باستثناء هذه الأبيات الثلاثة .
ثم جاء الشاعر عيضة السفياني الثقفي من السعودية ، وقد استهل نصه بسلام للحجاز وشعرائه خاصة الشاعر الأمير خالد الفيصل فهو " كتلة من الإبداع في شكل رجال " ، ثم فاجأنا بنص يعزف على الهم اليومي المقلق للمواطن الخليجي وهو التهاب الأسعار ، ويرجع السبب إلى جشع التجار ، وإن كانت الحكومة لم تقصر في زيادة الرواتب ، ويهاجم الفقر وسوء الأحوال ، فيقول بصورة جميلة : " الفقر ... ذيب يعوي " ، " بعيون الأطفال مات الحلم " .
لا شك أن هذا البرنامج له آثار إيجابية جيدة ، وأوضح توجهات الشعراء في الإبداع ، وأن الكثير منهم يضع عينه على الجمهور فيبسط النصوص ، ويستخدم تعبيرات وصياغات مباشرة ، وفيها الكثير من الوعظ والفخر ، والغزل ، ومدح أهل الحكم ، وهذا ينأى بالشاعر عن الاستقلالية .
بالنسبة لتحكيم المسابقة ، فقد حضر خمسة شعراء ونقاد ليتولوا مناقشة الشعراء بشكل معمق ، ونلاحظ أنهم امتدحوا الصورة والخيال ، وركزوا على أهمية تناوله ، وهذا من أهم مشكلات الشعر النبطي ، حيث يجنح كثيرا إلى البساطة والوضوح ، ويبتعد عن جماليات النص : صورة ورمزا وألوانا برؤية جديدة ، ولكن أرى أن هناك خلطا لديهم في مفهوم الرمز ؛ بين الرمز بدلالة الإشارة ، والرمز في الصورة أو الصورة الرمزية ، والرمز كمذهب أدبي، فالبنسبة للرمز كمذهب أدبي ويعنى أن يكون النص في تعبيراته وتراكيبه موحيا بإيحاءات نفسية وجمالية تقترب من الموسيقى في أثرها النفسي ، وهذا يحتاج إلى صور وأخيلة وإشارات عالية الكثافة والشعرية ، وهم لم يتطرقوا إلى هذا المنحى بالطبع ، لأن النصوص المقدمة لا تصل إلى لهذا المستوى .
وقد جاء الخلط في الرمز في الصورة والرمز في الإشارة ، فبعضهم جعل الرمز مساويا لمصطلح " الدفن " وهو يساوي الغموض المحبب المحفز للعقل والوجدان ، وبعضهم اختلط الأمر لديه بين الصورة والرمز فجعلهما شيئا واحدا ، وأحدهم جعل الرمز بدلالة الإشارة إلى أمر ما .
ونلاحظ بشكل عام غياب النظرة النقدية الشاملة ، وسيادة النظرة الجزئية التي تقف عند التعبير الجميل ، والصورة البليغة ، والتوفيق في القافية ، وضبط الوزن ، والاختلاف في فهم المقصود من بعض الألفاظ والتعبيرات ، ولكن بالمجمل لم تقدم قراءة شاملة للنصوص ، لتقيّم مستواها الرؤيوي والجمالي حتى يكون الحكم أكثر موضوعية وإفادة للشعراء .
على صعيد آخر ، فإن تصويت الجمهور للشعراء الأربعة تقارب في التقييم، فالشاعر الأول " بدر السبيعي " رغم بساطة نصه حصل على ممتاز بنسبة 81 % ، وارتفع عنه الشاعر صالح آل مانعة إلى 87% ، وانحدر عنهما خلف المشعان إلى 73% ، رغم جودة نصه قياسا ببدر السبيعي ، وهذا – في رأيي – يشكك في طبيعة تقييم الجمهور ، ويجعلنا نقترح إيجاد تقييمات أخرى جمالية وفنية ومضمونية تؤازر تقييم الجمهور المشارك حضورا أو بالرسائل القصيرة .

العنزي
19/02/2008, 03:57 PM
من مشاكل هذا البرنامج دعوة شعراء لهم جمهور وهم معروفون مسبقاً مما يجعل لجنة التحكيم في حرج لو أقصت أياً منهم في مرحلة مبكرة من الرنامج
تذكروا ناصر الفراعنة وخلف مشعان ((العنزي)) ومهدي آل حيدر على سبيل المثال لا الحصر

د.مصطفى عطية جمعة
19/02/2008, 07:12 PM
من مشاكل هذا البرنامج دعوة شعراء لهم جمهور وهم معروفون مسبقاً مما يجعل لجنة التحكيم في حرج لو أقصت أياً منهم في مرحلة مبكرة من الرنامج
تذكروا ناصر الفراعنة وخلف مشعان ((العنزي)) ومهدي آل حيدر على سبيل المثال لا الحصر

الأخ العنزي
تحياتي إليك
شكرا على هذه الملحوظة القيمة
وأتفق معك تماما فيما ذكرت
دمت بخير

طارق شفيق حقي
19/02/2008, 08:44 PM
من مشاكل هذا البرنامج دعوة شعراء لهم جمهور وهم معروفون مسبقاً مما يجعل لجنة التحكيم في حرج لو أقصت أياً منهم في مرحلة مبكرة من الرنامج
تذكروا ناصر الفراعنة وخلف مشعان ((العنزي)) ومهدي آل حيدر على سبيل المثال لا الحصر


لا أعرف لكني شخصياً
لا أتابع هذه البرنامج

ربما لأنه لم يرق لي

قد أكون مخطئاً
من يدري

تحياتي

الباز
19/02/2008, 08:55 PM
جزاك الله خيرا

تقييم و رؤية واضحة ..

---------

من وجهة نظري لا يروقني هذا النوع من البرامج

لأنها ذات صبغة محلية ضيقة ..

و تصلح لأن تبث على القنوات الأرضية و ليس الفضائية ..


مجرد رأي ..


تحيتي

د.ألق الماضي
19/02/2008, 10:33 PM
كما عودتنا د.مصطفى...
متابعة ناقدة مستشرفة...
أفدت من القراءة والتقييم مع أنني لا أتابع هذا البرنامج...
جزيل الشكر لك...

د.مصطفى عطية جمعة
23/02/2008, 06:53 AM
لا أعرف لكني شخصياً
لا أتابع هذه البرنامج

ربما لأنه لم يرق لي

قد أكون مخطئاً
من يدري

تحياتي


الأستاذ : طارق حجي
تحياتي إليك
كوني أكتب عن البرنامج فهذا لا يعني أنني أؤيده ، بل هي متابعة نقدية كلفت بها ، من أجل تقييم هذا البرنامج الجماهيري تقييما موضوعيا قدر المستطاع .
شكرا لك
ودمت بخير

د.مصطفى عطية جمعة
23/02/2008, 07:05 AM
جزاك الله خيرا

تقييم و رؤية واضحة ..

---------

من وجهة نظري لا يروقني هذا النوع من البرامج

لأنها ذات صبغة محلية ضيقة ..

و تصلح لأن تبث على القنوات الأرضية و ليس الفضائية ..


مجرد رأي ..


تحيتي


الأستاذ الصقر
تحياتي وشكري إليك
أحببت تقييم البرنامج الجماهيري بشكل موضوعي
وشكرا لرأيك ومتابعاتك .
تحياتي

د.مصطفى عطية جمعة
23/02/2008, 07:07 AM
كما عودتنا د.مصطفى...
متابعة ناقدة مستشرفة...
أفدت من القراءة والتقييم مع أنني لا أتابع هذا البرنامج...
جزيل الشكر لك...

دكتورة ألق
شكرا لك
وائما أنت متابعة متميزة ومتلقية عالية المستوى
تحياتي إليك