PDA

View Full Version : عندما ترتد ّ الثقافة ضد ّ اهلها !! جاسم الرصيف



جاسم الرصيف
28/01/2008, 03:02 AM
جاسم الرصيف
ـــــــــــــــــــــ
عندما ترتد ّ الثقافة ضد ّ اهلها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ

من المعروف ان للقضية الكردية في الشرق الأوسط كتابها وقادتها ، كما هو معروف في آن ان هذه القضية بالذات خضعت كليا لمقاييس مصالح دول من خارج الشرق الأوسط توظف القضية الكردية وفقا لتقاطع او التقاء مصالحها في المنطقة ، ووفق مقاييسها هي لامقاييس الحاجة عند الأكراد ، واقعية ام غير واقعية ، في اربع دول حصرا هي : العراق وايران وتركيا وسوريا ، وظهر ، وفقا لهذه المجاري والمجريات ، مصطلح ثقافي كردي هو ( الكردايتي ) المكافئ لمصطلحات العروبة والعثمنة والفارسية .

لامؤاخذة على قومية تتخذ لنفسها مصطلحا يوجز تراثها وعاداتها وتقاليدها في مفردة واحدة ، وهذا حق انساني لابد لأي عاقل ان يقرّه ويتعامل معه باحترام ، مادامت حتى القبائل التي تنتمي الى قومية واحدة قد اتخذت لنفسها رموزا ومصطلحات تميّز المستحب النبيل من عاداتها وتقاليدها ، ومن ثم لامثلبة على الاطلاق في التعامل مع ( الكردايتي ) على انه مصطلح يعبّر عن قومية عريقة نقر ّ بوجودها وكامل حقوقها الانسانية في الشرق الأوسط .

قبل احتلال العراق ، مر ّ معارضون عرب كثر للحكومة آنذاك من شمال العراق ، والتقوا بقادة احزاب اكراد معارضة ايضا ، واتفقت كل الأطراف : عربية وكردية وتركمانية وغيرها على ان وحدة الأرض ، ووحدة الشعب العراقي بكل مكوناته ، امر مقدس لايمكن لأي حزب او اي شخص ان يمسّه تحت ذرائع عنصرية او طائفية ايا كانت ، ومر ّ الجميع على عهد غير مكتوب ، ولايحتاج الى كتابة اصلا في فهم المواطنة الصحيحة في اي بلد من بلدان العالم المتحضرة وغير المتحضرة .

وبعد احتلال العراق ، تغير مسار الثقافة الكردية ، وصار على الضد ّ مما اعلنه وتبناه ، وانسحبت سبّة ( شوفينية ) من حكومة صدام حسين الى كل ماهو عربي ، وزيدت مفردة ( ارهابي ) بعد كل اسم عربي ، حتى ان كثيرا من الكتاب والقادة الأكراد قالوا صراحة ان ( عروبة العراق قد انتهت ) ، ورغم وجود عرب بنسبة ( 85 % ) من مجموع الشعب العراقي ، ومسحت حتى الأسماء العربية للخلفاء الراشدين عن الجوامع الكردية فضلا عن كل التسميات العربية الأخرى .

وطرحت ( الكردايتي ) بشكل آخر يخالف تماما مضمون ماسمعه وما قرأه كتاب عرب تعاطفوا انسانيا ووطنيا مع القضية الكردية ، ومنها ظهر مصطلح ( القومجية العربية ) شتيمة للعرب المؤمنين بقدر الله في خلقهم عربا ، كما هو قدر الله في خلق غيرهم اكرادا او من قوميات اخرى ، ولكن الأكراد تبنوا ذات المضمون الذي شتموه في العرب عندما شملوا برحمة ( الكردايتي ) كل الميليشيات الكردية المسلحة التي تحارب تركيا وايران وسوريا من شمال العراق .

ومن طريف ثقافة ( الكردايتي ) انها اكتشفت حدودا جديدة ( لكردستان ) لم تفكر بها قبل احتلال العراق ، وتبدأ من جنوب بغداد ، متجهة نحو الشمال حتى غرب ايران كله شرقا ، وشرق سوريا كله غرب ( كردستان ) ، وجنوب وشرق تركيا الى جنوب ارمينيا شمالا ، ولابأس من تخوم البحر الأبيض المتوسط لتسويق نفط كركوك والموصل ، وفق خارطة صارت صلبا ( لكردايتي ) عنصرية علنا ، تحلّق على جناح ( شيزوفرينيا ) فريدة بين احلام يقظة وواقع تاريخي على الأرض يناقضها وينفيها .

وفي هذه الأيام الحبلى بالمفاجآت يجد المتابع ان ( الكردايتي ) العنصرية ارتدّت على منظريها وقادتها حالما تحركت بضعة دبابات تركية نحو شمال العراق ، وحالما حشدت ايران بضعة من جنودها في ذات الاتجاه ، ووجدنا المنظّرين والقادة الأكراد ينصحون اكراد تركيا وايران ، من ضيوفهم القوميين ، بان : ( عهد جيفارا قد ولّى ) ، وسياسة التخلّي عن السلاح هي ( الخيار الأفضل ) لهم ، لأن ّ المنظرين والقادة اكتشفوا متأخرين جدا انهم راهنوا على حصان ثقافي خاسر في مضمار خال من الجماهيرغير الكرديةالتي قد تهب ّ لنجدته اذا ما كبى .

وقد يزداد الضغط التركي والأيراني قليلا ، فيجد منظرو ( الكردايتي ) اسبابا ومبررات اخرى للتخلّي عن ( الكردايتي ) ، بشكلها العنصري الذي نراه ، لانهم يكتشفون ووفق مجريات التأريخ الانساني ان العنصرية القومية ، او الطائفية ، حتى لو جاءت محمية بأقوى قوّة احتلال على الأرض هي سلاح ذو حدّين ينقلب ضد ّ اهله بيسر وسلاسة ، خاصة اذا جاء فارغا من مبناه الوطني الصحيح على احترام قدر الله في خلق الآخرين من غير قوميتهم ايا كانت رؤاهم في الحياة .

jarraseef@yahoo.com

http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO.asp?Article=221097&Sn=CASE