المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : باحثون ومقبوسات مجانية ..‍‍!!



طارق شفيق حقي
25/01/2008, 09:57 AM
قرأت في مجلة الآداب العالمية افتتاحية مدير التحرير
وكانت بحق تستحق الوقف عندها لما فيها , من إشارات لكل باحث يريد استعراض عضلاته المعرفية بكثرة المقبوسات , على حساب روح البحث أو المقال


أضع كلامه الجميل بين أيدكم :



باحثون..‍‍!!

مدير التحرير مجلة الآداب العالمية
د.خليل الموسى


من المألوف أن يعمد كتّاب الدراسات والبحوث والمقالات الفكرية والأدبية إلى ذكر مقولات وأشخاص في سياق موادهم، لتأكيد ما يذهبون إليه، أو إغنائه، أو ربما لمقارنته بسواه من أقوال وأفكار..‏

وفي العادة يُستشهُدُ بالأعلام الذين لهم أثر بارز في هذا الموضوع أو ذاك، تاريخياً أو في الماضي القريب أو الوقت الحاضر، كما توضع مقبوسات من أقوالهم أو كتاباتهم أو أفكارهم في متون النصوص، وهذا أمر مبرر ومفهوم ومفيد، وضروري أحياناً، وفقاً لمادة البحث وموضوع الدراسة والغاية من ذلك..‏

وتبقى الحال مقبولة إذا ما تحدد الاستشهاد، وجاء في موقعه المناسب، وقدم سنداً للفكرة أو دليلاً على المصدر والقصد أو تأكيداً على ما يقدمه الكاتب..‏

لكن الإكثار من الأسماء، والمقبوسات، وتكرارها يجعلان في الأمر مبالغة غير مستحبة، ويتركان في المادة وقعاً ثقيلاً يؤثر سلباً على المتلقي، من حيث الإيحاء بالاستعراض، والتعالم، والادعاء.. وتزداد الحال سلبية حين يكاد النص يقتصر على هذه الاستشهادات، ويغيب أو يكاد صوت الكاتب أو رأيه، سوى بعض جمل الاستهلال والربط والإحالات والتعقيب الذي لا يغني...! وقد تتعثر الصياغة هنا وتختلف سياقاتها عن المقبوسات اختلافاً مؤثراً، أو يتحول المقال إلى عرض لمجموعة من الآراء والأفكار دون محاكمة أو مناقشة أو مساءلة...‏

ويمكن أن يكون الاقتباس مشوّهاً، أو مجتزأً، أو مقحماً، أو منقولاً عن مصدر غير مصدره الأصلي، ولا سيما إذا كان صاحب القول أو الفكرة أو الرأي أجنبياً، مع (الحفاظ) على خطأ الترجمة أو الصياغة إن وجد.. كما يمكن أن تكون المادة مكرورة، والفكرة مستهلكة، ولا جديد في تناولها ولا في إثارتها..‏

ومن السلبيات أيضاً تناول الكاتب ما يوافقه من آراء، وتجاهل الآراء الأخرى التي يمكن أن تكون أكثر صوابية أو موضوعية أو جِدّة؛ حتى إن كانت الأسماء التي يُتّكأُ على أقوالها أكثر شهرة وسطوة وحضوراً..‏

ومع كل ذلك يسمى صاحب المادة دارساً أو باحثاً أو ناقداً.. ولا سيما إذا ما قام بجمع (بحوثه) في كتاب أو كتب..‏

ولا ينسى هذا الدارس أن يختتم نصه بسلسلة من المصادر والمراجع التي تحتاج إلى كثير مما تعدون من أيام وأشهر وربما سنوات، لقراءتها جميعاً أو ترجمتها وتمثلها للعودة إليها واختيار المناسب منها . ويصبح التساؤل عن هذه المصادر وحقيقة استفادته منها مشروعاً..‏

وبهذا تكتمل الثبوتيات التي تؤمّن لصاحبها مكاناً متميزاً في شتى المواقع الثقافية والمنافذ الإعلامية.. وربما يتبوأ مسؤوليات في المؤسسات الثقافية بأسماء وألقاب.. ويشكل هذا الأمر مساحة مهمة في واقعنا الثقافي، لكنه للأسف يغيب عن متناول النقد والمساءلة الثقافية والأخلاقية.. كالكثير من الحالات المَرضية التي تتفاقم، والإصابات التي تتكرر بالعدوى أو نتيجة لرغبة بالحضور (الثقافي) أو الإعلامي بأية وسيلة وبأقل جهد.. بصرف النظر عن الإمكانية والقناعة والجدوى.. ودون الخوف من متابعٍ أو مقوِّم.. ودون رادع ثقافي أو إنساني..‏

ولا بد من الإشارة إلى وجود دارسين جادين، وباحثين حقيقيين، ونقّاد موضوعيين تمنعهم كراماتهم من الظهور المجاني، وتحول قاماتهم دون التهافت على النوافذ الإعلامية، ولا تشجع قلة (أسماء الأعلام) في كتاباتهم، وضآلة الاستشهادات في بحوثهم على الترحيب بهم ، ولا يكفي الرأي المعبر عن ثقافة ووعي، والموقف الذي ينبع من أصالة وموضوعية وجدية، والصوت الذي يجهد صاحبه لأن يكون لـه تردداته الخاصة،لقبولهم وإفساح المجال لنتاجهم، في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون لهم الحضور المتميز، والدور اللائق، والاحترام والتقدير..‏
الدعوة متجددة لهؤلاء وأمثالهم ممن يكتبون في "الآداب العالمية"، في انتظار المزيد..

د.ألق الماضي
30/01/2008, 06:53 PM
افتتاحية قيمة...
أصابت كبد الحقيقة...
شكرا أخي طارق على جمال النقل والانتقاء...