المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يــــوســـــف



ناصر البدري
28/12/2007, 08:38 AM
(يوسف)


"يَا صَاحِبَي السجنِ
أمَّا أحدكما فيسقي ربَّه خَمرا
وأمَّا الآخرُ فيصلبُ
فتأكلُ الطَّيْرُ من رأسِهِ
قُضِي الأمْرُ الذي فيهِ تَسْتَفْتِيَانْ"


رُؤْيَاكَ شَاسِعَةٌ تَمَامَا
والحَبْلُ مُضْطَرِبٌ
وهذا الحَشْدُ لا يَرْجُو لِمُحْتَفِلٍ كَلامَا

أرأيتَ كيفَ يُسَاقُ منتَسبٌ إليْكَ
وإنَّهُ، لولاكَ، لانطفأوا انهزاما

بيني وبينُكَ خانتانِ من الجِراحِ
وعُمْرَتَانِ من المُسَاوَمَةِ البَغِيْضَةِ
شارتانِ بلا مؤشِّرَ
غيرَ أنِّيَ، إذْ مُلِئْتُ، تناثرت حولي مواكِبَهُمْ حُطَامَا

كلا.. وَحَقِّ السَّافِرِيْنَ إذا تَوَهَّجَ صُبحَهمْ قلقاً.. وغَامَا

هذا أوانُ السَّردِ
إذْ يَبِسَتْ على البئرِ المَسَامَاتُ الجراحُ
فأسْفَرَتْ عَنْ خُبْثِهَا الكَلِمَاتُ
تغسلها دموعكَ.. والسؤالُ يعيدُ فيكَ نبوءةً وُئِدَتْ خِصَامَا

ذَهَبَوا ليَسْتَبِقُوا
وأنتَ السَّابِقُ المَمْهُورُ بالأرواحِ والآياتِ
ما ألقوكَ إذْ ألقوكَ
لكنَّ المشيئةَ أسْرِجَتْ للواثقينَ حكايةَ المنذورِ للرؤيا
فأَرْهَقَها التِزَامَا

وأَبِيْكَ.. إذ رجِعوا إلَيْهِ، دموعهُمْ سُحُبٌ..
قميصُكَ أيُّها المبلولُ
بلْ قدْ سوَّلَتْ..
وابيضَّتِ العينانُ من يعقوبَ.. يلثِمُ في الغيابِ فَتَاهُ
حتّى خرَّ مُنْكَسِرًا بهيبتِهِ الخُزامَى

وكأنَّكَ المنْذُورُ للأَقْمَارِِ تَقْطُفُهَا.. فَتَقْطِفُ مِنْكَ رَوْنَقَها
مَدَدْ.. يا منتهى الإبهارِ.. كيفَ تَنَزَّلَتْ فيكَ الروايةُ
فامتطيتَ الحُلمَ تُرْضِعَهُ فِطاما؟

يا مَدُّ.. يا ممدودُ
يغشى الباردُ الليليُّ طَعْمَكَ
يَسْتَفِّزُ هويَّةً نَضَجَتْ غَرَامَا

البئرُ.. والسَّيارةُ.. الدلو المُدَلَّى.. صَرْخَةُ البُشْرَى..
دخولكَ في سياقِ (عسى...).. انْعِتَاقُكَ من سذاجتهمْ
مَدَدْ يا ريحُ.. والوَدَقُ امْتِدَادُكَ.. والسَّحابُ

نثرت عليكَ خواءَهَا الأرجاءُ.. وانكسرَ الأحِبَّةُ والصِّحَابُ

إنِّي أراكَ مُعَلَّقَاً بالبئرِ ملتحفاً دموعَكَ.. لا تَرَى
وأراكَ.. مسحوباً إلى السِّجْنِ الخَلاصِ.. ولا تَرَى
كمْ مِنْ قميصٍ يا تُرى
تحتاجُ كي يُجلي المُرِيْدُ عنِ العيونِ سريرتَكْ؟

أوَلمْ تزلْ بالقصرِ رَائِحَةُ المهيِّئ مُذْ رأى بُرْهَانَ ربِّكَ؟
لو رأى.. لرآكَ حيثُ رأكَ.. لكنَّ الندى لَزِجٌ
يكادُ عليكَ، منْ دُبُرٍ، يقضُّ الليلَ
حتَّى كذَّبَتْ جدرانهُ بوحاً تجاوزَ هيْئَتَكْ

ولقدْ سَقَوْكَ..
فقلْ لنادِلِها يُخَفِّفُ عن صِرَاطِ القلبِ سَطْوَةَ مَا يَقُولُ الكَأْسُ للنُسَّاكِ
أتْرِعْ، يا حبيبَ الله، عِشقاً خمْرَتَكْ

ما أنتَ بالممزوجِ إسرافاً..
ولا بالماءِ تُكْسَرُ سَكْرَةَ العشَّاقِ إنْ ناموا
فأيقِظْ سكْرَتَكْ

للسجنِ نكهتَهُ فلا تحتدَّ.. صبرَكَ..
عاشقٌ قد أَسْبَلَتْ عيناهُ في رَمَقِ اليقينِ / الكأسِ طُهْرَاً نَكْهَتَكْ

تنمو.. فلا بلدٌ تمرُّ عليكَ إلا خلتها تبكي زُليخةَ
إذْ همَمْتَ بِهَا فَقَدَّ البابُ نِصْفَ قميصكَ المُبْتَلِّ بالأزهارِ
أُسْقِطَ في يديكَ الليلُ يا قمراً تَدَلَّى
فاحتكَمْتَ لوجهَتِكْ

قَلِقَاً..
توزِّعُ كيدهنَّ فهلْ نَفَضْتَ عن الأكُفِّ خطيئتَكْ؟

الطّقسُ والسِّكِينُ يتحدانِ
ها.. فانظُرْنَهُ
هذا الذي لمتُنَّ قلبي فيهِ.. إنْ لمْ يستجِبْ...
دلقوا عليهِ برودةَ القضبانِ حِلّاً أو حراما

مرحى إذاً..
لا والذي سوَّاكَ ما أعلنتُ فيهمْ ردَّةً إلا قِيامَا

يا أيُّها الوَهَجُ الذي إنْ نَامَ.. نامتْ مصرُ في كفَّيهِ
أنْبِئْنَا
عَن السَّاقي الذي أودَعْتَهُ أملاً
فضيَّعَ في البلاطِ وصيَّةَ الصَّحْبِ النُدَامى

أسْرَجْتَ من قلقِ الروايةِ بعضَ خَيْبَتِهَا
ونِمْتَ على حقول القمِحِ
مُلتزماً بما أسلفْتَ مِنْ حُجَجِ الحوارِ

تسومُ ، باسمِ الوعدِ، روحَك غَيَّهَا
كيما تَفُكَّ توسُّلاً قيدَ الغِوى والانكِسَارِ

أمَّلْتَ مُنْتَظرَاً
وما التفتوا إليكَ غزارةً
حتّى اضْطُرِرْتَ تَسُوقُ حِنْطَتَكَ احْتِشَامَا

رؤياكَ شَاسِعَةٌ تَمَامَا
والوَجدُ مُتَّصِلٌ
فلا تَقْصُصْ على المَسْجُونِ.. يا سَنَدَ الروايةِ
لا تُرَمِّلْ مَنْ تَبَقَّى...
مَنْ تبقَّى؟!
لا تَسَلْ.. الطيرُ مشْرَعَةٌ، ولمْ تَهْدَأْ رُؤوسُ القومِ..
قل للطيرِ لا تأكلْ سوى الرأسِ احترامَا

أنا صَاحِبُكْ
وأعيذُ بالأحلامِ أن تحضى بنا
والموتِ أن يمضي بأرواحِ المريدينَ انتقاما

قلبي يصدِّقُ فيكَ.. كُنْ لي مخرجاً
آتيكَ آنيةً.. وأمْلَؤُكَ اهتمَامَا

يا سَيِّدَ السُّجَنَاءِ
لا تأمّنْ خطاباً أودَعَ الطُلَقاءُ في عينيهِ مأرَبَهُمْ
صُوَاعُكَ.. لا تَدَعْ للقومِ بئراً آخَرَاً للنأيِ
ماءُ اللهِ مُنْسَكِبٌ..
فلا تهطُلْ عليكَ غضاضَةً.. أبداً
ولا تُفلِتْ لشاردةٍ زِمَامَا

الجوعُ فقدُكَ يا نهائيٌّ.. اعتمدْ..
لتُبَيِِّنُنَّ لهمْ غَدَاً
أشْعِلْ بِكَفِّيَ مَا تَبَقَّى مِنْكَ مَسْغَبَةً
تَرِقُّ السنبلاتُ الخضرُ والنيلُ.. احْتِرَامَا

حتَّى إذا ركَضَتْ إليكَ بعُرْيِها الدُّنْيَا
تَرَامى مِنْ تَفَاهَتِها الذي يَومَاً تَسَامَى

آمنْتُ..
في عينيكَ وادٍ من حريرِ اللهِ
وزِّعْ..
لا تخاصِمْ قِبلَةً تَخذَتْ من الأعمى إمَامَا

يعقوبُ حيثُ أشارَ منكَ قميصُكَ الأرسلتَ..
هَلْ ذاتُ القميصِ القدَّ من دُبُرٍ؟
وهَلْ...؟

الحَبْلُ مُضْطَرِبٌ تَمَامَا
والطيرُ تُوشِكُ أنْ...
أنا عِطْرُكَ النَّبَويُّ
سِرُّ اللهِ أنْتَ
فَهَلْ نَجَا أَرَقٌ؟
وقَدْ نَامَ المُغَنِّيُ قَبْلَ أَنْ يُهدى لأغنيةٍ خِتَامَا

إنْ قُلْتُ عَنّي
قُلْتُ فيْكَ حكايتي
وَلَرُبَّمَا أسْرَفْتُ فِي الذِّكْرَى مُقارَبَةً
ولمْ أفْقَهْ من التأويْلِ، لمّا نَالَني، إلا لِمَامَا

مَا هَكَذَا الأشْيَاءُ تُهْمَلُ
قُلْ لهمْ
يومَاً سَتَنْكَسِرُ المواسِمُ هَيْبَةً
وتَمُورُ.. معلنةً عَنِ الدُنْيَا انْفِصَامَا

أوَمَا رَأَوْكَ بسجدةٍ صُوفيةٍ
تَرْقَى إليكَ بقُدْسِها ألقاً وتنعَطِفُ انقِسَامَا؟!

للهِ قلبُكَ..
عامرٌ بالحُبِّ والصَلَواتِ
ما طَلَّقْتَهمْ غَضَبًا
عَفَوْتَ.. وأَنْتَ متَّقدٌ سَلامَا



أنتَ أنتَ الماءُ والقَدَحُ.. أنتَ كفُّ الله إذْ جنحوا
أنتَ مِشْكاةٌ على حُلُمٍ.. أنتَ إشراقٌ إذا اصطبحوا
أنتَ إقبالٌ وقدْ عُرِضَتْ.. آيةُ الإبصارِ.. فافتضحوا
يا ملاذَ الواردِ النَّزِقِ.. قدْ ورَدْتُ.. فأينَ مَا اقترحوا
أيُّها المَمْلُوءُ أضرِحَةً.. لا ربِحتُ الكشفَ إنْ رَبَحُوا
لا وسِعتُ الأرضَ إنْ ألميْ.. لم يجاورْ منْكَ ما صَدَحوا
لستُ مشغولاً سوى بدمي.. وبظَنٍّ فيكَ ينتَصِحُ
هاتِ ما اسْلَفْتَ من وطنٍ.. يا نقيَّاً.. وَجْهُكَ الفَصِحُ
كيف يبدو فيكَ معتقدي.. واعتقادي قاصِرٌ كَسِحُ
ما أنا بالممتطي بدني.. وبروحي العشقُ يكتسحُ
إنني فَسْحٌ لما غَلَقُوا.. وانغلاقي حَيْثُمَا فَسَحُوا
لَسْتُ أرجو نظرةً فأنا.. لَسْتُ بالوَثَّاقِ إنْ لمحوا

فارس الهيتي
28/12/2007, 03:41 PM
جميلة جدااا
شكرا ليراعك