المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أشجار الزيتون



رزاق الجزائري
23/12/2007, 04:42 PM
منذ أيام و النيران تشتعل حول "تالا".كنا نسمع اولا دوي انفجارات هائلة لقنابل النابالم.ثم وميض نار سرعان ما تنتشر على سطح الارض مخترقة الظلمة ملتهمة كل ما في طريقها زاحفة نحو سفح الجبل.
عندما علمنا ان أشجار الزيتون التي تحترق صرنا نرنوا الى تلك خاصتنا في ترقب وقلق فقد كانت مصدر رزقنا الوحيد.
وكل يوم يمر كانت الحرائق تزداد فهذا النقيب و منذ مجيئه قبل اسبوع كان قد طلب من "طيب" ان يجمع سكان القرية مخاطبا .
قل لهم"أن لديهم بنادق جيدة و عليهم ان يشددوا الحراسة كل ليل فهم ليسوا بعور و لاعميان"
طيب ترجم لهم.
قد فعلت سيدي النقيب.
الكل فهم واستوعب .
النقيب يقول لكم الكل فهم واستوعب.
"حسنا.اوه.عندي الادلة الادلة القاطعة ان "الفلاقة" يأتون القرية.يدخلون ويخرجون كما يشاؤون" طيب أفهمهم".
إذا هناك أمرين إما أنتم معهم.في هذه الحالة أنا سأعلم بذلك أم أنتم خائفون منهم"
تكلم أحد الشيوخ واسترسل في الحديث.
أوجز قال طيب فالسيد في عجلة.
يا سيدي النقيب"طيب مخاطبا القائد الفرنسي" انهم يقولون إنه لا يوجد متمردون بالقرية .انما في الحقول فإنهم لا يستطعون ان يروهم بسبب اشجار الزيتون.
"أوه ها نحن إذن" قال النقيب"شيء بسيط انتم لا تستطيعون رئيتهم بسبب أشجار الزيتون.إذن ستقطعونها.غدا عند نهاية حضر التجوال اريد ان ارى الكل أمام المركز هنا.بفؤوسهم و مناشيرهم و مشاذبهم .كل ما يستعمله الفلاقة لقطع أعمدة الهاتف.
في الغد و مع بزوغ الصباح الاول حضر الفلاحين ملتحفين في برانيسهم طيب كان هناك من قبل وبدات الأفواج الاولى من النساء يتقاطرن نحو الوادي عاريات الاقدام بعضا منهن تحمل رضيعها فوق ظهرها وهن متقلدات فؤوسا و مناشر و مشاذب على يسارهن.و كان الاطفال يحملون قصعا مليئة بالكسكسي طعاما للغذاء و العجائز في المؤخرة لأنهن لم يستطعن مجاراة الركب..
عند اول ضربة فأس هوت من "حركي"على جذع شجرة ليظهر لهم كيفية العمل إنطلقت صرخة ألم مكتومة من فتاة و كأنما هي من تلقى الضربة.بعد ذلك انقسم الجنود و الحركى الى قطاعات ليشرفوا على العمل.
كان يظهر أن العمل لا يتقدم ما جعل الجنود يسأمون فأمام كل شجرة تقطع كان الفلاحون يكتمون معاناة لا تنتهي .
إحدى العجائز عانقت شجرة وأخذت تضم جذعها بيديها العاريتين و تناجيها بكلام لم يفهمه الجنود و الدموع تتساقط من عينيها.
في البداية كان الجنود يمازحزن الفلاحات و عندما لم يجدوا تجاوبا منهن سرعان ما ساد صمت كئيب لا تخترقه سوى اصوات المعاول و الفؤوس وهي تهوي على جذوع الزيتون الغضة وأزيز المناشر.
كان العمل يتقدم ببطء"لو ان الأمر تعلق بأعمدة الهاتف لتم بسرعة .أليس كذلك ايها الخنازير"قال النقيب" ثم ساد صمت ثقيل مضجر ليخترقه صوت حركي"لست سعيدة ام ماذا"وهو يركل ظهر العجوز التي لم تتوقف عن البكاء و مناجاة شجرتها ليجعلها تصرخ لكنها لم تصرخ.أدارت رأسها و نظرت الى جلادها نظرة رثاء ثم عادت وعانقت شجرتها.
......................
"تالا "منطقة في الريف القبائلي.
الحركى" جزائريون يعملون مع المستعمر "الاقدام السوداء"

عن رائعة الاديب الجزائري الكبير مولود معمري "العفيون والعصى" »L’Opium et le Baton »
و القصة كانت حولت الى فلم شهير سنة1970 .
ترجمة رزاق الجزائري

ابو مريم
11/01/2008, 10:52 PM
منذ أيام و النيران تشتعل حول "تالا".كنا نسمع اولا دوي انفجارات هائلة لقنابل النابالم.ثم وميض نار سرعان ما تنتشر على سطح الارض مخترقة الظلمة ملتهمة كل ما في طريقها زاحفة نحو سفح الجبل.
عندما علمنا ان أشجار الزيتون التي تحترق صرنا نرنوا الى تلك خاصتنا في ترقب وقلق فقد كانت مصدر رزقنا الوحيد.
وكل يوم يمر كانت الحرائق تزداد فهذا النقيب و منذ مجيئه قبل اسبوع كان قد طلب من "طيب" ان يجمع سكان القرية مخاطبا .
قل لهم"أن لديهم بنادق جيدة و عليهم ان يشددوا الحراسة كل ليل فهم ليسوا بعور و لاعميان"
طيب ترجم لهم.
قد فعلت سيدي النقيب.
الكل فهم واستوعب .
النقيب يقول لكم الكل فهم واستوعب.
"حسنا.اوه.عندي الادلة الادلة القاطعة ان "الفلاقة" يأتون القرية.يدخلون ويخرجون كما يشاؤون" طيب أفهمهم".
إذا هناك أمرين إما أنتم معهم.في هذه الحالة أنا سأعلم بذلك أم أنتم خائفون منهم"
تكلم أحد الشيوخ واسترسل في الحديث.
أوجز قال طيب فالسيد في عجلة.
يا سيدي النقيب"طيب مخاطبا القائد الفرنسي" انهم يقولون إنه لا يوجد متمردون بالقرية .انما في الحقول فإنهم لا يستطعون ان يروهم بسبب اشجار الزيتون.
"أوه ها نحن إذن" قال النقيب"شيء بسيط انتم لا تستطيعون رئيتهم بسبب أشجار الزيتون.إذن ستقطعونها.غدا عند نهاية حضر التجوال اريد ان ارى الكل أمام المركز هنا.بفؤوسهم و مناشيرهم و مشاذبهم .كل ما يستعمله الفلاقة لقطع أعمدة الهاتف.
في الغد و مع بزوغ الصباح الاول حضر الفلاحين ملتحفين في برانيسهم طيب كان هناك من قبل وبدات الأفواج الاولى من النساء يتقاطرن نحو الوادي عاريات الاقدام بعضا منهن تحمل رضيعها فوق ظهرها وهن متقلدات فؤوسا و مناشر و مشاذب على يسارهن.و كان الاطفال يحملون قصعا مليئة بالكسكسي طعاما للغذاء و العجائز في المؤخرة لأنهن لم يستطعن مجاراة الركب..
عند اول ضربة فأس هوت من "حركي"على جذع شجرة ليظهر لهم كيفية العمل إنطلقت صرخة ألم مكتومة من فتاة و كأنما هي من تلقى الضربة.بعد ذلك انقسم الجنود و الحركى الى قطاعات ليشرفوا على العمل.
كان يظهر أن العمل لا يتقدم ما جعل الجنود يسأمون فأمام كل شجرة تقطع كان الفلاحون يكتمون معاناة لا تنتهي .
إحدى العجائز عانقت شجرة وأخذت تضم جذعها بيديها العاريتين و تناجيها بكلام لم يفهمه الجنود و الدموع تتساقط من عينيها.
في البداية كان الجنود يمازحزن الفلاحات و عندما لم يجدوا تجاوبا منهن سرعان ما ساد صمت كئيب لا تخترقه سوى اصوات المعاول و الفؤوس وهي تهوي على جذوع الزيتون الغضة وأزيز المناشر.
كان العمل يتقدم ببطء"لو ان الأمر تعلق بأعمدة الهاتف لتم بسرعة .أليس كذلك ايها الخنازير"قال النقيب" ثم ساد صمت ثقيل مضجر ليخترقه صوت حركي"لست سعيدة ام ماذا"وهو يركل ظهر العجوز التي لم تتوقف عن البكاء و مناجاة شجرتها ليجعلها تصرخ لكنها لم تصرخ.أدارت رأسها و نظرت الى جلادها نظرة رثاء ثم عادت وعانقت شجرتها.
......................
"تالا "منطقة في الريف القبائلي.
الحركى" جزائريون يعملون مع المستعمر "الاقدام السوداء"

عن رائعة الاديب الجزائري الكبير مولود معمري "العفيون والعصى" »L’Opium et le Baton »
و القصة كانت حولت الى فلم شهير سنة1970 .
ترجمة رزاق الجزائري
بوركت أخي رزاق الجزائرى ،قصة مؤثرة تؤرخ لحقبة مضت من الظلم والتطاول حتى على الأشجار
...إنه الاستعمار البغيض، الذي نهب وحاول طمس الحقائق وقتل الأبرياء ونكل بالعجزة ....
لكن إرادة الشعب ونضاله ،جعلا المستعمر يولي الأدبار ويترك الأرض لأهلها...
تحياتي أخي العزيز....
أبو مريم..

رزاق الجزائري
15/01/2008, 12:02 PM
بوركت أخي رزاق الجزائرى ،قصة مؤثرة تؤرخ لحقبة مضت من الظلم والتطاول حتى على الأشجار
...إنه الاستعمار البغيض، الذي نهب وحاول طمس الحقائق وقتل الأبرياء ونكل بالعجزة ....
لكن إرادة الشعب ونضاله ،جعلا المستعمر يولي الأدبار ويترك الأرض لأهلها...
تحياتي أخي العزيز....
أبو مريم..



الشكر لك يا صديقي مرورك على متواضعي القصة ترجمة من رحم الواقع ذاك الواقع الذي يحكي عن نفسه بدون تنميق والذي لن يموت في قلوبنا وسنحكيه عن آبائنا عن اجدادنا الذي رسمته كل شبر من ارض حررتها الدماء.
شكري المجدد.
"الفلاقة" اسم كانت تطلقه فرنسا على المجاهدين الجزائريين