المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقبرة الألف امرأة



طارق شفيق حقي
04/07/2005, 12:04 AM
مقبرة الألف امرأة


كان الغريب يستعد لدفن امرأة جديدة حيث نصحهه الحكيم أن يعجل بالدفن فإكرام الميت دفنه.
هو كان كتلة من مشاعر متأججة كيف لك أن تحمل جسدا ً بين يديك ولا يحرك ذلك فيك شيئا .
كيف يكون فكرك قد تعلق بها ,ثم مشاعرك تأججت وتأخذك دوامة التفكير , أنزل الجثة في القبر كانت ليلة عاصفة برقت السماء وأرعدت كعادتها حين يريد الغريب حفر قبر جديد , لم تكن قو ة العاصفة لتؤثر على ما تحرك من مشاعره . كانت الغيوم تتجمع سوداء قاتمة لكن لم تكن أشد قتامة من حزنه.
مد يده إلى شعرها وقرأ عليها ما تيسر ثم وارها الثرى سريعا لم يكن يحب هذه اللحظات ,

حين انقشعت الغيوم لاحظ بجانية مقبرة كانت مقبرة الرجل الواحد حيث جلست ورقاء .

ورقاء هل ما زلت هنا ويحك نادى الغريب كان كل ما دفن امرأة شاهد ورقاء.
رغم حزنه ضحك
كانت ورقاء امرأة جميلة دفنت رجلا ذات يوم وبقيت بجانب قبره كانت ما تزال تحيك ثوبا تقول أنه سيمنع البرد عنها , لكنها كلما وصلت لنهايته وقبل الغرزة الأخيرة كانت تنقضه من بعد قوة أنكاثا تخاف أن لا ينجح الثوب وكل ما سئلت كانت تقول لا أعرف ماذا أريد لعلي أنسج أفضل منه, وبقيت ككل مثيلاتها من النساء ينسجن ثوبا الدفء ثم في اللحظة الأخيرة ينقضنه
أنكاثا أنكاثا ؟!ثم تعود تبكي , وتستذكر حب حبيبها ... آه كم أحبني.. أنه الحب الأوحد

ورقاء صاح بها الغريب أما مللت أنظري إلى النهر الذي انسكب بجانبك كفاك بكاءً ودعك من هذا القبر سيأتيك من يحبك ويتزوجك.
ترد ورقاء: ربما يأتيني من يتزوجني وربما أنجب أطفالاً أقوياء , لكن لن أحب مثل ما أحببت , قد مضى الحب وانقضى فأنا لا أحب إلا مرة واحدة .
ورقاء كانت تذكر بكل صراحة ما جال بذهنها والغريب ما زال في مرضه القديم أخذته شفقة بها , وقال ورقاء ما رأيك أن أتزوجك . دهشت ورقاء ثم تلعثمت وما درت بأي شيء تجيب وظنت أن مسا أصابه .


لكن لدي شرط قال الغريب سنجري تجربة وان نجحت ستكونين زوجة لي وسنجوب البلاد

قالت ورقاء : ما هي هذه التجربة
قال الغريب : سأزرعك في الأرض فان تحولت إلى شجرة مثمرة سأتزوجك.
قالت ورقاء : قبلت لكن أين ستزرعني .
قال هلم معي وأخذها إلى التراب العجيب وأشعل نارا قوية ثم حفر الأرض وقال لها ضعي قدميك هنا ثم ردم التراب فوق قدميها وسقاها من ماء عناقيد العنب و انسحب إلى الخلف ينتظر النتيجة , جلس ينتظر تفاعلا بين الماء والتراب و الحسناء ورقاء ,....... وبدأ التراب يشرب كل قطرات الماء المركز وبدأت ورقاء تتفاعل معها لكنها لم تتحول إلى شجرة يحبها الغريب بل تحولت إلى فراشات غبية طارت وحامت واقتربت من النار صاح الغريب ورقاء ورقاء واحترقت الفراشات بالنار وتلاشت , وعاد الغريب أشد حزنا من ذي قبل يفكر كيف وأين يدفن ورقاء.
فما كان منه إلا أن غرف من نهر دموعها ونثره فوق قبور الألف امرأة عرفانا منه لورقاء وغادر مقبرة الألف امرأة يأمل أن لا يعود إليها أبدا .

.

3/7/2005

حي بن يقظان
04/07/2005, 10:41 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أعجبتني كثيرا وشدتني واعتقد انها تتكلم عن

الوفاء كوفاء ورقاء

لكن ما معنى بعض الرموز تحول ورقاء الى فراشات غبية مع ان الفراشات جميلة

؟
؟
؟ :shock:

عشتار
05/07/2005, 07:34 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قصة جميلة..

و بما أنك وضعتها هنا في معمل الكتاب فيحق لنا الاستفسار والسؤال عن الرموز الكثيرة الموجودة بالقصة..

أولاً ما هو سبب اختيارك لاسم ورقاء رغم أن نهاية القصة جاءت بعكس معنى اسمها.. أي أنها لم تورق ولم تثمر في الأرض التي زرعها فيها الغريب.. وأظنه كان غير موفقاً في اختيار التربة المناسبة لزراعة ورقاء
حيث أنه يحاول أن يداوي بها جروحه القديمة.. ويزرعها بأرض مليئة بالقبور والموتى.. فكيف يتوقع من ورقاء أن تورق!!

وماذا أيضاً عن نهر دموعها.. وما هو سبب نثره لماء النهر فوق القبور.. ولماذا كان ذلك عرفاناً منه لورقاء؟؟؟
فما الذي يميزها عن بقية ضحياته؟؟
وماذا عن زرعها كشجرة.. أهذا هو الشرط والامتحان الذي عليها أن تمر به .. وما سبب إشعال النار وإلى ماذا ترمز.. أم أن الشرط الثاني هو ألا تحترق بالنار المتوقدة أمامها.. ومتى كانت النار والأشجار يجتمعان!!!
فيبدو لي أنه أحرقها قبل أن يزرعها..

أما عن تحولها إلى فراشات غبية!!!
فأولاً أعجبتني جداً فكرة التحول التي تشابه التحول الذي يحكي عنه أوفيد في قصيدته
أما عن تحول ورقاء فأرى أنك كنت غير ناجح في اختيار الفراشات .. لأنني وكما أشعر فإن شخصية ورقاء لا تشبه الفراش الذي يحوم حول الضوء ليحترق فيه بغباء.. وبإمكانك قراءة ذلك في القصة نفسها.. هنا مثلاُ يقول:


كان كل ما دفن امرأة شاهد ورقاء


ربما يأتيني من يتزوجني وربما أنجب أطفالاً أقوياء , لكن لن أحب مثل ما أحببت , قد مضى الحب وانقضى فأنا لا أحب إلا مرة واحدة .


إذاً ورقاء كانت وفية لمن أحبت وكانت تنتظره هو فقط... على عكس الغريب الذي دفن ألف امرأة!!!
لذلك أرى أنك لو حولتها لطائر العنقاء فإن ذلك سيناسبها أكثر..
حيث تقول الأسطورة أن العنقاء طائر خرافي يعمِّر خمسة قرون أو ستة وبعد أن يحرق نفسه ينبعث من رماده وهو أتمّ ما يكون شباباً وجمالاً!!!
ولأن ورقاء لم تكن تبحث عن ضوء لتحترق به.. وإنما كانت وفية لمن تحب.. فهي مستعدة أن تحرق نفسها بنفسها أثناء انتظارها لحبيبها بجانب ذلك القبر الواحد لتبعث الحياة فيها من جديد وتواصل انتظارها..


أعجبني جداً هذا المقطع:


كانت ورقاء امرأة جميلة دفنت رجلا ذات يوم وبقيت بجانب قبره كانت ما تزال تحيك ثوبا تقول أنه سيمنع البرد عنها , لكنها كلما وصلت لنهايته وقبل الغرزة الأخيرة كانت تنقضه من بعد قوة أنكاثا تخاف أن لا ينجح الثوب وكل ما سئلت كانت تقول لا أعرف ماذا أريد لعلي أنسج أفضل منه, وبقيت ككل مثيلاتها من النساء ينسجن ثوبا الدفء ثم في اللحظة الأخيرة ينقضنه
أنكاثا أنكاثا ؟!ثم تعود تبكي , وتستذكر حب حبيبها ... آه كم أحبني.. أنه الحب الأوحد

وهذا دليل آخر على روعة ورقاء ووفائها.. إنها هنا تذكرني بزوجة البطل الإغريقي أوديسيوس.. الذي غاب عن زوجته عشرين سنة.. وتركها شابة وحيدة جميلة في البيت تقاوم تهافت الخطّاب وتضييقهم عليها لقبول الزواج بأحدهم.. فما كان منها إلا أن ابتكرت حيلة لتتخلص منهم وتحتال على الوقت آملة في عودة زوجها إليها.. فطلبت منهم أن ينتظروا إلى أن تحيك لزوجها كفنا، وعندما تنتهي من حياكته ستقبل بأحد الخطّاب.. فكانت تعمل نهاراً على حياكته وفي الليل تنقض ما أنجزته لتطيل فترة انتظارها وأملها بعودة زوجها!!

أرى القصتين هنا متشابهتين.. رغم أنك قدمتها بغاية إظهار غدر النساء وخيانتهن.. إلا أنها جاءت بعكس ما تريد وكانت دليلاً أكبر على وفاء ورقاء .. لكن بالنسبة للرجل فإنه يجد في ذلك غدراً وإنكاثاً لأنه لا يعرف أنه الإنكاث بعهد أحدهم هو الوفاء لغيره!!
إذاً مسألة الوفاء لكل من المرأة والرجل مختلفتين.. انظر مثلاً للغريب الذي أرى فيه خيانة وإنكاثاً لعهود ألف امرأة.. يكفي العنوان ليصيبك بدهشة الخيانة.. ( مقبرة الألف امرأة)!!!
ثم انظر هنا كيف أصبحت عادة الدفن أمراً طبيعياً بالنسبة له:


وارها الثرى سريعا لم يكن يحب هذه اللحظات ,

لم يكن يحب هذه اللحظات ولم يكن يحب النظر للوراء.. كل ما يهمه المرأة التالية التي سيأتي دورها بالدفن..
بدليل أنه ما إن نفض يديه من التراب الذي دفن به الأولى حتى عرض على ورقاء أن تكون الضحية الثانية!!
فعلاً أرى هنا شهرياراً آخر!!!
وأظن أن عنوان (حفار القبور) كان مناسباً للقصة أكثر..



ورقاء كانت تذكر بكل صراحة ما جال بذهنها والغريب ما زال في مرضه القديم أخذته شفقة بها , وقال ورقاء ما رأيك أن أتزوجك .


هنا دليل آخر على خيانته..فأولاً هي تتكلم معه بصراحة وعفوية.. بينما هو يخفي داخله جثثاً لألف امرأة.. ثم كيف لرجل مازال مريضاً بإحداهن أن يداوي نفسه بأخرى!! إذاً هو يخون تلك التي دفنها منذ دقائق ويخون أيضاً ورقاء لأنه لا يرى فيها سوى أداة لتضميد جراحه.. ثم كيف له أن يتزوج من امرأة لا يحبها وإنما يشفق عليها كما يقول!!!

بصراحة حزنت لورقاء أكثر من حزني على الغريب لأنها على الأقل كانت تجلس فوق قبر واحد.. ربما كان قبراً فارغاً أيضاً.. بينما هو يجلس على ألف جثة..
ورغم أنك تقول عن ورقاء:


كانت تقول لا أعرف ماذا أريد

إلا أني أعتقد بأنها كانت تعرف ماذا تريد تماماً.. كانت تنتظر الرجل الواحد الذي لن تكون لغيره.. هو أوديسيوس فقط من يستحق بينولوبي.. بينما الغريب هو من لا يعرف ماذا يريد.. وإلا أيعقل أنه لم يجد بين ألف امرأة واحدة فقط ليزرعها وتورق!!!


أخيراً.. عذراً على الإطالة..
وأنتظر ان تلقي لنا المزيد من الأضواء على بعض رموز القصة وتدافع عن الغريب الذي وضعته بنفسك في قفص الاتهام...

شكراً لك...

طارق شفيق حقي
05/07/2005, 11:39 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ها قد أثمر معمل الكتاب إثمارا رائعا

يقول الكتاب فيما يقولون أن على الشاعر أو الكاتب أن لا يشرح شعره وفنه
بينما كان الناس يسألون المتنبي وغيره عن معنى شعره
وأرى أن نقيم ثورة على هذا الأمر وتكون من دعائم المربد كصياغة مبادئ نقدية جديدة توصلنا إلى أدب جديد
معمل الكتاب سيكون كالمشي بين الأشواك لكن فائدته ستكون للكتاب رائعة ومثمرة بإذن الله
وبها ومنها نصل للوصف الصحيح في ما يعتري العمل الأدبي


عشتار سرني كثيرا نقدك للقصة وذلك إن دل فإنما يدل على قراءة واعية تفحص لكل صغيرة

لكن أخالفك فيما وصلت إليه وفيما فسرت فقد وجهت القصة جهة أنت وجدت أنها سارت فيها.
كنت أريد أن أرد عليك فنا وأكمل هذه القصة لكن عرفانا مني للمعمل الذي ولد في المربد سأكبح هذه الرغبة
للوصول إلى الفائدة .
بداية سأبدأ مع ورقاء بطلة القصة هنا والتي أعطتني أفقا جميلة وبناء لشخصية لم تكتمل بعد وكما قلت ليست هذه القصة إلا تجربة لم تكتمل
ورقاء هي شخصية تاريخية من تراثنا ذكر القران الكريم أنها كانت تنقض غزلها فكلما حاكت غزلا وقبل أن تتمه تنقضه أنكاثا , وهي فعلا امرأة عرفت في الجاهلية نعتت بالغباء والجنون , وقد وظف القران هذه الصورة أيما توظيف فشبه من ينقض عملا كبيرا من بعد قوة بورقاء
يقول تعالى:

((91 وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 92)) الحجر
البطل لم يحاول زرع ورقاء في المقبرة أبدا
ولم يكن يكترث بحزنه أبدا وبجروحه ذلك أن له هدفا وذلك سيظهر من خلال سلسلة الغريب وربما ظهر هنا فهو من بعد ما سمع منها كلمة
((ترد ورقاء: ربما يأتيني من يتزوجني وربما أنجب أطفالاً أقوياء))أطفالا أقوياء
أطفالا أقوياء
أطفالا أقوياء
وهنا قبل أن نتابع نشرح بعض الرموز
المقبرة لم تكن إلا مقبرة للذاكرة فالغريب كان يدفن قصة حب فور موت حبيبته فكلما ماتت حبيبة له كان يسارع بدفنها , لم يكن يريد أن يضيع هدفها بالموت في الذكريات فالعودة إلى الذاكرة والماضي إن لم تكن لهدف وهو القفز نحو الأمام كانت محض موت وقتل للحاضر
مقبرة الرجل الواحد كان رمزا لوفاء المرأة ربما هو وفاء لا أعرف حقاً سنرى ذلك..., لكنه وفاء لذكرى فحبيب ورقاء قد هجرها لسبب ما وهي بقيت عند القبر فالذكرى ستدفن حتما لكن وجود ورقاء بجانب القبر يعني انه الذكرى لم تمت فيها أبدا . وكأنها تقتات نفسها بذلك الحب فصورتها أمراه حالمة بل وساذجة حيث أنها قد وصلت في حبها إلى نقطة النهاية ثم خافت أن لا يكون هذا الثوب لا يدفئها وهي تقول لا أعلم
ربما خافت أن ينتهي الحب بزواجها من حبيبها , ربما كانت مخلصة للحب أكثر من إخلاصها لفكرة الزواج
والتجربة التي قام بها الغريب حيث أخذها وزرعاه بعيدا عن المقبرة في تربة خاصة وقال لها
((قال الغريب : سأزرعك في الأرض فان تحولت إلى شجرة مثمرة

سأتزوجك.))الشجرة هذا الرمز الرائع الشجرة رمز الخصب رمز العطاء رمز

الحنان رمز الحيوية رمز التغير رمز الجذور رمز الانطلاق بدعة من بدع الله وقد أرفق بها كلمة مثمرة فهدف الغريب هو الثمر الأطفال الأقوياء, حيث سنرى في معترك الرواية أنه ظل يبحث عن شجرة تلد له طفلا قويا هو الطفل الأسطورة الذي سيكون له دور بطولي ربما سيكون صلاح الدين لا أعرف لحد الآن


أما عن النار فهناك حديث شريف لم أعد أذكره كان يتكلم عن مثل الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يدفع الفراشات عن النار
وقصة الفراشات والنار قصة عجيبة فلحد الآن لم يعرف العلماء سبب انجذاب الفراش نحو الضوء وصورة انجذابها نحو النار صورة رائعة حيث أنها تضحي بنفسها من اجل هواها ,
يراها الكاتب أنها غبية ربما لو تناولها كاتب أخ كان صور ذلك روعة مطلقة في التضحية , لكني أجد ذلك حمقا فالفراشة ترى هذا النار نورا مبهرا يسحرها ربما هو الحب. طبعا هو نوع من الحب الذي ينتهي بالحرق والاحتراق , ورقاء كان هذا النار يبهرها وانظر كيف أحرقت نفسها تحيك وتحيك دون جدوى ثم تنكث كل ما حاكت لو كان فيها الخصب قويا لتحولت إلى شجرة تحترق عطاءً وهوذا الحب الحقيقي وسترى أي شعر سيسمعها الغريب لكنها احترقت بنار الحب ونار الهوى.
والفرق بينها وبين زوجة البطل الإغريقي أوديسيوس.. فرق شاسع فزوجة البطل كانت تنكث عن هدف إما ورقاء فعن عبودية للذكرى فكل طرزة كانت تتذكر لحظة وإذا وصلت للنهاية كانت تعيد الكرة وهكذا
أما عن الضحية والخيانة هنا لم يقل ذلك الغريب ولا الكاتب فكيف وصل إليك هذا تقولين
((
أرى القصتين هنا متشابهتين.. رغم أنك قدمتها بغاية إظهار غدر النساء وخيانتهن.. إلا أنها جاءت بعكس ما تريد وكانت دليلاً أكبر على وفاء ورقاء))

مع انك تؤكدين أنها تظهر وفاء ورقاء فهل كان نعتك لغاية الكاتب ضرب من توقع أم تخمين لا أكثر
على كل القصة حتما لا تقول بذلك بل تظهر شفقة الكاتب على هذا النوع من النساء حيث يموت كالفراش محترقا ويبهر بالحب بدل أن يبهر بالخصب والثمر فيبحث عنها
وتقول مقولة هامة أن لا يتأسى الإنسان على مافات بل يندفع إلى الأمام بحثا عن الشجرة والثمار بلد الزيف والاحتراق


كما قال تعالى ))
22 لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ 23((

طبعا هي مجرد رؤيا تحتما التغيير وقد طرحتها للنقد كما طرحت تفسيرا لها .

ولعشتار كل الشكر.

طارق شفيق حقي
05/07/2005, 11:41 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أعجبتني كثيرا وشدتني واعتقد انها تتكلم عن

الوفاء كوفاء ورقاء

لكن ما معنى بعض الرموز تحول ورقاء الى فراشات غبية مع ان الفراشات جميلة

؟
؟
؟ :shock:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا بك صحوة

أعتقد ان ما تقدم
من شرح يفي

تحياتي لك

طارق شفيق حقي
06/07/2005, 01:08 PM
تحولات ورقاء


عاد الغريب يعتريه حزن البلاد كلها يشعر باللوم الشديد , لم يخطر بباله أن تتحول ورقاء لفراشات تتطير نحو النار, في أخر تجربة قام بها تحولت تلك المرأة إلى زهور يانعة بالرغم من جمالها لكنها كان يعشق الشجرة أكثر , لم يحزن على المرأة التي تحولت إلى صخرة صماء أو تلك التي تحولت إلى طير طار في السماء بعيدا أو التي تحولت إلى عطر فاح بالوادي لكن حزنه على ورقاء جعل ناراً تسري في عروقه استحال فكره كرة نار وأصبحت الحكمة لديه ضربا من الجنون والعبث, فقد توازنه وأحس أنه يمشي فوق الأرض , في طريق عودته إلى القلعة كانت طيور تطير فوقه وأزهار تلاحقه وعطر زكم انفه وصخور تتدحرج من جانبه ركض هاربا كانت كل القبور تلاحقه وما إن دخل قلعته حتى شاهد الحكيم على باب القلعة .
إنهم إنهم يلاحقونني قال الغريب للحكيم
من هم قال الحكيم .

إلا تشم رائحة هذا العطر انظر انظر وأشار بيده إلى الخلف لكن الحكيم لم يتحرك ودخل إلى القلع مباشرة , نظر الغريب إلى الخلف لكنه لم يشاهد أي شيء , سال عرقه واضطرابه على كامل جسده , ثم دخل القلعة
- ما بك أيها الغريب

- لقد ماتت ورقاء أيها الحكيم... ماتت وتحولت إلى فراشات واحترقت بالنار
- وأنت أين كنت .
- لقد حاولت أن أمنعها عن النار لم أقدر لم أقدر كانت الفراشات تقترب هائمة إلى النار دفعت واحدة فارتمت أرضا بلا حراك خشيت أن أقضى على الباقيات , لكنها ظلت تحوم حول النار حتى احترقت كلها.كنت كالمجنون أقاتل الهواء وأطوح بيدي .
- ولماذا لم .......كان الحكيم يتابع... – صاح الغريب لماذا لماذا ... لماذا هذه التجربة أصلا ً لم أعد أريد شجرة ولا ثماراً كف عني نصائحك.
- قال الحكيم: هوذا الطريق أيها الغريب محفوف بالهزائم محفوف بالأوجاع لكنك لا بد أن تصل إلى هدفك , لو أنك دفعت الفراشات أرضا أرضاً كانت ستتحول مرة أخرى إلى ورقاء لن تموت تحت الأرجل
لكنها العاطفة قد أعمتك ,الرأفة في غير مكانها ,صاح الغريب بغضب:
وما يدريني أيها الحكيم وما يدريني أنها ستتحول وتنهض مرة أخرى لماذا لم تقل لي لماذا لم ترشدني.
- لماذا لم تخبرني أنك ستجري تجربة هناك في المقبرة, كنت أحسب أن لا مكان للحب بين القبور لكنك اندفعت وراء نزوة عابرة ,ويحك أيها الغريب يجب أن لا يربكك عطشك, يجب أن يزيدك قوة.. ويحك.
- صمت الغريب ....لازال يتذكر مشهد احتراق الفراشات يبكي في ذاته .. أيها الحكيم ... لماذا كان يجب أن تكون النار حاضرة , ربما لم تكن الفراشات ستحترق.
- ضحك الحكيم حتى قهقه يا صغيري لو لم تكن النار موجودة كانت ستتحول ورقاء إلى شجرة بل كل النساء كن شجرات لكنها هي الشروط عزيزي, لا تعترض على ذلك كن حذرا .
- لن اعترض لكن الم تكن هناك طريقة تحول ورقاء إلى شجرة بوجود النار .
- استغرب الحكيم من السؤال لم يكن يدري إجابة له ولم يكن يستطيع الاعتراض عليه فانسحب من المكان تاركا الذهول يخيم على المكان صمت صارخ عم القلعة .
وكأنه كان هناك من يستمع إلى الغريب و حكيمه وتسللت إلى المكان هسهسة بعيدة كانت أشبع بدندنة مألوفة هوذا... هوذا صوت ورقاء تغني الأغنية ذاتها في مقبرة الرجل الواحد تذكرها فهو يعرفها جيدا كان يستمع إليها كل ما ذهب للمقبرة .
- صاح ماذا تقول أيها الحكيم بقبر واحد لورقاء قبر واحد جاءه صوت الحكيم متخامداً إياك أن تعود للمقبرة إياك .
- عادت الدندنة قوية وقد نسجت عليها كلمات جديدة على لحن ورقاء كانت تقول :
أنت زرعتني أنت
أنت قتلتني أنت

أنت زرعتني أنت
أنت حرقتني أنت
مرت لحظات اعترك الغريب وجدران القلعة حتى كادت أن تطبق على أنفاسه فخرج من القلعة عاد الغناء , زفر الغريب وأخذ بالبكاء بكاء مرير ثم بالعويل لكن شدة بكائه لم تمنع الأغنية من الوصول إلى أذنيه وقلبه : أنت قتلتني أنت حرقتني
كان يطوح بيديه في الهواء كأنه يبعد طيور الظلام عنه.
مشى هائما يبحث عن وجه ورقاء في كل شجرة في كل صخرة في كل وردة
ظل يمشي حتى وصل إلى مقبرة الألف امرأة
هناك كان الصوت أقوى .. رددت كل القبور وراء ورقاء :
أنت قتلتني أنت
أنت حرقتني أنت

كفى صاح الغريب ..أنا لم أحرقك .... لم أحرقك

عاد الصوت شامتا:
أنت قتلتني أنت
أنت حرقتني أنت
أنت من أعجب بشكل بالنار وغرك حسيسها ولونها ما دريت أنها الاحتراق
بل لم تحس إلا حين صرت رماداً أسودا ً كنت تتلذذين بهواك.
خرس الصوت حينها
جلس الغريب منهكاً على حافة المقبرة نكس رأسه وغرق في حزنه, كانت شلالا يغدق فوق رأسه وينابيع ماء أسود تفيض من تحته وظل ساعات وساعات ................ بعد تلك الفترة رفع رأسه حاول أن ينهض لم يقدر
سحب رجله لم تتحرك قيد أنملة كأنها معلقة بألف يد
اجمع كل قواه وصرخ يا الهي نهض, كانت أطرافه قد قيدت بألف سلسلة وسلسلة .. وقد امتدت من كل قبر سلسة حديدية كبلته, جمع كل قواه وهو القوي لكن سلسلة لم تنقطع كان كالنمر الهائج يزمجر
ها هو الغريب قد كبل بألف سلسلة بعيدا عن قلعته وجنوده والحكيم
وعادت دندنات ورقاء ترد خلفها كل نساء المقبرة الألف :
أنت قتلتني أنت
أنت حرقتني أنت

.
.
.يتبع........

طارق شفيق حقي
11/07/2005, 12:56 PM
صورة قريبة من صورة ورقاء حين تحولت الى فراشات
[align=center:d18c6211ec]

http://www.merbad.net/co/albums/userpics/10001/w6w_2005070406454717518798ff0ef.jpg[/align:d18c6211ec]

طارق شفيق حقي
21/07/2005, 12:06 AM
كان الغريب يغوص عميقاً عميقاً كان يحاول أن لا يجرح امرأة لكنها الحقيقة صرخت بوجهه كانت الحقيقة أنصع من الشمس كانت اكبر من رقته : فصاح : أيتها النساء

أيتها النساء يا نساء القبور انعموا بالموت فالموت راحة لكم... لازالت الشفقة على القوارير قوية كما كانت رغم سطوع الشمس.
لم تكن واحدة منهن ترفع رأسها لترى الشمس المحرقة كانت تغرق في بحر العواطف التي ستنضب وستتركها في صحراء محرقة , صحراء لن تجد فيها معينا
وستنفد مئونة الذكريات ستنفد , بل ستسمم جسدهن وستحال الذكريات شبحاً يلاحقهن
انعموا بالموت يا نسوة القبور صاح, والسلاسل مازلت تكبله تزداد قوة
ماد بجسده وكأنه يسخر من هذه السلاسل وقهقه: فكوا وثاقي أيتها النساء برضاكن قبل أن أبددها رغماً عنكن , ماد مرة أخرى كنمر شرس وألف سلسلة وسلسة تلتف حوله
تهامست النساء وعلت تمتمات , نهضت كل النساء من قبورهن, ألف امرأة.

صرخت واحدة بوجه أنت خائن أنت معتوه..صاحت أخرى أنت جبان ..وأخرى : أنت درويش لست برجل ....وأخرى: أنت ضعيف ........ أنت دفعتنا للموت للفشل وشدت السلاسل بقوة حول جسد الغريب كادت تطقطق عظامه تفصد جسده عرقاً صاح الغريب من الألم , لكنك حين تحس بضعفك يكون ذلك سر قوتك رمى الغريب بشفقته جانبا وقال : وهو ينظر بالعين التي لم تكن لترفع لتنظر بعينه
ألست زهرة.... نعم قالت النساء وهن ينظرن إليها
هل أحكي لكم قصة زهرة

زهرة الفتاة الرقيقة النسمة العذبة
زهرة التي كانت تخجل منها الأزهار أمسك الغريب بطرف يده بسلسة زهرة.... أتذكرين يا زهرة حين مرّ الغريب بواديك وادي زهرة
أتذكرين حين مشيت باستحياء وقلت لي هلا استسقيت لي

ثم حين بدأت أستسقي لك كانت تراوديني فكرة جميلة أنك ستذهبين لأبيك وتقولين إنّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ كنت أحلم لكنك أخذت تتغنجين وتتدللين , رغم ذلك طلبت منك تجربة التحول إلى شجرة شجرة وما أحيلى الشجرة , أتعرفون إلى ماذا تحولت زهرة لقد تحولت إلى أفعى رقطاء ولدغتني وانصرفت إنها زهرة فتاة الوادي التي تمشي على استحياء وتطلب الاستسقاء,
أنت أحمق لست برجل أنت درويش أنت معتوه قال زهرة
لقد طلبت مني زهرة زهرة الوادي أن أبيت معها , في ظلمة الوادي صاح الغريب أيتها الحقيقة وكأن سحرا قد تسلل للمكان: جاء صوت زهرة العذب الصوت الناعم وسمعت كل نساء المقبرة : ابق معي أيها الغريب ليلة واحدة , يقول لها الغريب بل العمر كله أين أبيك, وتقول هي الوادي ويقول أين أبيك ..... الوادي فصفعها بقوة قالت انك درويش لست برجل وكأنها تحاول أن تهينه وتجرح كرامته كرجل نعم قال الغريب إنا درويش ولست برجل أمام الرذيلة وانصرف فما كان من الأفعى إلا أن لدغته في ذاكرته , وسرى السم قويا يؤذيه فمرض وتاه في غابات الجنون.
زهرة سحقا لك وسحب السلسلة بقوة فتفككت كل أجزئها وأرسلت الحقيقة سهماً إلى صدر زهرة فأحرقت ومليء صراخها كل الأجراء

حينها صمتت كل نساء المقبرة.... نظر الغريب بعين كل امرأة
وهمس من تريد أن تحاكمني أيضا , من تريد أن نذكر للحقيقة قصتها
وصرخ ويحكن ... ويحكن ... ويحكن....كان الغريب يصرخ بألم كان حلم الشجرة يعصر قلبه ,
أنت ألست شمس التي ........ألم تكوني.... صاحت شمس لا ..لا ثم اختفت في قبرها وانفلتت سلسة أخرى
وأنت ألست دلال ... دلال التي... لا صاحت دلال واختفت عائدة إلى قبرها و أنت وأنت وأنت واختفت النساء الواحدة تلو الأخرى عائدات إلى قبورهن وانفلتت السلاسل كل السلاسل .. كانت للنشوة طعما في شفتيه لكنها لم تمحو مرارة الحلم المنكسر , نظر الغريب نظرة أخيرة إلى المقبرة وهم بالنهوض كان قد كبر خمساً من السنوات في هذه الساعات.

مرت خمس ساعات كل ساعة بسنة ونكص عائدا إلى قلعته
لكنه لم يستطع التحرك قيد انملة كانت سلسلة تشده بقوة , سلسة واحدة كانت سلسة ورقاء
التي مازالت تنظر فيه ذات النظرة لم يغير فيها كلامه ولا صراخه ولا حقيقته نظرت فيه وهمست:
أنت قتلتني أنت

يتبع
20/7/2005

الزنبق الحزين
22/07/2005, 06:56 PM
[align=justify:e0ebf16106] السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

ملحمة رائعة

ننتظر التتمة

ذكرتني بالملاحم اليونانية[/align:e0ebf16106]

طارق شفيق حقي
01/08/2005, 09:59 PM
ورقاء كف عني

سأكف عنك أيها الغريب , لكنك وصمتت
ورقاء كان حزنك كبيرا على القلب , لكنه الانهزام الكبير



بالرغم من قوة ورقاء لكنها كانت تعد نفسها لمسامحة الغريب بل لمسامحة نفسها, كانت تشعر بحزنه حين كان يقص قصص النساء لم تكن دوامة تشابه القصص وحتمية النهاية تؤثر على عزمها لم تكن كغيرها من النساء أو من صنف ما شاهد الغريب ,

حين كان الغريب يغزو أخر غزواته ضد نساء القبور كانت ورقاء تعيش كل كلمة يقصها كانت تعيش تلك اللحظات وتكبر فيه قوته


ومع كل كلمة كانت تذرف دمعة وسالت دموعها حتى غدت نهرا يتدفق
وغاصت قدماها في الطين حين كان الغريب يصيح ويحكن ويحكن كان بكاؤها يزيد كانت تتألم وكأن هذه الكلمات تنغرز بقلبها ,
في هذه اللحظات كانت ورقاء تعيش كل قصة وكأنها حاضرة أمامها


رأت زهرة الوادي بكل أوصافها وشعرت بنبض قلبها ,حين كانت تشرب من المشرب بجانب الغريب كان النسيم يحرك مشاعرها أيما تحريك اقترب الغريب من شجرة ولامس وريقاتها كانت يده تحس بنبض الشجرة كم كانت تود لو يمسك الغريب يدها بدل أن يمسك أوراق الشجرة وبدأت النار تشتعل جميلة صغيرة تدغدغ المشاعر


لم تكن تعلم زهرة أنها ستصبح نارا عظيمة متقدة ترسل حرارة عالية يغيب لها اللب وينذوي , ورقاء علمت نهاية النار فكانت تصيح بقلبها زهرة زهرة ........الآن باتت النار بشكلها الجميل تخيف ورقاء , وشعرت ورقاء بحلاوة تسري في عروقها لم تكن لتحس بها قبلا
الغريب كان قد أمسى كليلاً , أدار ظهر يهم بالرحيل وقد انفكت عنه أخر سلسلة سلسلة ورقاء , ويمم وجهه صوب القلعة واستجمع قواه


ها قد أنهيت ملحمة المقبرة مقبرة الألف امرأة حينها شعر أن نسيماً خفيفاً يلوح بقرب خده لكنه تابع سيره, وكان تعبه يعمي الحواس عاد النسيم يدغدغ مشاعره فاقشعر جسده وانتفض , جمد ونظر جانباً كانت أوراق رائعة الخضرة تعبث بشعره وتصل لخده , نظر خلفه وكأن شلالاً من الماء ينسال على

صدره شاهد شجرة رائعة الوصف جميلة المحيا مورقة الإطلالة بهية الرؤية يانعة خلابة بديعة باسقة ,
كانت أغصانها تلوح وتموج بأوراقها كضحكات فتاة نزلت لتوها من القلب , وهاجت ضاحكة بكل
وريقاتها كأنها تقول ها أنا الشجرة ها أنا الشجرة , شهق الغريب وانبهر ولو كنت قد سألته لقال لم أذق ألماً من قبل, ظل برهة يتأمل هذا الجمال متعجباً ونور شفيف يحيط بالمكان ولم يشعر إلا و قدماه تحثانه على الركض فركض بقوة واحتضن جذع الشجرة وسحب نفسا قويا عميقاً لم يكن ليشبعه لطهره , كان خفيفاً عطراً نقياً بارداً ظل الغريب فرح بالشجرة حتى ما شعر إلا وهو يجلس تحت ظلها ونام كطفل صغير .





ونام الغريب كطفل صغير صغير لم يكن يدري أنها استراحة المقاتل

وستشد المعارك الجديدة الرحال إليه .....................