المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (موت المؤلف) .. دعوة إلى المناقشة والحوار ...



أبو شامة المغربي
02/12/2007, 04:25 PM
http://www.zmzm.net/images/bsmlah.gif
http://home.att.net/~scorh3/Flower04a4.gif
سلام الله عليكم مجددا
أهل المربد الكرام
ورحمته جل وعلا وبركاته
وبعد ...
هذه دعوة إلى المناقشة والحوار حول
(موت المؤلف)
ماذا يعني رولان بارث بموت المؤلف؟
في مستهل الإجابة على هذا السؤال، يمكن إيجاز ما ذهب إليه رولان بارث (1915 ـ 1980) في العبارة التالية:
"المؤلف ميت والعمل الأدبي خالد"
وذلك بناء على ما كتبه رولان سنة 1968 ميلادية (موت المؤلف)، عندما أشار إلى أن اللغة هي التي تتكلم داخل العمل الأدبي وليس المؤلف، فعمد إلى عزل المؤلف تماما وإقصائه عن العمل الإبداعي، ومن ثم لم يتقبل البنيويون فكرة وجود الموضوع قبل الكتابة واعتبروا أن فكرة أي موضوع ستنبعث لحظة الشروع في كتابة العمل الأدبي، ومن ذات المنطلق كذلك لم يلتفت البنيويون إلى مؤلف العمل الأدبي، وعملوا على تحليل العمل الإبداعي لغويا، وحرصوا على فك رموزه، والعلائق المتكونة منه، واعتمدوا في ممارستهم النقدية هذه على علوم اللغة التي خلص إليها عالم اللغة السويسري فرديناد دي سوسير، فاتخذت البنيوية من علوم اللغة أساسا لها ومرتكزا لقيامها، ومدت جسرا بين النقد الأدبي واللغة، بحكم وجود عناصر ومستويات مترابطة في ما بينها داخل العمل الأدبي، وهي من يساعد على تحديد طبيعته، وتحليله وكشف بنيته ...
هذا بإيجاز شديد ما يعنيه رولان بارث وغيره من النقاد البنيويين بموت المؤلف، والراجح في رأيي، هو أن مؤلف العمل الأدبي حي يرزق، وأن خلوده رهين بمدى خلود عمله الإبداعي، بقدر ما أرى الصواب والحق في نسبة أي عمل أدبي إلى صاحبه، وأن الخطأ والباطل في فصل المؤلف عن عمله الإبداعي، وتتبادر إلى ذهني اللحظة آية قرآنية كريمة، على سبيل القياس، وهي التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم
"ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ، هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ، فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ، فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ، وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ، وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً"
الأحزاب - الآية رقم 5
فعسى أن يتدبر القارئ الكريم روح الإجابة في هذه الآية الكريمة، ثم إني لا أحسب القول بـ (موت المؤلف) إلا خطأ ووهما شائعا بين كثير من النقاد المحدثين، سواء أكانوا عربا أم غربيين ...
ثم إن السؤال التالي قد يطرح:
هل يمكن دراسة نص أو خطاب دون معرفة صاحبه؟
أرى أنه بالإمكان القيام بذلك، لكن الدراسة ستكون ناقصة، وغير مستوفية لشروط صحتها، إذ أن معرفة مؤلف العمل الأدبي على سبيل المثال، أو معرفة صاحب أي نص أو خطاب على وجه العموم، أمر لا بد منه لتحقيق دراسة سليمة تامة إلى حد معين، وغير منقوصة، فكيف يستطيع ناقد الأدب أن ينقد عملا إبداعيا محددا، دون أن يتعرف على جذر من جذوره، والمتمثل في صاحب العمل؟ ولا يجدر بالناقد أو الدارس أو الباحث أن يتجاوز صاحب العمل إلى العمل، بدعوى أن المؤلف مات بمجرد ما انتهى من عمله الأدبي أو غير الأدبي، وأن العمل المنقود أو المدروس أو المبحوث قائم بذاته وصفاته، فما (موت المؤلف) إلا جناية منكرة، وتهمة باطلة ...
فما رأيكم في موضوع
(موت المؤلف)
؟
حياكم الله
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com

طارق شفيق حقي
02/12/2007, 06:42 PM
سلام الله عليك د عبد الفتاح أفكوح


هذه المواضيع تبلغ من الهمية بمكان لكل باحث ودارس, وهي إن اختصرت الفكرة ولم تتشعب قيمة الجدوى .

وأرى فيما أرى أن تفتح موضوعاً واحداً فقط كل أسبوع كي نحيطه علماً , ونوسعه بحثاً وفكراً
ولا أعني البحث هو البحث الدقيق , لكنه بحث يوافق مكاننا الافتراضي

بكل الأحوال:

موت المؤلف
لم يقصد فيما أرى رولان بارت , بعدم نسبة الموضوع لكاتبه , بل قصده عدم التفكير بالكاتب أثناء نقد المادة الأدبية
وليس على الكاتب أن يعود لتاريخ المؤلف ويدرس نفسيته وما شابه , كي يفهم كتاباته
بل عليه أن ينطلق من نصه وينقدها كما هي
حتى ولو لم يكن يعني الكاتب ما كتب

لأننا قد ندخل في باب التأويل حينذاك

منهج التأويل ناشط في هذه الفترة
ويفصل الباحثون من جادمر وشلايماخر ودالتاي في المصطلحات
حول الفهم والتفسير والتأويل
ونحن نخوص في كل عملية فهم لأي نص عملية تأويل من خلال الجملة ومن خلال السياق

لكننا حين نعرف الكاتب ونزعاته فإننا نثق بتأويلنا

مثلا لو كان النص بين يدي لكاتب وجودي
فإذا التبس علي الفهم في جملة ما , فأنا أحيلها لمعرفتي بعموم حياة الكاتب وبذلك ألجأ للتأويل

كذلك لو عرفت أن الشاعر ابن الرومي مثلاً قد فقد ابنه فإني أعرف سبب الحزن المتراكم في قصائده

لكن بارت والبنيويين ينطلقون من النص وفقط النص
وهذا التوجه هو توجه حداثي

فحين كتب أحد النقاد وهو الأستاذ بيتسون عن حياة وردورث المغرق في الرومانسية , ولجأ لمعرفة تفاصيل حياة لشرح الغائم من شعره

فوردورث شاعر يمثل بشخصه التيار الرومانسي , وقد قال أغلب شعره وهو ماشياً, وفي تفاصيل حياته من الأحداث ما لو عرفناها لفهمنا شعره تمام الفهم,
لكن هذا الناقد تعرض لنقد شديد من ت س إليوت و إدوين ميور وشلته الحداثية , وانتقدا المنهج وقالوا أن هذه الحقائق لا مكان لها ويجب أن لا تتدخل في تذوقنا للشعر

فما كان من هذا الناقد إلا وإنهال بمقالة شديد اللهجة تنقد إليوت ورأيه , وكانت مقالة رائعة قدم بها طبعة الكتاب الثانية
واعتبر أن كلام ت س إليوت وشلته الحداثية تعتبر سوء فهم خطير لطبيعة الشعر الرومانسي الإنجليزي , وكانت فعلاً من أمتع المقالات


بعد كل هذا
لو كان رأي أهل الحداثة ينبع من قولهم أن معرفة تاريخ المؤلف وشخصيته يحد من مشاعرنا ,فربما نعذرهم

لكني وفق ما درست الحداثة, فهي تنطلق لكسر العلاقة المنطقية بين الأشياء , بين الصورة ودلالتها , بين الدال والمدلول, ويطمحون لقصيدة ذات تأثير بالأحرف وإيهام بالشعرية من خلال كلمات لها جرس حتى ولو لم يكن المعنى يدل على ذلك , لذلك عمدوا لإدخال كلمات ذات جرس من أكثر من لغة , حتى ولو يكن لها ارتباط معنوي
فبذلك يكون موت الكاتب , لا يقبل وفق منهجهم

وأشير هنا أن الكاتب جاكسون أشار لبؤس البنيوية , لأنها أحسنت الشواهد وهي لسوسير لكنها اخطأت الدلالة والفهم

ثم أعلن أكثر من ناقد موت البنيوية

وللأسف لا زال الكثير من النقاد العرب يتعلق بهذه النظريات التي ماتت وانمحت وهجرها نقادها



فما (موت المؤلف) إلا جناية منكرة، وتهمة باطلة ...

أم قولك انها جناية أرى أن ننقد الأسلوب و نبين قصوره لو كان كذلك , وذلك أجدى نقدياً, فهو يقدم فكره وطريقته في النقد ونحن من باب نقد النقد ان نقدم كذلك ما لدينا

أشكرك من القلب

مروان قدري عثمان مكانسي
02/12/2007, 07:42 PM
السيدان الفاضلان: الدكتور أبو شامة والأستاذ طارق حقي، السلام عليكما ورحمة الله وبركاته وبعد:
النص الأدبي من شروط دراسته الأكاديمية أن يذكر المؤلف بشيء من التفصيل: حياته، ونشأته، ومذهبه، ومسيرته العلمية و... والأديب جسد وكتابته روحه التي تسري في ذاك الجسد، فلا مجال للفصل بينهما، ويسري على ذلك النصوص التاريخية والمذكرات الأدبية ..
أما النصوص العلمية والترجمة فقد يُتغاضى عن كاتبها ويُكتفى بمادتها بعيداً عن شخصية الكاتب, والله أعلم.