المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مرثية اثنين......



محمد القصبي
25/11/2007, 07:13 PM
مرثية اثنين

الجو عاصف ممطر و السماء ملبدة بالغيم ...مثل قلوب المتظاهرين التي يهصرها الغضب من جراء ما وقع ببلدة صغيرة اشد المدن محافظة و اصالتها سمتها الحضارية المشهود لها بذلك كوسم مثير.. الشوارع مملوءة بالبرك المائية و مسيلات عنيفةتتموج حول الاقدام الزاحفة كأنها في يوم الحشر تتسارع بامر ربها ..هي مياه الغضب الهاطلة الساخرة تعنف على طول الرصيف...لا تلين..و لا ينقص صبيبها ...فالميازيب معطلة الشيء الذي يعكس بالتام غياب البنية التحتية ... مشاريع الحكومة شكلية صورية تنتقدها لغة الطبيعة و ها هي السماء لا تزال ترسل زخاتها علها تطفئ غضب الحضور الذي ينطلق مرددا شعارات التنديد و الاستنكار...
شعارات جملة تضميناتها تتمحور حول تطبيق الحدود..تطبيق الشريعة ...تطبيق القانون و لو بأضعف الايمان...الصراخ يعلو انذار رجال الامن الذين يجسدونه بزيهم الرسمي ادوات هم للغة العولمة الحامية للوليد التربوي الذي اراد ان يعشعش جدار رحم المدينة الصغيرة المشهود لها بالتاريخ بالشهداء..برجالات حطموا اسطورة الحربين الكونيتين..و مقاومين ابلوا من اجل الاستقلال ما جعل هذا الوطن مدينا لهم بكل مجد حضاري و سؤدد قد غنمه استقرارا و سيادة لها مكانها في المنتظم الدولي...مثل هاته الافكار كانت تراود عجوزا ابى الا ان يشاطر المتظاهرين غضبهم الا ان طعم هذة المظاهرة تختلف عما شارك فيها بالوسائل التي اشترطتها انذاك قيادات التنظيم للضغط على المعمر بقبول الطروحات السياسية التي بمقتضاها تتحقق رؤية الجميع الى الاستقلال الذاتي انذاك اما مظاهرة اليوم فانها لا تخضع لاي تدبير او تخطيط يراعي الابداع المتسلسل عبر قنوات التواصل بين القيادات للتحكم في الركح السياسي ..هي مظاهرة من ضجيج و هتاف مختلط يستعظم شرا لحق بالمدينة ..موجة الماسونية قد اغرقت في براثينها جموعا غاضبة تنتقم لاصالتها و جنود يحمون الماسونية بدعوى تثبيت النظام من الزعزعة و تقويض اركانه حماية القانون الوضعي المتلاقح و صور التربية الحديثة تجسد ارادة هذا القانون ليؤول و يفسر حتى لا يلجؤ المواطن العادي المتسلح بقيمه الاصيلة من تطبيق العدالة المطلقة..
لا تزال اقدام المتظاهرين تحث الاقدام نحو قصر البلدية و الجنود المدججون بشتى اليات القمع على اهبة لرد الطوفان الغاضب الهدر باصوات يقشعر لشجوها البدن ...لا زال العجوز يردد في قرار اعماقه اسلوب المظاهرة فيما مضى يختلف عما اعايشه اليوم من نموذج غريب وقد دفن جسمه بين الاوساط الغاضبة..وبعد لحظة سأل طفلا صغيرا بجانبه..=بني لم انتم متظاهرون?
اجاب الطفل بعفوية =انها مجرد صرخة ستليها اخرى فاعلة ..
فاردف الشيخ القول=انك لم ترد علي بجواب مقنع يا بني
فرد الطفل على الفور و لم انت يا جدي هنا بيننا ثم تابع صياحه مع الالسنة الخارقة لجدار الفضاء الباكي في هذه اللحظة امسك الهرم بيد الطفل البضة و صاح لم يا بني اهي احتجاج بسبب الزيادة التي عرفناها تباعا في فاتورات الماء و الكهرباء...و الاسعار الملتهبة في المواد الغذائية ام هؤلاء السكان متعاطفون مع شريحة صغار الموظفين و المتقاعدين الذين همشوا بفعل الفاقة و الخصاصة حتى البسوا فالتبسوا الهامش الاجتماعي ..
استحيى الطفل ان ينبئه بحقيقة قيام المظاهرة دون سابق انذار بينما كهل بجانبهما انحنى على اذن الجد و همس =انها مظاهرةيستنكر باسلوبها اهل البلد زواج شاذين مثلين....
في هذه اللحظة اشتبك رجال الامن مع المتظاهرين حيث سقط ضحايا من كلا الجانبين ....و في غمرة التراشق بالاحجار و بالخراطيم المائية سعيا الى تفريق الجموع اطلقت رصاصة مطاطية اصابت الطفل ..فسقط شهيدا انكب عليه العجوز و اخذ يبكيه..صائحا طوبى لك الشهادة ...طوبى لك الفحولة ...فلا ندري غدا اي مصير اخلاقي سيحفنا على كبرنا ا فاعلين ام منفعلين بقوة قانون الزواج المثلي الذي عصف بالبلد ...ثم تصلبت يديه على جسم الصغير النحيل فلم يستشعر نفسه الا لما امتثل امام المحقق الذي اتهمه بالتحريض على الاخلال بالنظام العام و تلفيقات اخرى شبيهة كالعصيان المدني نموذجا...
استودع العجوز الزنزانة بعد اكتمال التحقيق الفوري انشاء للبحث الاعدادي و لما عرض على هيئة المحكمة ظل كعادته واجما ساكنا ساكتا الى ان نطق القاضي بادانته 5 سنوات سجنا و العجوز على حاله ثم صاح القاضي بعدئذ بامكانك استئناف الحكم داخل اجل 8ثمانية ايام من النطق بالحكم ساعتذاك صاح العجوز صيحته الاخيرة =اين الطف............................................ل. ..ال...ط..........فففففففففففف.......?,



محمد القصبي
الكفاف/اخريبكة
المغرب

نهي رجب محمد
25/11/2007, 07:37 PM
اهتمام القاص بالتفاصيل العديدة ،والوصف المسهب للمكان والمارة يعطل نسبيا تعاقب السرد ويصنع فجوات فاصلة بين الأحداث


شكرا يالتوفيق دائما


سهيلة

محمد القصبي
26/11/2007, 09:25 PM
[quote=سهيلة;38320]
اهتمام القاص بالتفاصيل العديدة ،والوصف المسهب للمكان والمارة يعطل نسبيا تعاقب السرد ويصنع فجوات فاصلة بين الأحداث
شكرا يالتوفيق دائما
سهيلة

مدين لك بالتقنية التي من شانها تصقل لدي مهارة الكتابة شكرا مجددا

نهي رجب محمد
27/11/2007, 05:58 AM
عفوا أخي القاص ،كلنا علي الطريق نتعلم ،مزيد من التجدد والاستمرار
سهيلة

محمد القصبي
27/11/2007, 04:59 PM
بمثل هذا التواضع يتكلم العظماء

نوف
27/11/2007, 05:15 PM
من سمات كاتب هذه القصة

القدرة على الوصف جراء دقة الملاحظة

أعجبتني وأتعلم منك

أختك نوف:?:

محمد القصبي
27/11/2007, 08:09 PM
اسلوبك يعكس تميزك في تطويع اللغة ...شكرا للسند الذي به انشد المواصلة ...