المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دمشق .... علي الطنطاوي .. هديتي الأولى لكم



نشيد الربيع
19/06/2005, 12:19 AM
فكرت في هدية أقدمها لكم في هذا المنتدى .... تكون مصافحة أولى ... وتكون جديدة لم أضعها في مكان سابق قبل الآن .... وذهني اليوم مشغول بأمور لا تدع له وقتا يخلو فيه ليتأمل .... ولا يصفو ليكتب ..... فرأيت أن أنقل لكم كتابا ... تكون خلوتي به سعادة لي ... ويكون وقتي الذي أصرفه في نقله زادا لقلبي لا أحزن على فواته .... فاخترت هذا الكتاب الذي قرأته من زمن ليس بالبعيد ...أنق منه كلما أحسست في النفس كللا .... فإن أطلت فاغفروا ...

عنوانه ... دمشق ... صور من جمالها وعبر من نضالها .....

كاتبه .... ومن لا يعرف كاتبه .... علي الطنطاوي .. الأديب الفقية

(أعرفكم به مفصلا إن شاء الله )

والذي يتجاوز حقوق الطبع والتأليف هو أنا نشيد الربيع .....




http://www.w6w.net/upload/18-06-2005/w6w_20050618181614d60d604b.JPG




من المقدمة ....

دمشق ... وهل توصف دمشق ... هل تصور الجنة لمن لم يرها ... كيف أصفها وهي دنيا من أحلام الحب وأمجاد البطولة وروائع الخلود .. من يكتب عنها وهي من جنات الخلد الباقية ... بقلم من اقلام الأرض فان ...

دمشق التي يحضنها الجبل الأشم الرابض بين الصخر والجبل المترفع عن الأرض ترفع البطولة العبقرية . الخاضع أمام السماء خضوع الإيمان الصادق .

دمشق التى تعانقها الغوطة الأم الرؤوم الساهرة أبدا . تصغي إلى مناجاة السواقي الهائمة في مرابع الفتنة وقهقهة الجداول المنتشية من رحيق بردى ... الراكضة دائما نحو مطلع الشمس ...

دمشق التي تحرسها الربوة ذات الشاذراوان وهي خاشعة في محرابها الصخري تسبح الله وتحمده على أن أعطاها نصف الجمال حين قسم في بقاع الأرض كلها النصف الثاني ....

دمشق أقدم مدن الأرض قدما وأكبرها سنا وأرسخها في الحضارة قدما كانت عامرة قبل أن تولد بغداد والقاهرة وباريس ولندن وقبل أن تنشأ الأهرام وينحت من الصخر وجه أب الهول وبقيت عامرة بعدما مات أترابها واندثرت منهن الآثار وفيها تراكم تراث الأعصار ....

حي بن يقظان
19/06/2005, 01:00 AM
أي روعة هذه

السباق الأول

شكرا لكل هذا الجمال هنا


مع خالص امنياتي لكم بالصحة و دوام التوفيق...

عشتار
19/06/2005, 08:08 AM
العزيز نشيد الربيع

أوتستغرب إن قلت بأنك إضافة كبيرة ورائعة للمربد

فعلاً تعجز الكلمات عن شكرك

ولا أملك إلا الإحتفاء بصفتحك المشرقة هذه وتثبيتها لتعود إليها وقتما تشاء

وسنكون بالتأكيد في انتظارك دائماً

بورك في وقتك وجهدك وعلمك


تقبل مني أعطر تحية

طارق شفيق حقي
19/06/2005, 12:48 PM
[align=center:3fdc218b9f] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نشيد تحية عبقة لك

الشيخ الجليل الطنطاوي

اسمع هذه القصة عنه


ذهب وفد لبغداد وكان الطنطاوي ضمن هذا الوفد واستضيفوا في جامعة المستنصرية
يقول الشيخ استيقظت صباحا كي اذهب للحمام وبلباس النوم

وأخطأت الطريق فذهب في طريق أخر وفجاة واذا بي في قاعة فيها طلاب فصاح بي الماحضر وقال : يا زمال

وزمال تعني بالعراقية (( حمار )

أنت كل يو تأتي متأخر وبلباس النوم كذلك تعال الى هنا
والله ان لم تحل هذه المسائل على اللوح فانت راسب السنة

فنظر الطنطاوي واذا به مسائل لغة عربية فسر كثيرا فهذا ملعبه

فاخذ يشرح ويستشهد بان هشام والزمخشري وفلان وابن فلان

فدهش الاستاذ وقال انت لست ذلك الطالب والله انت اعلم مني واعتذر له خاصة بعد أن عرف انه ادكتور الطناطوي

هذه هديتي لك

تحياتي[/align:3fdc218b9f]

نشيد الربيع
20/06/2005, 11:21 PM
صحوة الليل ....

يا دي النور ....

انت بتعلق على اختراق الضاحيو ولا ايه .....

منور والله .....








تقبل مني أعطر تحية



هو في اعطر من هذا المرور .....



تحياتي ....


أيها الطارق ....


اصبر عليه بس وانا أحكيلك ما هو أعجب ...



تحية كلها شذى

نشيد الربيع
20/06/2005, 11:28 PM
وإلى أهلها اليوم انتقلت مزايا كل من سكنها من سالف الدهر ففي نفوسهم من السجايا مثل ما في أرضها من آثار التمدن وبقايا الماضي طبقات بعضها فوق بعض فالحضارة تجري في عروقهم مع الدماء وهم ورثتها وحاملوا رايتها وهي فيهم طبع وسجية ولقد تكون في غيرهم طبعا وتكلفا فأي مدينة جمع الله لها من جمال الفتوة وجلال الشيخوخة كالذي جمع لدمشق ...

واصعد جبل دمشق حتى تبلغ قبة النصر التي بناها برقوق سنة 877 للهجرة ذكرى انتصاره على سوار بك (( هدمها المستعمرون في الحرب الثانية وكانت رمز دمشق أما القبة الثانية فقد بناها الأمير سيار الشجاعي وسميت باسمه )) ثم انظر وخبرني هل تعرف مدينة يجتمع منها في منظر واحد مثل ما يجتمع من دمشق للواقف عند قبة النصر ؟ انظر ترى البلد كله ما يغيب عنك منه شيء هاهنا قلب المدينة وفيه الجامع الذي لا يقوم على ظهر الأرض جامع مثله وهه هي مناراتها التي تعد مئة وسبعين منارة ، منها عشرون من أعظم منارات العالم الإسلامي قد افتن بناتها في هندستها ونقشها فاختلفت منها الأشكال واتفقت في العظمة والجلال ... لا كمآذن بغداد التي لا يختلف شيء منها عن شيء فإذا ابصرت منها واحدة فكأنك أبصرتها جميعا يحف بذلك كله الغوطة الواسعة لبتي تبدو للناظر كأنها بحر من الخضرة قد نثرت فيه القرى التي تنيف عن العشرين عدا ... أكبرها (دوما) ذات الكروم ( وداريا)التي تفاخر بعنبها كل عنب في الأرض ( وحرستا) بلد الزيتون ومنبت الإمام محمد صاحب أبي حنيفة ( ومسرابا ) وهي حديقة ورد ( وكفر سوسية ) وكفر بطنا والأشرفية وصحنايا والمآذن وهي ماثلة خلال الأشجار ووراء الغوطة سهول المزة عن اليمين وسهل القابون عن الشمال وبطاح من الأمام وسهول تمتد إلى الأفق حيث تغيب الجبال البعيدة في ضباب الصباح ووهج الظهيرة زصفرة الطفل وسواد الليل ....

إنك تشمل هذا كله بنظرة منك واحدة وأنت قائم مكانك ... لفأين يا صديقي ترى مثل هذا ..؟

وبــــردى .... لما قدم شاعر العرب ومر على بردى وهو يمشي بين قصر أمية ودار البلدية مشية العاجز الهرم ، قال له صاحبه مستقلا بردى مستخفا به : أهذا الذي ملأت الدنيا مدحا له ؟ إنه ترعة من ترع النيل ؟ يظن صاحب شوقي أن النهر بكثرة مائه وبعد ضفتيه .. ما درى أن بردى هو الذي يجري في الوادي زاخرا متوثبا نشيطا .. لا الذي يجري في المرجة متهافتا كليلا . . . وانه هو الذي اطعم دمشق الخبز وهو الذي زرع بساتين الغوطة وهو الذي أنار دمشق بالكهرباء وسير فيها وفي غوطتيها (الترام )وإذا قال النيل لبردى أنت ساقية من سواقي قال قاسيون للمقطم أنت هضبة من هضابي . وانه هو الذي لا تضيع قطرة منه واحدة على حين يمر النيل على القاهرة مر الكرام ، يقرأ عليها السلام ، ثم يحمل خيره كله ليلقيه في البحر لا يمنح القاهرة منه إلا ما تأخذه بالمضخات والنواعير التي لا تسيل إلا بمال ... فمن رأى مثل بردى في بره بأرضه وكثرة خيراته نهرا ؟ من ذتق أطيب من مائه ؟ من أبصر اجمل من واديه ؟

لقد علم بردى ابناءه الولع بالخضرة والظلال وحبب إليهم أفانين الجمال فصارت النزهة (السيران ) من مقومات الحياة في دمشق لا تحيا اسرة إلا بها ولا تستغني عنها فهي لهم كالغذاء . فهل يستغنى عن الغذاء ؟ لا يمكن أن يجيء يوم صائف من أيام الشتاء فتبقى دمشقية أو يبقى دمشقي في بيته لا يؤم ( المهاجرين ) حيث يجتمع على الشعاف والصخور وفي ظلال الآس الرجال والنساء على طهر وعفاف تدور أكواب الشاي الأخضر وتنطلق بالغناء الساحر أوتار الحناجر وتجري خيول السبق في ساحة الجريــــد ، ثم إذا جاء وقت الصلاة قاموا إليها فلا ترى غلا جماعات وأئمة (كتب هذا الكلام سنة 1934م) ثم ينفض اجتماعهم عن طرب وفروسية وعبادة ... وتلك هي المثل الأعلى لأهل الشام ....

وهي تمر امسية من أمسيات الصيف على دمشقي قاعد في دكانه أو قابع في بيته ؟ تعال انظر جماعنهم في قهوات شارع ( بغداد ) وفي كل قهوة مؤذنها (إي والله وإمامها ) وعلى ضفاف بردى عند صدر الباز وفي الميزان أجمل موضع في دمشق وأمامهم سماورات الشاي الصفر الرشيقة وفي ل حلقة مغنيها وليس مثل الشاميين في الولوع بالغناء فلا ينفرد الرجل بنفسه إلا غنى لها ، فالفلاح وهو نازل من قريته مع الفجر يغني والحوذي وهو يسوق عربته إلى ( جسر تورا ) أو إلى كيوان وأجير الخباز وهو يحمل المعجن عاى رأسه يغني ونداء الباعة كله غناء وشعر ..

قف ساعو على ظهر الطريق واسمع ما ينادي به الباعة ترى عجبا لا شبيه له في البلاد قصائد من الشعر غير انها مرسلة القوافي ... وطرائف الغناء غير أنها محلولة القيود تمشي إلى القلوب طليقة حرة لا تسمي شيئا باسمه وإنما هي مجازات وكنايات عجب منها بعض من كتب عن دمشق من سياح الإفرنج فتسائل في كتاب عمن نظم للباعة هذه الأشعار الرقاق ...

وتعال استمع هذا البائع وهو يتغنى بصوت يقطر عذوبة وحنانا (( غزل البنات ياما غزلوك في الليالي .. يا غزل البنات ))ويضغط على الليالي ويمد البنات ... هل يستطيع القارئ ان يحزر ماذا يبيع المنادي ... لا لن أقول فتعالوا إلى دمشق لتأكلوا غزل البنات ..... وهذا بائع ينادي بكلمة واحدة لا يزيد عليها (( الله كريم )) هلى يقع في حسابك انه يبيع الخس ... وأن (( يا مهون ياكريم ) نداء بائع الكعك عند الصباح ...

أولا يطربك ويثير سواكن اشجانك بائع العنب حين تدنو أواخره فينادي بصوت حزين (( هدوا خيامك .. وراحت أيامك .. ما بقي بالكرم غير الحطب يا عنب ... ودّع والوداع لسنةيا عنب ..)) ألا تحس أنه يودع حبيبا له وبائع العسل ((أي الشمندر )) وقد أوقد ناره في الصباح الباردووضع حلته وصف رؤوس الشمندر الأحمر ونادى في أيام الشتاء (( بردان ! تعال صوبي .. بردان ... انا بياع العسل )) إلا يحبب إليك أكل العسل ...واسمع العجب في نداء بائع الملفوف ( اليخنا ) : (( يخنا واطبخ ، والجارية بتنفخ ، والعبد ع الباب .. بقلع الكلاب ) وبائع الحمص المسلوق ( بليلة بلبوك وسبع جوار خدموك ... يا بليلة )وبائع الزعرور ( أبيض أحمر يا زعبوب .. تمر محني يا زعبوب ... البزر بن يا زعبوب ) واستمع إلى الشعر والخيال في نداء بائع الجرادق ( ياما رماك الهوى وقلبي انكوى يا ناعم ) وبائع التين ( دابل وعلى دبالك ياعيون الحبيب ومن دباله يمشي لحاله .) وبائع البذنجان ( اسود ومن سواده هرب الناطور ) الا تعجبك صورة الناطور وقد هرب من سواد الباذنجامن ..

وهذا كله من ولع الشاميين بالغناء وإقبالهم عليه حتى انعقد اجماع فقهاء الذوق فيهم على أنه لا يصح اجتماع أو سمر إلا بالغناء .. وغذا سها عنه ساه فكفارته إطعام عشرة أصدقاء صدر كنافة شامية أو صدر ( كل واشكر ) أو غير ذلك من الحلويات التي لا يخالف أحد ان دمشق أبرع مدينة في صنعها ...

والدمشقيون اكرم الناس ، واشدهم عطفا على الغريب وحبا له فهم يؤثرونه على الأهل والولد ومدينتهم من أنظف المدن لتدفق مائها وكثرة أنهارها ، ووصولها إلى الأحياء كلها ودخولها البرك في الدور حتى لا يخلو حي من نهر ... فنهر يزيد يسقي الصالحية ونهر تورا يسقي العقيبة وسوق صاروجا وباناس يسقي القميرية وقنوات يسقي حي القنوات وقد أخذت ماء عين الفيجة وهي من اصفى العيون وأعذبها تنبع من جبل على عشرين كيلا من دمشق فسيرت مياهها في بطون الجبال حتى أبلغت دمشق فأدخلت دورها فشرب منها الناس أعذب ماء وابرده والشاميون مولعون بالنظاف والطهارة حتى أنه ليعد من اكبر عيوب المراة ألا تغسل أرض دارها كل يوم مرة او مرتين بالماء غسلا وتمسح جدرانه وزجاجه على رحب الدور الشامية واتساع صحونها وكثرة مرمرها ورخامه ، وادخل المساجد تر بلاطها يلمع كالمرايا ويحبب الصلاة إلى من ليس من اهلها وعرج على المطاعم تبصر الأطعمة مصفوفة أمامك في القدور الصغار النظاف بأناقة تجيع الشبعان وأناقة تطمئن إليها نفس الموَسوِس ( بصيغة الفاعل )أما ألوان الطعام في الشام فلا يضاهيها شيء في غيرها .. وما أكل الغريب في دمشق حلوا او حامضا ولا حارا ولا باردا إلا استطابه وفضله على طعام بلده ... ما استطاب الشامي في غير بلده طعاما قط وخير مطاعم مصر والعراق وألذها طعاما وأحسنها نظاما ما كان صاحبه شاميا او على مذهب اهل الشام ... ثم إن خدم المطاعم والقائمين عليها طيعون اذكياء وهم يدركون باللمحة السريعة ويفهمون بالإشارة الخفية ....

وفي دمشق النعيم المقيم وليست تخلو من ثمر قط لا في الصيف ولا في الشتاء أما جودة ثمارها فاجود من أن تذكر وفيها من الهنب ما يزيد على خمسين نوعا ومن التفاح ما ينيف عن الثلاثين ومن المشمش تسعة انواع ومن التين قريب من ذلك ومن الدراق والكمثرى والتوت الشامي والجوز واللوز ما لا يوجد مثله في غيرها .....

وفيها كلية الطب العربية ولأساتذتها فضل كبير على ما وضع من المصلحات العلمية في لغة العرب وفيها أنشء اول مجمع علمي عربي وفي الشام كثير من الآثار الباقية : كالقلعة والسور والمدارس والمساجد والمارستانات والربط والخانات .. وفيها مدافن كثيرين من اعلام الإسلام في السياسة والأدب والعلم والتصوف وفي مكتبتها الظاهرية نوادر المخطوطات حتى أنها لتعد أغنى الخزائن الإسلامية بكتب الحديث وفي المكتبات الخاصة مخطوطات فريدة ودمشق زاخرة بالعلماء في كل فن وعلم ....


فأي مزاياك يا دمشق أذكر وفيك الدين وأنت الدنيا وعندك الجمال وعندك الجلال وأنت ديار المجد وأنت ديار الوجد جمعت عظمة الماضي وروعة الحاضر ....

لا ليس هذا الكتاب صورة كاملة ولكنه خطوط فيها ملامح دمشق .....

بالله عليكم أقرأتم في وصف المدن أو أدب الرحلات أجمل من هذا .....

شفتو دمشق حلوة ازاي ...

قال حلب قال ...
http://smilies.sofrayt.com/fsc/cunning.gif

والله حسيت انو احنا عايشين بالصحرا http://smilies.sofrayt.com/fsc/sobbing.gif
.....

طارق شفيق حقي
20/06/2005, 11:55 PM
أي هدية هذه والله قرات فانتشيت

ياعم هذا كتاب رائع فعلا قد ذكر من سجايا الشام أجملها وأحلاها

لكن عن حلب .......
http://smilies.sofrayt.com/fsc/sobbing.gif



حلب كذلك لها ما لها يكفيها قلعتها

ساعطيك رابط لها
تحياتي المنورة



http://smilies.sofrayt.com/fsc/cunning.gif

نشيد الربيع
22/06/2005, 11:08 PM
ما علينا .....





قهرس الكتاب لو حد عاوز نبدأ بموضوع معين .......


الفهرس

نهر دمشق
الجادة الخامسة في دمشق
ساقية في دمشق
إلى دمشق بلدي الحبيب
خرائب الدرويشية في دمشق
أطفال دمشق
مقدمة كتاب عن دمشق
كارثة دمشق
دموع ودموع
الجلاء عن دمشق (1)
الجلاء عن دمشق (2)
العيد في دمشق
حي الصالحية في دمشق
منشئ حي المهاجرين في دمشق
دمشق التي عرفتها وأنا صغير
على سفوح جبل الشيخ
مكتب عنبر



هذي دمشق

كتب إلي صديق كبير وأستاذ جليل ممن عرفت في مصر أن أصف له مدخل دمشق وان أعرفهه بمنتزهاتها وآثارها وإن ذلك لمطلب على مثلي عسير وعلى قلمي ثقيل وإني أحاوله اليوم محاولة ريثما ينهض به من هو أضخم مني في زحمة الأدب منكبا وأحد فكرا وأمضى قلما .
هذي دمشق يا أيها الأخ السائح قد لاحت لك أرباضها ودنت رياضها أفما تراها وأنت قادم عليها من نحو القبلة مع الصباح الأغر كيف نامت من غوطتها على فراش من السندس صنعته يد الله وقد توسدت ركبتي قاسيون فكان رأسها في الصالحية وقدمها في ( القدم ) (( القدم قرية على باب دمشق من جهة الميدان وقلبها في الأموي بيت الله الأطهر ، فانظر أول ما يبدو من دمشق للقادم عليها يطل من فوق قبة النسر التي راعت بجلالها الأولين والآخرين ومآذنه الثلاث معجزات الصنعة في تاريخ العمران الإسلامي يسيغ على المدينةجلال القرون الاربعين التي رىها وعاشها مذ كان معبدا وثنيا إلى أن صار منسكا مسيحيا إلى أن استقر مسجدا غسلاميا يخرج من مناراته كل يوم خمس مرات النداء الأقدس (( الله أكبر لا غله إلا الله )) فيردده إخوان لنا في المشرق وفي المغرب حتى يفيض طهره على الأرض كلها ... الا تراه يعلو كل عمارة في في المدينة على ما فيها من عمارات شاهقات حتى كأن أعلاها إلى جانبه الطفل بجنب الرجل الضخم الطوال ؟ فإن كان برج إيفل علم باريس وذلك التمثال علم نيويورك فعلم دمشق بيت الله العلي ذي الجلال ...

لقد دنونا ... هذا المطار إلي يمينك وهذه القرية من ورائه ( داريا ) والغوطة الغناء جنة الأرض ما رآها أحد إلا أحس أنه يرى مدينة مسحورة من مدن ( ألف ليلة ) قد تراءت له في غمرة حلم ممتع .... لقد اقتربنا منها .... هذه المزة ضاحية دمشق أصح المنازل وابعدها عن العلل مساكن العرب الغر من سالف الدهر ... لقد جاوزنا سهلها المشرق وجبلها المشرف وساحتها الفيحاء وعماراتها الباؤعات وولجنا حمى الغوطة ... هذه بساتينها التي تتصل حافلة بالثمار مليئة بكل ما يفتن ويفيد مسيرة تسع ساعات على الماشي وما ينفك يمشي في ظلال شجرة مثمرة أو نبتة مزهرة ولو اجتمع على مائدة واحدة ما تخرج من الثمار من أنواع المشمش والعنب والتفاح والكمثرى والخوخ لاجتمع أكثر من ثلاثمئة صحن ما في صحن منها مثل الآخــــــــر ...

هذه هي الغوطة أفما ترى نساءها يلحن من بعيد وهن ساربات خلال الأشجار أو منثورات وسط الحقول بثيابهن التي لا يحببنها على سترها وشمولها إلا زاهية تضحك فيها الألوان فتحسبهن الزهر وتظن الربيع قد جاء في كانون ( ديسمبر ) والأرض مفروشة ببسط نسجت بخيوط الذهب من صفرة الأوراق التي بعثرها وتركها الخريف فكانت كنثار الدنانير ... على بساط من السندس في عرس أميــــر والبقر الفاقع الصفرة الصافي اللون تمتثيل في متحف الطبيعة صبت من خالص تاعسجد ... والشتاء إذا حل فخلعت فيه الأشجار ثيابها على حين يتدثر الناس بالصوف فكأنما هن الغيد الفواتن تعرين على الشط ليضنين الشباب لوعة وشوقا (( وفي الهامش زاد ... ثم ليجعلن هذه الأجسام حطبا لجهنم جزاء هذا الفسق والفجور ))

وما ينتحين الشط يبغين برده ...... ولكن ليقتلن البرئ المغفــــــــلا ..

فهذا الحور لم يبق منه إلا عيدان فكأن الحور فتية أذاب جسومهم الحب فأضحوا من جواه جلد على عظم ... والمشمشات كأنهن عذاري هجرهن الأحبة بعدما قطفن زهراتهن ... فأبن بلوعة ليست تنفع وحسرة ... ورحن إلى خزي لا يريم وإلى ألم ..... والجوز العري على جلاله ملك عزل واستلب منه تاجه ولكنه كان عظيما في محنته كما كلن عظيما في نعمته ...أما الزيتون فلا يرى إلا لابسا زيابه التي لا ينضيها ولا تبلى عليه ثابتا على حاله لا يحس بالغير ولا تستخفه الأحداث فلا يضحك بالزهر إن أقبل الربيع ولا يبكي إذا جاء الشتاء .... فهو الفيلسوف الساخر بالحياة .....أفراحها واتراحها الذي لا يبالي نعمها ونقمها ..... والسواقي هن جوار من الشرق إلى الغرب ومن الغرب إلى الشرق ومن كل جهة إلى أختها ... ساقية تجري عميقة بين الأعشاب لا يوصل إليها ولا ينال ماؤها وإخرى ظاهرة مكشوفة وواحدة تتحدر تحدرا ولها صخب وهدير وثانية تسير صامتة في أصول الأاشجار .... وصافية نقية وعكرة خبيثة وسالكة طريقها قانعة بمجراها وكاسرة حدودها عادية على غيرها ... فكأن سواقي الغوطة صورة لنا في حياتنا نحن الناس ... كل يعمل على شاكلته وكل ميسر لما خلق له ... مول وجهته ساع إلى غايته والوجهات متعارضات والغايات مختلفات ولكن كل ساقية تعرف طريقها والناس يهبطون إلى حضيض الشهوات والمعاصي على أهون سبيل ولكنهم يلقون في التسامي إلى معالي الأمور عنتا وأينا وكذلك السواقي تتحدر بلا سوق ولا تعب ولكنها لا تعلوا إلا ان تضخها بآلات وهذا عميق النفس لا تدرك قرارته ولا تعرف حقيقته وهذا واضح بين ظاهره كباطنه وهذا جياش صخاب وهذا صامت سكوت ونقي الطوية وخبيث الداخل ومنصف وظالم وكبير وصغير وكل يستمد من غيره ويمد سواه وكذلك السواقي في الغوطة .....

هذه هي الغوطة ... إن يفتنك جمالها وبهاؤها فقد فنتنت من قبلك ملوكا وقوادا وأدباء وعلماء وأنطقت بالشعر ناسا ما كانو من قبل شعراء وأشاعت في الناس فرحة لا تنقضي وما فقدت على الأيام فتنتها ولا شاخت على طول المدى بل ازدادت شبابا وفتونا وحسنا وهذه هي الغوطة رأيت جانبا منها في الشتاء ولو رايتها وهي مياسة في حلل الزهر تختال في أفراح الربيع عرس الدهر تملأ الدنيا بالعطر والسحر وتقرأ على القلوب أبلغ الشعر لرأيت عجبا ما يبلغ وصف حقيقته بيــــان ...

لقد تركنا هذا الطريق القديم الذي يمر على ثكنات الجند ومنازل الجيش وملنا من هذه الجادة المحدثة إلى الشارع العظيم لندخل دمشق من أفخم مداخلها هذا هو بردى يا أيها الأخ ! وهذا ؟ .... أترى هذه العظمة وهذا الجلال : أتسأل ما هذا الوادي وما هذه الأنهار التي تجري في سرة الجبل وعلى السفح ، سبعة بعضها فوق بعض كعقود اللؤلؤ في عنق كأنه العاج والشلالات تهبط من أعاليها إلى أسافلها ؟ هذا يا سيدي معبد الجمال . هذا دير الحب ، هذا منسك القلوب . وهذه الربوة ... لا يا أيها الأخ إن من الإلحاد في شرعة الجمال أن نصف الربوة ونحن نمر بها مرور الكرام باللغو . إن لها حديثها وستسمعه إن شاء الله ... لقد قلت عنها كلاما كثيرا ولكن مكان القول فيها ذو سعة وسأقول عنها إن أنا وفقت كلاما أكثر على أنه لا يغني فيها كلام عن شهود ولا يجزئ بيان عن عيان ...

وصلنا يا أيها الأخ ... هذا ميدان دمشق ..( المرجة ) وهذا النصب المتوج بتمثال مسجد السراي في اسطامبول هو نصب التذكار بمد الأسلاك البرقية إلى دمشق وهذا القصر الصخري الهائل ، سراي أحمد عزت باشا وهذه دار البلدية وهذا البناء الرفيع الذرى نزل أمية وهذه الشوارع الثمانية المفضية إلى الميدان بسياراتها وتراماتها طرق أحياء دمشق اتعجب من الحانات وهذه الملهيات ومن كثرة السينمات ؟ هذه يا صاحبي ( دمشق الجديدة ) تلقى فيها مثله في أي مدينة كبيرة : خير وشر وعلم وجهل وتقى وفجور وحجاب وسفور .. حياة كاللؤلؤ وفيه الحصى وفيه الحياة وفيه الموت ... هذه دمشق التي مزقت ثوبها لتلبس ثوب أوروبا ..... فلم تجده على مقياسها فبقيت عريانة إلا من أسمال وخرق .... هذه هي القبّرة التي أراد لها حمقها أن تقلد الغراب فنسيت على جمالها مشيتها ولم تتعلم على قبحها خطوة الغراب .... انول في نزل أمية أو في فندق الشرق ( أوريان بالاس ) الضخم القائم هناك بحيث يشرف على بردى وواديه والشرف الأعلى ومغانيه وقاسيون وقصور المهاجرين ... تحس أنك في ( شبرد ) القاهرة أو ( الكونتننتال ) أعني أنك في أوروبا .... فالأثاث والرياش والطعام والشراب والزي واللباس والسماع والغناء واللغة واللسان كل ذلك أوروبي أووربي أوروبي..




للفصل بقيــــــة ......

طارق شفيق حقي
22/06/2005, 11:40 PM
[align=center:9163df6882] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اليك هذا الرابط ستقرأ معالم حلب فيها وتفاصيل لقلعتها



http://www.merbad.net/mon/viewtopic.php?t=87[/align:9163df6882]

ابو العربي
23/06/2005, 10:03 AM
بدايه السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اما بعد فتقبل تحياتي يا نشيد الربيع و بردي ايضا
دمشق من خير البلاد بعد الحرمين و القدس
مع تمنياتي لدمشق و اهل دمشق بحياه عزيزه وهانئه :lol:
مع السلامه محب دمشق الولهان 8) اخوك ابو العربي

عشتار
24/06/2005, 05:52 AM
[align=center:39ca37c4b8]من تكلم عن حلب :evil:

بالمناسبة يا نشيد الربيع

أصبحت رقيباً بثلاث نجوم :lol:

فإياك والكلام عن حلب 8)


شكراً لكل هذا الجمال والمجهود

تحية تليق بك[/align:39ca37c4b8]

نشيد الربيع
25/06/2005, 12:49 PM
بقية الفصل .....


ولو انك عرفت هذه المرجة في عصورها الخوالي وهذين الرفين الأعلى والأدنى وما كان فيها من مدارس ومساجد وزوايا وتكايا وما قام الآن مقامها واخذ مكانها ولكني لن أسوق لك المزعجات وأنت قادم على البلد .... فاقرأ لإن شئت ابن عساكر والمحاسن للبدري ورحلة ابن بطوطة وما أظنك إلا قد قراتها كلها !!

هذه دمشق الجديدة .... أما دمشق العربية المسلمة بلدك وبلد خلائف الأرض الأرض من أبناء عبد شمس من إذا قالوا لبت الدنيا وإن مالوا مالت الأرض وإن حكموا أطاع الزمان من كانت دولته تفصِّل تسع عشرة من دول هذه الأيام من كانت راياتهم تخفق على بطاح فرنسا وسهول الهند وما بينهما وكانت قصورهم تتيه على النجوم وكانت أبوابهم تقف عليها الملوك ..... أما دمشق معاوية والوليد فليست هنا .... غنها مختفية هناك في دروب ضيقة وحارات حول المسجد الأطهر هناك المجد والعلم والتقى وبارع الخلال فامش إليها وادخل دورها وجالس اهلها تقرأ تاريخ المجد في صفحات من دور ووجود وعادات وتر بقايا الحضارات من لدن نوح قد استقرت فيها ففي كل بقعة منها تاريخ وكل حجر منها يتلو من سور الجلال آيات .

فإذا أردت أن تعرفها وتصل إليها فاخرج من نزل أمية ومل قليلا تجد أمامك جامع الأمير ( يلبغا ) الذي سرقوا نصفه فجعلوه مدرسة للصبيان وتركوا منارته قائمة في المدرسة تعلن ... لكل ذي عينين شكواها وتذيع خبر بلواها .. فلا تقف عليه وخذ إلى يمينك إلى جادة الفنادق ، ( الجوزة الحدباء ) حتى تبلغ سوق صاروجا الذي كان حي الباشوات من الأتراك والمجددين فصار الىن حي التجار المحافظين وزر في طريقك جامع الورد ثم امش إلى العقيبة ، منزل الإمام الأوزاعي وادخل جامعها الأنور المبارك الذي لا يخلو من قائم لله بحجة جامع التوبة ثم اسلك طريق العمارة وجز بزقاق النقيب وعرج على منازل علماء الأمس فقد كانت هذه المنازل مدارس وكانت جامعات وكانت منائر هدى للناس .... وكانت هي دعائم نهضتنا .... ثم ادخل الجامع الأموي وامكث فيه وسائله عن الماضي واستنطقه وطر بروحك في سمائه واسم بها إلى عليائه ثم عد إلى أحدثك إن شاء الله وإن حديثه الطويل ...

ثم جل إلى القميرية ولج تلك الدور وشاهد تلك القاعات والأبهاء وهذه الزخارف والنقوش والبرك والنوافير فعنها يا سيدي أخذ الأندلسيون هندسة هاتيك القصور ... ومر بهذا الزقاق الذي تباع فيه القباقيب ولا تحقره لضيقه وفقره ثم انزل إلى تلك الحارة المعتمة القذرة فاقرع باب مصبغة هناك فإذا فتحو لك فاهبط درجها ولا تفزعك رطوبتها وظلمتها ثم قف خاشعا متذكرا معتبرا ..... فإن في مكان هذه المصبغة التي يسمونها ( مصبغة الخضراء ) كان قصر الخلفاء من بني أميـــــــــة ....

فإذا خرجت منها فاسأل عن زاوية هناك فإن فيها قبر معاوية الصغير ( ابن يزيد ) ثم اذهب إلى السميساطية تلك المدرسة المحدثة البناء العامرة فقف عليها فقد كانت منزل خامس الخلـــــــفاء الراشدين عمر بن عبد العزيـــــز ثم أم المعاهد في جوارها : الجقمقية وتربة بطل الدنيا صلاح الدين فقم على قبره ساعة وترحم عليه واحمد الله على أن خزى ذلك الطاغية (غورو )وذل ..... والظاهرية ودار الكتب والعادلية مثوى المجمع العلمي العربي ثم اسلك على باب البريد ومر بخرائب( المرادية ) التي كانت إلى العهد القريب مدرسة عامرة حتى تزور دار الحديث الأشرفية التي كان فيها ( البدر الحسني ) بقية السلف وزر المارستان النوري الذي كان مستشفى كأكبر ما يكون المستشفى في هذه الأيام وكان مدرسة الطب ، ثم أم قبر الملك العظيم صاحب هذه المآثر نور الدين القائد القدئد الظافر والملك العادل والحاكم الكامل ، ولقد كانت تربته منزل هشام بن عبد الملك ، ثم ادخل القلعة ، وشاهد السور والأبواب .

هذي دمشق أقدم مدن الأرض وأجملها ، هواؤها أطيب هواء ، وماؤها أعذب ماء ، وطعامها أمرأ طعام ، ومنظرها أبهى منظر ، ومخبرها أحسن مخبر ، ولسانها أفصح لسان ، وسكانها من أكرم السكان ، فيها العلم والأدب ، والتقى والصلاح ، والحب فيها واللهو ، وفيها الفنون والجمال .

هذي دمشق كانت لب العربية ، وبقيت لب العربية ، وستطلع على العصور القوادم وهي عربية لب وقلب وفؤاد ، لها لين الماء الذي يضحك به بردى ، وشدة الصخر الذي يفخر به قاسيون وصراحة السهل الذي تزدهي به المزة ، وكرم الأرض الذي تعطي ـ في الغوطة ـ أكلها أربع مرات في العام .

لها لين بردى ، ولكن بردى إذا طوبق بالسدود ، علا وفاض واجتاح البلاد والعباد ، ودمر كل شيء يقف في طريقه ، ويقطعه عن مراه ، فقل للغافلين : " لا يغركم من بردى لينه وابتسامه ، فإنه سرعان ما يعبس ويثور فاتقوا غضبة الحليم ! " .

نشيد الربيع
25/06/2005, 01:01 PM
أيها الطارق مرحبا ......


وسأمر على الرابط سريعا .....





أبو العربي ....





يا مرحبا بأهل بور سعيد ..... مش أبو العربي يعني بور سعيد برضه ولا أنت ابو العربي تقليد ...




نورت .......



حلوة دي محب دمشق ...... يا سيدي أنا أحب كل مكان من بلادنا ......

حقيقة ( مش كلام إنشاء)


حملت الحب في القلب .... سكبت الحب في الدرب (http://www.enshad.net/audio/Nasheed_Al-Mostaqbal_D/Nasheed_Al-Mostaqbal_D_-_05_-_Al-Ma7abah.rm)
تعالو ا فتشو عمري ....فلن تلقو سوى الحب




نورت ....





عشتار


أشو خبر خيتو
مين حكى عن حلب .....


(( أنا محكيتش إيشي ....( كما يقول أهل عَمَّان )


برئ يا بيه ...

أجدع ناس والله .....


مبروك النجمة الجديدة ...


سعيد بالمتابعة ....

زاهر جميل قط
28/06/2005, 01:06 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
دمشق وما ادراك ما دمشق


نشيد كنت مميزا والطنطاوي

شكرا لك

نشيد الربيع
29/06/2005, 01:58 PM
مرحبا يا زاهر ....


تسعدني متابعتك ....


هذا الفصل كتبه عني أحد اخوتي ... يعني بأسليهم بدل الفضاوة .....



فشكرا له ....




[align=center:de94b09ec2]كارثة دمشق[/align:de94b09ec2]


عادت إلينا الرسالة ( يعني مجلة الرسالة ) بعد طول الغياب فيا أهلا بها نجية النفس وسميرة الفؤاد ، ويامرحبا بميعادها ، وياليتها تعود معها تلك العهود ، حين كانت أقلامنا تجري فيها طليقة من القيود ، لم تصبغ بالدم ، ولم تجعل مدانها من سواد البارود ، وياليت أني حين أكتب اليوم أقدر على اجتناب أحاديث الكوارث والهموم ، فلا أقص على القراء أخبارها ، وأصف آثارها ، فأزيدهم كربا على كربهم ، وحسب الرجل اليوم همه ، وما بلد إلا وففيه ما يغمه ، وما تجمل بنا الشكوى ، ولولا أنها إلى أخ حبيب ، ومن للأخ في الضيق غير أخيه ، ومن للشام إلا مكصر والعراق ، ومن لمصر إلا العراق الشام ، ومن تجمعه أخوة الجِِِِذم واللسان والإسلام ، وكيف السكوت وما حل بدمشق ينطق بوصف هوله الجماد ، وتفيض له أعين الصخر ، لو بكى الصخر لذي مصاب .

[align=center:de94b09ec2]- 2 -[/align:de94b09ec2]

كنا نذكر الحرب التي مضت وما حملته إلينا من الجوع والخوف ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، وكيف كان الشعب يموت جوعا لأن التجار الفجار قد احتكروا خبزه ، فذهب من الناس من ذهب ، لتمتلئ صناديق المحتكرين بالذهب ، ثم لا تجد اموات قبرا لأن الحرب لم تبق من الرحال من يقدر على حفر قبر ، نذكر هذا كله ثم ننظر إلى هذه الحرب فنراها سلامنت علينا وأمنا ، لم نجع فيها ولم نعر ، ولم تنل منا منالا ، اللهم إلا مانالت بأظافر التجار وأنيابهم ، إذ جعلوا الواحد من ثمن الأشياء عشرا ، وربما بلغوا ببعض الأثمان مئة ضعف . وما قلت السلع ولا تبدلت ، ولكنه الطمع والجشع ورقة الدين وضعف الخلق .

واستمر مرير الحرب ، وانتشرت نارها ونحن لانعرف مكانها إلا على السماع وجعهلت تطيف بلهبها بنا وتدنو منا فامتد لسانها إلى مصر فجزعنا وأشفقنا وكنا وكنا مع المصريين وألسنتنا وما نملك لعمري إلا الألسنة والقلوب . ثم دنت منا فبلغ لهيبها العراق فأقبلنا على العراق بقلوبنا وما جانبت مصر ولا ولت عنها القلوب ثم أصبحنا ذات يوم على صوت الراد ( الراديو ) يقول إن الحرب في الكسوة على أبواب دمشق فنظرنا شطر القبلة فلم نجد على جبل المانع أثرا للحرب فكذبنا وأنكرنا فقال العارفون إن المعركة وراء هذا الجبل وأكدو ذلك ولكنا لبثنا مكذبين فلم تكن إلا ليالي حتى بدت في الأفق القبلي من دمشق ومضات المدافع وسمعنا أصواتها فصدقنا ما قال الرادّ ( الراد اسم وضعه الطنطاوي للراديو ... وهو اسم فاعل من الفعل ردّ لأنه يرد الموجات أو شيئا كهذا ..... كذا قال ) ، وأيقنا أن قد بلغت الحرب ولكنا لم نكبرها ولم يصبنا منها الذعر إذ لم تمسسنا نارها ولا أحسسنا أوارها ثم دنت منا النار وانطلقت المدافع الثقال من قلاع ( المزة ) و( قاسيون ) فاهتزت لها دمشق ولكن أفئدة أهلها لم تهتز فانطلقوا يؤمون ( المهاجرين ) يشرفون منها على المعركة وهي دانية منهم واصواتها في آذانهم وشظاياها عن أيمانهم وشمائلهم . وإنهم لفي إشرافهم هذا واجتماعهم في المهاجرين عشية يوم الجمعة 20 يونية ، يتحدثون في عرض الجيش المهاجم على المقاتلين في دمشق كف أذاهم عنها وتركها ( مكشوفة ) كيلا تعبث بمحاسنها أيدي الحرب فتجعل عامرها بياتا وقصورها تلالا . وكبف أبى المقاتلون فعرضو دمشق بإبائهم للأذى وما يعنيهم أذاها ولا تهدم لهم ( إذا هي خربت ) دار ولا يفجعون في زوج ولا ولد !! وكانت المعركة مشتدة هذه العشية وكان الناس مزدحمين ينظرون , وإذا بجهنم قد فتحت أبوابها وغذا القنابل قد ضلت طريقها فإذا هي تساقط عفلى المهاجرين أجمل أحياء دمشق وابهاها فطار الفزع بألباب الناس وكانت ساعة الهول التي يستعاذ بالله منها وصار الناس كحاهم يوم القيامة حتى يجد المرء ما يشغله عن أخيه وزوجه وبنيه فخلفت الدور مفتحة الأبواب واستلموا منافذ الطرق إلى الشام ( الشام في الأصل ما يسمى سورية وفي عرف أهلها دمشق كمصر عند أهلها القاهرة وحدها ) يعتصمون بالأموي ويقيمون في جواره بعيدين عن مواقع القنابل التي تحمل الموت والدمار فلا ترى على الطرق إلا الناس مسرعين بوجوه شاحبة وأعضاء من الخوف مضطربة وربما خرجت المسلمة المخدرة مكشوفة الوجه والمدافع تنطلق والقنابل تتالى وتتعاقب كالغيث إذا انهمر وكان أمرا لا يوصـــــف ..

[align=center:de94b09ec2]-3-[/align:de94b09ec2]

ثم انسحب جيش ودخل دمشق جيش وأعلن استقلال سورية وانتهت الحرب فتنفس الناس الصعداء وتذوقو لذة الأمن بعد الخوف ومن كان ل<ا من الخوف إلى دمشق من سكان القرى المرزأة المروعة الذين أكلت الحرب دورهم وغلاتهم سكان ( الكسوة والباردة والأشرفية وصحنايا وسبينة وسبينات والقدم وغيرها ) من قرى الغوطة التي كانت تنعم بالأنس والدعة في ظلال الأشجار ، فصارت صحراء قاحلة ، لا شجرة فيها ولا دار . ودار يا قرية العنب الديراني الذي تباهي دمشق المدن بلونه وطعمه ونبل حبته وجلال عناقيده واتساع كرومه ؛ وجارتها المزة ( جيزة دمشق ) وأجمل ضواحيها ، استعدوا للرحيل إلى دورهم ومساكنهم . يحسب المساكين أنها لا تزال لهم مساكن ، ما دروا أن من هذه القرى ما لم يبق منه إلا أطلال ورسوم ، وانطلق الدمشقيون الذين واسوهم في مصيبتهم ، وآووهم في منازلهم يودعونهم بالحفلات والولائم . فاشتعلت الأحياء التي تحف بالأموي نورا ، وابتسمت سرورا : ( القيمرية ، والكلاسة ، وباب السلام ، وباب البريد ، وسيدي عامود ) ، حتى ليحسبها الرائي ترقص طربا ، وما بها لو حققت من طرب . وفيم الطرب ؟ ولكن مواساة للمنكوبين ، وتطييبا لقلوبهم ، وإظهارا للرضا بانطفاء نار الحرب ، وحمدا لله على ما لطف وسلم ، فكانت ليلة الأربعاء ( 25 يونية ) كأنها من ليالي الأعياد .

وكان أسبق الأحياء في هذا المضمار والكلاسة ، هذا الحي الرابض بين الحرمين الأقدسين : مسجد بني أمية الجامع ، ومدفن صلاح الدين الأيوبي ( آخذ الدنيا ومعطيها ) ، كأنما سرى في أهله روح من روح صلاح الدين ، فظهرت على أيدي أهله مدهشات الشهامة والكرام ، حتى لقد آوى رجل منهم واحد سبع أسر في داره ، وأولاهم من بشاشة وجهه وفضل ماله ومسكنه ما لا يمتدد إلى أكثر منه جهد مثله .

[align=center:de94b09ec2]-4-[/align:de94b09ec2]

نلم الناس هذه الليلة التي حسبوها من الأعياد مطمئنين لا يخافون الحرب وقد انطفأت نارها ، ينتظرون بآمالهم الغد القريب ليحمل إليهم السخاء والرخاء ، فلما كانت الساعة الرابعة ( إلا ربعا ) ومئة والسبعون تصدح ( بالتراجم ) الأخيرة ، ولم يبق دون الفجر إلا القليل ، والليل ساكن سكون الحر الفاتن العميق . فإذا برجة لا توصف قلقلت البيوت فذهبت بها وجاءت كأنها الزلزال العظيم ، لولا أنها اقترنت بصوت أفاق منه الناس وإن أجلدهم ليضرب في فراشه اضطراب السمة خرجت من الماء ، ثم أعقبها رجتان ، ثم جاءت رجة أنست الناس الأوليات فحاذروا وهبت المفاجأة بألباب ذوي اللب منهم وخرجوا من بيوتهم يتراكضون ، وما لأحدهم وجهة ولا مقصد . ثم انجلت الحال ، فإذا هي طيارة لا يدري أحد موردها ولا مصدرها . ألقت قنبلتها الأولى على أكواخ في مزرعة عند ( جسر تورا ) فيها ثلاث أسر ، في كل أسرة منها أكثر من عشرة أشخاص ، فأبادت الجميع ، ولا ثمة مطار ولا ثكنة ولا شيء مما يصح أن يكون لقنابل الطائرات هدفا ؛ وألقت الثانية على ( باب السلام ) من أسفل ( الجزيرة ) فهدمت أربع عشرة دارا ( لا شقة ) والثالثة وقعت على الكلاسة فأبادت الحي كله ؛ ولو زاحت عن موقعها عشرة أمتار من هنا أو هناك . لطارت بمأذنة العروس أو بقبر صلاح الدين ، ورميت الأخيرة على الحي الجديد في ( سيدي عامود ) ، الذي لم يكد يبنى بعد خرابه حتى حمل إليه الدمار في الثانية من حمله إليه في الأولى وما في كل ما دمرت ابطائرة ولا في جواره ولا قريبا منه شيء من المصانع والمواقع العسكرية البتة .

ووقع ذلك كله في أقل من خمسين ثانية ، لم يمتد إلا ريثما اجتازت الطائرة من أول المدينة القديمة إلى آخرها ، ثم توارت في الظلام كما خرجت من الظلام .

طارق شفيق حقي
03/07/2005, 02:11 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

هي ذي الحروب ما خلفت الا خرابا

كان وصفا ماتعا للطنطاوي

شكرا نشيد

نشيد الربيع
13/07/2005, 12:10 PM
[align=center:bb5dd3bfd2]قد غِبتُ عَنهمْ وما لي بالغيابِ يَـدٌ


عدنا وحتى تعودوا بعد هذه الأيام الخرساء ......


اسمعكم ... خذني بعينيك (http://www.damascus-online.com/48/Music/files/khouzni.rm)

طالَتْ نَوَىً وَ بَكَى مِن شَـوْقِهِ الوَتَرُ
خُذنِي بِعَينَيكَ وَاهْـرُبْ أيُّها القَمَرُ

لم يَبقَ في الليلِ إلا الصّوتُ مُرتَعِشاً
إلا الحَمَائِمُ، إلا الضَائِـعُ الزَّهَـرُ

لي فيكَ يا بَرَدَى عَهـدٌ أعِيـشُ بِهِ
عُمري، وَيَسـرِقُني مِن حُبّهِ العُمرُ

عَهدٌ كآخرِ يومٍ في الخـريفِ بكى
وصاحِباكَ عليهِ الريـحُ والمَطَـرُ

هنا التّرَاباتُ مِن طِيبٍ و مِن طَرَبٍ
وَأينَ في غَيرِ شامٍ يُطرَبُ الحَجَرُ؟

شـآمُ أهلوكِ أحبابي، وَمَـوعِـدُنا
أواخِرُ الصَّيفِ ، آنَ الكَرْمُ يُعتَصَرُ

نُعَتِّـقُ النغَمَاتِ البيـضَ نَرشُـفُها
يومَ الأمَاسِي ، لا خَمرٌ ولا سَـهَرُ

قد غِبتُ عَنهمْ وما لي بالغيابِ يَـدٌ
أنا الجَنَاحُ الذي يَلهـو به السَّـفَرُ

يا طيِّبَ القَلـبِ، يا قَلبي تُحَـمِّلُني
هَمَّ الأحِبَّةِ إنْ غَابوا وإنْ حَضِروا

شَـآمُ يا ابنةَ ماضٍ حاضِـرٍ أبداً
كأنّكِ السَّـيفُ مجدَ القولِ يَخْتَصِرُ

حَمَلـتِ دُنيا عـلى كفَّيكِ فالتَفَتَتْ
إليكِ دُنيا ، وأغضَـى دُونَك القَدَرُ



[/align:bb5dd3bfd2]

عشتار
13/07/2005, 08:11 PM
[align=center:be8b715ec3]نشيد الربيع

ألف أهلاً وألف مرحباً بعودتك

كيف كانت أخبار الامتحانات



قد غِبتُ عَنهمْ وما لي بالغيابِ يَـدٌ
أنا الجَنَاحُ الذي يَلهـو به السَّـفَرُ



الله

رائع أنت دائماً باختياراتك

أهلاً بعودتك [/align:be8b715ec3]

نشيد الربيع
14/07/2005, 08:56 AM
[align=center:ee69faa1f6]نسيت أن أقول أن القصيدة من شعر سعيد عقل .....

وغناء فيروز ..

واللحن للأخوين رحباني



[/align:ee69faa1f6]