المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسافة لا تكتمل الا باكتمال كماله



اشرف الخريبي
10/11/2007, 07:37 PM
لكنى حين أجيئك لا أجدك 0
كنت تحمل مجدافك كل يوم و تذهب للشاطئ, تغوص قدماك فوق الرمال الناعمة, تتمتم داعيا بالرزق و الحلم الفريد, و كنت أفعل ليس مثلك, لم أكن أعرف بعد دعائك, غير أنى كنت أمرح في تلال الأمسيات, أضحك / ألاعب البنت / ألمس حروفك المرتعشة حين ألهث وراء نظرتك /
كنت أجرى في الليالي الشفيفة الساقطة من عرقك وتعبك, من حزنك و خوفك, أعبث بالرمل و بالقطعة الخشبية الصغيرة التي تسقط من مركبك و صوتك فيها 0 و صورتك عليها 0 ألمس أيامك و أداعب عمري معك 0
أودعك و أنت تذهب للبحر, كل يوم كنت تروح تغيب هناك
و أقعد أنتظرك لما قلت لك مرة 0 مرة كنت قلت لك, أبى, أبى يا أبى: التفت إلى نظرت إلى, بحلقت في / عايز ايه,
قلت لك ضُمني إليك 0
و لكنك أبى المستحيل 0 أبى الشامخ 0 أبى 0معصوم من الوقوع في الخطأ مثلنا, لا تضمني, و لكنك تتأملني و تقول كلاما لا أفهمه, فأمضى, هي كانت تجلس في انتظاري, بعدما أودعك, أروح لها و في ذاكرة أيامها حلما طويلا بالخروج, و يديها الصغيرة امتدت, أمسكت يدي, قبضت على أصابعي قبضت على في, قبضت على, كان إصرارها الطفولى العابث أن نستحم عرايا و فعلنا, عرينا انفضح أمامك, و لم يكن يهمني حين نهرتها 0 لما سمعت كلامنا أنا و البنت, ابتسمت لي أن أذهب كيما أذاكر, بالأمس كنت أقرأ وحدي, على السرير كنت أجلس وحدي,
صوتك طردني من النوم, و مزق كل ما قرأت, و نثر الكلام على الأرض و في عرض البحر, عاد صوتك أجهشا, قويا, شامخا, مهيبا, فجريت, و جريت, إلى أخر المدى كنت أجرى 000 و لكنى حين أجيئك لا أجدك 0 فأعود مهزوما 0 متعبا 0 و البنت كانت تجلس لجواري دافئة وعفية 0
ليسقط منى الوجع كل ليلة حين أذهب للفراش, و تبدأ الشمعة زحفها في التراجع للإمام ركبتاي قرب فمي و أكون منبسطا, غارقا في نفور أيامي المستعادة مع ارتجاف برد قارض للعشة الخشبية, من سعف النخيل و أشجار البوص الطويلة, كنت أترك كل شئ و أذهب للجوء للبحر, بحرك, أقف على الشاطئ شطك, أتابع الموج 0 موجك أنت 0 بشوق أتأمل كل موجة آتية و لما يتسلل الفجر للعتمة و يغتالها, كنت واقفا في انتظارك و كنت مستعدا لان أبقى واقفا حتى اليوم التالي, رغم أن البنت كانت قد جاءت إلى, ربطت عيني بمنديل أسود و ضحكت ضحكة صافية و لما انكفأت عليها و هي
تجرى أمامي, لم يكن بوسعي إلا أن أقبلها يا أبى, قبلت خدها
و عينها و شعرها ثم وقفت فوقها, و لما ابتسمت البنت و ابتسمت كانت قد خلعت من على عيني منديلها, فسكنت, نظرت عليك, على البحر, على أمي و داريت نهما أحسسته يبين في عيوني, كنت أنت نهرتني عنه و قلت أنك سوف تجئ 0
00 و لكنى حين أجيئك لا أجدك 0 و لكنى أكملت تقبيلها و أمسكت يديها و تمرغت فوق أثدائها الصغيرة
و بحثت عنك في جميع الرجال, و في العيون / في الأصوات / في المنازل, كنت أمسك مجدافا بكفي و أفركه و كانت قد سحبتني من يدي, ( أمي ) لعنتك, تركتك تذهب لوحدك, حين فتحت عينيك على أخرها و رمقتنا بنظرة شبه باردة, هي بالفعل كانت باردة و بيد واحدة, ارتفعت لأعلى ثم نزلت يبطئ, لم تضمني أيضا 0 / لم تفعل شئ سوى أنك, أخرجت زفيرا حادا طويلا التصق بنا, و رفعت يدا لا تريد أن ترتفع و قلت أنك سوف تذهب, تبحث لك عن رزق في بلاد لا تعرفها و لا حتى أنت تعرفها, تبحث لك عن بيت يأويك منا, ليس من أشجار البوص و لا النخيل, بيت به جدران و سقف يأويك, يتسع لموجك و رحابة صوتك, و مركبك و مجدافك, جدران تحفظ هيبتك و كرامتك, هل كنت غاضبا منى حين ألقيت إليك ابتسامة باهتة كوجهك المكر مش المحفور بالأسى, أنت أدرت ظهرك عنى, و أدرت ظهري عنك حين سحبتني أمي من يدي, تلفت عليك تركت يدها و جريت 0 جريت لكي أراك 00 و لكنى حين جئتك لم أجدك 0 أبدا لم أجدك,
كنت قد رحت بحثت عنك في جميع الليالي فلم أجدك, و أمي قعدت تبكى و أنت كنت نظرت إلينا بحزن, بشوق, بوعد, أنت وعدتني ألا تغيب ألا تروح بعيدا جدا, البنت قالت أنك لن تتأخر, أنك سوف تعود إلينا و كانت قد ضمتني إليها, هي التي قبلتني في شفتي ثم قبلتني في رقبتي فاستسلمت لهديرها, أحسست رائحتها العفية الطازجة, قلبها الصغير يفر كما العصافير, يود أن ينط للفضاء الرحيب و ينتمي, قبلتني في أماكن كثيرة, فالتحفتا من البرد و التيه و الخوف, ثم أنها مدت يدها و تحسستني يبطئ لملمت أسيرها و جلست تبكى كلهن جلسن في انتظارك يبكين حتى أنا و خالتي صفية كانت تنوح, أنت الوحيد الذي لا يبكى, أنت الوحيد الذي صوته يرن في أذني, لماذا لا تبكى مثلنا ؟ أنا أعرفك ستعود, انك تضحك عليهم مثلي, تخوفهم مثلي, تغيب عنهم قليلا مثلي, تختبئ خلف الصخور و الأشياء حتى تبحث عنك أمي, تتلهف عليك, أنا أفعل مع البنت ذلك, أختبئ منها و أجعلها تبكى, و أتركها قليلا و حين أنظر دموعها, أخرج إليها مبتسما, أصل دمى بدمها و دمك بيننا, تكشر البنت فأضاحكها و أقول أنى وحيدها و ليلها الشتوي العنيد, فتصمت و خلف عينيها تسكن الأهازيج و الملصقات و الياسمين في روحها و كفها و تسألني هل أضيع مثلك ؟
و أنا أسألك هل أضيع مثلك ؟
أنا أفعل كل شئ مثلك, أداعب البنت مثلك و أقبلها مثلك, أختبئ منها مثلك أروح للبحر مثلك,
و هي تخاف أن أروح مثلك, تتوه البنت في الدوامات
و تلح في السؤال, هل أضيع مثلك ؟
و هل تضيعين منى ؟ و أنت شمسي البكر و ناي الشواديف و أرضى الحبلى بالخضار, أنت البنت الهندسية في فوضاى, تأخذني من يدي و تمضين في العالم الواسع الذي تملكينه وحدك
و حين تمسح البنت دموعها و تضحك, تأخذ الأصداف و ترميهم على 0 و تنط لأعلى, هل أنت تفعل أيضا مثلي ؟ هل تلعب معنا ؟ لو أردت أن نبكى كلنا, سوف نبكى من أجلك, أمي تبكى, و البنت تبكى, و أنا أبكى و خالتي صفية تبكى, حتى أن البحر يبكى, كلنا جلسنا في انتظار وجودك, بيد أنى أعرف, أنا الوحيد الذي أعرف, أنك تلعب, أنك تخوفنا 00
000 و لكنى حين أجيئك لا أجدك 00 فلا أصدقني,
أنت وعدتني و أنا وعدت البنت , حين كانت تنظر على , فأنتفض كما النشوان , أبتهج و أعانق وهج عينيها و أقول أنها أول حرف هجاية قرأته و تقول هي أنى الأول و الأخر و أنها تستعير عيناى ألف مرة كي تراني فيها , و أنا يا فلانة : كنت جعلتك همسة لجوار همسة , ضحكة لجوار ضحكة 0
أنا يا فلان: أعرفك و تعرفني, أكونك و تكونني, لقد كبرنا يا فلان, و أنت تعرف أنك لي, أنت رأيت كل البنات الجميلات و لكنك لي وحدي 0 أملك كل قطعة فيك و أنظم فراغاتك و انشغالك عنى دوما 0
000 و لكنى حين أجيئك يا فلان لا أجدك, أبدا كل مرة لا أجدك, أبدا لم أجدك, لم تكن أنت الذي أعرفه و يعرفني, أشعر, و يشعرني, ذهبت و تركتني في مهب الدموع العاصف 0
و البنت جلست تبكى و تنتظرك, أخاف دموع البنت, فأبتسم لها, فلا تسكت, أمي جاءت معي داعية مثلك, و ليس مثلي, لم تلعنك و لكنها قالت كلاما غارقا في النفور منك و رغم ذلك انتظرنا و لم تأت, في دفقات المياه لم تأت, كان صوتك الشجى و ابتسامتك, و نظرتك الباردة هي بالفعل كانت باردة أنت لم تضمني إليك, هي مدت كفها لي و مشت, حين أشرت لها عليك في عرض البحر, انسحبت واجمة عبر الضوء البادئ في الظهور و لأول مرة بدت حزينة و خائفة و قالت كلاما جميلا عنك كان 0 صبح جديد يطلع علينا, يتسلل إلينا, لرعبنا الخفي, و خوفنا المحتبس, انظر و أسمع تتابع الموجات, أصمت و أسألها ماذا عن أبى ؟ فتقول لي و في عينها ألف دمعة و صوت مختنق أنك غدا ستعود و في كل غد كنت أذهب و لا تجئ, أسأل عنك الريح و البرد و الشواديف و زبد البحر لكنك أبدا لم تجئ, ابتلعك البحر لا لم يبتلعك البحر, شئ أخر أخذك منى, تعرفه البنت و أمي 0