المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ديالكتيك الحداثة



طارق شفيق حقي
08/06/2005, 08:13 PM
ديالكتيك الحداثة



كنا وما زلنا نعرض موقفنا من تحولات الأدب بشكل سريع خفيف يناسب سرعة الانترنت , وهنا حاولنا أن نورد بحثا مصغرا عن بعض اتجاهات الحداثة وفق تحديد لبعض المصطلحات ثم ذكر لانتقادات الكاتب امطانيوس للشعر العربي الحديث وما هي إلا محاولة لكشف الحقيقية :



هدف النقد هو المعرفة الفكرية وهو لا يخلق عالما خياليا مختلفا كعالم الشعراء أو الموسيقا . بل هو معرفة فكرية , أو يهدف إلى التوصيل إلى معرفة منظمة تخص الأدب أي إلى نظرية أدبية " ص 10 من كتاب مفاهيم نقدية رينيه وييلك ترجمة جابر عصفور.



" الأدب شيء غير دقيق بطبيعة ومحاولة أخذه بالمعادلات جناية عليه . الأدب مفارقات ونقد الأدب وضع مستمر للمشاكل الجزئية فقد يكون جماله في تنكير اسم أو نظم جملة أو كبت إحساس أو خلق صورة أو التأليف بين العناصر الموسيقية في اللغة وما أليها ومع ذلك يروقنا لصياغته وسذاجته . ص 27 من كتاب مفاهيم نقدية رينيه وييلك ترجمة جابر عصفور.



يقول سارتر " لآن الكتابة بغير القراءة هي مجرد لغو "

لسقراط رأي يرى فيه عجز بعض الشعراء عن شرح أشعارهم وبالتالي
نقدها ص 16 الموقف الأدبي عدد 143



تعريف الأدب " الأدب فعل إبداعي يقوم به الأديب أثارا مكتوبة تعبر عن تجربة شعورية أو موقف أو حاجة نفسية . وهذه الآثار لا بد أن تترجم بصدق أو تعكس بصفاء بعض الملامح التي تكون شخصية الأديب ومجتمعه, بصورة أو باخرى منتظمة القيم الجمالية والأخلاقية التي تمثل وجهي الحقيقية الفنية " ص 17 كتاب الفائدة والمتعة

النقد الأدبي :


هو فعل وصفي تقويمي للعمل الأدبي يقوم به الناقد بوحي من توجهه المسؤول في الكشف عن قيم الحق والخير والجمال في الحياة والجتمع.



يعرفه ستايلي هايمن " انه استعمال منظم للتقنيات غير الأدبية ولضروب المعرفة غير الأدبية أيضا في في سبيل الحصول على بصيرة نافذة للأدب " وهي عملية شبيهة باستخراج المعادن أو تحليل الأمور تحت مجهر يشترك فيها حشد من المؤثرات اللغوية والنفسية والتاريخية......ص 17



" يرى بعض النقاد عقم الشعر الحر – شعر التفعيلة – في رسم الوجود الذي يحياه الشاعر الحديث واستنفاده المعطيات التي قام عليها وازدهر في الربع الثالث من القرن العشرين , وانه لا بد من قصيدة النثر لكي تقوم بترجمة رؤى العصر وأزمة الضمير المضطرب الذي يمثله الشاعر الحديث خير تمثيل
- وفي الوقت الذي نجد فيه ناقدا كمحمد النويهي يدعو إلى ثورة في شكل القصيدة العربية ومضمونها, نراه لا يتردد في سبيل دعم فكرته في رفض الشكل العمودي الموروث ناظرا إليه نظرة استثقال وتخلف , لا يرقى إليه الذوق ولا تستسيغه الأذن .


- يقول النويهي :"فالبحر العربي المأثور ذو موسيقى حادة بارزة شديدة الجهر عنيفة الوقع على طبلة الأذن عظيمة الدرجة من التكرار والرتوب. وهذه طبيعية ينفر منها ذوقنا الحديث ولم تعد أذننا تحتملها وأصبحنا نراها شيئا بدائيا لا يعجب به إلا ذو الأذواق الفجة التي لم تنضج , وصرنا أميل إلى إيقاع أخف وقعا على الأذن وموسيقة اخف أثرا وأقل بروزا وحدةً وأحوج إلى الذكاء وإرهاف السمع لالتقطاها وتتبعها " الموقف الأدبي عدد 143



بعد هذا الكلام أعرض أراءً للكاتب امطانيوس ميخائيل من كتابه دراسات في الشعر العربي الحديث وهي دراسة وفق المنهج النقدي الديالكتيكي )



ينطلق امطانيوس في مقدمه كتابه من فلسفة الأشياء التي تجعلنا نعرف الدافع الذي حرضها الهدف الذي تسير فيه وقد تكون محاولة لتسليط الضوء على ديالكتيك العملية إذ انه يفترض وجود فلسفة مسبقة ينطلق منها المبدع وبفلسفته لهذا الأمر يعتبر موقف بعض الشعراء الذين لا موقف لهم . انسياق أعمالهم وراء لا معقولية الوجود أو عبثية غير هادفة إنما كان من موقف اللاموقف الذي سبق إبداعه يقول " إن العمل الفني أي عمل فني يعكس ظروفا وأوضاعا اجتماعية وسيكولوجية خاصة على اعتبار الوعي الإنساني هو المقياس المطلق في الوجود وأن موقف اللاموقف ( وهو موقف اللامبالاة تجاه العالم الخارجي ) يفترض وعيا مسبقا بلا جدوى الوجود وعبثية فهو موقف متفكر وواع في انسياقه وراء اللاوعي وتسكعه في دروب لعدم المطلق والفراغ "ص 10


وتتركز فلسفة الكاتب بعد ذلك على تمحيص وتحليل الفلسفة التي تكمن وراء الشعر الحديث الذي أخذ بالنوسان بين الحلم والواقع واليأس والتفاؤل والتجسد والفراغ فكان الشاعر صدى للمجتمع , معالم الثورة برزت في الشعر العربي من خلال الثورة على الشكل الحديث فحطمت القواعد التقليدية والقوالب الجاهزة للقصيدة العربية بل لم تقصر الثورة على الشكل بل امتدت إلى المضمون وتحول من شعر المناسبات إلى شعر القرن العشرين يعالج هموم إنسانه ومشاكله الحضارية والميتافيزييقية وتحولاته وإمكاناته الكبرى في البعث والنضال لتحقيق الواقع المستقبلي المنشود.


ولا شك أن الشعراء قد تأثروا بالاتجاه الذي ساد آنذاك كالاتجاه الماركسي وقد اتهم الأديب عباس محمود العقاد الشعر العربي الحديث بأكمله بالقرمزية ومن اعتنقوا هذا الاتجاه كالبياتي وكاظم جواد والسياب والشرقاوي وشوقي بغدادي الذين التصقوا بقضايا شعوبهم واعتبروا أن الوضوح التعبيري هو ضرورة قصوى في المعركة مع الأوهام والقدرية والأفكار والبرجوازية والوجودية الساقطة .
ومن الملاحظ أن الكاتب يوجه نقداً لهؤلاء الشعراء من خلال نقد شامل لكل الاتجاه الذي تبنوه ذلك أن هذا الاتجاه يعول على الشعب وينفى الإبداع الذاتي والعبقرية الفردية وأصبح طرح المواضيع عند هؤلاء الشعراء طرحا مسبق الصنع ناتج عن تأثرهم بعقيدة الماركسية فتوجه الشعر نحو الهتافات الغوغائية المرتجلة .
ويعود ليقول ان وضوح هذا المنهج والتزامه دليل على إنسانيته وتحديها للهزيمة


وينتقد أيضا امطانيوس الاتجاه الثاني الاتجاه الميتافيزيقي والوجودي والفني ( الفن للفن ) الذي تبته مجلة شعر اللبنانية وتعملق على يدها شعراء مثل أدو نيس ويوسف الخال وأنس الحاج وشوقي أبو شقرا ويؤكد على شذوذ التوجه الذي غاص في اللامعقول وفي طيات المجهول هربا من الواقع وما النتائج التي وصل إليها إلى دليل على شذوذه يقول " وكثيرا ما اصطدمت تجارب أولئك الشعراء بالمطلق ......" ص 13
ومن هؤلاء الشعراء توفيق حايق ويوسف الخال الذي وضعوا الحرية مقابل المطلق فأصبحوا عبيدا ً لكلمة اسمها الحرية فرغت من معناها وتحولت إلى معنى مناقض لها تماما ً.

طارق شفيق حقي