المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عشتروت لبنان



hasaleem
26/10/2007, 05:40 AM
عشتروت لبنان

بقلم
حسين أحمد سليم
آل الحاج يونس
Hasaleem

أستسلم تقليديا لسكينة النفس الأمارة بكل شيء, أختبر مطاويها في مساراتها ومعالمها في أفعالها, أنتهز بارقة في ومضة من هدأة أثيرية الروح, العارجة بين الأرض والسماء في حزمية من السيالات النورانية, تتألق وضاءة لطيفة لتشكل هالات الأطياف اللونية, تسم تشكيلية كينونتي النفسية... في تلك الهجعة الروتينية أمارس شحن عقلي بومضات من الأفكار المستجدة, تاركا خلايا جسدي تمارس فعل التجدد بطاقات النشاط... وأنا أشد الرحال على صهوة السفر للتمدد على أديم الأرض, في مرحلة الغفوة إلى النوم العميق... قدرا إيمانيا بفلسفة الأشياء, تتملكني حركة الرؤيا الشفيفة, وتحملني قسرا في البعد الآخر, خارج منظومتي الزمان والمكان... أهيم تائها في رؤى فعل الخيال التخاطرية, المتحررة من كل القيود الجسدية والحسية, في غفلة من سلطة العقل العظمى, المتحكمة بحركات هيكلية الكينونة المادية, المتفاعلة ذاتيا بوحدة التحكم المركزية, التي تضخ وتوزع الترياق في قنوات الحياة, بمعزل عن الحركة الإنسيابية التي تمارسها النفس سباحة في الفضاءات اللامتناهيات...

رؤاي المتفلتة من كل القوانين الوضعية شرقا وغربا, المتحررة من فعل إجتهادات الأنظمة العصرية المختلفة سلبا وإيجابا, الثائرة رفضا كليا لكل مطاوي ومعالم أشكال الإرهاب الدولي, المنظم سرا وعلانية في أروقة الأمم المتحدة, عولمة عصرية على رؤى متاهات التنجيم... والتي وضعت بنود قوانينها بعد مخاض جدلي طويل, إنتهى بعملية قيصرية صعبة, تجند لها كل فلاسفة الأرض في الإرهاب, لقيامة جهاز إرهابي مقونن في هذا العصر, يسمى دوليا على ذمة الإستعمار العالمي بمجلس الأمن... رؤاي التي تشغل العقل مني ودائما في أوقات زمنية حرجة, والتي تخلق بيني وبين الأشياء في البعد والقرب, حبلا رمزيا شفيفا مفضضا من أطياف التواصل الكهرومغناطيسي, تعرج فيها الأفكار ذهابا وإيابا, في حركة دائبة بين أقطاب فكري والأقطاب الأخرى والموجات المترددة, التي تحملني من هدأتي لتزج بي طوعا قدريا في قلب الأحداث...

أنا الآن في كامل غيبوبتي النفسية, أمارس فعل التنويم المغناطيسي لجسدي, المسجى في الهواء على إرتفاع القامة, أرى لست أدري كيف أنني, بدأت الولوج في طريق ممتدة كثيرة الإلتواءات والإنحناءات, متعرجة كثيرا بين قمم الجبال العالية, التي تعانق أبواب السماء في تلك البقعة التي لا يفصلها عن النجوم سوى بضعة خطوات, ونادرا ما يسلك ما سلكت بشر عاقل مفكر, فالمنطقة مليئة بالوحوش البرية المفترسة, ومليئة أكثر بالوحوش البشرية التي نزعت من جوارحها ودواخلها الرحمة... ولكنني خلقت هكذا أحب خوض الغمار في المتاهات, وأرود القفار الموحشة المليئة بالمفاجآت, هواياتي كشف المستجدات, وولوج الأماكن المحفوفة بالمخاطر, أتعلم كيف أمارس سرعة البديهة, للتخلص من الأخطار المحدقة, إذا ما شاءت الأقدار أن تواجهني, وأنا أدفع بنفسي في لجج الأخطار, تحفذني نفسي للسير قدما في لعبة التعقيدات, ورسم الخطط لخوض الوغى في ساحات الأمر الواقع, تفاديا لسوء الحالات, وكيفية الأمان للتواصل اللوجستي, إذا ما ساءت الظروف وسجنت في دوائر الشر المحيق بي من كل الجهات...

ما زلت في غيبوبتي النفسية, وما زلت أرى جسدي المسجى في الهواء, بلا مرتكزات تحميه من الوقوع أرضا, وما زلت أبحر في خواطري في تلك البقعة البعيدة, المقفرة إلا من بقايا أعشاب برية يابسة, لا تصلح حتى لمائدة تتناولها حمرالوحش في القفار, والكثير من الحجارة والصخور الرخامية المرمرية, التي تصلح لتزيين المعابد والقبور في بلادي, وما زلت أتابع مسيرتي بين تعرجات الأرض في دروب وعرة كثيفة الأشواك, أفتش عن مغارتي التاريخية الأثرية ألجأ إليها بعيدا عن الأضواء لأبيت ليلتي قبل أن تخيم أوشحة الظلام, ففي مغارتي تتفجر من قلبها مياه الحب والعشق, في ذلك الوادي السحيق الذي يلتقي مع نهري القديم عند شاطيء البحر جهة الغرب...

ها هي قد بانت في البعد عند حضيض الجبل, وها أنا أهرول مسرعا باتجاهها, وقوسي بين يدي ومجموعة من النبال, تتبعني أميرة الجمال اللبناني, التي أتأبط ذراعها وتتأبطني, نغني الأحلام العذاب في جبال وطني, نعيش السعادة فوق تراب القداسة بلاد الأرز... وها هو الوحش البري المفترس متربص بي عند بابها, يطلب جسدي وسفك دمي, وتخاف مليكة الأرز وتصرخ, ترقب ساح الوغى بيني والوحش البري, وتصيح مولولة إبنة لبنان, فقد صرعني الوحش بين يديها منتقما, وتدفقت دمائي تلون مياه النهر التاريخي القديم, والنهر يبكي دمي يحملها راميا بها إلى البحر, مرورا على مقربة من مسقط رأسي في زيتون, المطلة على قصري التاريخي المحفور في الصخر في وادي الغابور...

مليكة الحب اللبناني تحمل جثتي على كتفيها, وتتابع السير المحفوف بالمخاطر والأهوال, قاطعة كل العقبات التي برزت لها في مسيرتها التاريخية, لتصل بعد جهد وتعب وإرهاق إلى حيث قدر لها أن تضعني... عند الغينة أقامت النصب التذكاري لرفاتي, وقامت تبكي إلى فوق رأسي حتى فارقت الحياة عند قبري, وأتت جوارح الفضاءات تحوم فوقها, وكلما حاولت أكل لحمها سقطت من حيث لا تدري, حتى سقط الكل حولها صرعى بلا حراك, وفنيت كلها وبقيت مليكة لبنان تنبض في الحياة فوق رخام قبري...

يوسف الباز بلغيث
30/10/2007, 07:59 PM
الأخ الفاضل " حسين أحمد سليم "
عشتروت لبنان..جعلتكَ تربط ُالحروفَ ببعضها أملا ًفي أنْ تواصلَ الكلامَ دون انقطاع..
لك نفسٌ عميقٌ متشكّلٌ بألوان ٍمتباينةٍ بينَ النـّحت و الشّعر و الرّسم و ما إلى ذلك..
أحييك على المشاركة ..:p و دمتَ وفيًّا.