المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شجن الروح



hasaleem
22/10/2007, 09:04 PM
شجن الروح

بقلم
حسين أحمد سليم
آل الحاج يونس
Hasaleem

شاء القدير, قدر الحكيم, أراد العزيز, أمر الرحمان الرحيم, قال الله كن, إهتز, إرتجف, تمخض العدم, تفتق, إنفلق, تكاثق, فكان الوجود, تكاثر, تنامى, فكانت الأكوان, وإستوى إلى العرش, نفخ ومضة الروح الكلية, فإرتعشت الأشياء بالحياة, وإنتظمت بالناموس, وعرف الله واحدا أحدا موحدا فردا صمدا لا شريك له لا شبيه له لا كفو له, في كون ممتد يمتد ويمتد, موغلا في البعد اللامحدود, فإذا القدرة العظمى تتجسد في بديع الصنع, وإذا الوحدة المطلقة تتراءى في وحدة الخلق, منظومة ناموس أزلي أبدي لا يتغير, وتتغير ما دونه كل الأشياء وتتبدل...

مذ وجدت خلقا آخر, من لا شيء, تجري لمستقر لها, في إمتدادات السماوات, ذلك تقدير العزيز الحكيم, مجموعات فلكية, أجرام وكوكبات, نجوم وشموس, أقمار وكواكب, مشتعلات لاهبات حبالى الجوف لاظيات, مفاعلات نووية كونية, تتوالد بالنار والنور, في الزمان والمكان, سر مكنون تقدير العزيز الحكيم... نهيم في متاهاتها ولها, ونضيع في إمتداداتها عشقا, نتفكر في أسرارها, نغوص في مكوناتها, نبحر في مطاويها, نستجلي بعضا من مظاهرها, ونجتلي ومضا من ذبذبات أطيافها, ولا ندرك أبعادها, ويبقى الفكر في قصور, يجتر المعرفة في ضمور...

ألوان الله, ألوان الطيف, تظهر في السماء, أبدع ما تشهده العين, ظاهرة فيزيائية ضوئية, الأبيض لون الضوء, سيالات الشمس تعزف النور لحنا شجيا, سيمفونية الطيف منظومة سباعية النغمات, متكاملة الأجزاء رياضياتها, ألوان شفيفة توالد تحليل مرشحات منشورية الأشكال زجاجية العناصر, فعل تشتيت حزم الضوء إلى مكوناته من ألوان الطيف, ظاهرة إنكسار الأضواء في موجات الأمطار, حدث الإنحناءات في وسطين مختلفين, وانتقال لمعامل الإنكسار بسرعتين مختلفتين, تتوالد حزمة الألوان بين الأحمر والبنفسجي...

ينفذ اللون الأبيض قطرة الماء في السماء, ترددات مختلفة تتباطىء في سرعات كل حسب التردد, وتنحرف الإشعاعات بزوايا مختلفة, ضيقة أو منفرجة, لتؤلف منظومة الألوان الطيفية, لله درها قطرة المطر الصغيرة جدا ماذا تعمل, تشتت ألوان الشمس الكبيرة جدا إلى مكوناتها ذات الألوان المختلفة... النور ضياء الأشياء, هالة اللون ترسم الأسرار في الكنه, وحدها الروح تقرأ هارمونية قصيدة الحب اللونية, في كنه قطرة الماء الصغيرة , تلك حكمة الواحد الأحد, خالق الأرواح في عالم الذر, مودع سر العشق في كنه شجن الروح...

الأحمر يشع بالحيوية ويجذب الإنتباه, الأصفر يبعث البهجة والإنتعاش, الأزرق هاديء يريح الأعصاب, منظومة رئيسية ثلاثية الأقطاب, تنفرد, تجتمع, تتمازج, تشع حزما أخرى, فتتألق ألوان من الألوان, البرتقالي, الأخضر, البنفسجي, النيلي... باردة, هادئة, تتجلى في الزرقة والإخضرار... دافئة, ساخنة, تتجسد الإحمرار والإصفرار وبرتقالية الأشياء... مشتقة من أصل واحد, فاتح, غامق, مقلم, مشجر... متباينة ومتناسقة, إزرقاقا, إصفرارا, إبيضاضا, أسودادا, في درجات لونية خاصة, متقاربة التناسق, تتمازج وتتكامل فيما بينها...

شيء سحري, أسطورة تحكى في ليالي الشتاء, ترويها العجائز على مسامعنا, ونحن نرتشف القهوة العربية المعتقة بالهال, نتحلق حول مدفأة تضطرم بالنار, المتقدة من جمر خشب السنديان الجردي في بلادي... معتقدات تراثية فلكلورية, تتناقلها الأجيال من جيل إلى جيل, تشكل من الرواية المحكية, فعل إندفاع لشحن النفوس, وحركة نشاط للتفكر في مظاهر خلق الله تعالى, فالكنز الذهبي الدفين, يكمن حيث تتلامس ألوان الطيف المندمجة الأطراف بالأرض, لتهتز النفس بالعودة إلى رحمة الله, وتتجلى في أبعاد العقل, ومضات الوعي الباطني, وترتعش الروح الشفيفة تعزف لحن الحياة, على أوتار سيالات الطيف ألوان الله, تكرز عارجة في إمتدادات الحبل الفضي, الممتد بين أديم الأرض وأبواب السماء, لتتجلى موسيقى ألوان الله في سمفونية شجن الروح...

كتبت ظهر يوم الإثنين الواقع في 22 / 10 / 2007 في بيروت