المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطوط وأشكال



hasaleem
18/10/2007, 07:43 PM
خطوط وأشكال

بقلم
حسين أحمد سليم
آل الحاج يونس
hasaleem

نجمة الصبح الفلكية في مدارها النسبي الدائم على مقربة من مدار الشمس, دائبة تقيم بين يديها قبل الشروق لتختفي بعدها من سمائنا, وتكون خلفها بعد الغروب لتغيب من أفقنا المسائي... نجمة الصبح دائما تشع بنورها الثابت في غرة الفجر بالأفق الشرقي من بلاد الأرز, عاكسة نورالشمس قبل شروقها مبشرة بقدومها, تعلن عند الصباحات البدء بالترحال أمام قدوم غزالة النهار الكوكب النجمي المنير, ترسم لوحة تجريدية من سيالات النور, وتتأخر عن الشمس في المساء تشيعها مودعة لها في سفرها الميمون للمقلب الآخر من الأرض, تتمتع بمشهدية الشفق اللوحة السوريالية القدرية... كوكبة الزهرة المرآة لضوء الشمس, أستقبلها في الصباحات وتودعني في المساءات والدمعة الحرى تنساب من مقلتيها في البعد المزمن, فتتساقط من عليائها الفلكي لتهمي فوق خديي منسابة تزيد من لهيب حرارة الدفء في وجنتي, فتزرف مقلتي اليمنى عند أطرافها دمعة الحب وتزرف مقلتي اليسرى عند أطرافها دمعة العشق, لتلتقيان عند لمى شفتي العليا المنحسرة عن لمى شفتي السفلى, لتحكيان أسطورة الهيام الشرقي الشفيف بين الكاتب الفنان وإليسار عروس إيحاءاته الموسومة تيمما بنجمة الصبح...

تذكرني نجمة الصبح الفلكية وأنا أفتح قلبي لها وهي تدثرني بسيالات أنوارها في إشراقتها الفجرية, وأودعها باكيا عند غيابها المسائي دوريا في كل الأيام على مدارات السنين في الزمن الممتد... تذكرني كوكبة الزهرة بنجمة الصبح الإنسانية عندما تطل مشرقة بإبتسامتها المرتسمة فوق محياها تزيد في جمال شفتيها ولماها, والتي تلون صباحاتي بكل أنواع الجمال مشكلة في خيالاتي أبدع لوحات الفن التشكيلي, والتي تلهمني في إطلالتها بكتابة أفكاري ونصوصي وخواطري وكلماتي ونثائري وقصائدب... وترتحل مساءا نجمتي البشرية وأودعها دامع العين كما إرتحال نجمتي الفلكية, وكأن النجمتان, الفلكية الموسومة بكوكبة الزهرة, والبشرية المسماة, أليسار, الموسومة بنجمة الصبح الإنسانية, تتخاطران في عذابي وتعميق حالات الوجد في أذيني وبطيني قلبي الصغير, ليمتليء حبا عظيما على قدر عظمة الكون, دون أن أعرف أو أدرك مدى عظمة هذا الحب الكبير الذي أقام سكنه في قلبي الصغير, وكأنهن وجدتا لتزيد وجدا على وجدي وشغفا في شغفي, وتلهبان دواخلي بكل أنواع نيران العشق, لأتحرق على مهل وأكتوي ببطيء بكل أنواع الحب الشرقي بين شفيف وعذري...

تحملني حركة الإبصار إلى التجوال الفضولي بنظري في الموجودات المحيطة بي حيث أنا, أعلل النفس بأحلام عذاب تتراءى لي تخاطرا تفكيريا في البعد الخيالي, تتناهى إلي من خلف الحجب اللامرئية كما الرذاذ المتساقط فوق الأرض العطشى المتشققة بعد إنقضاء أشهر الصيف الجاف والحار...

موجات الإيحاءات المنسابة إلى خيالاتي من رؤى الإبحار الماورائي في عوالم نجمة الصبح أليسار, توقظ في أعماقي حركة الأحاسيس الدفينة الهاجعة في حناياي منذ زمن بعيد, وتحرض جوارحي الغافية في هدأتها الطويلة كأنها ثملى من خمرة الروح عبر مطاوي النفس, ألعب في إلتفاف الحاذق على نفسي, لعبة التمويه ومحاولة صرف الذات عن التفكير المتواصل في التلاعب بالمصير, خوفا من الأمر الواقع المرعب الخفي وراء ستائر سياسة اللف والدوران, المفروضة قهرا عصريا في عولمة شاملة من حدود الماء إلى حدود الماء, والكل مسرورا مغتبطا يمارس فعل الإنسطاح مجرورا في ركب الردة على الذات بالخيط الوهمي, والكل يتلذذ شبقا بفعل حركة الإنبطاح, لا أستثني أحدا أتهم الكل بفعل جرم لوثة الزنا الفكري والنفسي قبل الجسد طوعا بلا كره بين المشرق والمغرب حتى وإن جلدوا أبدا مدى العمر, وإن شذ أحد ففعل لعبة اللواط سمة يتمثلها متمنيا اللحاق بقوم سدوم وعمورة حتى وإن أمطر مدى الحياة بالكبريت والنار...

هناك على مرأى من نجمة الصبح القدرية, بين الإشراق والغروب, أرخي كتلة جسدي المترنح متمايلا, يرتجف مهتزا من سكرة التفكرفي حكمة الخلق, هناك فوق الصخرة القائمة عند حدود إلتقاء مياه البحر بالرمال الصفراء, عند شاطيء المرفأ المضاء بالقناديل الزرقاء والتي ترسو في حرم مياهه الإقليمية سفن الخلق والإبداع... أمامي تمتد مياه البحر المتعانقة الأمواج بحنو العاشق للعاشق حتى إلتقاء الأفق عند غياب الشمس وهي تشكل لوحة الشفق, وخلفي تمتد المساحات المتسعة المضفرة بكل أنواع رونق وجمال الأشجار والبيوت القرميدية السطوح, والأشكال المتعددة المتنوعة المتفتقة من كل معالم الخطوط, المتوالدة من عشق النقاط للنقاط بحيث تتشابك في حبل فضي ممتد تشكل كل أنواع الخطوط, أفقية وعامودية ومائلة ذات اليميت ومائلة ذات اليسار ومتقاطعة ومكسرة وملتوية وحلزونية ودائرية ومنعطفة... لتؤلف كل الأشكال المسطحة أفقيا أو رأسيا أو المتراكبة الحجوم, وصولا حتى قمم الجبال التي تلتقي بالأفق الممتد, الذي تطل الشمس من بين ثناياه راسمة لوحة الإشراق... وإلى يميني ويساري تمتد الخطوط المتعرجة الملتوية المنسابة بين الماء والرمال, تلعب دور الوسيط بين العاشق والمعشوق لتشكل مشهديات الشاطيء الرملي المثير لتكوين الجمال, الذي تتخلله بعض الأماكن الصخرية, حيث تمتد عند كل صخرة بحرية معشوشبة بالطحالب, قصبات صيد السمك بخيوطها الوترية السابحة في المياه تتعاشق مع الأمواج في رحلة رياضة الكر والفر لأسطورة الفعل مع الأسماك, حلم يراود أفكار وتمنيات الصيادين من بلادي, بتناول العشاء مع أسرهم من خيرات البحر, وعدهم دين في رقبتهم قطعوه لأولادهم قبل انبلاج خيوط الفجر, إذا سمحت أنواء السماء والبحر...

وأنا أتخاطر تفكيرا دائما مع نجمة الصبح في بلاد الإغتراب ودمعتي لا تفارقني أبدا تعكس ما يعتلج في دواخلي, أطيل النظر في كل ناحية من نواحي الإتجاهات على ذمة الخوافق الأساسية والثانوية, علني أشاهد لوحة وجه أليسار نجمة الصبح القدرية في رؤى خيالاتي, عيناي تجحظان كلما أبحرت في الإمتدادات أستطلع طلعة نجمة الفجر كوكبة الزهرة, وحدقتاي تتسعان كلما أجهدت بصري بالتحديق في الأشياء البعيدة والقريبة أتبين وجه حبيبتي التي تركتني وحيدا أعاني, ومقلتاي تعتصران الدمع على حياء كلما لامستهن نسيمات الأثير الشفيف اللطيف الناعم حاملة همسات البوح في البعد لنجمة الصبح, والبؤبؤ في محجره الأيمن يختلف عن البؤبؤ في مجره الأيسر, في كروية كل بؤبؤ تتشكل صورة نجمة الصبح مشرقة ببسمة الحب ترسم فوق محياها لوحة العشق التجريدية, وإن كان فعل كثافة الساد تزداد يوما بعد يوم في كل من العدستين, وتتحول الرؤية ضبابية شيئا فشيئا, وتتحول كل النقاط والخطوط والأشكال سوريالية في طريقها لتوكيد فلسفة التجريد قبل التشتت والضياع في غربة الإمتدادات, كما غربة نجمة الصبح أليسار عني وغربتي عنها قهرا وكرها في إمتدادات الضياع...

حرر في رحاب مقام قرية النبي رشادي مساء يوم الخميس الواقع في 18 / 10 / 2007