يوسف الباز بلغيث
15/10/2007, 04:25 PM
مقال:
وقاحة ٌ.. أمْ .. تميـــُّــــز ..!
في مطالعاتي لأحدى مجلاتنا الإلكترونية منذ يومين ، فوجئتُ بقصّة ٍ جميلة السّبك بهيّـة الأسلوب و السّيـــــاق.. سامجةِ المعنى و اللفظ ، لا تستطيعُ أن ْ تقرأها لوحدك ، فما بالُ الآلاف منَ القرّاء الذين يشاركونكَ سخافتَها ، ووقاحتَها .. فأثارتني – مشكورَة ً– بهذا النـّبض ِالمُتألـّم ِ،المُتأوّهِ ، المُغالب قلبَه ..!
فعجبتُ لأمر أصحابها- المجلة – هل فاتهمُ الموضوعُ و خرجَ عن نطاق ِالنشر ، ولمّا حظيَ بقراءاتٍ عدّة ،تفطــَّـنوا له لاحقـًا ولمْ يستطيعُوا حذفــَه ..؟
أمْ أنهم على دراية ٍ ولهم ضلعٌ في ذلك رغبة ً منهم في كسبِ أكبر ِعددٍ منَ القُرّاء.. مُتحَجّجينَ بـ" ديمقراطيةِ المنبر " و الدّعوى يؤول حكمها - في الأخير – حذفا أو تثبيتا – للقرّاء..؟ و الأمر في الحالتين سواء ْ.
لا ينفكّ الإنسانُ مُدّعِي الإبداع أنْ يتملصَ – في فهمه الخاطئ لمعنى التّميّز و الإبداع و الظهور – منْ عُرَى الأخلاق ِو ضوابط ِالسّلوكِ البشريّ المتّزن ِ،رغبة ً في الوصولِ بأسْرع ِالطرق للمجد و الذيوع ،وظنــّا منه أنها هي العائق العتيق الكابح لجماح تفكيره و إبداعه ْ..!
وفي الحقيقة نحنُ ندين بالكثير من الفضل الجليل لأمثاله ،إذ كلما تغلغــــلَ – تغلغلتْ - في وحْل الرّذيلة من القول ِالفاحش ِ..المُسيءِ للأخلاق والقيَم ِو الدّين ِ، إزددنا حيـــطة ً و حذرًا.. وقدْ ساد لدى بعض المُبدعين – المبتدعين – أنَّ الفوضى و الزوبعة َالتي تحوطه بالسّبّ و الشّتم و القذف أحيانا تكونُ أنجعَ مطيــّـة للظهور و المكابرة ،ثمّ سرعان ما تكون له مراجعاتٌ ﭐستدراكية ٌ بتأسّفٍ شفويٍّ بعدَ الحُصول ِعلى الدّعاية و الاهتمام اللازمين.. أوْ يزيدُ غلوًا..!
لقد بدأ مفهومُ النّضال الإبداعيّ منْ أجل الوُصول إلى القمّة بشَرف ٍو نصَب ٍو ﭐستحقاق ٍ.. مجرّدَ وَهْم ٍ .. يجعـلُ الذين ﭐنساقوا لموجةِ التكنولوجيا العارمة السّلبية ، يركنونَ إلى هذا الجُهْد المُبتذلِ الغريبِ ،مؤمنينَ بضرورة الاستفادةِ منْ هذه المِيزةِ دونما عناء ٍ، لأنَّ الكلَّ أصبحَ مُولعًا بشخصياتٍ صُمّمتْ – طوعًا أو كرهًا – لجعلها نماذجَ راقية ً..تُحتذى و تقلـّدُ ، و تُزكـّى بـ "جوائزَ عالميّةٍ وأوروبيّةٍ وعربيّةٍ " والإعلامُ الموجّه لا يألو جهدًا أو ينفكّ هو الآخرُ محاورًا أو معلـّقًا أوْ مُتابعًا لخطواتِ ذاك " العبقـريّ " – المتهكــّم أحيانا بالتقاليد المحافظة.. و بالدّين و الذوق تارة ً أخرى ..الواصفِ للعفـّةِ و الأدبِ بالرّجعيةِ و التخلـّفِ ـ إذ تُسخّرُ له الإمكانياتُ و الدّراساتُ ، و تُطوى له السّبُـلُ ، و تُـثمّنُ له الأعمالُ .. ثــمّ ندعو أبناءنا – جيــــلَ المستقبل – بخطابات ٍ عريقة ٍ – هي الأخرى – لا تجدُ سبيلا للفهم داخلَ أيقونــاتِ تفكيرهِم..المكتنـــز بالتكنولوجياتِ الفارغةِ غير ِالمراقَبَة و المراقبَةِ غير ِالموجّهة ..! بينما تنغلق آفاقهم عن الفضيلة و حسن ِالخلق و كلّ ما له علاقة بالأدب ، فينصرفوا إلى ما هو أقرب إلى واقعهم ومعاناتهم بشغفٍ ومتعةٍ لا طائلَ منها سوى إثارةِ الشّهوةِ..فتنقلبَ المعاهدُ و الجامعاتُ مسارحَ للتفسّخ ..ومراتعَ للّهو.. وأركاناً لممارسةِ الحضارةِ البالية ِ.. والإبداعُ تسلية ً يذاعُ بشتّى " الفضائياتِ " بينما تنحصرُ الأخـــلاقُ والقيَمُ في " الكتُبِ الصفراءِ العتيقةِ " وتصبحُ تحفة ً تستحقّ " التحنيط " بمتاحفنا.. ونأتي إليها إذا توفـّرَ الوقتُ لمشاهدتها.
لقد وصلَ الحدُّ ببعض ِالمجلاتِ إلى تسويق ثقافة الجنس باسم حريّة التعبير ، فتلقلى على صفحاتها " دُرَرًا "من اللقطات " الجنسية الغريزية المثيرة " ما يُغنيك عن مشاهدة التلفـــاز ، لأنّ المجالَ أكثرُ وُسْعًا ، حينما تريدُ أن ْ تشارك صاحبَ تلك اللقطات لذّتها عن طريق "المعايبة "أحيانا باسم حفظ الشعور العام للمتلقي ، أو عن طريق" المشاركة و الموافقة " باسم التنفيس أو التنمية الثقافية الجنسية كحقٍّ مشروع ٍ، يبحثُ عن مناصريه.
للـّه أحــتسبُ الكـــلام إذا أتــــى *** يــــومُ الحساب، و ما لديك دليلُ
الدربُ صعبٌ حالها تلفي الخطى *** متعثــّـــــراتٍ .. ما لهـــــنّ سبيلُ
بقلم / يوسف الباز بلغيث
بيرين / الجزائر : 15/10/2007
وقاحة ٌ.. أمْ .. تميـــُّــــز ..!
في مطالعاتي لأحدى مجلاتنا الإلكترونية منذ يومين ، فوجئتُ بقصّة ٍ جميلة السّبك بهيّـة الأسلوب و السّيـــــاق.. سامجةِ المعنى و اللفظ ، لا تستطيعُ أن ْ تقرأها لوحدك ، فما بالُ الآلاف منَ القرّاء الذين يشاركونكَ سخافتَها ، ووقاحتَها .. فأثارتني – مشكورَة ً– بهذا النـّبض ِالمُتألـّم ِ،المُتأوّهِ ، المُغالب قلبَه ..!
فعجبتُ لأمر أصحابها- المجلة – هل فاتهمُ الموضوعُ و خرجَ عن نطاق ِالنشر ، ولمّا حظيَ بقراءاتٍ عدّة ،تفطــَّـنوا له لاحقـًا ولمْ يستطيعُوا حذفــَه ..؟
أمْ أنهم على دراية ٍ ولهم ضلعٌ في ذلك رغبة ً منهم في كسبِ أكبر ِعددٍ منَ القُرّاء.. مُتحَجّجينَ بـ" ديمقراطيةِ المنبر " و الدّعوى يؤول حكمها - في الأخير – حذفا أو تثبيتا – للقرّاء..؟ و الأمر في الحالتين سواء ْ.
لا ينفكّ الإنسانُ مُدّعِي الإبداع أنْ يتملصَ – في فهمه الخاطئ لمعنى التّميّز و الإبداع و الظهور – منْ عُرَى الأخلاق ِو ضوابط ِالسّلوكِ البشريّ المتّزن ِ،رغبة ً في الوصولِ بأسْرع ِالطرق للمجد و الذيوع ،وظنــّا منه أنها هي العائق العتيق الكابح لجماح تفكيره و إبداعه ْ..!
وفي الحقيقة نحنُ ندين بالكثير من الفضل الجليل لأمثاله ،إذ كلما تغلغــــلَ – تغلغلتْ - في وحْل الرّذيلة من القول ِالفاحش ِ..المُسيءِ للأخلاق والقيَم ِو الدّين ِ، إزددنا حيـــطة ً و حذرًا.. وقدْ ساد لدى بعض المُبدعين – المبتدعين – أنَّ الفوضى و الزوبعة َالتي تحوطه بالسّبّ و الشّتم و القذف أحيانا تكونُ أنجعَ مطيــّـة للظهور و المكابرة ،ثمّ سرعان ما تكون له مراجعاتٌ ﭐستدراكية ٌ بتأسّفٍ شفويٍّ بعدَ الحُصول ِعلى الدّعاية و الاهتمام اللازمين.. أوْ يزيدُ غلوًا..!
لقد بدأ مفهومُ النّضال الإبداعيّ منْ أجل الوُصول إلى القمّة بشَرف ٍو نصَب ٍو ﭐستحقاق ٍ.. مجرّدَ وَهْم ٍ .. يجعـلُ الذين ﭐنساقوا لموجةِ التكنولوجيا العارمة السّلبية ، يركنونَ إلى هذا الجُهْد المُبتذلِ الغريبِ ،مؤمنينَ بضرورة الاستفادةِ منْ هذه المِيزةِ دونما عناء ٍ، لأنَّ الكلَّ أصبحَ مُولعًا بشخصياتٍ صُمّمتْ – طوعًا أو كرهًا – لجعلها نماذجَ راقية ً..تُحتذى و تقلـّدُ ، و تُزكـّى بـ "جوائزَ عالميّةٍ وأوروبيّةٍ وعربيّةٍ " والإعلامُ الموجّه لا يألو جهدًا أو ينفكّ هو الآخرُ محاورًا أو معلـّقًا أوْ مُتابعًا لخطواتِ ذاك " العبقـريّ " – المتهكــّم أحيانا بالتقاليد المحافظة.. و بالدّين و الذوق تارة ً أخرى ..الواصفِ للعفـّةِ و الأدبِ بالرّجعيةِ و التخلـّفِ ـ إذ تُسخّرُ له الإمكانياتُ و الدّراساتُ ، و تُطوى له السّبُـلُ ، و تُـثمّنُ له الأعمالُ .. ثــمّ ندعو أبناءنا – جيــــلَ المستقبل – بخطابات ٍ عريقة ٍ – هي الأخرى – لا تجدُ سبيلا للفهم داخلَ أيقونــاتِ تفكيرهِم..المكتنـــز بالتكنولوجياتِ الفارغةِ غير ِالمراقَبَة و المراقبَةِ غير ِالموجّهة ..! بينما تنغلق آفاقهم عن الفضيلة و حسن ِالخلق و كلّ ما له علاقة بالأدب ، فينصرفوا إلى ما هو أقرب إلى واقعهم ومعاناتهم بشغفٍ ومتعةٍ لا طائلَ منها سوى إثارةِ الشّهوةِ..فتنقلبَ المعاهدُ و الجامعاتُ مسارحَ للتفسّخ ..ومراتعَ للّهو.. وأركاناً لممارسةِ الحضارةِ البالية ِ.. والإبداعُ تسلية ً يذاعُ بشتّى " الفضائياتِ " بينما تنحصرُ الأخـــلاقُ والقيَمُ في " الكتُبِ الصفراءِ العتيقةِ " وتصبحُ تحفة ً تستحقّ " التحنيط " بمتاحفنا.. ونأتي إليها إذا توفـّرَ الوقتُ لمشاهدتها.
لقد وصلَ الحدُّ ببعض ِالمجلاتِ إلى تسويق ثقافة الجنس باسم حريّة التعبير ، فتلقلى على صفحاتها " دُرَرًا "من اللقطات " الجنسية الغريزية المثيرة " ما يُغنيك عن مشاهدة التلفـــاز ، لأنّ المجالَ أكثرُ وُسْعًا ، حينما تريدُ أن ْ تشارك صاحبَ تلك اللقطات لذّتها عن طريق "المعايبة "أحيانا باسم حفظ الشعور العام للمتلقي ، أو عن طريق" المشاركة و الموافقة " باسم التنفيس أو التنمية الثقافية الجنسية كحقٍّ مشروع ٍ، يبحثُ عن مناصريه.
للـّه أحــتسبُ الكـــلام إذا أتــــى *** يــــومُ الحساب، و ما لديك دليلُ
الدربُ صعبٌ حالها تلفي الخطى *** متعثــّـــــراتٍ .. ما لهـــــنّ سبيلُ
بقلم / يوسف الباز بلغيث
بيرين / الجزائر : 15/10/2007