المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المشتكون لمن لايسمع



طارق شفيق حقي
15/10/2007, 09:04 AM
المشتكون لمن لايسمع


المهماز
الأحد 9/9/2007
الكاتب الكبير زكريا تامر

كلّ ما يدبّ على سطح الأرض العربية يشتكي بصوت خفيض أو بصوت عال:

يشتكي سكان المقابر من أحياء يحسدون الموتى بحجة أن القبر لا يحتاج إلى كهرباء وماء, ولا يضيره انقطاعهما..‏
يشتكي الموظفون من ضآلة الراتب وغلاء أسعار البيوت والقبور..‏
يشتكي الطلاب من دروس جوفاء مملة تتباهى بغباوتها وابتعادها عن نار الحياة..‏
يشتكي المدرسون من غرور تلاميذ يعتقدون أن الإنسان يخرج من بطن أمه مثقفاً والمدارس لم تنشأ إلا لتوزيع الرواتب على المعلمين..‏
يشتكي الباعة من زبائن ينظرون إليهم بوصفهم لصوصاً غير معتقلين..‏
يشتكي الرجال من زوجات يعرفن ما لهن ويتجاهلن ما عليهن, ويشتكون من نساء لا يرتجفن رعباً من الشوارب ومقتنيها زاعمات أنها مجرد شعر طفيلي يعوزه التهذيب..‏
تشتكي النساء من رجال أجلاف لم يتنبهوا بعد إلى أن عهد الرجال السلاطين قد ولى بغير رجعة, ويشتكين من رجال جوف كلما حاولوا التطور لم يظفروا إلا بتحقيق الاتحاد بين التفاهة والسخافة والسماجة..‏
يشتكي رجال الشرطة همساً, فهم مطالبون باعتقال اللص الصغير وتجاهل اللص الكبير..‏
يشتكي الأدباء من كلمات ماكرة مراوغة غادرة لا يحلو لها الفرار والاختفاء إلا لحظة تُطلب وتُنادى..‏
يشتكي الأطباء من مرضى يريدون أن يعيشوا مليون سنة..‏
يشتكي المرضى من أطباء ينظرون إليهم على أنهم حقائب ملأى بالمال..‏
تشتكي القطط من أناس يتسللون إلى أكوام القمامة ولا يتركون لها ما يصلح لأن يُلعق..‏
تشتكي السيارات من طرق وعرة ملأى بالحفر كأنها طرق مصممة لمواجهة عدو وصدّ غزو واجتياح..‏
تشتكي الطيور من صيادين قساة يتوهمون أنهم ليسوا فرائس.‏
يشتكي المرتشون من راشين بخلاء يساومون المساومات المضجرة ويفقدون الرشوة عفويتها وبراءتها وبهجتها..‏
يشتكي القمر من مصابيح كهربائية تحظى أضواؤها بالتقدير ويدفع لها أغلى ثمن.. يشتكي اللصوص الشكاوى المرّة, فالبيوت المكتظة بما يسرق محروسة جيداً بينما البيوت غير المحروسة ليس فيها ما يصلح لأن تمسه يد..‏
تشتكي الكلاب ممن تفوقوا عليها في النباح والعض..‏
تشتكي البرلمانات من خطب مجعجعة تثير غباراً ولا توصل العطشان إلى نبع ماء.. تشتكي الأشجار الخضر من مناشير وفؤوس غامضة تلاحقها بغير هوادة وكلما زُرعت شجرة قُطعت مئة شجرة..‏
يشتكي المزارعون من أرض تبدلت طبائعها, ولم تعد تستسيغ ماء المطر والأنهار, وتطلب الدماء بإلحاح, فلا يهمل طلبها, وتنال ما تطلبه..‏
تشتكي النجوم من رؤوس مطأطئة من المهد إلى اللحد..‏
تشتكي الآذان من غناء يغري سامعيه بالجري إلى المقابر وانتظار مفرق الجماعات..‏
يشتكي الليل من شعراء يكتبون عنه شعراً ركيكاً يُرغم الأدب على التواري عن الأنظار خجلاً..‏
تشتكي الطبول من طبول بشرية تحظى بالتبجيل كأنها الاسهام العربي في الحضارة العالمية..‏
يشتكي الخجل من مغنيات يعتقدن أن الصوت لا يُطرب إلا إذا رافقه طرد شرس للثياب..‏
تشتكي الراقصات من دببة ترقص في المجالات السياسية وتنهمر عليها الثروات وأوسمة المحررين..‏
تشتكي العقارب من عقارب بشرية تلسع باسم حرية التعبير وضرورة احترام الرأي الآخر..‏
يشتكي لاعبو كرة القدم من جوائز نوبل التي تتجاهل وجودهم وإبداعهم ولم تمنح بعد لأي لاعب..‏
يشتكي الناشرون من مواطنين يموتون من دون أن تلمس أيديهم كتاباً..‏
تشتكي الكتب من ظلم تعانيه وتعجز عن محوه, فكل الفئران في كل أرجاء الأرض تقرض الكتب ممتنة شاكرة ماعدا الفئران العربية, فهي تفضل الموت جوعاً, وترفض الدنو من كتاب..‏
تشتكي الجدران من الذين لا يشتكون مؤمنةً بأن الحي هو الذي يشتكي بينما الميت هو العاجز عن الشكوى, فالكل يشتكي من دون أن يحدث أي تغيير كأن الشكاوى موجهة إلى من تعوّدوا ألا يسمعوا على الرغم من كونهم ليسوا صمّاً.‏
حين تكون الخيول الأصيلة هزيلة مريضة جائعة مكبلة بالأغلال, فلا دور لأي مهماز.‏

نقلا عن الثورة

زياد السعودي
16/10/2007, 09:56 PM
لله درك
ذكرتني بـ
لقد ناديت اذ اسمعت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي
والله اعلم

لك الود من قبل وبعد

الآسة البيضاء
17/10/2007, 07:32 PM
وغزاتٌ قد أُطرتْ بموضوعة الشكوى وملقوها
لتفصح عن حقائقَ موغلةِ العمق ولتكشفَ عن الكثير مما يتوجب التوقف لديه..
بعضها طريف.. والبعض الآخر مؤلم بحق..
:
بوركَ الراوي والناقل
وهذه باقة وردٍ إعجاباً وتقدير
:
http://www.moq3.com/img/uploads/8zB69691.gif

أبو زينب
18/10/2007, 02:55 PM
السلام عليكم وعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير
....ويشتكي الفؤاد والوجدان والحيران من هذا الزمان الذي ضاع فيه الأمان ...ضاع فيه الإنسان ...وكثرت الأحزان ...وأين يذهب الغلبان التعبان؟ ...
..صدقني أخي طارق في أواخر شهر رمضان ذبح إنسان يبعد عن مدينتي بضع كليومترات وقتل آخر وسرقت منه نعاجه وخرفانه ولكن الله كشف أمر المجرمين وقبض عليهم ...لقد كانت مآساة أبطالها شباب ..شباب متسكع همه الوحيد القتل والسرقة والأعتدى حتى في العشر الأواخر ......لايهم ...أين الخوف من الله ؟...لقد ضاع الآمان في هذا الزمان وأتبع الإنسان خطوات الشيطان وأبتعد عن تعاليم الرحمان..إن لله وإليه راجعون ...ولا حول ولا قوة إلابالله العظيم...والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته....تحياتي من الجزائر56./,7

طارق شفيق حقي
19/10/2007, 12:32 PM
زياد السعودي
الآسة البيضاء
بو بكر قليل

كانت إضافتكم غنية واعية بالقضية وألمها

أشكركم