المقدم الظريف..

[ابو مريم]

المقدم علي لم يتجاوز عقده الثالث ، معجب بنفسه كل الإعجاب
لم يسعفه الحظ في التعلم ، وكانت هذه المعضلة عقدته بالأساس...
كان يزور أساتذة قريته ، ويسعى إلى توطيد العلاقة بهم....
من أجل الاستفادة والتعلم وتركيب الحروف ،وخصوصا لما زكاه شيخ القبيلة أحمد الجزيري ،لإخلاص والده له....
هاهو يعود في المساء وقد أحكم رابطة العنق، والتي جاءت مناسبة
للون البذلة ،كان لايسلم من تهكم بعض أبناء السكان...
فيقلدون كلامه ومداخلاته وحركاته....
إنه يقود سيارة والده لأول مرة بعدما تسلمها من السائق
العائد من السوق ، والذي يرافقه بعض السكان ...
المقدم يحيي الأساتذة الجالسين قرب سكناهم ،وكأنه يقول لهم..
....ها أنا أقود السيارة...ومن حسن الحظ كان الركاب قد نزلوا
وكانت الطريق المؤدية إلى منزلهم جد ضيقة ويجب اختراقها
بحذر ،لكن علي المسكين لم يستفق من نشوته حتى لاحظ أن
السيارة زاغت عن الطريق وبدأت تنقلب ،وما إن أحس السائق
بخطورة الموقف حتى انسل من نافذة السيارة وترك المقدم
يواجه قدره المحتوم....
لقد كانت الهوة سحيقة ولا أحد يعرف مصير المقدم.....
أسرع الأساتذة والسكان يتقدمهم والد المقدم الذي كان يصرخ.....
مايزال علي داخل السيارة التي تكسر زجاجها ، ونالت مانالت
من اللكمات التي غيرت شكلها ،أسرعنا وأخرجنا علي
الذي كان فاقد الوعي ولم يعد يعرف أحدا منا،ويكتفي فقط بالنظر
قدمنا له بعض الإسعافات ، وعملنا على تضميد الجروح.....
والاعتماد على بعض الأدوية التي كنا نحتفظ بها في المدرسة...
وما إن علم البشير والد المقدم أن ابنه هو من تسبب في الحادث
حتى صاح في وجه ابنه....ضيعتني ياعدو الله في السيارة....
ونسي أن ابنه مصاب ،تدخلت وقلت له....الخليفة على الله
والحمدلله على نجاة ابنك....
وفي الصباح ،هب جميع السكان وتعاونوا على رفع السيارة
من قعرالمنحدر ،همة عالية طبعت إرادة هؤلاء السكان
الذين هبوا لتقديم المساعدة....
ويصلح البشير السيارة ،وتعود المياه لمجاريها ...
وويبقى المقدم علي بعيدا عن كل مالايعنيه ،بعدما أخذ الدرس
ونجا بأعجوبة....