المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواجهة



عبدالله الطليان
07/10/2007, 11:46 AM
شبحه منتصب وسط الغرفة كتمثال منسي كساه الغبار والتراب، ترك العالم الخارجي وانقطع عنه محصوراً بين قطع من الأثاث البالي المتناثر هنا وهناك في فوضى تشبه ساحة توقفت فيها معركة يعود إليها مجبراً للبحث عن حماية من عوامل الطبيعة والنظرات القاسية التي ما ان يغادره إلا وتهجم عليه تلاحقه بشدة يغلب عليها الفضول ترسم بدقة هيئته ومظهره تولد في داخله شعلة من صراع لا تخمد إلا في التواري والانزواء فيلوذ أحيانا وبافتعال منه بركن أو زاوية حتى يشعر بأنه أصبح وحيداً ليعود في رحلة طلبه في

خطوات بطيئة ومتوجسة وبصمت اختاره لكي تظل لغة الكلام مقيدة ومكبوتة لأنها تفصح عن خلل في نطقها فتزيد في غرس سهم الألم أكثر فكان الهروب من المواجهة وإخفاء جزء من الحقيقة كي لا تتحد مع شكله الخارجي فتأسره إلى الأبد وتعيق قيامه بنفسه وتنزع منه المقاومة المتبقية لديه في هذه الحياة فكانت العزيمة والإصرار تمسك بجذورها في داخله بشدة لتقول له تماسك وتجلد لكي تعيش، تغلب على حالتك.. يسري ذلك الصوت في كيانه فيعطيه طاقة تجعله يحمل سيف الدفاع عن نفسه في نزال يحاول كل مرة ان يخرج منه منتصراً.

جاءه الموقف مصادفة ودون قصد منه وهو يشق طريقه بخطواته المعتادة في رحلة العودة إلى مأواه ان مر بجانبه رجل يحمل متاعا سقط بعض منه فالتفت وأخذ يصيح للرجل بشكل متقطع الذي قفل عائدا إلى حيث سقط جزء من متاعه فاقترب منه الرجل والحذر باد عليه.. فأشار بيده اليسرى التي برزت من كم ثوبه المتسخ، نسي عن حالها فبدأت يده مشوهة لا تحوي إلا إصبعين فقط.. وقد سارع إلى إخفائها.. تقدم الرجل وأخذ يلتقط متاعه ونظراته مسددة إليه يتمعن في خلقته.. خرجت منه كلمة الشكر وهو في تفحص وتدقيق لذلك الوجه الذي علاه التشويه فبدا بعين واحدة مع أنف كبير إلى شفاه مشقوقة من الجنب تبرز إلى الأمام بشعر منفوش وأغبر.. أحس ومن خلال نظراته انه لايتحمل الاشفاق والعطف التي تبددت وانقشعت عندما ترك الرجل متاعه ومد يده إليه مصافحا فكانت بمثابة مطر نزل في صحراء طال جدبها لتنتعش من جديد وتكتسي بأزهار الأمل.
هل تعيش هنا؟ سأله الرجل.
فأجاب بتلعثم: نعم.
هل تعمل؟
خرجت الإجابة بشكل متقطع ممزوجة بمرارة غائرة: كيف تريدني ان اعمل وأنت ترى حالي.
دلني على أحد يتقبلني وأنا في هذا الوضع.
لا تدع اليأس يتسرب إليك فيرميك نحو هاوية التشرد الذي ينقض عليك ويكبلك فتبقى تحت رحمته مطاردا بأعين الشفقة وأحيانا السخرية أينما ذهبت تعيش في عوز وحاجة ومساعدة.. لا تستسلم انك لست الوحيد في هذا العالم الذي نزل إليه القدر فهناك الكثير الذين أعلنوا التحدي وهم في أسوأ من حالتك.
راحت كلمات الرجل تسري في جسده مثل النار التي تشتعل في الهشيم وأصبحت تزيد في طاقته، أزالت قشور الأسى والإحباط التي كانت تغلفه.. أوجدت منه إنسانا آخر.

طارق شفيق حقي
07/10/2007, 05:21 PM
سلام الله عليك أخي الكريم وأهلا بك في المربد

القصة جميلة بدأت مع قدرة في التحليل النفسي
ملتفة حول معنى جميل ومقصد حسن
لكني أرى أنها لا زالت مبتورة
وأن المباشرة تشوب نهايتها

ما رأيك أن نقلب الأحداث
فتبدأ القصة من عند الحوار ,
تحياتي لك

عبدالله الطليان
07/10/2007, 06:22 PM
أخي طارق شرفني مرورك
عندما نبدأ من الحوار فسوف تفقد القصة صورتها الحقيقية القائمة على الوصف الذي هو عنصر اساسي في القصة
تقبل تحياتي .