الريشة...

[ابو مريم]

ضجيج متعال ، وأصوات مرتفعة وسط زحمة مقرفة ،
قد يتبادر إلى ذهنك أننا بسوق_ السبت_ أو سوق_ رجا في الله_
لاهذا ولاذاك ، إننا بين جدران بهت طلاؤها وتصدع سقفها، وباب متآكلة موصدة ، ونوافذ مكسرة... وسط هذا المزيج المتباين،
تواجد الأستاذ حمادي وقد بلغ من الكبر عتيا ،وقد تكدس بقسمه
أزيد من خمسين تلميذا ، أغلبهم من الطبقة المسحوقة
ويتجلى فقرهم من الملابس التي يرتدونها وكتبهم المتهالكة.....
واقع مزري ، وغير مريح لأداء المهمة والواجب....
لقد اعتاد الأستاذ على هذا الوضع وكان يشفق على هؤلاء
المحرومين ويسعى جاهدا لإفادتهم قدر المستطاع....
لاحظ المدرس أن تلميذا في الخلف يتحدث بصوت مرتفع مع صديقه ولما سأله عن سبب المجادلة أخبره أنه سرقت لعبته من
محفظتة وقت الاستراحة ،طالب الأستاذ التلميذ أحمد بالكف
عن الكلام والتشويش ، وأنه سيجد حلا لمشكلته في نهاية الحصة...
عاد أحمد إلى مكانه وهو لايفكر إلا في لعبته الغالية ...
بعد الانتهاء من الدرس ،خاطب كل المتعلمين وقال لهم....
إن من أخذ لعبة صديقه أراه الآن ولديه ريشة فوق رأسه،
لاحظ الأستاذ يد حسام امتدت بسرعة إلى رأسه لإبعاد الريشة المزعومة،فغيرالأستاذ الموضوع بطريقة ذكية قائلا....أنجزوا التمرين1و 2من درس الرياضيات الصفحة56 ،هيا اخرجوا مثنى مثنى...
أشار إلى حسام بمسح السبورة حتى يتأخر في القسم ،
تقدم إليه الأستاذ وقال....اللعبة عندك ،آثرت ألا أحرجك أمام
زملائك وأوصيك أن تردها إلى محفظة أحمد وسيبقى
هذاسرا بيننا...احمر وجه حسام وطأطأرأسه وغادر الحجرة...
وفي صباح الغد، وبينما الأستاذ يشرح الدرس صاح أحمد..
أستاذ لقد وجدت لعبتي بالمحفظة....
ابتسم الأستاذ وقال...أنت لم تفتش جيدا البارحة ،فزملاؤك
أخلاقهم فاضلة ولا يرضون بسرقتك ،ولاتحضرها معك ثانية....
استرجع حسام أنفاسه لأن الأستاذ حفظ سره ، ومنذ ذلك اليوم
حرم على نفسه أخذ ما لايخصه ،وأخذ درسا لن ينساه
طول حياته ،وظل ينظر إلى أستاذه نظرة تقدير واحترام...