المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تشكيل فني



hasaleem
03/10/2007, 06:42 PM
تشكيل فني

بقلم
حسين أحمد سليم


أمسك القلم , يدي ترتجف ... أستل الريشة , ترتجف يدي أكثر ؟! تهرب الأشياء قدرا , ترتحل قهرا زمنيا , في غمار متاهات عصر العولمة ... أحرض الفعل في أطراف الأنامل , تسري الدماء حرى في دقائق العروق ... تمسد أصابعي , ملامس شعيرات الريشة بحنو , فترفل العين باحثة عن خلجة اللون , تستجلي ارتعاشة الإحساس , من رؤى البعد الآخر ... تتسلل إلى الأنامل , بوادر طلائع البوح الأولى , تتهادى لاهثة على صهوة الأثير الخيالي ... تنفرد معها معالم تقاسيم الوجد , تحمل الحب إلى بحر الأمل في المستقبل , ليطفو متألقا على وجه اللوحة السحرية البيضاء , يشق الصمت المفتعل في كنه الهنيهة الزمنية , يفتح صدر اللحظة الوامضة في الرؤى , يتغلغل في أغوار النفس الهائمة , يمجه العطش لفعل الارتواء , يغوص في متاهات الفكر الحالم , يسافر بلا استئذان , يمارس حركة الخلق , فعل إبداع روحي , يستنزف من الألوان , رحيق الألوان ...
في غفلة قدرية التوقيت , تجحظ العين فجأة , ترسم في شبكيتها لوحة فنية , تمتد مساحتها أوسع من محدودية الحدقة , في حركة الرفض الطوعية , ترتفع العين فوق الحاجب حلما تجريديا , في محاكاة سوريالية مغايرة ... يمسك الفرح الذاتي , جناح الغفلة المفتعلة , يصلب الأشياء الأخرى , على باب الانتظار الفني ... شوق انتظار لذة العطاء , الفعل التشكيلي , المنشور على جبين شفاف , الآتي إلي , كوشاح أبيض , قد من طيف لوني ... في أساسيات اللعبة , الأصفر من رحم النور , والأحمر دفق الدماء من القلب , والأزرق منسي في الامتدادات اللامحدودة , خارج ظل الزمان المقدر , بعيدا عن ضوء المكان المحدود ... وأنا مزروع في تربة شرقية المشارب , أعيش صقيع الذكريات , كثلج جبال لبنان , تحمله موجات الريح , مكحلة ثنايا الليل , وكأنني العاشق المتيم , التائه الحيران , الهائم الباحث عن الميل الرفيع الدقيق الناعم , يدخل إلى قلب المكحلة الفنية , والكحل في تشكيله , سر الأسرار ...
قدري في الحياة , أحمل ميل المكحلة بين أناملي , أسلك مسارات التجارب الفنية , أرتقي ما استطعت , في سلم العطاء ... أجمع النقاط من رؤوس الشعيرات , أقطف الخطوط من أطراف الأقلام , أرسم الجمال من منظومة الأشكال ... أملأ أناملي حبا , لوحة الألوان , أضمخها بخور الزمان , أعيدها فعل عشق , في لحظة الهذيان الحميم , إلى نسيج وجداني دافئ ... في تلك الحالة , من تحرر الأشياء وانفلاتها , من ربقة التكاثف , تنتظر العين كما العقل , انفلاق السر من كنه الرؤى , لتسقط الألوان تشكيل جمالي , نجمة نجمة , تخشى ومضة العين , تمارس الهروب إلى الأعمق , حركة انسياب أثيري , تتسلل كالحب , من تحت الأهداب , لتطمئن نفسا , إلى الخافق المعذب .
التشكيل الفني لعبة الأشكال والألوان , تتبدد فيها الطمأنينة الفنية , في جوارح الفنان , إلى هواجس الشكل , في محاكاة أخرى للإبداع والخلق ... الرؤية التعبيرية , تهبط من صومعة الأمل المرتجى , في جبل الرغبة الإنسانية , إلى وادي الأحلام الوردية , تتوغل في مكنون الذات المقهورة , تعتصم قناعة , أمام باب الدهشة , تتربص حركة الأشياء ... انطباق الجفنين , في حركة الارتياح للعينين , فعل تحريض , تتحرك الريشة , تنتهز كل الفرص , وتنطلق تشكيلة حروفية البصر , وتتشكل أبجدية النطق , في لوحة فنية .
الغد المأمول , جميل الرؤى , من واقع وحي الحاضر , يطل من نافذة مفتوحة على الماضي , يبحر في قراءة معرفية , في عيون الأسرار ... تسري الذكريات , من موروثات الأمس ندية , تتراقص نشوانة , على أقواس رومانسية , من أخيلة الزمن الجميل الغابر , تطل على وجودية الفن , من بين معارج الآه ومباسم الآخ , ترتشف الإحساس الصادق , قطرة قطرة , لتنسحب هانئة هنيئة في تفاعلها , إلى خدر الماضي السعيد , قبل غرقها في كأس الثمالة .
الأبيض سر الألوان , وألوان الطيف أسرار , سيالات في حزم من نور , تتراءى للبصيرة قبل البصر ... أمواج تمتطي صهوة الأثير , في خيوط تعرج في اللامتناهيات , تبحر في ارتحال دائم , تقفز في رحلاتها إلى الذهن , في محاكاة نفسية , قبل أن تكحل أطراف البصر ... الألوان في اهتزازاتها الكهرومغناطيسية , تستسلم للعين , ينتفض ناعما فيها الميل , نديا بالكحل في المدمع , شفافا إلى درجة النور , يحكي قصة الفن , في لعبة الثرثرة من تحت الماء ... تنبعث في العملية التشكيلية , العناصر في تفصيلاتها طروبة على أكتاف الأزمنة المخملية , شعيرات ريشة الفنان , تحدث اهتزازات العين , تروي سيرة الأجيال , تسرد رواية الأشياء , تشكل كل الأسرار في المعالم الإنسانية ... تلامس بحنو , جدار الأمل , في عمر الزمن ...
في المسارات الفنية التشكيلية , يلعب البوح على تناقضات الخيال , لتنهمر الرؤى , انهمار المطر الرزاز , فتستدرج الريشة البصر طائعا , إلى عوالم ضفاف الأحلام , تتبلور وردية , تحت الشمس في أخيلة حسية , وأشكال جسدية انسيابية الخطوط , متناغمة في عناصرها , وكأنها قدت من حجارة الأزمنة الغابرة , لتنسج من رؤى الإيمان , صلاة عابد ولهان , ينشد للتوبة والتسامح والغفران .
فلسفة ما ورائية , أتحسس قدرا , ريشة الفنان , تعاني الشكوى , من الهجر والفراق , فترة الانعطاف بينها وبينه ... في البعد المرتقب , تفرش على بساط الرغبة , نهرا مدرارا من العطاءات ... تنفلت من قيودها المفتعلة أكاديميا , تتحرر من ضوابط الشكل , لا تحددها , ولا تكبلها , هندسة الرسم , فتتحرر من كل الطقوس والتقاليد , حتى تصبح الألوان معها , رؤى أمال , محمولة على طبق من اللهفة المتشوقة , الهاربة من أشباح جليد الأمر الواقع .
الريشة الفنية في يد الفنان , تؤرخ للمستقبل , صورا من معالم الحاضر , المبني على دعائم الأمس , وفي التأريخ الفني , تفك حصار الزمن , عن كينونة الرؤى , الفعل الموصود , بين تقاسيم الرغبات والتجارب , تعد طوعا قدريا في المكان , لزمن جديد , هائمة بالوعد , لعشق سعيد ...




حسين أحمد سليم

hasaleem

أحمد سالم
04/10/2007, 06:32 PM
السلام عليكم ورحمه الله
اسمح لي ان اسجل حروفي هنا
فهنا كنت أنت رائع .. بل كنت أكثر من ذلك
فما اجمل أن ان نتشبت بشئ قيم بقي من العصـور الجميلة
وما اروع ان نواكب الزمن ولكن بشئ بديع
مختلف وبفكر طيب مميز
سلمت ايها الرائع

hasaleem
09/10/2007, 05:19 PM
السلام عليكم ورحمه الله
اسمح لي ان اسجل حروفي هنا
فهنا كنت أنت رائع .. بل كنت أكثر من ذلك
فما اجمل أن ان نتشبت بشئ قيم بقي من العصـور الجميلة
وما اروع ان نواكب الزمن ولكن بشئ بديع
مختلف وبفكر طيب مميز
سلمت ايها الرائع


شكرا لكلماتكم الحانية

طارق شفيق حقي
09/10/2007, 09:36 PM
وأنا مزروع في تربة شرقية المشارب , أعيش صقيع الذكريات , كثلج جبال لبنان , تحمله موجات الريح , مكحلة ثنايا الليل , وكأنني العاشق المتيم , التائه الحيران , الهائم الباحث عن الميل الرفيع الدقيق الناعم , يدخل إلى قلبالمكحلة الفنية , والكحل في تشكيله , سر الأسرار ...



اللغة جميلة , ورحيلك معها يطول , وفيه إيحاء بقدرة على الإمساك باللحظة الشعروية

لم أمل الاستهلال , لأنه كما ارى ليس مجانياً , بل واعياً موظفاً
لكني أحسست أن انتشال النص من التحليق بعيداً عن المتلقي , يكون بذاتية التجربة التي تشد , لا بعموم الوصف الذي لو طال سيبعد القارىء

الاستهلال نقطة تلاقي حدس القارىء مع الكاتب
علينا أن لا نحمله فوق طاقته ونتوقع منه قدرة لا منتهية على المتابعة
الاقتباس أعلاه أوقفني , ففيه أصل لمكنون النص وسبب كتابته ويجعلني أتعاطف معه
وأفكر برموزه

كثرة الصور والمجازات في النص تخفي ذاتية الكاتب ودوافعه الحقيقية

بكل الأحوال
سلمك الله وسلم حرفك