الفيل المكتئب....

[ابو مريم]

لقد أفسد فيل الحاكم الحقول والمراعي ،عاث في المزارع فسادا ولايستطيع أحد
أن يتضجر ،حتى فروع الأشجار لم تسلم من تسلط هذا المتمرد وكأنه يستفز أهل القرية
ويثير أعصابهم .ويعود المدني بعد اشتياق إلى أرضه ويشتعل غضبا لما سمعه
من أهل قريته وماشاهده بأم عينه من إفساد لرزق العباد.
بعد نقاش طويل اتفقوا على طلب مقابلة الحاكم ، والتدخل الجماعي من أجل
استئصال هذا الضرر الذي أتى على كل شيء ...وفضلوا أن يبدأ المدني ثم يتدخلوا بدورهم.
هاهم الآن بباب الحاكم بعد أن تقدموا بطلب المقابلة.....
ويسمح لهم بالدخول ،ويغمر أغلبهم الرعب ،يتقدمهم المدني وبعد تحية الحاكم ،
يسألهم عن طلبهم ،وحسب الاتفاق يأخذ المدني الكلمة ويقول.....الفيل سيدي.....
...ويتلفت يمنة ويسرة ليسمع تدخل أصحابه لكن الظاهر أنهم فقدوا حاسة النطق
واكتفوا بالابتسامة .
تدخل الحاكم وقال...ماذا حصل للفيل؟؟؟؟؟ هيا رد وإلا قتلتك.....
أحس المدني أنه في ورطة وعليه أن ينقذ نفسه ورد بسرعة....الفيل رعاه الله في كامل
حيويته ونشاطه ، ما لا حظناه سيدي هو الاكتئاب الذي يعاني منه ،ونحن نعرف جيدا سببه..
تدخل الحاكم وقال ... تكلم ماسبب اكتئاب فيلنا العزيز؟؟؟؟؟
أجاب المدني ...الأمر بسيط سيدي ، إنه في حاجة إلى فيلة ....
قهقه الحاكم وقال ...أحسنت ، وطالب حاجبه بانتقاء فيلة هندية
لتمتد سلالة آل فيل ..
انصرف المدني وأصحابه وهم يتجادلون فيما بينهم ،ويلومون صديقهم على
ماطلب من الحاكم ....
لكن المدني عاتبهم قائلا ...لوكنت الحاكم لحولت قريتكم إلى قطيع من الفيلة...
استغرب الأصدقاء من كلام رفيقهم،وتدخل قائلا....من لايستطيع الدفاع عن حقه
لا مكان له بيننا ، وسيعيش مذموما حقيرا...وذكرهم بالاتفاق الذي أبرموه مع بعضهم ،
ولم يلتزموا به ، طأطأوا رأوسهم وتفرقوا دون أن يردوا عليه بكلمة.
أما المدني فجمع حقيبته وعاد من حيث أتى والدموع تعصر قلبه على ما أصاب
أبناء أمته من ذل وخنوع .....

[مريم الخنساء]

ويسعد الفيل بفيلة ،ويعيث في الأرض فسادا ولا يملك المواطن المهزوم إلا أن يصفق
على هذا الاقتراح ،شفقة على الفيل المكتئب....
بوركت أستاذ على هذا الاختيار.