المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بــكــاء..



تيمــاء
18/05/2005, 12:09 AM
في هذه الساعة من الليل، يساق النوم مستسلما الى الخلائق كمن يساق الى حتفه، تتوافد الشياطين، تتفاقم الشهوات، و تكثر اشباح الحيوانات الاسطورية تصحبها هلوساته و تمتماته التي لا تعني شيئا قد يهم احدا سواها!

يسير مستمتعا بتمتماته و هلوساته تلك في شعاب مظلمه...... فجأة يسقط جاثيا على ركبتيه، متعثرا بصخرة سترها الظلام ، يتنهد بعمق ثم ينفض التراب الذي اصاب كيسه: "سحقا لهذه العتمه!!" قالها وهو منهمك في تنفيض كيسه و ثيابه القذرة! يتأمل السماء لبرهة، يبتسم وقد انعكس وميض القمر على سنه الذهبي. ثم ينتصب مواصلا مسيره المرهق الى.... حليمة.

يصيب مسامعه صوت الجدجد المتنامي في الافق، ونباح الكلاب المتشردة، و تلاطم افكاره التي تحرضه على العودة من حيث اتى، الا انه يصر على المسير اليها!

وبعد ساعات من المسير وصل اخيرا الى حليمة، جلس و شرع يفتش كيسه محاولا اخراج محتواه بسرعة قبل ان تطلب منه ان يفعل:

-"ها.."

أخرج عقد فضه هزمه الصدىء، و ثوب ابيض قديم حولته الايام الى اللون الاصفر، وبضعا من القطع المعدنية العتيقة الغير متداولة، و علبة سجائر امريكيه فاخرة! ثم قال محدثا حليمة وقد لحس شفتيه متلذذا:
- "هاقد اتيت بكل ماطلبتي..." قالها بخبث خجول قاطعته ضحكة ساخرة ثم واصل الحديث وهو يبتسم لها: "كل شيء في الكيس لك ماعدى السجارة!"

- ".......... "

-"هل اغضبتك؟"

-"..........."

-" حسنا، خذي كل مافي الكيس!"

-"..........."

- " لماذا انت صامته يا حليمة؟ "

-"..........."

هـي صامته، لا تنطق ببنت شفة وقد بدأت خيبة امل ترفس مشاعر الفرح بداخل القادم لاجلها بم أمرته! ...انتفض متأففا وقد عقد حاجبيه في سخط: "النساء أكثر اهل النار لانهن كاذبات و ناقضات للعهود" ثم واصل و قد ارتمى على ضفة نهر قديم، يعرفه اكثر من حليمة، تحول صوته الى انين يثير الرغبة في البكاء:
-" كذبت حليمة.....كذبت! قالت ستعود معي والان تتجاهلني! يا ربي .... حليمة تكذب! ..... تكذب! "

كان يتساءل منتحبا وقد غرقت عيونه في دموع كثيرة، وهو جاث فوق ذاك النهر، كعبد يناجي ربه. ماعاد يدري كيف يرضيها ولا كيف يعيدها الى المنزل! خيبة الامل قد هزمته هذه المرة.

يقول الناس الذين يعرفونها و يعرفونه، ان حليمة ليست الا سيدة ميتة تسكن القبر منذ اكثر من عشرين عاما!

طارق شفيق حقي
18/05/2005, 01:12 PM
[align=center:c81982b1e2]سيساق النقد اليك ان شاء الله كما يساق الماء الى الظمأن



تحياتي لك تيماء[/align:c81982b1e2]

تيمــاء
19/05/2005, 04:18 AM
استاذ طـارق

أهـلا بك دائما...

سأنتظر حتى يساق لي المـاء ( أعجبني هذا الوصف على فكرة)


تحية تليق بك.

صلاح الحسن
21/05/2005, 10:33 AM
هذه قصة بحق

لاأقول كما يقول النقاد أنها مستوفية للعناصر

ولكن ارى أن مافيها قد حقق لها قصصيتها

والأجمل هذه العاطفة المشحونة

والمنقولة بدفْ

وهذه التراجيديا النابعة من داخل القصة

وبعيداً عن طرح الحلول

أو ذكر الأسباب

مجنون ليلى آخر يتفقد الأطلال

ولكن ما اهمية السطر الأخير

أعتقد أنه أوقع القصة في التفسيرية

وكشف اللعبة

أنتظر الرد على الرد

تقبل احترامي

ومروري على أطراف حكايتك

تيمــاء
23/05/2005, 02:29 AM
صلاح الحسن

اهلا و مرحبا بك


السطر الاخير لا يمكن الاستغناء عنه اذ انه لب القصة و جوهرها، والا لما عرف القارىء ان البطل مجنون ليلى، ولظنه مجرد عابر يحاكي امرأة مغرورة.


شكرا على نثر حبرك في زاوية البكاء هذة.

طارق شفيق حقي
25/05/2005, 10:27 PM
في هذه الساعة من الليل، يساق النوم مستسلما الى الخلائق كمن يساق الى حتفه، تتوافد الشياطين، تتفاقم الشهوات، و تكثر اشباح الحيوانات الاسطورية تصحبها هلوساته و تمتماته التي لا تعني شيئا قد يهم احدا سواها!

عاما!

تيماء


ربما صبرت أكثر من حليمة

عذرا


لكنها حقا قصة جميلة

قفلة مميزة تفهم المبهم
وربما كان راي الاستاذ صلاح أن ندع الحيرة هي الخاتمة ولكل تصوره

لكن كما قلت لن يصلنا أنها ميتة هو كشاعر ربما يرى في القبر مجازا قد يعطي للفكرة أخيلة كثيرة


شخصية البطل فيما رايت كانت بسيطة لم أر شخصية تناسب حديثه مع القبر شخصية معقدة عاشقة حتى الموت

كان انتقاء اسم البطلة موفقا وارا لمسة الكاتبة العارفة في ذلك

كذلك انتقاء السجائر له مغزى
والدخول الى القصة موفق غير مكرور مما نعرف من المقدمات

بكل الأحوال قصة جميلة

تحياتي