طارق شفيق حقي
03/09/2007, 05:41 PM
أرسل للمربد السيد علي عبد العال المقال التالي :
المواجهة بين الأكراد والإيرانيين
واقع متجدد وتاريخ قديم
علي عبد العال
في حلقة أخرى من حلقات الصراع الكردي حول المثلث الحدودي، بين العراق وإيران وتركيا، يتواصل القصف المدفعي الإيراني لمواقع حزب "بيجاك" وسط مخاوف من هجوم عسكري شامل على القواعد الكردية في أقصى الشمال الشرقي للعراق. حيث تشن القوات الإيرانية الخاصة ــ ومنذ عدة أيام ــ حملة عسكرية على الأكراد الإيرانيين المناوئين لدولة الملالي والمتمركزين في سفوح جبال قنديل الحدودية.
وأفاد مسئولون أكراد بأن : "المدفعية الإيرانية قصفت مناطق قندة وكناو وسرشيو التابعة لبلدة قلعة دزة، مما أدى إلى إحراق مساحات شاسعة من المراعي والبساتين"، وإجبار أكثر من 200 أسرة على النزوح من ديارها.
ويعد حزب الحياة الحرة "بيجاك" الفرع الإيراني لحزب "العمال" الكردستاني التركي، الذي يقاتل من أجل إقامة وطن قومي للأكراد. ولمتمردي الحزب مواقع حصينة في المناطق الجبلية النائية شمال شرق العراق عند المنحدرات السحيقة لجبال قنديل، يشنون منها الهجمات.
وقد تأسس الحزب الكردستاني الإيراني عام 2004، وكانت أولى عملياته اختطاف 4 من عناصر الشرطة الإيرانية في أغسطس عام 2005، وخلال 6 أشهر من تشكيله قام الحزب بقتل 120 من الشرطة الإيرانية.
ويعد جبل "قنديل" الحدودي الموطن المثالي للمسلحين الأكراد الذين ألفوا تماماً القمم المرتفعة والوديان العميقة بالمنطقة، إذ يتمتعون بميزة طبيعية هامة. وهي مرتفعات يستحيل دخولها عنوة لأي قادم، ولهذا يبدو المقاتلون الأكراد على ثقة تامة من قدرتهم على صد أي هجوم تركي أو إيراني أو حتى من قبل قوات حكومة إقليم كردستان.
ويقع جبل قنديل على الحدود بين شمال العراق وإيران، وهو جزء من سلاسل جبلية تمتد شمالاً إلى الحدود مع تركيا التي يوجد داخل أراضيها أكبر عدد من الأكراد، وشن جيشها عمليات عدة ضد المسلحين منهم، منذ بدأ حزب العمال حربه في مواجهة الدولة التركية عام 1984.
وبينما يتعاطف الأكراد العراقيون بصفة عامة مع حزبي "العمال" وبيجاك" لأسباب عرقية، فإن للأكراد حركة قومية قوية في ثلاث دول أساسية من دول المنطقة هي (العراق وإيران وتركيا) كما ينشط الكرد في الحياة السياسية السورية. ومنذ ثمانينات القرن الماضي توجد جالية كردية كبيرة في أوروبا الغربية ساهمت في تمويل الحركة القومية الكردية ودعمها.. إذ يمثل الأكراد أكبر مجموعة عرقية في العالم (قوامها أكثر من 30 مليونا) ليس لها دولة مستقلة. وقد باتت قضيتهم ــ التي تهدف بالأساس إلى إقامة الدولة الكردية ــ عاملاً مهماً ومؤثراً في السياسة الداخلية والخارجية لهذه الدول.
ويدور الكثير من الجدل حول الشعوب الكردية ابتداءً من منشأهم، وامتداداً إلى تاريخهم، وحتى في مجال مستقبلهم السياسي، وقد ازداد هذا الجدل التاريخي حدة في السنوات الأخيرة وخاصة بعد التغيرات التي طرأت على واقع الأكراد في العراق عقب حرب الخليج الثانية، وتشكيل منطقة حظر الطيران التي أدت إلى نشوء كيان إقليم كردستان في شمال العراق.
وقد ساهمت أربعة قرون من النضال السياسي والكفاح المسلح الذي خاضته الأحزاب القومية الكردية، في جعل غالبية الأكراد أكثر اندماجاً من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشون فيها. إلا أن الاستقلال الكامل لإقليم "كردستان" الذي يشكل أجزاء متجاورة من العراق، تركيا، إيران وسوريا يمثل ــ حسب المراقبين ــ تهديداً خطيراً لكل دولة يقيم بها الأكراد، كما أنه يبدل خريطة المنطقة بأكملها.
وكانت كل من تركيا وإيران وقعتا اتفاقاً ــ خلال زيارة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى طهران ــ يقضي بالتعاون بين البلدين لمواجهة المقاتلين الأكراد والحيلولة دون قيام "كيان" كردي مستقل شمال العراق، قد يؤدي إلى تعزيز الحركة الانفصالية للأكراد، وتشكيل دولة كردية في المنطقة.
إذ يقيم أكثر من ستة ملايين كردي في أربع محافظات بشمال غربي إيران، تعتبر الأقل تطوراً في البلاد. وقد خاض الأكراد نضالات عديدة أدت في الأربعينيات من القرن الماضي إلي إنشاء جمهورية "مها باد" الكردية، غير أن الإيرانيين سحقوا الجمهورية الفتية التي أعلنت حكماً ذاتياً للأكراد في إطار إيران الموحدة، سحقها الشاه بهلوي بقوة الجيش والسلاح واعدم زعيمها القاضي محمد والعديد من رفاقه.
وفي الستينيات قام الأكراد بحرب عصابات ضد نظام الشاه في جبال كردستان الوعرة، غير أنهم ــ وخلافا لأكراد العراق ــ لم يستمروا طويلاً حيث قضي عليهم الجيش الشاهنشاهي وقتل زعماءهم.
وقد ساهم الأكراد في انتصار الثورة في فبراير عام 1979، إلا أنهم سرعان ما اختلفوا مع القيادة في طهران حول مفهوم حقوقهم القومية. وقد وقعت أحداث دامية بين الأحزاب الكردية مثل حزب كوملة والحزب الديمقراطي الكردستاني من جهة والحكومة الإيرانية من جهة أخري، خلال الثمانينيات، لعدم السماح لممثلين عن الأكراد بالمشاركة في كتابة الدستور الإيراني الجديد.
وقد سقط العديد من زعماء الأكراد اثر معارضتهم المسلحة للنظام الإيراني، منهم الدكتور قاسملو والدكتور شرفكندي الذي قتل وعدد من رفاقه اثر محاولة اغتيال دبرها الأمن الإيراني الذي كان يرأسه سعيد أمامي ــ مساعد وزارة الاستخبارات في عهد الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني ــ في مقهي ميكونوس ببرلين، والذي أثارت ضجة عالمية أدت إلي قطع العلاقات بين ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية مع إيران.
ويعتقد بعض المؤرخين أن رفض الخميني مساهمة الأكراد في كتابة الدستور كان له بعد ديني بالإضافة إلى البعد القومي، لكون أغلبية أكراد إيران من السنة.
وبحلول عام 1983 تمكنت الحكومة من بسط سيطرتها على معاقل الحزبين الكرديين الرئيسيين : الديمقراطي الكردستاني بزعامة عبد الرحمن قاسملو، والحزب اليساري الكردي "كوملة".
وكانت قوات الحرس الثوري المعروفة بـ"الباسداران" مسئولة عن اعتقال و إعدام الكثيرين من أعضاء الحزبين أو المتعاطفين معهما. وتم أثناء الصراع المسلح بين أكراد إيران و الحكومة الإيرانية تدمير ما يقارب 271 قرية كردية.
وأثناء حرب الخليج الأولى تمركز أعضاء الحزبين الكرديين الإيرانيين في العراق وكانوا مدعومين من بغداد.
حالياً وعلي الرغم من استمرار الأحزاب الكردية في الخارج علي نهج الكفاح المسلح، تنتهج معظم النخب الكردية في الداخل نهجاً آخراً، حيث تؤكد علي العمل السياسي والثقافي والبرلماني السلمي في ظل ضغوط داخلية متزايدة.
المواجهة بين الأكراد والإيرانيين
واقع متجدد وتاريخ قديم
علي عبد العال
في حلقة أخرى من حلقات الصراع الكردي حول المثلث الحدودي، بين العراق وإيران وتركيا، يتواصل القصف المدفعي الإيراني لمواقع حزب "بيجاك" وسط مخاوف من هجوم عسكري شامل على القواعد الكردية في أقصى الشمال الشرقي للعراق. حيث تشن القوات الإيرانية الخاصة ــ ومنذ عدة أيام ــ حملة عسكرية على الأكراد الإيرانيين المناوئين لدولة الملالي والمتمركزين في سفوح جبال قنديل الحدودية.
وأفاد مسئولون أكراد بأن : "المدفعية الإيرانية قصفت مناطق قندة وكناو وسرشيو التابعة لبلدة قلعة دزة، مما أدى إلى إحراق مساحات شاسعة من المراعي والبساتين"، وإجبار أكثر من 200 أسرة على النزوح من ديارها.
ويعد حزب الحياة الحرة "بيجاك" الفرع الإيراني لحزب "العمال" الكردستاني التركي، الذي يقاتل من أجل إقامة وطن قومي للأكراد. ولمتمردي الحزب مواقع حصينة في المناطق الجبلية النائية شمال شرق العراق عند المنحدرات السحيقة لجبال قنديل، يشنون منها الهجمات.
وقد تأسس الحزب الكردستاني الإيراني عام 2004، وكانت أولى عملياته اختطاف 4 من عناصر الشرطة الإيرانية في أغسطس عام 2005، وخلال 6 أشهر من تشكيله قام الحزب بقتل 120 من الشرطة الإيرانية.
ويعد جبل "قنديل" الحدودي الموطن المثالي للمسلحين الأكراد الذين ألفوا تماماً القمم المرتفعة والوديان العميقة بالمنطقة، إذ يتمتعون بميزة طبيعية هامة. وهي مرتفعات يستحيل دخولها عنوة لأي قادم، ولهذا يبدو المقاتلون الأكراد على ثقة تامة من قدرتهم على صد أي هجوم تركي أو إيراني أو حتى من قبل قوات حكومة إقليم كردستان.
ويقع جبل قنديل على الحدود بين شمال العراق وإيران، وهو جزء من سلاسل جبلية تمتد شمالاً إلى الحدود مع تركيا التي يوجد داخل أراضيها أكبر عدد من الأكراد، وشن جيشها عمليات عدة ضد المسلحين منهم، منذ بدأ حزب العمال حربه في مواجهة الدولة التركية عام 1984.
وبينما يتعاطف الأكراد العراقيون بصفة عامة مع حزبي "العمال" وبيجاك" لأسباب عرقية، فإن للأكراد حركة قومية قوية في ثلاث دول أساسية من دول المنطقة هي (العراق وإيران وتركيا) كما ينشط الكرد في الحياة السياسية السورية. ومنذ ثمانينات القرن الماضي توجد جالية كردية كبيرة في أوروبا الغربية ساهمت في تمويل الحركة القومية الكردية ودعمها.. إذ يمثل الأكراد أكبر مجموعة عرقية في العالم (قوامها أكثر من 30 مليونا) ليس لها دولة مستقلة. وقد باتت قضيتهم ــ التي تهدف بالأساس إلى إقامة الدولة الكردية ــ عاملاً مهماً ومؤثراً في السياسة الداخلية والخارجية لهذه الدول.
ويدور الكثير من الجدل حول الشعوب الكردية ابتداءً من منشأهم، وامتداداً إلى تاريخهم، وحتى في مجال مستقبلهم السياسي، وقد ازداد هذا الجدل التاريخي حدة في السنوات الأخيرة وخاصة بعد التغيرات التي طرأت على واقع الأكراد في العراق عقب حرب الخليج الثانية، وتشكيل منطقة حظر الطيران التي أدت إلى نشوء كيان إقليم كردستان في شمال العراق.
وقد ساهمت أربعة قرون من النضال السياسي والكفاح المسلح الذي خاضته الأحزاب القومية الكردية، في جعل غالبية الأكراد أكثر اندماجاً من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشون فيها. إلا أن الاستقلال الكامل لإقليم "كردستان" الذي يشكل أجزاء متجاورة من العراق، تركيا، إيران وسوريا يمثل ــ حسب المراقبين ــ تهديداً خطيراً لكل دولة يقيم بها الأكراد، كما أنه يبدل خريطة المنطقة بأكملها.
وكانت كل من تركيا وإيران وقعتا اتفاقاً ــ خلال زيارة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى طهران ــ يقضي بالتعاون بين البلدين لمواجهة المقاتلين الأكراد والحيلولة دون قيام "كيان" كردي مستقل شمال العراق، قد يؤدي إلى تعزيز الحركة الانفصالية للأكراد، وتشكيل دولة كردية في المنطقة.
إذ يقيم أكثر من ستة ملايين كردي في أربع محافظات بشمال غربي إيران، تعتبر الأقل تطوراً في البلاد. وقد خاض الأكراد نضالات عديدة أدت في الأربعينيات من القرن الماضي إلي إنشاء جمهورية "مها باد" الكردية، غير أن الإيرانيين سحقوا الجمهورية الفتية التي أعلنت حكماً ذاتياً للأكراد في إطار إيران الموحدة، سحقها الشاه بهلوي بقوة الجيش والسلاح واعدم زعيمها القاضي محمد والعديد من رفاقه.
وفي الستينيات قام الأكراد بحرب عصابات ضد نظام الشاه في جبال كردستان الوعرة، غير أنهم ــ وخلافا لأكراد العراق ــ لم يستمروا طويلاً حيث قضي عليهم الجيش الشاهنشاهي وقتل زعماءهم.
وقد ساهم الأكراد في انتصار الثورة في فبراير عام 1979، إلا أنهم سرعان ما اختلفوا مع القيادة في طهران حول مفهوم حقوقهم القومية. وقد وقعت أحداث دامية بين الأحزاب الكردية مثل حزب كوملة والحزب الديمقراطي الكردستاني من جهة والحكومة الإيرانية من جهة أخري، خلال الثمانينيات، لعدم السماح لممثلين عن الأكراد بالمشاركة في كتابة الدستور الإيراني الجديد.
وقد سقط العديد من زعماء الأكراد اثر معارضتهم المسلحة للنظام الإيراني، منهم الدكتور قاسملو والدكتور شرفكندي الذي قتل وعدد من رفاقه اثر محاولة اغتيال دبرها الأمن الإيراني الذي كان يرأسه سعيد أمامي ــ مساعد وزارة الاستخبارات في عهد الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني ــ في مقهي ميكونوس ببرلين، والذي أثارت ضجة عالمية أدت إلي قطع العلاقات بين ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية مع إيران.
ويعتقد بعض المؤرخين أن رفض الخميني مساهمة الأكراد في كتابة الدستور كان له بعد ديني بالإضافة إلى البعد القومي، لكون أغلبية أكراد إيران من السنة.
وبحلول عام 1983 تمكنت الحكومة من بسط سيطرتها على معاقل الحزبين الكرديين الرئيسيين : الديمقراطي الكردستاني بزعامة عبد الرحمن قاسملو، والحزب اليساري الكردي "كوملة".
وكانت قوات الحرس الثوري المعروفة بـ"الباسداران" مسئولة عن اعتقال و إعدام الكثيرين من أعضاء الحزبين أو المتعاطفين معهما. وتم أثناء الصراع المسلح بين أكراد إيران و الحكومة الإيرانية تدمير ما يقارب 271 قرية كردية.
وأثناء حرب الخليج الأولى تمركز أعضاء الحزبين الكرديين الإيرانيين في العراق وكانوا مدعومين من بغداد.
حالياً وعلي الرغم من استمرار الأحزاب الكردية في الخارج علي نهج الكفاح المسلح، تنتهج معظم النخب الكردية في الداخل نهجاً آخراً، حيث تؤكد علي العمل السياسي والثقافي والبرلماني السلمي في ظل ضغوط داخلية متزايدة.