المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معضلة هاملت ... To be or not to be…



عشتار
07/05/2005, 02:31 PM
تبدأ مسرحية وليم شكسبير الشهيرة هاملت.. أمير الدنمرك ،بحفل زفاف الملك على زوجة أخيه المتوفى في ظروف غامضة .

يظهر هاملت في ثياب سوداء تعكس سوداويته وكآبته.. وقد ملأه موت والده المفاجئ حزناً ..وزاد في ألمه زواج أمه بعد أقل من شهر على وفاة زوجها ...فدفعه ذلك لليأس والانغماس في التأملات الفلسفية لدرجة تفكيره بالانتحار ..

كره أمه وأصبح يرى في غدرها وخيانتها لزوجها ولابنها صورة لجميع النساء.. فابتعد حتى عن حبيبته أوفيليا واتهمها بالخيانة وكان السبب في قتل روحها عندما جعلها تحبه ولا تحبه ... وأصبح شعاره :

[align=center:54f7e3279f]Frailty , thy name is woman
أيها الضعف ... اسمك المرأة[/align:54f7e3279f]

يظهر شبح والده الميت ليخبره بحقيقة موته ويكشف له جريمة عمه الذي دس له السم وهو نائم باتفاق مع الملكة وبذلك يستولي على عرشه وزوجته .. ثم يطلب منه أن ينتقم له من عمه ويترك أمه لعقاب الله وعذاب الضمير..

ومنذ تلك الليلة يقطع هاملت عهداً على نفسه بالانتقام لروح والده..
وهنا يبدأ صراعه مع ذاته..

ينتقم أو لا ينتقم ؟!!!

هل يصغي لثورة الدم والشرف وينتقم لدم أبيه وشرف أمه.. أم لنداء العقل والحكمة؟؟؟

إن واجبه تجاه والده وحقه في تولي العرش يحرضه على الثأر والانتقام ليحق الحق وينتصر على الباطل .. فلماذا يبقى متردداً وغير قادر على اتخاذ القرار!!

هاملت شاب مثقف وفيلسوف، وليس من السهل عليه القتل بهذه البساطة ... فهو رجل علم لا رجل قتل ودم وانتقام .. كان يحاول أن يرتقي بتفكيره إلى مستوى العقلاء والحكماء وأن ينصاع لصوت الدين الذي يأمر بالتسامح لا النزول لمستوى شريعة الغاب..

لأنه فيلسوف فقد كان عليه قبل أن يقتل أن يجيب على سؤال " لماذا نقتل "؟؟!!
إذا كانت الحيوانات في شريعة الغاب تقتل بسبب غريزة البقاء وتكون النتيجة " البقاء للأقوى" .. فلماذا يقتل الإنسان؟؟!!


وهكذا يجد نفسه في مواجهة مع ذاته هي أصعب بكثير من القيام بفعل القتل نفسه.. ويبدأ بطرح الأسئلة حول الوجود ومعنى الموت والحياة .. الشك والحقيقة .. الحب و الكره .. المرأة والخيانة ..


هل يصغي لنداء الدين الذي يقول "سامح عدوك" و " إذا ضربك أخوك على خدك الأيمن فأدر له الخد الأيسر "؟؟

هل ينتقم لجريمة أبيه بارتكاب جريمة ثانية.. هل يصحح الخطأ بخطأ آخر.. وهل سيكون سعيداً بعد أن ينتقم ؟؟

هو يعرف تماماً أن قتل عمه يعني قتل نفسه.. لأن عمه الآن هو في مكان والده.. حيث كان يجب أن يكون هو...

وأين سيكون مصيره بعد أن يموت.. ماذا يوجد هناك بعد الموت؟؟


[align=left:54f7e3279f]To be or not to be – that is the question.
Whether 'tis nobler in the mind to suffer
The slings and arrows of outrageous fortune,
Or to take arms against a sea of troubles,
And by opposing end them ? – To die – to sleep –
No more , and by a sleep to say we end
The heart-ache, and the thousand natural shocks
That flesh is heir to , 'tis a consummation
Devoutly to be wished.[/align:54f7e3279f]


وللإجابة عن هذه التساؤلات لم يجد هاملت حلاً سوى أن يضع قناع الجنون ويستخدم سلاح الكلمات ليكشف الحقيقة..

[align=center:54f7e3279f]Words, words, words[/align:54f7e3279f]


فهل يمكن للجنون أن يصل لما عجز العقل عن الوصول إليه!!
وهل المجنون هو الشخص الوحيد القادر على قول الحقيقة دون خوف !!



يواجه أوفيليا ويتهمها بالخيانة.. فلم تعد بنظره تلك الفتاة الشريفة الطاهرة التي أحبها سابقاً.. وكأن على الأبرياء دائماً أن يدفعوا ثمن ذنوب الآخرين...

[align=center:54f7e3279f]Are you honest?
Are you fair?[/align:54f7e3279f]

أما ذنبها هي فهو أنها أحبته..
ولهذا واجهت مصيرها بشجاعة وتوجهت نحو الموت بنفسها لتثبت لهاملت أنها كانت بريئة..
كما أثبتت ديدمونة ذلك لعطيل عندما استسلمت لمصيرها ولحكمه عليها بالموت..
لم تعارض ولم تدافع عن نفسها لأنها تحبه ولأنه يستحق أن تموت لأجله .. إن كان موتها سيحافظ على شرفه.. كما يعتقد..


يواجه كذلك أمه ويطلب منها أن تتوب وتترك عمه ويوجه لها خناجر من الكلمات ليقتلها بتعذيب ضميرها فقط.. وهو أقسى من الانتقام بالقتل:

[align=center:54f7e3279f]I will speak daggers to her, but use none[/align:54f7e3279f]


ثم يواجه الملك ويشن عليه حرباً نفسية يقتله خلالها معنوياً قبل أن يقتله فعلاً..
فيطلب من أصدقائه تمثيل مسرحية أمام الملك تمثل جريمة قتل والده .. ليشاهد عمه جريمته أمام عينيه بينما هاملت يراقب ردة فعله التي ستدينه بشكل نهائي..


ومع ذلك لم يستطع أحد أن يتأكد فيما إذا كان مجنوناً فعلاً أم يدعي الجنون فقط.. كل هذا جعل من المسرحية مسرحية معضلة .. لأنها حتى بعد أن تنتهي تترك كل الأسئلة بلا إجابات.. وتبقى مفتوحة لكل الاحتمالات...

فهل نصدق الشبح.. وهل هو دليل كافي لإدانة عمه بجريمة القتل؟؟
وهل هاملت مجنون فعلا أم يدعي ذلك؟؟
وهل يعاني من عقدة أوديب وبهذا يكون انتقامه لنفسه وليس لوالده!!


[align=center:54f7e3279f]...[/align:54f7e3279f]

قبل موت والده كان هاملت شاباً نشيطاً محباً للحياة.. يعيش قصة حب عادية مع فتاة تحبه.. ولكن بعد هذه الحادثة انغمس هاملت في سوداوية مفرطة ولم تعد لديه رغبة في الحياة.. عندما شعر أن عالمه الجميل من حوله قد تلاشى .. وأن مثله العليا قد تحطمت..

والده مات في ظروف غامضة .. وأمه تزوجت بعد موته بأيام قليلة..
كان زواجها صدمة كبيرة بالنسبة لهاملت.. فالشاب عادة يعتبر نفسه مسؤولاً عن أمه في غياب والده.. فكيف إن توفى..
لكن والدة هاملت وجهت له طعنة قاسية .. غدرت بابنها ودمرت كل عاطفة كان يكنها لها كأم.. وخانت زوجها قبل ذلك...
فحتى لو كانت بريئة من جريمة قتل زوجها، لا يمكن تبرئتها من الجريمة الثانية وهي الزواج من أخ زوجها، حيث يعتبر هذا الزواج في الديانة المسيحية غير شرعي لأن الرجل وزوجة أخيه يصبحان بمثابة الأخوة..

القتل بالنسبة لهاملت كان مسألة مصيرية.. كان يمكن له أن يتجاهل أمر الشبح وأن يتابع حياته وأن يتزوج الفتاة التي أحبها.. لكن وقتها كان سيخسر نفسه..
لن يكون هاملت لو لم ينتقم.. لأنه بذلك لا ينتقم لأبيه فقط وإنما يبحث عن الحقيقة..
حتى لو كان ذلك على حساب حياته وحياة أناس أبرياء..

أما تردده في اتخاذ القرار فيؤكد إنسانيته واخلاقه ونبله.. لأنه كان يعاني خلال هذا التردد.. كان ممزقاً بين أفكاره وبين أفعاله..
فهو يريد أن يعرف لماذا يقتل قبل أن يقوم بذلك.. عليه أن يتأكد أولا من شرعية قضيته..

هاملت ليس رجل حرب لكن الظروف المحيطة به أجبرته على ذلك .. أجبرته أن يتخلى عن إنسانيته، بشكل مؤقت، ليحافظ بموته على إنسانيته و وجوده الدائم!!

فهذا التردد هو ما أعطاه الفرصة ليفكر.. ليتأمل نفسه .. ثم ليموت بجدارة..

وهنا يكمن الفرق بين شخصية هاملت وشخصية عطيل الذي يلغي نداء العقل ويستجيب للحظة غضب وانفعال فيقتل زوجته دون التأكد من خيانتها أو حتى منحها الفرصة للدفاع عن نفسها ...
عطيل لم يعطي أي مجال لطرح الأسئلة.. بينما هاملت الفيلسوف.. كان لا بد له من طرح الأسئلة التي تفضي إلى الشك ثم اليقين..

كان لا بد له من أن يفلسف الموت والحياة وهو يعلم أنه مقبل على الموت!!
كل الناس تموت.. لكن قليلون جداً من يكون موتهم جميلاً!!



وتنتهي المسرحية بموت الجميع , الملك .. الملكة .. أوفيليا.. أخوها .. والدها.. وحتى هاملت
فثمن الحقيقة غالي جداً وغالباً ما يكون على حساب أرواح بريئة ...

[align=center:54f7e3279f]
To be or not to be
That is the question

نكون أو لا نكون
تلك هي القضية[/align:54f7e3279f]

طارق شفيق حقي
07/05/2005, 02:40 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


شكسبير وهاملت

حقا ان شكسبير كان رجلا عبقريا وقصة هاملت قصة تعتمد على الصراع


وتنقل لنا تداعيات هاملت

عشتار لك جميل الشكر لهذ الجهد الجميل سيكون لنا نقاش حوله

عشتار
07/05/2005, 02:43 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

شكراً لك

والموضوع مفتوح للنقاش..

سمير الفيل
20/06/2005, 03:48 PM
[align=center:af7fb738ca]وليم شكسبير
هذا الكاتب الدرامي الأول في تاريخ المسرح
رايت هاملت كعرض مسرحي بعدة تصورات اخراجية
وفيها صراع هائل بين البطل وذاته المتارجحة بالشك
تحليل جميل قرأته هنا .. اسعدني .
شكرا للكاتب
شكر عشتار .[/align:af7fb738ca]

عشتار
21/06/2005, 09:40 AM
[align=center:feee28b36f]الأديب والقاص سمير الفيل

شرف كبير لي وجودك هنا وقراءتك لهذه المقالة المتواضعة

نتمنى أن نراك في المربد أكثر

دمت بخير

وشكراً لك[/align:feee28b36f]

AKIRA
22/06/2005, 02:53 AM
[align=center:749d6f6e33]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عشتار شكراً لك ..

To be or not to be
That WAS the question

I think we alredy made a choice[/align:749d6f6e33]