المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماهية الإستشراق



يوسف الباز بلغيث
28/08/2007, 10:27 AM
الإستشراقْ

بداياته – دوافعه و نزعاته – أهدافه – مراحله

الإستشراق :
" هو الدراسات الغربية للشرق الإسلامي".. و بمـــعنى أقرب هــو محاولة بعض المفكرين اختصاره في دراسة الإسلام و حضارته ..و بما أنه تيار فكري .. يقوم بدراسات مختلفة عن الشرق الإسلامي ، فهو أداة ناجعة للدراسة أو للتعرف على العـــقلية الغربية من حيث صورتها الإيديولوجية التي تظهر التوجهات العامة للتأليف الإسلامي عن الإستشراق وتبيين حقيقة واحدة لهذا الحقل باعتباره وجها للمسيحية و التبشير و الإستعمار.
لعل من الصعب تحديد البدايات الأولى الإستشراق ، بحكم اعتباره منبعثا من دوافع دينية أو علمية بحتة، والأرجح أن الإستشراق تعود بداياته إلى قضية الصراع بين المسلمين و المسيحيين ، حيث يرى البعض أنه ظهر مع بزوغ الإسلام و تجسّد ذلك في أول لقاء بين الرسول – ص – و نصارى نجران أو قبل ذلك عندما بعث الرسول – ص – رسله إلى الملوك و الأمراء خارج الجزيرة العربية يدعوهم فيها للإسلام ، كما يؤكد ذلك المستشرق " سذرن " في كتابـه " نظرة الغرب إلى الاسلام " – ترجمة علي فهمي خشيم بقوله :
".. إن البدايات الأولى للاستشراق بدأت منذ أن أرسل الرسول " محمد " بأول كتاب إلى القيصر ، يدعوه فيه إلى الاسلام "..مما جعل رد فعل رجال اللاهوت و قادة الكنائس يتمثل في الدراسات الماكرة عن الإسلام و التي أخذت في خلق الافتراءات على العقيدة الإسلامية ، لكي تضعف الروح الإسلامية عند المسلمين.. بتجنيد رجال و مفكرين يواجهون بكتاباتهم الموجهة ضد المسلمين من أجل حماية العالم المسيحي من التأثيرات الإسلامية خاصة أيام الفتوحات.
وثمة رأي ثان ٍله عدد من المؤيـدين يقول باحتكاك النصارى بالمسلمين في الأندلس.. و هو بمثابة الانطلاقة الحقيـقية لمعرفة المسيحيين بالمسلمين.. و الاهتمام بالعلوم الإسلامية، فنشب عنه ما يسمى بالحروب الصليبية و يتبع هذا الرأي أمثال الدكتور مصطفى السباعي و محمود حمدي زقزوق.
و رأي ثالث يقول ببزوغ الظاهرة مع " يوحنا الدمشقي" في القرن "2هـ" / الدولة الأموية-حينما حاول أن يوضح للنصارى كيف يجادلون المسلمين.. وبالتالي تطور الصراع العقائدي إلى جدل و مناظرات أجّجت الروح الدينيـة برد فعل الكنيسة ، إزاء الحروب الصليبية.
ورأي رابع يؤكد النشوء الأكاديمي لحركة الإستشراق "عملية التنظير" بصدور قرار " مجمع فيينا الكنسي " سنة 1312م القاضي بإنشاء عدد من الكراسي لدراسة اللغات العربية و العبرية و السريانية و اليونانية في عدد من الجامعات الأوروبية....و تقوية أثر البعثات العلمية المتخصصة كحملة " نابوليون بونابرت " ..حين قدومه لمصر – 1797/1801- بهدف دراسة بلاد و أهل مصر خدمة ًلأهداف ٍاستعمارية.
أهم نشاطات الإستشراق :


.. يعتبر القرن- 19م/20م- عصر النهضة الحقيقي للاستشراق و ذلك بإنشاء جامعات متخصصة كجامعة أكسفورد-كامبردج – السربون-إلخ .. مع التأكيد على الفائدة العلمية للاستشراق كـ" الجامعة الأمريكية " التي أنشئتْ على يد المستشرق الهولندي " فانديك كرنيليوس" مع المعلم اللبنـاني " بطرس البستاني "..كمدرسة في "عبية " سنـة 1847م.. ثم نقلها المستشرق " دانيال بلس " إلى بيروت عام 1866 بنفس الاسم..أو كـ" الجامعة الأمريكية" في القاهرة التي أسسها المستشرق الأمريكي " تشارلز واطسون " المولود بحي الفجالة بالقاهرة ، سنة 1919م ، ثم خلفه بعد ذلك في رئاستها " بادو جون " سنة 1947م.
- و لقد تم إنشاء عدة مكتبات مثل مكتبة باريس الوطنية – مكتبة اللأسكوريال بإسبانيا و التي تضم 1900 مخطوط عربي..
- كما تم إنشاء المطابع الشرقية كالتي أسسها الكاردينال الإيطالي " دي ميتشي " في القرن 16م باللغة العربية .
- ترجمة القرآن الكريم لأول مرة إلى اللاتينية سنة 1143م على يد المستشرقيْن " روبرت أوف تشستر" و"هرمان الألماطي " وتلتها ترجمة في سويسرا سنة 1534م على يد الأب " جرمانوس الفرنسيسكاني "التي عُدّت من أدق الترجمات لغة ً و أوفاها معنى سنة 1668م. وجاءت أول ترجمة من العربية إلى اللاتينية على يد " قسطنطين الأفريقي " تونسي مسيحي " الذي نقل مؤلفات الأطباء اليونان و المسلمين إلى اللاتينية..و يعتبر " القديس المبجّل" أول من ترجم القرآن الكريم إلى اللاتينية .أما خير المصنفات عن النبي – ص- و إليه يرجع علماء الإسلاميات في الشرق و الغرب – 1929/ 1950 م- فتعود للمستشرق الفرنسي " دير منجم " باسم " حياة محمد "... وبدأت بعض الدراسات الموضوعية لتصحـيح الآراء الخاطئة الغربيـة عن الاسلام و بعرض الوجه المشرق له على يـد " هادريان ريلاند " في كتابه " الديانة المحمدية ".
- إنجاز عدة معاجم و كشافات عربية لخدمة التبشير، وكان أول هذه المعاجم " المعجم العربي اللاتيني" في القرن / 12م.
- تعد أعظم المؤلفات كتاب" المكتبة الشرقية " التي طُبعت عام 1697م على يد " اللورد فارديناند الثاني " و كتاب " تاريخ العرب " للمستشرق الأنجليزي " سيمون أوكلي " سنة 1708م.
- عقد 30 مؤتمرا دوليا حول الإستشراق بداية بباريس سنة 1873م. أما الجزائر فكانت الدورة الــ14 حاضنا لها سنة 1905 م.
الذي يمكن تأكيده بهذا الشأن أن القرن 19/20م انتقل فيه الإستشراق- بعيدا عن الروح الكنسية - إلى علم منفرد بذاته " الإستشراق العلماني "..



المبعث الحقيقي لمفهوم الإستشراق :
يعود المبعث الحقيقي لهذه الظاهرة إلى نقطتين أساسيتين هما :
دأب الغرب في التشكيك دوما بعرقية الآخر و افتقاره للعبقرية مع التأكيد على " فوقية الغرب و ارتقاؤه جنسا و فكرًا "..و لكنّ المستهدف في ذلك هما " الشرقي الدّونيّ " الساذج و " الغربيّ " الذي يود أن يتعرف على تاريخ الشرق و علومه لا عن طريق الدراسات الشرقية الأصلية..بل عن طريق الدراسات الإستشراقية للتصويب و التحقيق ، وذلك من خلال مسرحيات و قصائد تُرسم شخصياتُها حسب تصوّر المستشرق و نظرته للشرق و بناءً على نتاج معرفيّ عام للشرق كله موجّه و محقق.
فكرة تأصيل المفهوم الاستعماري الفرنسي البريطاني للبلدان الإسلامية مما يسهل الدخول إليها ، ومن ثمّ إلى عقول أهلها ..دون التعرض إلى السخط أو النقد أو المقاومة.


المراحل الثلاث المهمة في حركة الإستشراق :
تجدر الإشارة بأن الإستشراق منذ بدايته وصولا إلى هذه النقطة انقسم إلى قسمين :
قسم جمع في تعريفه بين ربط الإستشراق بالإسلام و قضية الصراع الديني.
وقسم أراد أن تكون لتعريفاته صفة العمومية و البحث عن الكليات واستخراج أقصى ما يمكن من الدراسات الشرقية باعتبارها إنتاجا فكريا يهتم بالشرق عامة.
وأهم هذه المراحل:
1/ المرحلة الأولى " الدفاع عن الذات " : عن طريق الطعن في الإسلام من قبل رجال الكنيسة باستخدام السلاح الديني وتشمل هذه المرحلة طيلة القرون الوسطى .
2/ المرحلة الثانية " بناء الذات " : عن طريق دعم حركة التأليف و الترجمة في كل الموضوعات الخادمة للمصالح الغربية باستخدام السلاح الثقافي وتشمل هذه المرحلة " القرن 14م--- نهاية 17م ".
3 / المرحلة الثالثة " الهجوم ومركزة الذات ": عن طريق الإستعمار و التحكم في التوجه الثقافي و الاقتصادي و السياسي باستخدام سلاح الغزو الأوروبي العسكري و تشمل القرن " 19م--- 20م ".
بعض مقولات رجالاته في الإسلام :

يقول القديس " بطرس المبجّـل " وهو رئيس لــ" دير كولوني " :
" إن القرآن منبع الزندقات و سبب الحركات الهدّامة التي تهدد كيان المسيحيين ، فإذا أريد القضاء عليه، فلابد من دراسته.. " أي محاربته بالكلمة و السلاح.
يقول المستشرق الفرنسي " كولي " في كتابه " البحث عن الدين الحق " :
" برز في الشرق عدوّ جديد هو الإسلام ، الذي أُسّس على القوّة وقام على أشدّ أنواع التعصّب "
يقول المستشرق الفرنسي " كيمون " في كتابه " ميثولوجيا الإسلام ":
" إن الديانة المحمدية جذامٌ تفشّى بين الناس ،بل مرض مريع..وجنون ذهولي يبعث على الخمول والكسل ".
خلاصة
إن بعض المستشرقين لم يتقيدوا بالأمانة العلمية في عرضهم للتراث التاريخي و الأدبي و الاجتماعي و السياسي للحضارة الشرقية، شوّهوا المعالم ..بافتراءاتهم و زيفوا تاريخها و شجبوا الحقيقة عنها ، و دكّوا الفراغ الفكريَّ في مرحلة معينة .. بالأفكار الإيديولوجية الهدّامة .. التي حرمت الشعوب الشرقية وخاصة الإسلامية من حرية التعبير و التفكير عن مكنوناتها في ظل الإستعمار الذي زاد من آلامها ومعاناتها ..حيث صدق المفكر الجزائري " مالك بن نبي " حينما قال :" إن كلَّ فراغ ٍ إيديولوجي، لا تشغله أفكارُنا ، ينتظر أفكارًا منافية ً معادية ً لنا ".. ويقول الدكتور " محمود حمدي زقزوق : " منذ 150 سنة إلى يومنا هذا أنتج المستشرقون 60.000 كتاب عن الإسلام و المسلمين ."ويبدو أن " إدوار السعيد " في كتابه " الإستشراق " بقوله :
" كل المحاولات التي سعت إلى التفريق بين الإستشراق كجهد بريء ٍ و كحالة اتفاق مع الإمبراطورية الاستعمارية ..إلا انه أمر مستحيل "..قد حصر الظاهرة في ركن واحد لا ثانيَ له..و هو الإستعمار و لا غير..هذا مرتبط بقول الدكتورة " عفاف سيد صبره " من كتابها " المستشرقون و مشكلات الحضارة " :
".. في الوقت الذي كانت أوربا تنفض عنها غبار القرون الوسطى ، كانت الدولة الإسلامية تمـرّ بظروف مختلفة ، نتيجة تعاقب حكومات مختلفة عليها ، هذا ما أدى إلى جهودها و إعادتها إلى الوراء ، لتبدأ أوربا في النهل من مصادر الحضارة الإسلامية و تدرس منجزاتها و تتعمق فيها و تبتكر منها ، لتصل إلى مرحلة الاكتمال و النضج ".
ولكي لا يكون الحكم عاما على كل المستشرقين فهناك مَن ذهب به إخلاصه إلى اعتناق الإسلام في دراسته من أمثال "بوركهارت – كرنكوف – دينه – ميشو- بيللر – مارمادروك – فيلبي – جرمانوس".. ونجد المستشرق الألماني " فلوجيل " الذي درس لمدة 25 سنة كتاب " الفهرست " لابن النديم – جمع مخطوطات نص الكتاب من" فيينا و باريس و لندن "ومات قبل تحقيقها.
.. ولكن وفي الأخير يجب الإشـادة بأهمية الإستشراق في بحثه في أمّهات الكتب الإسلامية عن العلـم الخالص وهذا الوجه المنير البعيد عن خلفيات الصراع الديني ، وبين ذلـك الوجه المعتم المخيف من خلال الأهداف المسمومة وتلك الإدعاءات الموضوعية العلمية الخاطئة ، اللاهثة وراء السيطرة و الهيمنة و التسلط .

يوسف الباز بلغيث
29/08/2007, 05:27 PM
بنت الشهباء..:-x
وعدتُ..فلم أخلف..أين أنت ممّا وعدت..؟ وهل ينبغي أن نطلب الماء..ولا نشربه..؟>?d

بنت الشهباء
29/08/2007, 09:14 PM
بنت الشهباء..:-x
وعدتُ..فلم أخلف..أين أنت ممّا وعدت..؟ وهل ينبغي أن نطلب الماء..ولا نشربه..؟>?d


وأنا أشكرك أخي الكريم



يوسف البازبلغيث



على هذا البحث الرائع الذي ينم عن وعي حر , وثقافة عالية تخبرنا عن مكر هؤلاء في سبيل



تحطيم وجودنا والقضاء على كياننا , والسيطرة على ثرواتنا وأراضينا , وسلب كرامتنا , وتشويه تاريخنا ومعتقداتنا ....



ومما لا شك فيه يا أخي أننا لو بحثنا بروية من كان - وما زال - وراء هؤلاء المستشرقين الذين يبثون سمومهم اللئيمة بهدف تشويه تاريخنا , وتحطيم حضارتنا ...



لوجدنا أن وراء هؤلاء هم اليهود ......



وتاريخنا شاهد على ذلك ...



ولكن للأسف ما زلنا نعدو ونلهو وراء أكاذيبهم وافتراءاتهم .... بل هي مقررة عندنا في مناهج مدارسنا , ويقوم بالترويج لها إعلامنا العربي الفاسد التابع والمتبوع لهم ....



وأذكر يا أخي أنه كان هناك مسلسل تاريخي في رمضان يتحدث عن حياة هارون الرشيد



وعجبت كيف أنه يصور لنا هذا الملك الذي دوى اسمه في العالمين بعلمه وفتوحاته وزهده على أنه كان يجمع الجواري والغواني يرقصون ويلهون في قصره ....



ولم أجد من بد إلا أن أعدو وراء سيرته النزيهة الشريفة وبعيدة عن الإعلام والمستشرقين ... ووجدت بحمد الله أن هناك أدباء من عالمنا العربي الإسلامي يسعون لتصحيح التاريخ الذي زوره أعداء الله ورسله ....


وهذا من فضل الله وكرمه علينا ...
وإنني أجد من واجبنا نحن أن نسعى معا جاهدين لتصحيح تاريخنا , والسير وراء الكتب النزيهة , لا أن نعدو وراء هؤلاء المستشرقين الذين يسعون عن قصد وعمد لتشويه وتزوير تاريخنا ....
فالمكان والزمان ومتى كانت البداية لهؤلاء المستشرقين سواء زمن الرسول صلى الله عليه وسلم , أم زمن الأندلس ...... فهي تدور حول هدف ودائرة واحدة ألا وهي النيل من هذا الدين الذي أكرمنا الله به لنكون خير أمة أخرجت للعالمين ....
ولو عدنا إلى الوراء قليلا لوجدنا أن الاستعمار المباشر الذي دخل بلاد العرب والمسلمين بعد الحرب العالمية الأولى والثانية لم يحمل معه إلا هدف الضياع والتشتت لأمة الإسلام عن طريق المستشرقين ....
وزماننا هذا ليس ببعيد عن أهدافهم الوضيعة والدنيئة , ولو سألنا أنفسنا ما الهدف من وراء احتلال العراق !!!؟؟...
لعرفنا أن الإجابة عن هذا السؤال هو أن الصليبية المتصهينة لها أهداف في العراق تسعى إلى تحقيقها حتى ولو دمرت العراق بأكملها ....
والحوادث التي ما زالت تجري على ساحة العراق الرشيد تشهد بذلك ..والحديث يطول ويطول يا أخي الكريم
ولا أملك إلا أن نقول جزاك الله خيرا على ما قدمته لنا من بحث رائع عن المستشرقين وأهدافهم الوضيعة ...
وللعلم يا أخي فقد قرأت الموضوع من أول يوم نشرته , ولكن هناك ظروف منعتني من أن أرد عليه مباشرة
بارك الله بك , وجزاك خير وسعادة الدارين

يوسف الباز بلغيث
30/08/2007, 10:29 AM
مادام قد وفيتُ..ومادمت ِقد قرأت ِالنصَّ..فأنا مرتاح و فخور في الوقت نفسه..

:?: ابنة الشهباء..:?:
:p أحبُّ أن أغرسَ بذرة ً..و أرى من حولي ينتظرون - مثلي - نماءها و ظلالها..
أقدرك يا حلبيّة التقاسيم..يا روحيّة الشام.

احمد خميس
08/01/2008, 12:07 PM
http://arabs2day.ws/images/up/uploads2/b637092569.gif

يوسف الباز بلغيث
09/01/2008, 06:35 PM
http://arabs2day.ws/images/up/uploads2/b637092569.gif


الفاضل " أحمد خميس "
- أولا : مبارك عليك العام الهجري الجديد..:?:
- ثانيا : الروعة تكمن في ذوقك و ليس في قلمي..:p
لك مني كل التقدير و الإحترام..على مرورك البهيّ..يا طويلَ العمر.

احمد خميس
10/01/2008, 06:25 PM
يوسف الباز بلغيث
مشرف

يوسف الباز بلغيث


http://img65.imageshack.us/img65/8579/19qi2.gif